السيمر / فيينا / الخميس 04. 05 . 2023
يتأهب ملايين الناس عبر المملكة المتحدة وغيرها من بلدان العالم لمشاهدة مراسم تتويج الملك تشارلز الثالث، وهي احتفالات رمزية تجمع بين المراسم الدينية ومظاهر الأبهة.
ستقام المراسم في كنيسة وستمنستر في السادس من مايو/أيار، وسوف يصبح تشارلز، الذي سيتم تتويجه هو وزوجته الملكة القرينة كاميلا، الملك رقم أربعين الذي يتوَج هناك منذ عام 1066.
وسوف يشهد ذلك اليوم المهيب احياء تقاليد وعادات تعود إلى أكثر من 1000 عام مضى. وفيما يلي مجريات ذلك اليوم كما هو متوقع.
سوف تبدأ الاحتفالات الرسمية بموكب من قصر باكينغهام إلى كنيسة وستمنستر، حيث سيسمح لعامة الشعب بدخول مناطق مشاهدة الموكب في الساعة السادسة صباحا.
سوف تصطف الحشود على جانبي طريق “ذا مال” (The Mall) المقابل للقصر، كما سيتم توجيه الناس إلى المواقع الرسمية التي ستوضع بها شاشات عرض كبيرة لنقل الاحتفالات في متنزهات هايد بارك وغرين بارك وسانت جيمس بمجرد امتلاء جانبي الطريق.
وقد نُصبت أمام قصر باكينغهام مقاعد مخصصة للضيوف المدعوين، بمن فيهم قدامى المحاربين وعاملون بخدمات الرعاية الصحية الوطنية ورعاية المسنين وذوي الإعاقات.
وفي صباح يوم السبت، سوف يتجمع نحو 200 من أفراد القوات المسلحة، أغلبهم من وحدة سلاح الفرسان الملكية التي ستشارك في الموكب من كنيسة وستمنستر.
كما سيصطف 1000 آخرون من أفراد القوات المسلحة على جانبي الطريق، لكن الموكب بأكمله سوف يكون أصغر بكثير من نظيره عام 1953 الذي كان من بين من شارك فيه أفراد من أسر ملكية لبلدان أخرى ورؤساء وزراء دول الكومنولث.
بدء الموكب
سوف يبدأ الموكب من قصر باكينغهام ويسير عبر “ذا مال” باتجاه ميدان الطرف الأغر، ثم طريق وايتهول وشارع البرلمان، إلى أن يصل إلى الباب الغربي العظيم لكنيسة وستمنستر.
وفي خروج على التقاليد، سوف يجلس الملك تشارلز في عربة اليوبيل الماسي الملكية وليس في العربة الذهبية الملكية الأقدم.
الوصول إلى كنيسة وستمنستر
يُتوقع أن يصل الموكب إلى الكنيسة قبل الساعة 11 صباحا بقليل، ويرجح أن يرتدي الملك زيه العسكري بدلا من السراويل القصيرة والجوارب الحريرية التقليدية التي ارتداها الملوك في السابق.
وسوف يدخل الملك تشارلز من الباب الغربي العظيم، ثم يسير عبر صحن الكنيسة إلى أن يصل إلى قاعتها الوسطى.
وسوف يتقدمه زعماء دينيون وممثلون عن بلدان الكومنولث يحمل كل منهم علم بلاده، ويرافقه رؤساء وزراء من بينهم رئيس وزراء المملكة المتحدة ريشي سوناك، وممثلو التاج البريطاني ببلدان الكومنولث.
من المقرر أن يبدأ الاحتفال في الساعة 11 صباحا، وسوف تتخلله مقطوعات موسيقية اختارها الملك بنفسه، منها 12 مقطوعة كتبت خصيصا لهذه المناسبة، بما في ذلك مقطوعة للفنان أندرو لويد ويبر، وموسيقى أرثوذوكسية يونانية إحياء لذكرى والده الأمير فيليب.
