السيمر / فيينا / الاثنين 24 . 05 . 2021
د .ماجد احمد الزاملي
أركان النظام العربي القائمة منذ أمد بعيد، على المساومات السلطوية وعائدات الموارد النفطية ، آخذة بالانهيار، فيما تواجه المؤسسات السياسية المطالب المتعاظمة لجماهير السكان المتزايدة. وكان من نتائج ذلك انتشار العجز والقصور والقمع على نطاق واسع في المجالات الاقتصادية والاجتماعية، مما أدى إلى تفكّك الدولة على نحو غير مسبوق، خاصةَ في العراق، وليبيا، وسورية، واليمن. وأدت هذه العوامل، بدورها، إلى نزوح أعداد هائلة من البشر وإلى شيوع الألاعيب بين القوى الجيوسياسية. وإذا ما قُدّر للنظام أن يعود بعد انحسار النزاعات، سيتعيّن على المواطنين والدول صكّ عقود اجتماعية جديدة تؤسس المحاسبة والمسائلة وتنشّط عملية الإصلاح السياسي والاقتصادي. وقد درجت الأنظمة العربية، على مدى عقود عدة، على توفير الخدمات الاجتماعية ودعم المواد الاستهلاكية والوظائف الحكومية، مقابل مشاركة ضئيلة، أو عدم المشاركة على الإطلاق، من جانب المواطنين في اتخاذ القرار – بما معناه عقود اجتماعية تقوم على أساس المساومات السلطوية. وقد اختلفت البلدان العربية اختلافاً بيّناً في الطريقة التي تدير بها شؤونها الداخلية. لكنها كانت اغلبها تخضع لأنظمة حكم أوتوقراطية استبدادية، سواء في أساليب السيطرة أو استخدام القمع. فقد أنشأت أجهزة استخبارية وأمنية قوية وبذلت جهوداً ضخمة للإيهام بشرعيتها السياسية، ما يمثّل تحدياً صعباً في جمهوريات عربية عُرفت بكراهيتها للمؤسسات الديمقراطية. ومع تزايد الروابط بين القوتين السياسية والاقتصادية في كثير من البلدان العربية، تنامت شبكات المحسوبية القوية. اوضاعنا العربية المتردية جدا والكارثية والتي لا تسر صديقا ولا تغيض عدوا فما يجري وما يدور على الساحة العربية سببه الاول والرئيسي هي الانظمة العربية التي عملت على تكريس هده الاوضاع الشاذة وغير القابلة للتفسير فكيف لانظمة تخرّب بيوتها بايديها وتدعم المستعمرين وتحمي مصالحهم بل وتفتح لهم كل الابواب على مصراعيها لنهب الخيرات والتحكم في مصير الاوطان والشعوب فاذا كانت امريكا وكيانها الاجرامي والارهابي الصهيوني والغرب الاستعماري معروفون بسياساتهم الهدّامة في جغرافيتنا المستباحة فالغريب والعجيب هو هذا التناغم الرسمي العربي مع هؤلاء الغزاة الذين لا يريدون خيرا اطلاقا لاوطاننا وشعوبنا بل ما يسعون اليه هو مصادر الطاقة وتدمير هده المنطقة واشعال فتيل الحروب والنزاعات خدمة لقاعدتهم المتقدمة الكيان الصهيوني ليكون الآمر الناهي وسط كيانات هجينة وضعيفة وفاشلة فالتاريخ يعيد نفسه مرة اخرى فما سجله التاريخ عن ممالك الاندلس نراه اليوم يعاود الكرة فها هم ممالك اليوم يتحالفون مع الاستعمار لخدمة اجنداته ومخططاته وتنفيد مشاريعه فحقيقة لم نكن ابدا نتخيل ان يكون العربي عدوا شرسا للعربي والمسلم يعادي المسلم لا لشيء الا لاسباب تافهة المستفيد الاوحد هم المستعمرون الذين ينفخون في هذه النيران ويصبون عليها المزيد من الزيت لاشعالها اكثر فادا كانت هذه الانظمة تتهم المعارضين بالعمالة لبلد اجنبي كما تطلق على كل من يتواصل مع ايران فماذا نسمي خنوع هؤلاء لامريكا والهرولة تجاه كيان الارهاب الصهيوني والغرب؟ اليست هذه هي العمالة والخيانة بعينهما؟
