فيينا / الأثنين 31 . 03 . 2025
وكالة السيمر الاخبارية
د. فاضل حسن شريف
جاء في موقع مركز تراث البصرة عن جامعُ الميرزا أنموذجٌ من التُراث الإسلامي في البصرة: تأريخُ التأسيس: يمكن إجمال تاريخ تأسيس الجامع ومراحل إنشاءه وإعادة بنائه وتجديده وأئمة الجُمُعة والجماعة – باعتبارهم المؤسسين والمتولين على الجامع منذ تأسيسه لغاية اليوم – فيه على النحو الآتي: أُسس الجامع عام 1889م ، عندما جاء السيّد الميرزا حسين جمال الدين (1259هـ -1318هـ ) رحمه الله إلى البصرة واتخذها موطناً، وينقل أنه نزلها بعد وفاة أكبر أخوته وهو الميرزا محمد الذي توفي في حياة والده السيد ميرزا علي جمال الدين (1805-1858م) ، ومعنى هذا أن المسجد مؤسس قبل سنة 1858م، ولكنّ الراجح هو الأوّل، أي: أنّ تاريخ التأسيس هو سنة 1889م. فالميرزا حسين هو مؤسس الجامع ومتوليه الشرعي وأوّل أمام للجُمُعة والجماعة فيه، لذا يفخر هذا المسجد باستمرار إقامة صلاة الجُمُعة فيه لما يزيد على مائة سنة ابتداء من عام 1889م إلى يومنا هذا. مساحة المسجد: وتقدّر مساحته الكلية- آنذاك- بــــ 500 م2،فكانت مساحة الحرم250 م2 وبطابق واحد، وأما الـــ 250 م2 الأخرى فتشمل المدخل والملحقات (الحمامات، والمغتسل والمطبخ)، وكان بناؤه إبان تلك المدة من الطين (اللِبن )، وسقفه من البواري وجذوع النخيل. وفي عام (1318هـ) أي: بحدود عام 1900م انتقل الميرزا حسين جمال الدين إلى رحمة ربّه الواسعة ودفن في ذي قار سوق الشيوخ كرمة بني سعيد حيث وافته المنية في مسقط رأسه رحمه الله. أئمة المسجد: بعد وفاة الميرزا حسين تسنم إمامة المسجد ولده العلامة السيّد ميرزا محمد تقي جمال الدين (1288هــ1357هـ) في حدود عام 1900م وكان عمره آنذاك 28 سنة، وهو (من علماء البصرة المعاريف في عصره)، قام بوظيفته إماماً للجمعة والجماعة في هذا الجامع ومرشداً وموجهاً للناس، وكان يقيم صلاة الجماعة في أوقات الصلاة جميعها، ولا سيما صلاة الفجر، توفي السيد عام (1357هـ) أي: عام 1937، عن عمر ناهز 69 عاماً، ودفن في البصرة في المقبرة المعروفة بمقبرة إبراهيم الخليل وعرفت بعدئذٍ بــ(مقبرة الميرزا)، وشُيّدت على قبره قبة لا زالت شامخة لحد الآن. وقام مقامه ولده العلامة السيّد ميرزا عباس جمال الدين(1911م- 1978م )، وقد نشأ السيد في البصرة وترعرع فيها بكنف والده، وأنتهل من علمه الزاخر، هاجر إلى النجف سنة 1923م لدراسة العلوم الدينية ولم يتركها حتى وفاة والده في عام 1937 م، أُصيب الميرزا عباس رحمه الله في العام 1976 بمرض عضال اضطره للعلاج في مستشفيات بغداد وقد لبّى نداء ربه في عام 1978 م، ودفن في كربلاء المقدسة بجوار جده الشهيد الإمام الحسين عليه السلام في الحسينية التي أسسها هناك الموسومة بحسينية موكب ربيعة. وكان له ديوان خاص يتصل بداره بمحلة(أبو الحسن)، وهي وقف تابع للمسجد.
