السيمر / فيينا / السبت 04 . 12 . 2021 ——- فضّل وزير الاعلام اللبناني جورج قرداحي ان يستقيل، حرصا على مصلحة بلاده وأهل بلده ، لأنه لا يقبل أن يكون سببا لأذية اللبنانيين في السعودية ودول مجلس تعاون الخليج الفارسي، بعد ان اتخذت المملكة من تصريحاته التي وصف فيها الحرب على اليمن بـ”العبثية”، ذريعة لقطع العلاقات الدبلوماسية مع لبنان، وتهديد اللبنانيين العاملين في السعودية والخليج الفارسي بأرزاقهم.
الوزير قرداحي لم يعتذر عن تصريحاته ، ونجح بتوقيت إستقالته وطريقتها وبيانها، في حرمان السعودية من اي فرصة لإعلان النصر على لبنان، ويمكن تلمس هذه الحقيقة من الطريقة غير المألوفة التي تناولت بها قناة “العربية” السعودية نبأ الاستقالة، والتي عكست حالة من الخيبة والفشل، حيث بثت القناة تعليقا قالت فيه: “في خبر عاجل، غير مهم للغاية، وزير الإعلام اللبناني يقدم استقالته، من الحكومة”!.
الازمة التي افتعلتها السعودية مع لبنان، والتي تندرج في اطار الحملة التي تقودها امريكا و”اسرائيل” ضد حزب الله، كشفت عن حقائق وعبر، نتوقف امام بعضها:
-لا يمكن شراء كل الناس بالمال، فهناك الملايين من امثال جورج قرداحي في العالم العربي وفي لبنان بالتحديد، من يرفضون ان يبيعوا انفسهم للمال السعودي.
-الطريقة التي تعاملت بها السعودية مع لبنان، كشفت طبيعة نظرتها الاستعلائية الى لبنان؛ فإما ان يكون تابعا لها، أو يتم تجويعه.
-لا يوجد نموذج في العالم يمكن مقارنته، بالعلاقة التي تربط السعودية بلبنان، فالمملكة تتعامل مع لبنان وكأنه بلد دون سيادة، فهي تختطف رئيس وزرائه وتهينه وتجبره على الاستقالة من الرياض، ولا تطلق سراحه الا بعد تدخل فرنسي، واللافت ان العالم مر مرور الكرام من امام هذا الحدث الشاذ، حتى وصلت الامور الى ما وصلت اليه اليوم، حيث تعاقب السعودية الشعب اللبناني باجمعه، بسبب تصريح قاله مواطن لبناني قبل ان يتم تعيينه مسؤولا.
-هناك طابور رخيص من اللبنانيين، تحركه دولارات النفط، ولولاه لما تمكنت السعودية من تفرض ارادتها على اللبنانيين والتلاعب بمصيرهم بهذا الشكل البلطجي، وتقرر نيابة عنهم، من الذي يجب تنصيبه ومن الذي يجب ان يستقيل.
-السياسة السعودية في لبنان، تعمل وبشكل مباشر ومندفع، لخدمة المخطط الامريكي الاسرائيلي، بل ان السعودية، لا تنافس بعدائها لبنان “إسرائيل” فحسب، بل تتجاوزها ايضا.
-ماذا سيكون حال البلدان العربية لو كانت السعودية تمتلك الى جانب المال، والفكر الوهابي الدموي الذي فرخ القاعدة و”داعش” وشقيقاتها، قوة عسكرية كبيرة؟!، هل كانت ستكتفي بفرض الحصار الاقتصادي وتجويع الشعوب، وتصدير التكفيريين اليها، أم انها ستستخدم هذه القوة دون تردد؟.
من الخطأ ان تظن السعودية انها حققت نصرا في صراعها “العبثي” مع جورج قرداحي، لانها ببساطة خسرت هذه المرة، اكثر مما خسرت في فضيحة اختطاف الحريري وإجباره على الاستقالة، فقرداحي كشف للعالم عن جانب من النفوذ السلبي للسعودية في لبنان، وهو نفوذ يعمل لخدمة المشروع الامريكي الاسرائيلي، كما كشف عن الوجوده الكالحة لطابورها الخامس الرخيص والبائس داخل لبنان، هذا فضلا عن كشف جوانب كبيرة من عبثية السياسة السعودية في لبنان والمنطقة، وقبل كل هذا وذاك، أكد ما هو مؤكد، من ان الحرب السعودية الظالمة على الشعب اليمني العربي المسلم، هي عدوان وعبثية وابادة جماعية وجريمة ضد الانسانية.. حتى ينقطع النفس.
المصدر / العالم