السيمر / الأربعاء 23 . 01 . 2019
سولاقا بولص يوسف
يقال (الحكومات تروح وتاتي لكن الوطن باقي) كلام صحيح في العالم عامة ولكن لا ينطبق على العراق كوطن لان الخراب والدمار الذي اصاب العراق كدولة لعقود طال الوطن في الصميم .الوطن عبارة عن ارض محددة وشعب يتوارثه الاجيال ويبنوه ويطوروه بالفة وتكافل وتكامل ويحافظون عليه من كل سوء بغيرة وحمية ويفدونه بكل غالي ونفيس عند الحاجة كعائلة واحدة يجمعهم السلم الاهلي والتعايش بروحية المواطنة والحرص الوجداني.عندما تتراجع قيمة وقدر الوطن لا بد ان تتراجع قيمة وقدر المواطن وبالعكس.مع الاسف الشديد قيمة وقدر المواطن والوطن في تراجع منذ تولي عصابة البعث الحكم في العراق ولحد الان وكنا نتندر بالقول في زمن صدام ان ارخص شيء في العراق الانسان والبانزين وبعدها صعد سعر البانزين لكن المواطن بقي ارخص انسان في العالم ولحد الان.اي وطن هذا الذي لا يصون للمواطن كرامته وعزة نفسه وماله وارضه وعرضه وقيمته العليا .منذ تولي حزب البعث السلطة في العراق عمل على اختزال مصلحة الوطن والمواطن بالحزب القائد ومن ثم بعشيرة صدام وثم بعائلته وبعدها بشخصه كطاغية بحيث اصبحت كل وسائل اعلامه تبث جهارا وصراحة بان القائد الضرورة صدام هو العراق والعراق هو.فقام صدام بالمقامرة بالوطن والشعب في سبيل نزواته وطيشه ومركب جنونه للعظمة.مما دفع الشعب ملايين الضحايا من الشهداء والجرحى والمعوقين جراء تصفيتهم من قبل اجهزته القمعية وضحايا حروبه العبثية ومن حوالي اربعة ملايين مهجر ومهاجر خارج الوطن بالاضافة الى تبديد ثروة البلد.مع تجاوز كل دول الجوار على حدود العراق واستقطاع جزء منه بموافقة نظام صدام مرغما او تبرعا.ومع كل ذلك كان يتبجح صدام ونظامه بانه يحارب في سبيل كرامة العراق والعراقيين وان الشعب العراقي ما يستاهل غير العزويجبر العراقيين على الاحتفال بهزائمه باعتبارها النصر المبين وبيوم ميلاده المزور.ويتمخطر كالطاووس وهو يركب عربته الذهبية المصنوعة من مصوغات امهات العراقيين بحجة التبرع للحرب.ويكتب القران بدمه الفاسد ويبرر له بعض علماء الدين بان ذلك ليس من عنده وانما بوحي من الله ليخلد كتابه بدمه ويقومون بتمجيده في خطب الجمع.ويبني قصوره الفارهة ويسميها قصور الشعب ويقتل قادة عسكريين مرموقين بيده ومن ثم يصدر اوامر باعتبارهم شهداء والكثير الكثير من الاستهتار بالقيم والمقاييس والضحك على ذقون المواطنين وجعل الحق باطل والباطل حق والقوي الحق معه مهما كان على باطل .ولاعوان النظام غفور رحيم ولبقية المواطنين شديد العقاب .وشرعنة استغلال النفوذ للمصلحة الشخصية. وجعل مصلحة حزبه القائد فوق مصلحة الوطن وفوق القانون والنظام.وربى الشعب وروضه لعقود على هكذا ثقافة بحيث تكيف المواطنون ليتقبلوا كل القيم والمقاييس والاعراف الانسانية والاخلاقية المقلوبة لتمشية امورهم الحياتية .مما خرب نفوس العراقيين وافسدهم في حين كان العراقيون افظل من كل الشعوب المحيطة قبل حكم البعث. وبذلك لم يبقى اية معنى للمواطنة والوطن بل للانتهازية والمصلحة الشخصية.