السيمر / فيينا / الجمعة 27 . 03 . 2020
قاسم المجرش
ما تزال إجتماعات القوى السياسية الشيعية مستمرة؛ بشأن بلورة موقف موحد؛ للتعاطي مع المشكل السياسي الناجم عن تكليف السيد عدنان الزرفي؛ بتشكيل حكومة بديلة لحكومة عبد المهدي، لكن هذه الإجتماعت لم تسفر عن شيء محدد، على الرغم من مضي عدة أيام على تكليف الزرفي، وهو رجل جدلي يحمل جنسية أمريكية ومتزوج من أمريكية، من قبل رئيس “غارق” بالأمريكاتية حد نخاع أجداده.. عبارة”الأمريكاتية” هنا توصيف حال وليس خطأ لغوي..!
في السياسة العراقية؛ تعودنا أن لا تتبلور النتائج، إلا في الربع ساعة الأخيرة من إستحقاقاتها، ويبدو أن شهر التكليف سيمضي؛ الى الربع ساعة الأخيرة هذه المرة أيضا، والى أن يحين ذلك التوقيت ـ نقول التوقيت وليس الوقت ـ وهو أمر له دلالته، فإن دخان إجتماعات عقماء ساسة الشيعة الأبيض، لن يظهر ابدا، وحتى إذا ظهر دخان؛ فسيكون رمادي اللون!
في هذه الأثناء؛ بدأنا نسمع مواقف تُعَقد ملامح المشهد القادم؛ لكنها لا ترسمها بوضوح، فالساسة السنة؛ وفي مقدمتهم سعيد الحظ السيد الحلبوسي، يقولون أنهم لا يمكن أن يمرروا، من لا يحصل على “إجماع القوى” السياسية الشيعية، بما يعني: يا شيعة أتفقوا بينكم وتعالوا، وعندها فاوضونا على إستحقاقاتنا وليس على إستحقاقات العراق!
جلالة الملك الكردي مسعود بارزاني، لم ينس ” دكَة ” الساسة الشيعة الدونية معه، يوم رفضوا مرشحه فؤاد حسين لرئاسة الجمهورية، ورأَسوا غريمه العتيد برهم صالح، ليصبح رئيسا على العراقيين كلهم، بما فيهم جلالة “الملك” نفسه، ولذلك فإن الملك عبر هن موقفه بطريقة ملتوية، فقد قال: نحن نقبل بما يقبل به حلفائنا الشيعة، ولن نسمح بهدم هذا التحالف، لكنه لم يحدد أي شيعة يقصد؟ فربما يقصد شيعة الزرفي ذاته، فهم أقرب الى هواه الصهيوأمريكي بالتأكيد..
فخامة الرئيس برهم صالح يعرف أن أي إنتخابات مبكرة، ستنتهي بقلعه عن منصبه شأنه شأن كثير من الساسة، ولذلك وبغية البقاء في هذا المنصب، عمد الى تكتيكات اللعب على حافة الهاوية، فكلف السيد عدنان الزرفي، مع أنه يعلم أن ذلك سيتسبب بإضطراب سياسي كبير، وردود فعل غاضبة من الشيعة، ربما تصل الى مستويات رفض ليست متوقعة، وهذا بالضبط ما يريده السيد برهم صالح، فهو يريد أن يبقى رئيسا الى نهاية العهدة، حتى لو كان ذلك سيؤدي الى هدم السلم المجتمعي، وعلى حساب الشعب العراقي وإستقرار الحياة العامة.
الأمريكان وما أدراك ما الأمريكان؟! فإن حساباتهم الإستراتيجية أدت بهم الى الوصول الى نتيجة حاسمة، وهي أن خروجهم من العراق بات مسألة وقت، وذلك بعد خطأهم القاتل الذي أرتكبوه، بإستهداف قادة الإنتصار الشهيدين سليماني والمهندس، وإيغالهم في إستهداف الحشد الشعبي وفصائل المقاومة، بل والجيش والشرطة، ولذلك فإنهم عمدوا الى إحياء منهج كونداليزا رايز القديم، أي الفوضى الخلاقة، وها هم يقفون بعلنية فجة؛ وبكل ثقلهم خلف الزرفي إبنهم البار، ليس فقط ليكون رئيسا لوزراء العراق، بل لأن مجرد طرحه كمرشح، جعل الساحة السياسية العراقية تضطرب بشدة حد الغليان، وهذا هو المطلوب أمريكيا، فالإضطراب ضمانة لبقائهم..
إذا إستطاع السيد الزرفي تشكيل حكومة، فهذا خير على خير للأمريكان وحلفائهم من الساسة الكورد والسنة، وذيولهم ساسة شيعة بن سلمان، وإذا لم يستطع تشكيل حكومة، فهو أيضا أمر مندوب لهذا التحالف المشبوه، لأن ذلك سيطيل من عمر الأزمة السياسية، وهو عمر مطلوب أمريكيا وصهيونيا وسنيا وكرديا!
كلام قبل السلام: مع أن العبرة بالتمرير وليس بالتكليف.، لكن إختيار الزرفي خطا تكتيكي قاتل آخر، يؤكد حاله التشظي الشيعي الشيعى للأسف الشديد..!
سلام…
مجلة العصر