تاريخيا الممالك والإمبراطوريات أسست جيوش مرعبه مثل الحرس الإمبراطوري الياباني الذي إحتل شرق أسيا وحوض المحيط الهادئ من جهة أسيا وهزم روسيا ومملكة الصين ومستعمرة هونك كونك البريطانيه خلال فترة قصيرة و مثل جيوش إمبراطورية بريطانيا الكبرى التي كانت في الشرق والغرب وحتى في أوربا جيوش ممالك رومانيا وهنكاريا وإيطاليا كانت جيوش مهيبه والجميع يعرف دورها في الحربين العالميتن لكن مع دول الخليج يخلتف الوضع بالذات السعوديه والإمارات والبحرين لم يبنوا تلك الجيوش القويه خوفا من الإنقلابات العسكريه لذالك عملوا على بناء عشرات الأجهزه الأمنيه وإنشاء جيوش بسيطه لاتستطيع الدخول في حروب وتنتصر بسرعه “إستراتيجة حرب البرق” وخير دليل حرب اليمن الحاليه وحملة تحرير الكويت كان الدور الأبرز للجيوش الغربيه اليوم مع الأسف دول الخليج تعتقد أنها عندما تجلب الجيش الأمريكي والجيش الفرنسي والجيش الإنكليزي والجيش الألماني والجيش الياباني وحتى الجيش الصهيوني أن هذا سيحميها وسيردع أعدائها لا ابدا إستراتيجة الابتزاز تعلمتها اغلب الدول من ترامب “إدفع إذا كنت تريد الحمايه” ومبدأ أن يأتوا بجيش يحارب عنهم لأنه لاتوجد دولة تصنف أنها قطب دولي ومؤثرة لاتستطيع حماية نفسها ولاتصنع سلاحها بنفسها مثل ألمانيا واليابان.
ومن هنا لابد لنا أن ننتبه لتلك المؤامرات التي تحاك وتلك المصطلحات التي تجمل لنا حتى لا ننخدع بها، وان ننتبه كحكام وزعامات إلى أن الشعوب جزء لا يتجزأ من تلك الأوطان وانه ما من حاكم من دون شعب يحبه ويجلّه، ويخافه خوف الاحترام والتوقير لا خوف المعتقلات والسجون، وانه ما من شعب من دون حاكم يقوده إلى الخير والأمان الذي قلما نجده هذه الأيام، حتى أننا أصبحنا نعلم ما سيقال ونتوقع ما سيحدث، بحيث لا تتعدى العناوين الرئيسة لجل نشرات أخبارنا العربية والدولية عن الخروج من المألوف والمعتاد في تلك النشرات الإخبارية على صفحات الجرائد وشاشات التلفاز من قتل بالعشرات وجرح بالآلاف وغرق وانقلابات وإرهاب وقمع .فان الفوضى السياسية التي تعم العراق سببها التشرذم والتهافت وراء المصالح الشخصية وطبعا التسمية الصحيحة لهذا التشرذم والتهافت هي الفساد السياسي والجنوح بعيداً عن الوطنية .. هذه الفوضى لا يمكن مواجهتها باعتماد وسيلة واحدة أو صيغة منفردة إنما ينبغي توظيف كل الوسائل وحشد كل الطاقات الممكنة لهذه الغاية ومن بينها توظيف الجانب القضائي. لذا فان مجرد صدور القانون من قبل السلطة القابضة على مقادير الحكم يكون ملزم وواجب التطبيق من قبل أجهزة السلطة وواجب التنفيذ من قبل المواطن، دون النظر عن كون هذه السلطة التي أصدرته مكتسبة الشرعية الدستورية أو مفوضة من قبل الشعب أم إنها استولت على الحكم بواسطة قوة السلاح والأساليب البوليسية، وكل من يخالف هذه الأحكام يصبح مجرم ويستحق العقاب فيما يتعلق بالقوانين الجزائية، ومن خلال القوانين نتمكن من معرفة العقيدة السياسية التي يؤمن بها من شرع القانون، مثلما نعرف حجم الاستقرار السياسي في البلد، والأهداف التي يطمح اليها المجتمع السياسي في البلد، فإذا هيمن حزب او جهة على مقاعد مجلس النواب وشكل الاغلبية المطلقة يتمكن من تمرير افكاره بقوانين يشرعها ، كما يستطيع المراقب للعمل التشريعي ان يعرف حجم الكتل والتيارات التي يتكون منها البرلمان، وعدم توفر الاغلبية لأي جهة سينتج قوانين توافقية تسعى لتحقيق رضا وقبول المختلفين، الذي لا يدرك، وعلى من يرى ان دكتاتوراً قد ظهر او انه في طور التكوين فليلتفت الى القوانين التي تشرع او النافذة ويبحث عن الخلل فيها. واقع العراق بعد تسع سنوات من الإطاحة بنظام صدّام حسين، لم تبنى دولة ديمقراطية ، بالعكس تراجع العراق اقتصاديًا و سياسيًا و حتّى ثقافيًا و اجتماعيًا، بسبب الفوضى التي يتخبّط فيها من تنازع على السّلطة، اغتيالات، انقسامات قبيلية و عرقية و طائفية.