وسوف يكون حفيد الملك، الأمير جورج، من بين الوصفاء في كنيسة وستمنستر، إلى جانب أحفاد كاميلا، لولا وإليزا ولوي وفردي. وسوف يحمل بعض المشاركين في الموكب داخل الكنيسة قطع الريغاليا (regalia) التي سيوضع معظمها على المذبح لحين الحاجة إليها في الاحتفال.
ما هي الريغاليا؟
وفق موقع الأسرة الملكية على شبكة الإنترنت، المملكة المتحدة هي الدولة الأوروبية الوحيدة التي تستخدم الريغاليا – وهي رموز الملكية مثل التاج والكرة الذهبية والصولجانات – خلال مراسم التتويج.
ترمز تلك الأشياء إلى جوانب مختلفة من مسؤوليات الملك ومنصبه.
وسوف يقدَم إلى الملك تشارلز الكرة الذهبية الملكية والصولجان الذهبي الملكي ذو الصليب والصولجان الذهبي الملكي ذو الحمامة وغيرهما من الرموز الملكية في مراحل مهمة خلال الاحتفال.
كما سيقدم إلى كاميلا عصا الملكة القرينة ذات الحمامة وعصا الملكة القرينة ذات الصليب، محاكاة لصولجاني الملك.
هناك عدة مراحل لحفل التتويج، الذي يتوقع أن يستمر لفترة تقل قليلا عن الساعتين.
وللمرة الأولى، سوف يُدعى أفراد من عامة الشعب لأداء قسم بالولاء للملك، في جزء من المراسم يطلق عليه المنظمون اسم “جوقة الملايين”. وفي مخالفة أخرى للتقاليد، سوف تلعب نساء قسيسات دورا بارزا في المراسم، كما سيكون لزعماء دينيين غير مسيحيين دور ملموس.
المرحلة الأولى: الإقرار
سيتم تقديم الملك تشارلز إلى “الرعية” – وهو تقليد يعود إلى العصور الأنغلو-ساكسونية.
سيقف جاستين ويلبي كبير أساقفة كانتربري إلى جانب كرسي التتويج الذي يبلغ عمره 700 عام، ويلتفت إلى جانبي الكنيسة معلنا أن تشارلز هو “الملك بلا ريب”، ثم يطلب من الحضور أن يعربوا عن إجلالهم وولائهم له.
وسوف يهتف الحضور: “فليحفظ الله الملك!”، وتعزف الأبواق بعد كل هتاف.
ويعتقد أن كرسي التتويج، الذي يعرف أيضا بكرسي الملك إدوارد أو كرسي القديس إدوارد، هو أقدم قطعة أثاث لا تزال تستخدم لغرضها الأساسي في المملكة المتحدة. وقد تُوج على ذلك الكرسي 26 ملكا.
صنع الكرسي بناء على أوامر الملك إدوارد الأول ملك إنجلترا لكي يوضع به “حجر القدر” الذي أُخذ من مكان بالقرب من بلدة سكون الاسكتلندية.
وأعيد الحجر – وهو رمز عتيق للملكية الاسكتلندية – إلى اسكتلندا في عام 1996، ولكن من المقرر أن ينقل إلى لندن لاستخدامه خلال الاحتفالات.
وأثناء مراسم التتويج، سوف يوضع الكرسي المصنوع من خشب البلوط (السنديان) في منتصف الأرضية التاريخية المصنوعة من الفسيفساء التي تعود إلى العصور الوسطى ويطلق عليها اسم “الرصيف الكوزماتي”، في مقابل مذبح الكنيسة الأعلى، تأكيدا على الطبيعة الدينية للاحتفال.
المرحلة الثانية: القَسَم
يقوم كبير أساقفة كانتربري بتلاوة قسم التتويج، وهو شرط قانوني. ثم يطلب من الملك تشارلز أن يؤكد التزامه بالقانون وتعاليم الكنيسة الإنجليزية خلال عهده، وسوف يضع الملك يده على الإنجيل المقدس ويتعهد “بتنفيذ [تلك العهود] والوفاء بها”.
