السيمر / فيينا / الثلاثاء 14 . 03 . 2023
لم يكن يوم 20 آذار/مارس 2003 كباقي الأيام، فقد أطلقت فيه الولايات المتحدة حربًا على العراق للإطاحة بنظام صدام حسين. وهاجمت الولايات المتحدة الأمريكية بمساعدة بريطانية العراق بنحو 190 ألف جندي في عملية عسكرية أطلقا عليها “حرية العراق” واعدة بجلب السلام والديمقراطية. ومع انهيار نظام صدام حسين في 9 أبريل/نيسان، عمت الفوضى البلاد التي وقعت فريسة للعنف الطائفي ولتنظيم القاعدة ثم من بعد لتنظيم “الدولة الإسلامية”. وبين عامي 2003 و2011 قتل في هذه الحرب قتل أكثر من 100 ألف مدني، بحسب منظمة “ضحايا حرب العراق”، بينما أعلنت الولايات المتحدة عن 4500 قتيل في صفوف قواتها وطواقمها.
نشر نحو 150 ألف جندي أمريكي و40 ألف جندي بريطاني في العراق للشروع بعملية عسكرية أطلقت العديد من المظاهرات المنددة في العديد من العواصم العربية والعالمية.
ثلاثة أسابيع كانت كافية من أجل حسم مصير النظام والسيطرة على بغداد في التاسع من نيسان/أبريل. وتمّ تبرير الحرب الوقائية بوجود أسلحة دمار شامل نووية وكيميائية على الأراضي العراقية. لكن في النهاية، لم يتم العثور على هذه الأسلحة.
كرة نار
منذ بدأت عمليات القصف الأمريكية البريطانية الأولى، ردّت الدفاعات الجوية العراقية. خلال ساعة، حوّلت ثلاثة جولات من الغارات سماء بغداد إلى كرة نار ضخمة، كما يصف الواقعة صحافيون في وكالة الأنباء الفرنسية كانوا في البلد.
عبر التلفزيون، دعا صدام حسين مرتدياً الثياب العسكرية وقبعة عسكرية سوداء، إلى “مقاومة المحتلين”. خلال الليل، اقتحم عشرات آلاف الجنود الأمريكيين والبريطانيين جنوب البلاد عبر الكويت. بعد 24 ساعة، أصبحت الحرب حرياً جويةً بامتياز، وصلت غاراتها إلى القصر الرئاسي.
تقدّم بري
في 25 آذار/مارس، عبر أربعة آلاف جندي من المارينز مدينة الناصرية، النقطة الأساسية في الطريق نحو بغداد التي لا تزال تبعد 370 كلم، عابرين نهر الفرات وسط قتال عنيف.
بعد ستة أيام، دخل العسكريون الأمريكيون بمعركة برية مع وحدات من الحرس الجمهوري العراقي قرب مدينة كربلاء المقدّسة.
استولى الأمريكيون على مطار بغداد في الرابع من نيسان/أبريل، فيما تحدّى صدام الغزاة بنزوله في حيّ سكني وإلقائه التحية على السكان. في 7 نيسان/أبريل، استولى التحالف الدولي على ثلاثة قصور رئاسية في بغداد.
انهيار النظام
في التاسع من نيسان/أبريل، انهار النظام. وستبقى صورة إسقاط تمثال ضخم لصدام في وسط بغداد عالقة في الذاكرة.
انتزع التمثال بدبابات أمريكية من قاعدته، ثمّ داس عليه العشرات من العراقيين الفرحين أمام الكاميرات وأنظار العالم كله. بينما شكّكت بعض الصحف في أن يكون المشهد مفتعلاً.
شبّه وزير الدفاع الأمريكي دونالد رمسفيلد الحدث بـ”سقوط جدار برلين”. أما العراقيون، فأطلقوا العنان لغضبهم وانتقاداتهم العنيفة ضدّ “الجلاد” صدام.
مشاهد من الفوضى
غرقت بغداد بالفوضى. اقتحم جيش من ناهبي الوزارات ومنازل المسؤولين وحملوا ما سرقوه في عربات كانوا يجرونها. لم يكن المتحف الوطني في العاصمة الذي يضمّ سبعة آلاف عام من التاريخ، بمنأى عن عمليات النهب.
سقطت كركوك والموصل، أكبر مدن الشمال، بدون مقاومة بيد الأكراد الذين انسحبوا بعد ذلك لصالح الأمريكيين. ثمّ استسلمت تكريت (180 كلم شمال بغداد)، معقل صدام.
في الأول من أيار/مايو، أعلن الرئيس الأمريكي “نهاية المعارك”، وفي الوقت نفسه مواصلة “الحرب ضد الإرهاب”، من أمام حاملة طائرات في البحر قبالة كاليفورنيا. فوقه، رُفعت لافتة كتب عليها “المهمة انتهت”.
اختباء صدام
اختفى صدام حسين عن الأنظار لأشهر، على الرغم من أن واشنطن أعلنت في تموز/يوليو تخصيص 25 مليون دولار جائزة لمن يعثر عليه.
بعد مطاردة استمرت تسعة أشهر، أوقف الطاغية الذي حكم بالرعب على مدى 24 عاماً، في 13 كانون الأول/ديسمبر 2003، بعد العثور عليه مختبئاً في حفرة بقبو مزرعة قرب تكريت.
صرّح الحاكم المدني الأمريكي في العراق بول بريمر حينها بالقول “أمسكنا به”. وفي شريط فيديو، ظهر صدام متعباً وتائهاً ومتسخا، مع لحية طويلة رمادية. حوكم وأعدم شنقاً أواخر العام 2006.
لا أسلحة دمار شامل
مطلع تشرين الأول/أكتوبر 2003، أكد تقرير لمفتشين دوليين عدم العثور على أسلحة دمار شامل.
ازدادت الاتهامات بالتلاعب بالمعلومات الاستخباراتية مستهدفة جورج بوش ورئيس الوزراء البريطاني توني بلير.
حين أنهت القوات الأمريكية انسحابها من العراق في كانون الأول/ديسمبر 2011، بعد ثماني سنوات وتسعة أشهر، كانت حصيلة النزاع هائلة.
من حرب الشوارع في الفلوجة وصولاً إلى الاقتتال الطائفي، والانتهاكات في سجن أبو غريب، عاش العراقيون كمّاً هائلاً من الصدمات.
بين 2003 و2011، قتل أكثر من 100 ألف مدني، بحسب منظمة “ضحايا حرب العراق”. بينما أعلنت الولايات المتحدة عن 4500 قتيل في صفوف قواتها وطواقمها.
في 18/5/2022، خلال فعالية في تكساس، أثار الرئيس السابق جورج بوش ضحك الحضور بزلة لسان قام بها أثناء حديثه عن أوكرانيا، مندداً “بالغزو غير المبرر إطلاقاً والوحشي للعراق”.
فرانس24/ أ ف ب