فكر الحرية يرى إن المناصب تكليف ومسئولية ، تجعله يعمل في سبيل أن يؤدي مسئوليات المنصب ، يحاول التقدم للأمام ، يعترف بالخطأ ويحاول إصلاحه ، بينما فكر الدكتاتورية يحس بنهم ورغبة شديدة في الصعود على حساب الآخرين . يرى في المنصب تشريف ومميزات ، يحكم فيه كالحاكم بأمره بدون أي إستراتيجية إلا المصلحة الشخصية سواء مصلحة مادية أو معنوية له ولحاشيته . فكر الحرية لا يحتكر الثورية والوطنية ، بل يعمل على أن يكون الجميع له نفس الاحترام المتبادل للرأي والفكر سواء الموافق أو المخالف ، بينما الرأي الديكتاتوري يحمل صكوك الوطنية يصدرها ويمنحها لمن يشاء وفقا لمزاجه ولمصالحه. فكر الحرية يتبنى طمأنة الناس ، وبث روح التآلف والوحدة ، من خلال رؤية واقعية للمستقبل ، ودراسة الخطط والآراء ، دراسة بالمنطق والعقل ، بينما فكر الديكتاتورية يقوم على تخويف الشعب من المستقبل وتصنيف المعارضين سياسيا ومحاولة تهديدهم بمختلف الوسائل . إنه فكر يعتمد على العقلية التآمرية وأساليب إقصاء الآخر. فكر الحرية يتبنى مصلحة الوطن أولا ، ولا يدخل الحسابات الشخصية في حساباته ، بينما فكر الديكتاتورية يقوم على تصفية الحسابات الشخصية على حساب مصلحة الوطن ، يقوم على إقصاء المخالف شخصيا ، وتنصيب الموالي ، فالولاء لديه أهم من الكفاءة . فمن كان مواليا للقيادة فله كل المناصب والحقوق والامتيازات بينما يحرم منها المعارضين ، ولا قيمة لمصلحة الوطن لديهم . فلديهم نهم غريب لتحقيق المكاسب الشخصية بكل الطرق والوسائل حتى لو كانت منافية للأخلاق أو مخالفة للقانون . فكر الحرية يتبنى القانون وسيادته على الجميع كوسيلة لضمان المجتمع لحريته وكرامته ، فلا احد فوق القانون وفوق المسائلة ، بينما فكر الدكتاتورية يقوم على الدعوة إلى الفوضى وعدم احترام القوانين ، ويفسح المجال للغرائز السيئة في الإنسان للخروج إلى العلن ، غرائز الثأر والانتقام والطمع والأحقاد والفوضى وعدم الاحتكام للقضاء في حل النزاعات .
