السيمر / فيينا / الثلاثاء 20 . 08 . 2019
حازم الشهابي
لا يمكن الوقوف على واقع العملية السياسية في العراق, وقراءة مجرياتها بما يضمن الواقعية والحياد, دون التجرد والانسلاخ من الأطر الضيقة ومحددات العقل الجمعي, وسلبية أثأره اللاشعورية على مباني الفكر للفرد والمجتمع.
من البديهي؛ ان الأمراض في بدايتها تكون صعبة التشخيص سهلة العلاج, بينما وهي في مراحلها المتقدمة تكون سهلة التشخيص صعبة العلاج, وكذا هو الحال في عالم السياسية ومالأتها, فالقدرة على تشخيص الهفوات و الأخطاء, لا تعني بالضرورة الإمساك بخيوط أزمة الخلافات السياسية المتضادة, في حال خلوها من الحلول الواقعية والإجراءات العملية المنسجمة ومتطلبات المرحلة, بعيدا عن الاجترار والتكرار والنمطية القاتلة.. فما عاد الواقع السياسي في العراق بما يحيطه من ازدواجية وتخبط, من امتلاك زمام المبادرة في جسر أزمة الثقة وردم هوتها المتسارعة في الاتساع, ما بين الجمهور والسياسيين من جهة, و ما بين الساسة أنفسهم من جهة أخرى, نتيجة لتعقيد المشهد السياسي وما شابه من تراكمت وملابسات وشبهات لا حصر لها, مما حذا ببعض التيارات السياسية بعد إبصار الحقيقة وإدراك حيثياتها, اتخاذ خطوات جريئة في الخروج من بيئته المظلمة ومستنقعه الآسن وكسر ما أحاطه من جمود, وإحداث حراك سياسي بالاتجاه نحو خيار المعارضة, كخطوة استباقية للحفاظ على ما بقي من ماء وجه الممارسة الديمقراطية, والإيثار بالمناصب والامتيازات بعد النأي عن الحتمية الوقوع في دائرة الفشل وتأكل أطراف, محاولين بذلك إصلاح العملية السياسية و تقويم ما اعوج منها, وإنعاش ما بقي من أطراف جسدها المتهالك, إلا انه وفي الوقت ذاته لابد من توفير المقومات اللازمة والأرضية الملائمة لابذار مفهوم المعارضة وإرساء مبادئها, وعلى رأسها؛ قاعدة الارتكاز (الجماهير) وإمكانية إدراكهم لحقيقة مفهوم المعارضة, وغايته ومبرراته, ومدى انسجامه ومتطلباتهم المرحلية, ولا يكون ذلك إلا من خلال البحث بمنظار الجمهور عن الأولويات المتسقة مع إرادة الواقع ومتطلباته, قريبة الأمد, والذوبان بتفاصيلها, بعيدا عن التنظير والتلويح والمماطلة.. وفي ما يخص الجنبة السياسية؛ ينبغي على المعارضة بعد تحقق الاتساق الجماهيري, الحذر الشديد ممن هم بركب المولاة, من ركوب الموجة وتسخيرها لإرادتهم وعكس مسيرها والتسلل إليها, من خلال السلطة والنفوذ, للإطاحة بها وتشويش الرأي بمصداقيتها وغايتها..