السيمر / فيينا / الثلاثاء 26 . 11 . 2019
رحيم الخالدي
يعيش عالمنا اليوم وبالتحديد منطقتنا العربية، حراكا يكاد لا يستقر.. فبين حروب وتحركات مريبة تديرها مخابرات دول مجاورة، وقد بانت الحقيقة بعد التسلسل الذي أشر الخلل، فلا يمكن تبرئة الدول التي تنصب العداء للدول المستهدفة، من هذا البرنامج المريب والمثير للدهشة..
ساحة التحرير وهي المكان الوحيد الكبيرة في العاصمة، كما أنها تقع وسط بغداد، وهي سوق كبير، يتوسطها نصب الحرية برمزيته، وتفصل بينها وبين المنطقة الخضراء حيث أهم مقار الحكومة والسفارات بضعة مئات من الأمتار، ويمكن وبسهولة دخولها إذا لم تكن هنالك قوة تحميها.
صحيح أن التظاهرات جعلت الحكومة تعيد النظر في القوانين، وبمراجعة حقيقية، رغم آنها ليست بالمستوى المطلوب..
من الصحيح أيضا القول بأن الحكومة الحالية لا تتحمل أعباء وتراكمات الماضي.. لكن واقع اليوم يقول أن هنالك تقصير متسلسل، وجاء اليوم الذي يجب أن ينتهي به، وهذا راجع للكتل الكبيرة التي شكلت الحكومة الحالية، لأنها لو إستجابت للمطالب بشكل حقيقي، فربما لأصبح من شَكلَ الحكومة “خارج التغطية” وخاصة عند محاسبة الفاسدين وإسترجاع الأموال المهربة.
الظاهر العام يقول أن التظاهرات محقة، ويجب على الحكومة تنفيذ المطالب وفق جدول زمني محدد، وبشكل يشمل كل المفاصل بدءاً بمحاسبة الفاسدين من الحيتان، وإنتهاءاً بتوزيع الثروة ثم تنشيط القطاع الصناعي والزراعي ودعمهما، وتوفير فرص العمل والغاء المحاصصة، وانهاء تواجد القوى الخارجية أولا، ومنعها من جعل العراق ساحة صراع، وبناء علاقات جيدة مع دول الجوار..
ما سبق لا يمنعنا من النظر للجانب المظلم الذي يبعث التساؤل والغرابة.. عن تواجد عناصر لم نألفها من قبل، وهو عبارة عن عصابات سلب ونهب وحرق، طال المؤسسات الحكومية، وصل للأملاك الخاصة، وإلا ماذا نسمي حرق المحلات في شارع الرشيد؟ وماذا عن تواجد هذه المجاميع قرب البنك المركزي، متحينين الفرص لسرقة ما خَفَّ وزنهُ وغلى ثمنهُ؟ وماذا عن تخريب كامرات المراقبة الخاصة والعامة؟!
نُشِرَتْ مقاطع فيديو فيها كثير من التجاوزات والتصرفات الخارجة عن القانون او العُرفْ او الذوق العام حتى.. مما جعل ساحة التظاهر توحي وكأنها عبارة عن أشخاص، لا يمكن الإعتماد عليهم في إدارة أبسط ملف بعد التغيير، ويمكن نعتهم بعبارات لا يمكن النطق بها، لفداحة الأعمال التي يقومون بها، فالدولة تحتاج لرجال قادرين على أداء المهام وتولي المسؤوليات، وخصوصا الملف الأمني الذي يشمل الدفاع والداخلية والأمن الوطني والمخابرات، فكيف نعتمد على من يحرق الدوائر والممتلكات العامة في تلك الاجهزة !
من الاكيد أننا لا يمكننا الوثوق بالجانب الأمريكي، الذي يدير جزء من التظاهرة، وهو بالأمس صنع داعش وأدخلها للعراق، وخرب وحرق ودمر البنى التحتية، وعمل لبناء جيل من الإرهابيين بلا وطن، مأجورين لا يهمهم سوى التدمير لقاء أموال، وهؤلاء ليس لهم وطن حتى لو كانوا عراقيين، لعدم إمتلاكهم شعور بالمواطنة .
المرجعية كانت ولا زالت السند الأهم للمتظاهرين، وأكدت في أكثر من خطبة ضرورة تلبية المطالب الحقة، التي تضمن العيش الكريم دون تمايز طبقي أو عرقي أو ديني، وقد أدلت بدلوها خاصة في الخطبتين الاخيرتين، مؤكدة ضمان سلامتهم وعدم إستعمال الرصاص الحي وغيره، من الإعتقال القسري والخطف وإسكات صوت الحق..
هل سيلتزم المتظاهرون بتوجيهات المرجعية ام سيسبقه اصحاب الاجندات؟!
وهل ستستجيب الحكومة للمطالب الحقة للمتظاهرين وكما وصفتها المرجعية بخارطة طريقها كما وردت بالخطبة، وتقطع الطريق على أمريكا وغيرها من أصحاب الأجندات الخبيثة؟