فكر الحرية يتبنى شعارات مثل الحرية والشفافية والديمقراطية لتطبيقها على أرض الواقع ، ويتمتع الثائر عندما يراها تطبق على المسؤل قبل المواطن ، عليه هو قبل الآخرين ، بينما فكر الدكتاتورية يقوم على تفريغ الشعارات من المضمون ، تجدهم ينادون بها ولكن لا يقبلون بتطبيقها إذا طالتهم أو تعرضت لهم أو لمن يهمهم أمره . فهم يستخدمون الشعارات لكسب ود الرأي العام وإثارة المشاعر والأحاسيس وليس للتطبيق على أرض الواقع . هذا الفكر يقوم على المتاجرة بالمبادئ والشعارات للحصول على المكاسب والمناصب . فكر الحرية يؤكد على أن الجميع مواطنون متساوون في الحقوق والواجبات ، ولا يحتكر الوطنية في أفراد بعينهم بينما فكر الدكتاتورية يتبنى تخوين الآخرين من المخالفين . فكر الحرية يحترم الجميع كأشخاص ، ويحارب ظواهر خاطئة ، يحارب ظواهر الفساد والإفساد والاحتكار والسرقة والرشوة ، بينما فكر الدكتاتورية يتبنى التهجم على الأشخاص ويستسهل إطلاق الاتهامات جزافا بدون تقديم أدلة وإثباتات. على الشعب العراقي وقواه الحية الانتباه لكل ما يحاك ضده من مؤامرات واستدراجات، والحذر من مشاريع خلط الأوراق ومخططات الدفع باتجاه العنف الذي يفوت الفرصة على أبناء الشعب الواحد في بناء العراق الجديد، عراق الأمن والاستقرار والسيادة .
أن مسار الحكم الرشيد، أو دولة الحق والقانون مسار طويل ومعقد، ويحتاج إلى تضافر جهود الجميع بالنضالات السلمية الديمقراطية المتنوعة في إطار التكامل والتكافل والتضامن في أجواء تسودها الحريات، وتكافؤ الفرص . دعوة السلطات إلى توفير الإمكانيات البشرية والمادية ، بما يكفل راحة اجتماعية خالية من التوترات تطرد عن مخيلة العراقيين كل صور الحاجة والفاقة بدعم مشاريع التضامن الوطني وتفعيل المجتمع المدني في هذا الاتجاه. إعادة ترتيب بعض الأولويات الوطنية في سلم التكامل بين الجبهة الاجتماعية والجبهة الاقتصادية لإحداث التوازن المطلوب ،والتأهيل الواجب لمؤسساتنا الاقتصادية وللعنصر البشري وللمنظومة التشريعية والقانونية قبل السقوط في هوة الابتلاع الاجتماعي للأسواق العالمية سلعا وخدمات، من خلال تحديد الرؤية ووضع ضوابط التخطيط الواقعي ومراحله وأهدافه، وكذلك آليات المتابعة في ضوء التحولات زمانا ومكانا وعرفا بما يحقق المقاصد الكلية لدولة الحق والقانون. ضرورة تعميق ثقافة الحكم الرشيد “في ظل مصالحة فكرية و سياسية وثقافية تعمل أساسا على توفير الحريات الفردية والجماعية لممارسة ديمقراطية واعية بإنشاء الأحزاب والجمعيات تكفل التداول السلمي للسلطة، وتهتم بالعنصر الإنساني أساسا تربية وتأهيلا، وتراعي قيمة العائلة وعلى رأسها المرأة، وتفتح الفرص الاقتصادية أمام الجميع، وتحارب البطالة والفقر، وتعمق أبعاد الهوية الوطنية في شخصية الفرد ومحيط الجماعة، وتوفر إمكانيات الإقلاع الحضاري بما يكفل الإبداع والتفوق والتحكم في التكنولوجيا. والتمسك بالدفاع السلمي عن المبادئ والثوابت الوطنية حفاظا على مقومات الأمة وتاريخها وحضارتها ومآثر أمجادها، و ضرورة المحافظة على الوحدة الوطنية، دينا ولغة وشعبا وأرضا وعلى الجميع التعاون والتضامن لتحقيق المزيد من الاستقرار والتنمية والسير معا نحو الحكم الراشد بالنضال الديمقراطي السلمي، والنظام الجمهوري المنصوص عليه في الدستور وسائر التشريعات والقوانين.