السيمر / فيينا / الاثنين 12 . 09 . 2022
د. مصطفى يوسف اللداوي/ فلسطين
لا تنفك وزيرة الداخلية في حكومة تصريف الأعمال الإسرائيلية إيليت شاكيت، تبذل قصارى جهودها وتسعى بكل السبل والإمكانيات لضمان وصولها إلى الكنيست الإسرائيلي، وتجاوز نسبة الحسم التي تتربص بها وتهددها بالشطب والطرد، لتكون إلى جانب رب عملها القديم، رئيس الحكومة الأسبق بنيامين نتنياهو، الذي عملت معه قديماً مديرةً لمكتبه، ونسقت وإياه في تشكيل حزبها الأول وتحالفها اليميني المؤيد له، وكانت قد آمنت بمبادئه، وأعجبت بأفكاره، ورضيت عن سياسته، وأيدت على مدى سنواتٍ حكومته، وحمتها من السقوط والانهيار، ومن محاولات حجب الثقة عنها.
يبدو أنها ما زالت تعمل معه مديرةً لحملته الانتخابية، تنسق له، وتصنع التحالفات من أجله، وتبحث عن ذوي الحظوظ ليكونوا إلى جانبه، ويزيدوا من حجم كتلته البرلمانية، ليتمكن من تشكيل حكومةٍ يمينيةٍ نقيةٍ، تتصدى للتهديدات التي يتعرض لها كيانهم، وتقف في وجه كل محاولات التسوية السياسية، التي قد تفرض عليهم تنازلاتٍ “مؤلمةٍ”، قد تقود إلى خلق وتشكيل دولة أو كيان فلسطيني مستقل، وهي ترى أن نتنياهو الذي يرفض إقامتها، هو الأقدر على حماية المصالح العليا للشعب اليهودي، وهو الأقوى في مواجهة التحديات والتصدي للاستحقاقات الأمنية والوجودية التي تتعاظم ضدهم.
شكلت شاكيد لهذا الغرض حزب “الروح الصهيونية” مع وزير الاتصالات في حكومة تصريف الأعمال، وشريكها السابق في حزب “يمينا” يوعاز هاندل وشريكه زيفكا هاوزر، على أن يؤيد في حال تمكن حزبهما من تجاوز نسبة الحسم المطلوبة وهي 3.25%، تشكيل حكومة يمينية ضيقة برئاسة بنيامين نتنياهو، وذلك إذا تعذر تشكيل حكومة موسعة تضم اليمين ويسار الوسط، وهو الخيار الذي يفضله هاندل كونه يحقق الاستقرار السياسي للحكومة، ويمنع الذهاب إلى انتخاباتٍ جديدةٍ.
إلا أن استطلاعات الرأي الأخيرة التي أشارت إلى تراجع حظوظ حزب “الروح الصهيونية” إلى ما دون نسبة الحسم، وتراجع هاندل نفسه عن تعهده السابق لشريكته في الحزب بدعم حكومة يمينية ضيقة بزعامة نتنياهو، دفعت شاكيد إلى إعلان انفصالها عن هاندل، والمسارعة إلى البحث عن شريكٍ جديدٍ يضمن لها الفوز، والوصول إلى الكنيست، قبل المدة القانونية الممنوحة لتسجيل الأحزاب والكتل والقوائم، علماً أن المدة المتبقية هي ثلاثة أيامٍ فقط، الأمر الذي يعني أنها أصبحت في دائرة الخطر، وأنها قد تلحق برئيس حزب يمينا السابق نفتالي بينت وتعلن اعتزال العمل السياسي، وتعود أدراجها إلى البيت والمطبخ.
تحاول شاكيد في طريقها إلى الكنيست تفكيك معسكر “بديل نتنياهو” أو “ليس بيبي”، والضغط على أطراف هذا المعسكر للتراجع أمام حجتها بأن نتنياهو هو الأقوى والأقدر، وفي سبيل ذلك تعمل على مواجهة خطاب الكراهية ضده، لتحسين صورته وتجميل سياسته، وهي في قرارة نفسها تعلم أن فوزه سيحجز لها مقعداً في حكومته حتى لو لم يحالفها الحظ بمقعدٍ في الكنيست، ولهذا فهي قد تقاتل إيماناً بنتنياهو ودفاعاً عنه، ولكنها تقاتل أيضاً لتضمن مستقبلها، وتحافظ على مكانتها، وتفرض نفسها كلاعبٍ رئيسٍ في السياسة، وإلا فإن الاعتزال مصيرها.
أمام نتائج استطلاعات الرأي الأخيرة، التي تعطي حزب “الروح الصهيونية” نسبة 1.1% في آخر استطلاع أجرته القناة 12 الصهيونية، وهي نسبةٌ مخزية جداً، تضعف قدرتها التفاوضية، وتحد من آمالها المستقبلية، ولا تشجع الأحزاب على التحالف معها، فهل تعود شاكيد خلال الساعات القليلة القادمة إلى حزب “يمينا” فتشد أوتاره وترص صفوفه وتنفخ فيه الروح من جديد، عله يتمكن من المواجهة وينجح في الاستحقاق، ويتجاوز نسبة الحسم إلى أربعة نواب، ويساعدها في ذلك نتنياهو الذي يرى في حزبها “إسفنجةً” ماصةً للأصوات اليمينية الضائعة الحائرة، التي إن لم تجد صندوقاً تصوت فيه لمرشحيها، فإنها قد تذهب إلى خصومه الشرسين، ولا تلقي بأوراقها في صناديق حزبه والموالين.
بيروت في 12/9/2022