وربما يضيف الملك تشارلز بعض الكلمات للإعراب عن تقديره للديانات المتعددة التي تمارَس في بريطانيا، ولكنها على الأرجح لن تكون جزءا من القسم نفسه، ولم يتم تأكيد ذلك بعد.
المرحلة الثالثة: المسح بالزيت المقدس
يخلع الملك عباءة التشريفات ويجلس على كرسي التتويج كي يُمسح بالزيت للتأكيد على المكانة الروحية للملك الذي يعد أيضا رأس الكنيسة الإنجليزية.
سوف يصب كبير الأساقفة زيتا خاصا من قارورة ذهبية يطلق عليها اسم “الأمبولة” في ملعقة التتويج ويمسح به رأس الملك وصدره ويديه بعلامة الصليب.
كانت “الأمبولة” قد صُنعت لاستخدامها أثناء تتويج الملك تشارلز الثاني، لكن الشكل الذي صنعت به يعود إلى عصور سابقة، ويرتبط بالأسطورة التي تقول إن مريم العذراء تجلت للقديس توماس بيكيت في القرن الثاني عشر وأعطته قارورة على هيئة نسر لاستخدامها خلال مراسم تتويج ملوك إنجلترا المستقبليين.
وملعقة التتويج أقدم من ذلك بكثير، وقد نجت من عملية تدمير أوليفر كرومويل لرموز الملكية (الريغاليا) في أعقاب الحرب الأهلية الإنجليزية.
أما الزيت نفسه فقد استخرج خصيصا من أجل التتويج من ثمار أشجار الزيتون في اثنين من بساتين جبل الزيتون بالقدس، وتم تكريسه (مباركته) خلال مراسم خاصة أقيمت بكنيسة القيامة بالمدينة.
وربما يوضع ساتر فوق الكرسي كي لا يتمكن أحد من رؤية الملك خلال ذلك الطقس، لأنه يعتبر الأكثر قداسة من بين مراسم التتويج.
المرحلة الرابعة: التنصيب
يعني ذلك حرفيا لحظة التتويج، عندما يرتدي الملك تاج القديس إدوارد للمرة الوحيدة في حياته.
يحمل التاج اسم تاج آخر أقدم بكثير كان قد صنع للملك والقديس الأنغلو-ساكسوني إدوارد المعترف، ويقال إنه استخدم في مراسم تتويج الملوك بعد عام 1220، إلى أن أمر كرومويل بصهره.
وقد صنع التاج الجديد للملك تشارلز الثاني، الذي أراد تاجا مشابها للتاج الذي ارتداه إدوارد، بل وأكثر فخامة منه.
سوف يكون الملك تشارلز الثالث سابع ملك يرتدي ذلك التاج بعد تشارلز الثاني وجيمز الثاني وويليام الثالث وجورج الخامس وجورج السادس وإليزابيث الثانية التي كانت آخر من ارتداه خلال مراسم تتويجها في عام 1953.
أولا، سوف تقَدم إلى الملك بعض رموز الملكية مثل كرة الملك الذهبية وخاتم التتويج وصولجان الملك ذي الصليب وصولجان الملك ذي الحمامة.
ثم بعد ذلك سوف يضع كبير الأساقفة التاج فوق رأس الملك، وتعزف الأبواق وتطلق الأعيرة النارية الاحتفالية عبر أنحاء المملكة المتحدة.
سوف يطلق 62 عيارا ناريا من برج لندن، وست طلقات خلال موكب لضباط سلاح الفرسان الملكي. كما سيطلق 21 عيارا في 11 موقعا آخر عبر البلاد، بما في ذلك مدن إدنبره وكارديف وبلفاست، وكذلك على متن سفن البحرية الملكية.
المرحلة الخامسة: الجلوس على العرش
ستشمل المرحلة الأخيرة جلوس الملك على العرش. بل وربما يقوم كبير الأساقفة والأساقفة وأعضاء بمجلس اللوردات بالبرلمان البريطاني برفعه على العرش.
تقليديا، يقوم عدد من أفراد الأسرة المالكة وأعضاء مجلس اللوردات بالبرلمان واحدا تلو الآخر بالانحناء أمام الملك الجديد، ثم يقسمون بالولاء له ويقبّلون يده اليمنى.