عمارة مسجد الميرزا: عندما كان الميرزا عباس رحمه الله إماماً ومتولياً للمسجد توجه لعمارته ففي عام 1947 استُبدل سقفه القديم بما يعرف آنذاك بالقوق (الجندل)، عن جذوع النخيل والبواري. أُعيد بناء الجامع (الحرم والمدخل فقط ) في عام 1961 على نفقة الوجيه الحاج محسن أحمد غريب، وبإشراف الميرزا عباس رحمهما الله تعالى، بمادة الطابوق وسُقّف بالكونكريت، وبُنيتْ فوق مدخله منارة بارتفاع 15 متراً تقريباً. وفي العام ذاته أنشأت مكتبة عامة عرفتْ باسم مكتبة الإمام الصادق عليه السلام وقد شيّدتْ المكتبة فوق ملحقات الجامع الصحية (المغاسل والحمامات) سابقاً، وكانت ملتقى طلبة العلم والباحثين، وقد شرع الميرزا عباس -رحمه الله- بإلقاء الدروس الدينية فيها ولا سيما الفقهية وبشكل يومي (صباحاً ومساء). وقبل وفاة الميرزا عباس رحمه الله بعام كلّف ولده العلامة السيّد ميرزا فاضل جمال الدين (1934- 1995م) للقيام بإمامة الجُمُعة في المسجد وابتداء من سنة 1976، وقد التحق السيّد ميرزا فاضل في الحوزات العلمية ينهل من منابعها في كربلاء المقدسة ثم النجف الأشرف منذ عام 1944م، وبقي في الأخيرة قرابة ثمان وعشرين عاماً، عاد إلى البصرة عام 1972م ليواصل المسيرة مع والده بطلب من أهالي البراضعية فاصبح إماماً لجامع البراضعية الكبير يقيم صلاة الجماعة فيه، ويسكن في محلة البراضعية كذلك، وطيلة هذه المدة كان يحضر للصلاة يوم الجُمُعة خلف والده الميرزا عباس لغاية وفاة الأخير. وبقي السيد فاضل في عام 1976 متنقلاً بين مسجد البراضعية إماماً للجماعة فيه طوال الأسبوع، و بين جامع الميرزا يقيم الجُمُعة فيه فقط، وابتداء من عام 1978م أي: بعد وفاة والده الميرزا عباس، قام بوظيفته إماماً للجُمُعة والجماعة راتباً، في المسجد الجامع المعروف بـ (جامع الميرزا) في البصرة، وبعدها استوطن في محلة أبي الحسن (السيمر) في عام 1980، ومارس مهامه الدينية والثقافية في جامع الميرزا لحين وفاته. بقي الميرزا فاضل رحمه الله في عقد الثمانينات في المسجد يؤدي وظيفته في إقامة الصلوات ونشر الوعي الثقافي والعلمي والديني والأنشطة الدينية الأخرى لغاية كانون الثاني 1986، إذ أجبرته الظروف في تلك الفترة على مغادرة البصرة والإقامة في كربلاء المقدسة، أبان التهجير الإجباري في الداخل في أثناء حرب الثمانينات، وفي هذا الوقت تعرّض المسجد للسرقة والنهب ولاسيما الكتب والمخطوطات. عاد السيد إلى البصرة في 1/9/ 1987م فبدأ بتنظيف المسجد وترميمه وإقامة الصلوات والفروض الأخرى فيه، فأُكسيتْ أرضية المسجد بالكاشي المرمر، وتوافرت وسائل التبريد المركزي لحرم المسجد، وبدأ عام 1990 بالتوجيه لجمع التبرعات بحجة ترميم المسجد خشية أمن الدولة التي تمنع ذلك، ولكن حقيقة الأمر هي لتوسعة الجامع وبنائه، ولكنّ الوضع الصحي لم يمهله طويلا لإنجاز مشروع توسعة الجامع وإعادة بنائه، اذ وافته المنية في 25 شباط 1995م، عن عمر يناهز 61 عاماً اثر نوبة قلبية في ليلة رمضانية من ليالي القدر المباركة، وشُيّع ودفن في كربلاء المقدسة بحسب وصيته رحمه الله.
