فيينا / الأربعاء 06 . 02 . 2025
وكالة السيمر الاخبارية
أثار اقتراح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب سيطرة واشنطن على قطاع غزة وترحيل سكانه مؤقتا، رفضا فلسطينيا وعربيا واسعا، وبينما اعتبر ترامب أن خطته “محبوبة من الجميع” أعلن البيت الأبيض رفضه تمويل إعمار القطاع. بدوره، حذر أمين عام الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس من “التطهير العرقي” إذا مضت خطة السيطرة على غزة وترحيل سكانها قدما، وأكدت دول كالأردن ومصر والسعودية والإمارات رفضها التام لتهجير الفلسطينيين.
أثار اقتراح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بفرض سيطرة الولايات المتحدة على قطاع غزة وترحيل سكانه جدلا دوليا واستنكارا فلسطينيا وعربيا.
وأعلن ترامب رغبته في “إعادة تشكيل” قطاع غزة الذي يضم أكثر من مليوني فلسطيني، وذلك عبر إخراجهم موقتا إلى دول مجاورة مثل الأردن أو مصر، تمهيدا لإعادة تطوير القطاع عسكريا واقتصاديا، و”تحويله إلى ريفييرا الشرق الأوسط”، على حد تعبيره.
وقوبل المقترح بسيل من ردود الفعل المنددة في مختلف أنحاء العالم، لا سيما بعدما أعلن الرئيس الأمريكي أن “الجميع يحبون” هذه الخطة، متجاهلا الاعتراض الحاد الذي أبداه الفلسطينيون ودول عربية وإسلامية عديدة.
“خروج موقت” لسكان غزة
وأوضح وزير الخارجية الأمريكي، ماركو روبيو، أن الاقتراح لا ينص على “ترحيل دائم”، بل هو “خروج موقت” للفلسطينيين، ريثما تتم إزالة الأنقاض والقنابل غير المنفجرة في القطاع المدمر بسبب الحرب، ومن ثم إعادة إعمار البنى التحتية، وخلق آلاف فرص العمل هناك. واصفا هذه الخطوة بأنها “سخية جدا”، رأى روبيو أنها قد تمهد لإرساء استقرار طويل الأمد في المنطقة.
بالمقابل، تلقى هذا الطرح انتقادات قاسية، إذ يؤكد منتقدوه أنه يتناقض مع حق الفلسطينيين في أرضهم، ويفتح الباب أمام انتهاكات خطيرة للقانون الدولي الإنساني.
وعلى الرغم من دعوات الإدارة الأمريكية لإعادة إعمار غزة، أعلن البيت الأبيض الأربعاء أن الولايات المتحدة “لن تمول” أي عمليات إعادة بناء في القطاع.
وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارولاين ليفيت، للصحافيين إن ترامب أبلغ المسؤولين بأن واشنطن ستركز على “التخطيط والإشراف” لا أكثر. كما لفتت إلى عدم اتخاذ قرار بنشر جنود أمريكيين على الأرض في غزة “في الوقت الحاضر”.
تحذيرات أممية من “تطهير عرقي”
من جهته، حذر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، الأربعاء، مما وصفه بـ”تطهير عرقي” إذا مضت خطة السيطرة على غزة وترحيل سكانها قدما.
وأشار غوتيريس، في كلمة أمام لجنة أممية معنية بحقوق الفلسطينيين، إلى أن “جوهر ممارسة الشعب الفلسطيني لحقوقه غير القابلة للتصرف يكمن في حقهم في أن يعيشوا على أرضهم”، معتبرا أن أي مساس بهذا الحق يخرق القانون الدولي.
بدوره، شدد الرئيس الفلسطيني محمود عباس، الذي وصل إلى الأردن للقاء الملك عبد الله الثاني، على “رفض شديد لدعوات الاستيلاء على قطاع غزة وتهجير الفلسطينيين خارج وطنهم”.
وكذلك، أبدت السعودية والإمارات وجامعة الدول العربية استنكارا واضحا للخطة الأمريكية.
وأكدت الرياض أنها “لن توافق على إقامة علاقات دبلوماسية مع إسرائيل” ما لم تحل القضية الفلسطينية بإقامة دولة مستقلة عاصمتها القدس الشرقية، بينما وصفت أبوظبي المقترح بأنه “مخالف تماما للقانون الدولي”، ورفضته الأمانة العامة لجامعة الدول العربية باعتباره “ترويجا لسيناريو تهجير” مرفوض عربيا ودوليا.
مخاوف غربية ودعوات لوقف الانتهاكات
على الصعيد الدولي، حذر الرئيسان الفرنسي إيمانويل ماكرون والمصري عبد الفتاح السيسي من تبعات “أي تهجير قسري للشعب الفلسطيني في غزة أو الضفة”، مؤكدين أنه سيصبح “عامل زعزعة استقرار رئيسي”.
كما أدان الاتحاد الأوروبي الخطة، مذكرا بأن قطاع غزة “جزء لا يتجزأ من الدولة الفلسطينية المستقبلية”. واعتبرت ألمانيا أن القطاع “ملك للفلسطينيين”، فيما وصف مسؤولو الأمم المتحدة الخطوة بأنها “مفاجئة جدا”، وتنطوي على احتمال خرق فاضح للقانون الدولي.
واعتبر المفوض الأممي السامي لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي أن مشروع السيطرة على غزة “مفاجئ جدا”.
بالمقابل، تعهد الوزير الإسرائيلي اليميني المتطرف بتسلئيل سموتريتش، الأربعاء، العمل على أن يتم “بشكل نهائي دفن الفكرة الخطرة” المتمثلة بإقامة دولة فلسطينية.
من جهتها، وصفت منظمة بتسيلم الإسرائيلية غير الحكومية خطة ترامب للقطاع بأنها “مجنونة”.
أما منظمة العفو الدولية “أمنستي”، فاعتبرت أن خطة ترامب “مروعة” و”غير قانونية”، معربة عن قلقها إزاء الطابع “التحريضي” لتصريحات سيد البيت الأبيض.
“فلسطين ليست للبيع”
ميدانيا، أشعلت تصريحات ترامب الغضب في غزة، إذ أكد العديد من سكان القطاع رفضهم ما أسموه “مخطط التهجير”.
وقال حاتم عزام من مدينة رفح: “الشعب متجذر بأرضه”، فيما شدد الشاب أحمد الميناوي (24 عاما) على أن “فلسطين ليست للبيع”.
في إسرائيل، اعتبر النائب العربي في الكنيست منصور عباس، أن تنفيذ خطة الترحيل سيعني ارتكاب “جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية”، داعيا إلى البحث عن بدائل تفضي إلى حل عادل يرسخ المصالحة والسلام بين الشعبين.
ويتضح أن التباين إزاء خطة ترامب للسيطرة الأمريكية على غزة لا يقتصر على موقف الفلسطينيين وحدهم، إذ تتوالى ردود الفعل الدولية المشككة في جدوى الخطوة، وسط تحذيرات من خطورة تهديد الحقوق الأساسية للشعب الفلسطيني.
وفي وقت تبدي فيه إدارة ترامب تمسكا بما تصفه بـ”الحل التنموي”، يظل مصير هذه المبادرة رهنا بتوازنات إقليمية وضغط دولي متصاعد لاحترام المعايير الإنسانية والقانونية.
فرانس24/ أ ف ب
وفق حرية الرأي والنشر يتم نشر هذه المادة والجريدة غير مسؤولة عما ينشر فيها من مواد واخبار ومقالات