بيد أنه يُعتقد أن الأمير ويليام سيكون الدوق الملكي الوحيد الذي سيفعل ذلك.
الملكة القرينة
بعد ذلك، سيتم مسح الملكة كاميلا بالزيت وتتويجها، ثم جلوسها على العرش خلال مراسم أكثر بساطة، كما أنه لن يتعين عليها الإدلاء بالقسم.
سيوضع على رأسها تاج الملكة ماري – الذي كان قد صنع من أجل حفل تتويج الملكة ماري إلى جانب الملك جورج الخامس – ولكن تم تعديله وإزالة بعض أقواسه وترصيعه بماسة كلينان الثالثة وماسة كلينان الرابعة وماسة كلينان الخامسة.
المناولة
الجزء الأخير من المراسم الكنسية سيشمل مشاركة الملك والملكة في طقس المناولة، وهو طقس العبادة الرئيسي في الكنيسة.
مغادرة الكنيسة
سوف يقف الملك والملكة تاركين عرشيهما، ويرجح أن يدخلا مصلى القديس إدوارد – حيث سيخلع الملك تشارلز تاج القديس إدوارد ويضع على رأسه تاج الإمبراطورية، وينضم إلى الموكب الذي سيغادر كنيسة وستمنستر بينما يُعزف النشيد الوطني.
سوف يعود الملك والملكة إلى قصر باكينغهام عبر نفس الطريق الذي سلكاه من هناك إلى الكنيسة، ولكنهما هذه المرة سيركبان العربة الملكية الذهبية التي يبلغ عمرها 260 عاما والتي استخدمت في جميع مراسم التتويج منذ الملك ويليام الرابع الذي توج عام 1831.
تشير تقارير إلى أن الأبناء الثلاثة للأمير ويليام، الأميران جورج ولوي والأميرة شارلوت، سوف ينضمون إلى والديهما على متن عربة تسير خلف العربة الملكية الذهبية.
ومن المتوقع أن يشارك حوالي 4000 فرد من أفراد القوات المسلحة فيما وصفته وزارة الدفاع بأضخم ظاهرة احتفالية من نوعها منذ جيل مضى.
وسينضم إلى هؤلاء مندوبين عن بلدان الكومنولث وأقاليم ما وراء البحار البريطانية.
يبلغ طول الطريق 2.29 كم من الكنيسة إلى محيط القصر. وسوف يتلقى الملك والملكة التحية الملكية وثلاث هتافات من العسكريين الذين شاركوا في الموكب.
في عام 1953، كان يبلغ طول الطريق الذي سار فيه موكب تتويج الملكة إليزابيث الثانية أكثر من أربعة أميال (6.4 كم)، وكان مرور الموكب بأكمله أمام نقطة واحدة يستغرق 45 دقيقة.
تشكيلات جوية فوق القصر
جرت العادة منذ تتويج الملك إدوارد السابع في عام 1902 على أن يقف الملك الجديد في شرفة قصر باكينغهام لتحية الجماهير المحتشدين أمام القصر – وقد انضم إلى الملكة إليزابيث الثانية كل من زوجها الأمير فيليب ووالدتها وشقيقتها وأطفالها وغيرهم من أفراد الأسرة الملكية لمشاهدة تشكيلات جوية شملت مئات الطائرات التي حلقت فوق القصر في عام 1953.
وقد أكد قصر باكينغهام أن الملك تشارلز والملكة كاميلا سوف يواصلان اتباع ذلك التقليد – ولكن لم يتأكد بعد مَن سينضم إليهم في الشرفة مِن أعضاء الأسرة الملكية.
وسوف تشهد الحشود التي ستتجمع أمام القصر اختتام احتفالات التتويج الرسمية بتشكيلات جوية تحلق فوق القصر على مدى خمس دقائق وتشمل أفرادا من الجيش والبحرية الملكية والقوات الجوية الملكية، تصل إلى ذروتها بعرض جوي لطائرات السهام الحمراء (Red Arrows).
المصدر/ بي بي سي