الرئيسية / ثقافة وادب / قصة قصيرة جدا / تأَسٍّ

قصة قصيرة جدا / تأَسٍّ

السيمر / فيينا / الاحد 07 . 06 . 2020 

د.ابراهيم الخزعلي

 إلْتِزاما بالأصالة والعادات والتقاليد التي توارثوها عن آبائهم،  وأجدادهم الأولين، والتي لا يُسمح بتجاوزها ، أو الأخلال بها ، رُفِعَتْ صبيحة هذا  اليوم لافتة سوداء كتب عليها بخط الرقعة الجميل ( إنتقل الى جوار ربه المغفور له …) ، فحضر الأقارب والأصدقاء وابناء الحارة ، مجلس الفاتحة المُقام على روح المرحوم طيّب الذكر . ومن المتعارف عليه، أن المواسي الذي يدخل المجلس، يقول بصوت يسمعه الجميع ( الفاتحة ) ، وتنحني الرّؤوس قليلاً، وتتلو الشِّفاه السورة بصمتٍ، ومن ثم تُمْسح الوجوه بالكفين ، فتُأتى القهوة المُرَّةُ للجميع، ويجري الحديث عن سيرة الفقيد الطيبة ومناقبه التي تركت هذا الحب الكبير في قلوب الجمع الغفير من الحاضرين .

وثمة بعض المقربين من المتوفى تهامسوا فيما بينهم ، فانطلق من إحدى زوايا المجلس صوت ، ( نسأل الله أن يحفظ الجميع من هذا الوباء اللعين ). وبعد أن أدّوا  واجبهم الأخلاقي والعرفي المتبع ، إحتراماً للميت ، ومواساة لذويه ، بدأ يخرج الواحد تُلْوَ الآخر ، معانقاً  الواقفين مع قبلات ودٍّ حزينة ، وفي اليوم التالي رُفِعَتْ لافتات نعي سوداء جديدة على جدران البيوت بِعَدَدِ القُبُلات..

اترك تعليقاً