والا ما معنى ان يتلوك ويتملق الناس اكثر للفاسدين كلما قام الاعلام بنشر فسادهم على الحبل ويبين مدى نفوذهم وقوتهم بواسطة شراءهم للمناصب والذمم ومدى القوى المسلحة المحيطة بهم بواسطة اموال الشعب المنهوبة فيزداد مريديهم .كما كان زمن حكم البعث حيث الناس يتباهون بانتماءهم لمركز من مراكز القوى مثل عدي او قصي او علي حسن المجيد او وضبان او حسين كامل اوخيرالله طلفاح او عبد حمود وغيرهم بالرغم من فسادهم المفضوح مع العلم ان كل هؤلاء كان بينهم تنافس وصراع على النفوذ والمغانم بالرغم من وجود مركز القوة الرئيسي المتمثل بالطاغية صدام الذي لم يكن له اية هيبة عليهم مثل الهيبة التي فرضها على الشعب بواسطة اجرامه اللامعقول. وهكذا تراجعت القيم والمقاييس الاخلاقية والانسانية ولحد الان الى ان وصلنا الى ما وصلنا اليه من خراب البلد من جميع النواحي مما ينطبق علينا قول الشاعر (الامم الاخلاق ما بقيت فان ذهبت اخلاقهم ذهبو) المواطنين ملتهين بالمنافسة على نهب وسلب البلد والصراع على المغانم ولا يتوحدون بروحية المواطنة الا على كرة القدم امرهم عجيب .متفرقين دينيا وقوميا ومذهبيا ومناطقيا ووطن الرافدين يئن من تلوث انهاره وجفافها وتسمم مئات الالاف من مواطنيه وتلوث تربثه باليورانيوم المنضب وغيره ومن الالغام بقدر نفوسه ومن التصحر والملوحة وهم محرومين من ابسط مقومات الحياة الماء الصالح والكهرباء.وجميع الدول والشعوب تحقق مصالحها في العراق الا العراقيين.والوطن مباح للمخابرات الاجنبية ويتجول فيه مسؤولي الدول الاجنبية بكل حرية ويلتقون بمراكز القوى كل على حدة ومن دون برنامج زيارة كما متبع في كل الدول التي تحترم سيادتها.لانهم يعلمون باننا نعيش اللادولة واللاسلطة وقانون حيث سلطات عميقة داخل السلطة والدولة ومنها ما هو اقوى من الحكومة والا مامعنى ان يتكلم رئيس مجلس الوزراء المتنفذ الاول في الدولة كاي مواطن عادي يتذمر من حيتان الفساد وعدم التزامهم بابسط مصالح الوطن والمواطن وبالمصلحة العليا للوطن. بالرغم من كل ما تقدم نظل نغني ونقول(جنة جنة جنة يا وطننا حتى نارك جنة) لانه لا بد وان يدخل العناية المركزة ويعيد انفاسه ويتعافى. واملنا بالسيد عادل عبد المهدي ان يعيد لنا الوطن بالرغم من انه هادن حيتان الفساد منذ البداية بالرغم من دعمه من قبل كل الاطراف والمرجعية كسلفه حيدر العبادي الذي بالرغم من دعمه داخليا وخارجيا الا انه لم يكن بالشجاعة الكافية لمحاربة الفساد.والا فاملنا بالحراك الشعبي الذي سيتحول الى ثورة عارمة او الى العصيان المدني العام ومقاطعة الانتخابات الجماعية.اما البعثيين والفاسدين الذين يتصيدون في الماء العكر كعادتهم بعد ان راهنوا على تحالفهم مع داعش الذي تغدى بهم قبل ان يتعشوا به .الان يراهنون على تحشيدهم لمؤتمرات خارجية بدعم اجنبي للقيام بانقلاب عسكري او غيره لكن كل محاولاتهم ستبوء بالفشل الذريع.