أخبار عاجلة
الرئيسية / مقالات / عقدة السلطة وثقافة التطرف العراقي (1)

عقدة السلطة وثقافة التطرف العراقي (1)

السيمر / فيينا / الجمعة 06 . 12 . 2019

عباس راضي العزاوي

السلطة مفردة مهمة ومقدسة جدا عند الإنسان العراقي بل هي اقدس من المعتقدات الدينية وربما عند البعض ( المؤمنين ) ان وجدوا هي بمصاف قدسية الله وعند غيرهم وجود وملاذ واستحقاق وراثي لا يمكن التخلي عنه بغض النظر, كيف ولماذا؟, هي هكذا بلا تساؤلات..
المثقف او من يدعي أنه كذلك والذي يمتلك أدوات مهمة ومؤثرة في محيطه يستطيع أن يحول خصمه الى فرانكشتاين متطور , مخيف ودموي , منزوع الرحمة والإنسانية , أما الذي يتوافق وميوله فليس هناك مفردات لغوية قادرة على المساس بأهداب جمالية هيبته وروعته العدمية, حتى لتشعر وانت تقرأ تجلياته الصوفية العميقة انك امام كائن يصعب الاقتراب من فهم كينونته ,وتواجه وعورة شديدة باجتياز حاجز الغموض المعرفي للوصول إليه.
ففي الوقت الذي يسعى دعاة التنوير لنقل المجتمع العراقي من بيئته العتيقة وبنائه الاجتماعي والسيكولوجي التي تشكلت عبر العصور الى مابعد التكنولوجيا الحديثة واستحقاقاتها, فالتحولات المخيفة التي حدثت خلال العشرين سنة الماضية جعلتهم يشعرون بنقص مرضي حاد وضحالة شديدة ومخجلة امام الاخر المتحضر, ولكن عبر القفز بالزانة او احراق جميع الفواصل الهائلة.
ولكن نجدهم ـ من جهة اخرى ـ عاجزون عن الوصول لذهنية الانسان العراقي البسيط والاقتراب منه بآليات يفهمها هو نفسه , ففضلوا شن هجمات مروعة ومزعجة من اعلى بروجهم العاجية وعلى جميع نقاط ضعفه وسلبياته, فهم قرأوا التاريخ الأوربي وحفظوه عن ظهر قلب ولكنهم لم يفهموا التحولات المنطقية والتغيرات التدريجية التي حدثت وكيف؟ ولم يدركوا أيضا بان هؤلاء القوم بدأوا مشوارهم منذ 300 عام و بآليات وقوانين ناضجة وصارمة, والأنكى من ذلك أنهم ـ اي المثقفون ـ يمارسون وصايتهم على المجتمع بذات العقلية البدائية التي يتعامل بها الرجل الأمي مع المصطلحات والمفاهيم الحديثة , كالحرية , الديمقراطية ,حرية الرأي ,الانتخابات وحكم الشعب … الخ
على أرض الواقع كان هناك فشل ذريع ومخيف في قيادة البلاد, فقد اتفق الجميع دون توقيع اتفاقيات مكتوبة على احراق البلاد لأجل إصلاحه وقتل المواطن بوحشية ليعيش بسلام !!!! كيف؟ لا أحد يفهم, وقد بدأ هذا الهوس المؤدلج منذ تأسيس الدولة العراقية الحديثة ,رجالات الجمهورية كانوا يشتمون العهد الملكي واقطاعياته البرجوازية, بل وسحلوهم قبل هذا, القوميون كانوا اكثر تحضرا وشفافية بالتعامل, اعدموا خصومهم دون محاكمات عادلة, وباسم الشعب الغائب, بعد ذلك تطورت العقلية البدوية لتنتقم من القوميين بانقلاب أبيض( أي خنق دون دماء ) كبياض نواياهم التي اتضحت فيما بعد ,انشطرت البعثية العشائرية الى قسمين قسم خائن واخر دموي جرًّ رفاقه الى الاعدام بحجة التأمر على الوطن والشعب, والشعب طبعا لا يدري بالموضوع سمع بذلك من الاعلام , فصفق للمنتصر العظيم!!!.

سنكمل في الجزء الثاني مشاريع الإسلاميين التقدمية جدا وتطرف التنويريين البواسل في صناعة الكذب والخراب

اترك تعليقاً