السيمر / الثلاثاء 29 . 01 . 2019
حسام عبد الحسين
لكِ من تفاقم الدموع ثورة، وللحياة سحقاً وللصمت تباً. حينما رأيت اقدامكِ في الاطيان مغروسة علمت أن البلاد قد شنقت بحبال ملونة، وأوامر غاشمة.
انحنيت لكِ وقلت: أنت عظيمة آنستي وسيدتي.. فقلتِ لي مرددة: أكملت الامتحان بنجاح وسأذهب الى أبي وأمي لأزيل قلقهما. لكن أطيان ومياه الشوارع تحول دون ذلك، هل تساعدني؟ ثم قلتِ مرة أخرى: لأجل دموع عينيك دعنا نرقص، فرحنا نرقص ونغني ونصرخ فرحاً؛ فحملتك بين أحضاني، والامال والفرح يملأ وجداني.
في الأثناء جاءت أفعى سوداء وأحاطت بنا من حيث لا أعلم، حاولت صدها ومنعها، فتلونت بأجمل الألوان، وظهر على جلدها أجمل شعارات.. عرفتها هي تلك مسببة الدمار.
كانت شعارات كاذبة، وآمال خادعة وقتل مباح وفساد مشرعن، وفشل ممنهج، وفقر مخطط، وجهل مطبق ومؤدلج، وسلب للحريات موجه… حاولت أن أعيدك لبيتك مسرعا، وأنت ترتعشين خوفاً وبرداً وشوقاً للقاء، لكنها حركت أطرافها، وقذفت سمومها، تعثرت قليلاً، وأصابني منها شيء، فبدأت بإجهاض مسيرتي، ومحاولة إسقاطك من يدي، لكنني نهضت وصرخت: سحقا لدنيا قد عزفت عن العقول ومنحت مفاتنها للأرخص، وسحقا لدول تتلذذ بالفساد، وإذلال الشعوب.
سحقت بعض أطراف جسدها بحجارة الفكر، وعبرت مصائدها بمعرفة السر، وكشفت آخر خداعها بتجارب الصبر، وايقنت أن الخلاص بالدماء.. لكن كيف وأنت بأحضاني؟
بدأ الاستسلام يلوح في أفقي، وبدأ أثر الضعف في جسدي، وفي لمحة سمعت جماهيرا صارخة، توجهت إلينا وبدأت تساعدنا، حتى أوصلتك البيت.
رجعت مسرورا بحزن.. أردد بين الجماهير قصيدتي
سلاماً يا بلدي المقتول علنا
أراك مسلوبا مقطعا حائرا
تتلاقفك خناجر الظلم
وتجثم عليك طغاة الجهل
كيف أقول سلاما وعيناك تذرف دما
لعل الذي كان بيننا لا يصلح
إلا بتناثر دمائي على جنات أرضك
نعم، هناك في جنات عينيك كوخ أصفر
أتمناه بشغف وأقترب اليه بهدوء
وتحت التفاتة حذر لدغتني وردةً حمراء
وبدأت بأغراء جسدها المثير
تحيرت ما بين كوخً اصفر ومحض مضاجعة
تذكرت خانةً في قلبي أخفي بها أسرار الوطن
تصفحت أوراقها وما بين سطورها
إرتجفت يداي وأرتعش جسدي
علمت حينها ان الموت قد حان لا محال
فسلاما يا بلدي المقتول علنا…