الرئيسية / مقالات / شوائب في فك الموت

شوائب في فك الموت

السيمر / الاثنين 15 . 10 . 2018

محمد جواد الميالي

نظريات الوقوع والأنحدار لن تتم مرة واحدة، وإنما على شكل مراحل، فلا يمكن للمنهار أو المنحدر، أن يعبر مرحلة المعطيات والبرهان، ويصل إلى النتيجة مباشرة.
السياسة وأحداثها المتشابكة، منذ بدأ تداولها الذي سيطر على عقول البشرية وإلى الآن، تمخضت عن العديد من حالات أنتهاء الصلاحية للسياسي، أو بمعنى أصح إنهيار نظام حكم! ولكن كلها قبل أن تموت أو تنفى، تمر بمرحلة عصر كافة فوائدها، لتبقى مجرد شوائب في فك الموت.
أن متطلبات السقوط في الهاوية، لنظام حكم ملكي في الوقت الحاضر، يمر بمراحل أهمها:
مرحلة الأنهيار الإجتماعي، فأنظمة الحكم الملكية تعتمد بالشكل الرئيسي على تقديس ملوك الدولة في عقول الشعب، سواء كان نظام الحكم يصب في مصلحة المواطنين أم لا، وهذا ما حدث في المملكة السعودية التي يبرز بها الطابع الإسلامي، لذلك هذا المرحلة تعد الأصعب، لأنها أحتاجت إلى إنتقال السلطة لولي عهد جديد، ينسجم مع متطلبات الأنهيار، فكانت النتيجة كالتالي:
ضعف مفهوم تقديس الملك في عقول المواطنين، فأصبح هناك العديد من الناشطين، الذين يطالبون بحقوق سياسية، بعد أن كانت الأصوات تذبح قبل أن تخرج من صندوق الصوت.
محاولات التحرر التي سادت البلاد بعد أن كانت مدفونة تحت حكم أصحاب اللحى بحجة الدولة أسلامية، والتحرر لم يشمل الجسد فقط، بل شمل العقل أيضا، مما فتح العديد من منصات النقد على مواقع التواصل الإجتماعي.
مرحلة السياسة الداخلية والتوافقات الخارجية، وهي مرحلة أسهل تعتمد على مفهوم السحب من الطرفين، والمتضرر واحد، حيث تتم المرحلة كالتالي:
طبق ترامب مقولته بأنه سيحلب المملكة السعودية، ففي أول صفقة حصل على ما يقارب ال400 مليار دولار، وهذه أولى عمليات السحب.
عملية الدفع أثرت على العلاقة التوافقية بين قطر والسعودية، وأدت إلى قطع كافة التعاملات، مما أضطر محمد بن سلمان لإجبار العديد من المستثمرين السعوديين، إلى الدفع لرفع ميزانية الدولة.
التهور في عقلية الحاكم، تعتبر من أهم سمات الأنحدار، حيث عملية إنتقال السلطة في الأنظمة المهددة بالنفي، تعتمد على أختيار شخصية متهورة في أتخاذ القرار، وهذا ما جعل السعودية تدخل في حرب خاسرة مع اليمن (معركة أستنزاف أموال الشعب السعودي).
بعد أن أكتملت أركان ومتطلبات الأنهيار، ننتقل إلى مرحلة البرهان، الذي سنخرج به بالنتيجة التي تبين إلى أي مدى وصل مرض الموت، داخل النظام الملكي السعودي، وكالتالي:
الفشل في مسارات العقول الإجتماعية، وحرية الفكر التي بدأت تتعالى حول مصير المملكة في العلاقات الأمريكية، والأنفتاح على العالم الغربي، والحرب ضد اليمن التي أسفرت عن زرع الرعب في شعب مترف، لم يخض حربا منذ معركة أُحد مع النبي، وتهمة دعم الإرهاب، التي كلما أبتعدت، زادت قرباً من أبواب قصر محمد بن سلمان.
النتيجة هي فجوة توسعت بين الشعب والحاكم، وأصبحت أكبر من أن تغلق، كل هذا جعل ترامب يتحدث بفم مملوء بالثقة، ويفعل كل شيء بأيدي نظيفة، وملاإت بيضاء، وكل هذا بموافقة الطبقات الراقية، لأنه يعلم نسبة ترنح نظام المملكة السعودية، بحاكمها محمد بن سلمان، وقربهم من السقوط في هاوية الموت.
فالثلاثون بالمئة من عائدات المملكة، ماهي إلا تحذير لجعل بن سلمان يعلن تمرده على أسياده في أمريكا، فتعلن الأخيرة أهمية دخول المملكة وإنهاء النظام الفاشل الذي صنعته بأنفسها، لكن الأهم كم سيستمر نزاع الموت في المملكة، وهل سيتغير نظام الحكم أم الحاكم فقط؟

اترك تعليقاً