آلتْ تولية مسجد الميرزا وإمامة الجُمُعة والجماعة فيه عام 1995ولغاية اليوم إلى ولده السيّد ميرزا عقيل جمال الدين، وهو الولد الأكبر للسيد الميرزا فاضل رحمه الله، ولد في النجف الأشرف عام 1963، التحق بالحوزة العلمية عام 1995 وبالتحديد بجامعة النجف الدينية في النجف الأشرف التي كان عميدها أية الله السيد العلامة محمد كلانتر- قدس سره-. بدأ السيد عقيل العمل في توسعة المسجد في عام 1996 وبإشراف المرحوم المهندس محمد جواد عبد الرضا التاوري، إذ قام الأول بما توافر لديه من أموال كانت قد جمعت على عهد أبيه -رحمه الله- للغرض نفسه كما أشرنا سالفاً بالمباشرة في عملية تشييد للجامع وتوسعة مساحته بضم المطبخ والحمامات البالغة 250م2 وكان العمل على مراحل: المرحلة الأولى: شراء الدار المحاذية للمسجد من جهة اليمين ومساحتها حوالي 400 م2. المرحلة الثانية: هدم البناء القديم بالتدريج ابتداء من المدخل وفوقه المنارة وملحقات الجامع والمطبخ والحرم وكان ذلك بمساعدة المؤمنين وأصحاب الأيادي الكريمة، وبقي العمل مستمراً لغاية عام 2001 حيث اكتمل المسجد بطابقين تضمن في الطابق الثاني مطبخاً كبيراً لإحياء المناسبات الدينية. وهو الآن بناء شامخ منيف تعلوه قبة خضراء مزخرفة بالكاشي الكربلائي وبمساحة كلية تبلغ 900 م2 بحيث أصبح المسجد يسع قرابة الألف مصلي ولازال يقصده العدد الكبير من المصلين لأداء صلاة الجُمُعة. خَدَمَة المسجد ومؤذنوه: لقد كان في جامع الميرزا كما هي بيوت الله -آفاق روحية تيّسر للإنسان أن يسمو بها وينهل منها، وتجذبه للمكوث فيه، فكان خدمة المسجد من المصلّين فيه كُثر، غير أنّ أبرزهم والراتبين للخدمة فيه هم: الحاج علي الدوغجي، وخادم الجامع ومؤذنه الحاج عبد علي السواد، وابنه الأستاذ حامد، وخادم الجامع ومؤذنه الحاج شهاب أحمد الجزيري أبو كاظم، والمؤذن الحاج فالح أبو حسن، والحاج عبد الكريم، وخادم الجامع الحجي عبود أبو صادق، والحاج محمد علي المولاني، وزاير محمود أبو شاكر، والشهيد الشاب المؤذن علي مكي، وقارئ القرآن والمؤذن الأستاذ حسن الحدّاد، وغيرهم كثير رحمهم الله تعالى. أما أشهر قرّاء التعزية فمنهم:سماحة السيد نور الدين الموسوي الكاظمي، وأخيه سماحة السيد شمس الدين الموسوي الكاظمي، والملا عبود الدوغجي، والملا عبد الهادي الرمضان أبو ملا صالح، والملا محسن يوسف أحمد، ومن الرواديد: الشيخ حسين الرادود، والملا فاضل الرادود، والرادود الملا حمزة الزغير رحمهم الله تعالى.
زوّار مسجد الميرزا: زار المسجد عدداً من الشخصيات العلمائية الدينية و السياسية والأدبية ومنهم: العلامة المرجع الشيخ محمد طاهر آل شبير الخاقاني، والعلامة الشيخ سلمان الخاقاني، والعلامة الشيخ محمد جواد السهلاني، والعلامة الميرزا السيد إبراهيم جمال الدين، ورئيس الوزراء العراقي الأسبق عبد الرحمن البزّاز في حكومة عبد الرحمن عارف، والشاعر الدكتور السيد مصطفى جمال الدين، والأستاذ كاظم خليفة، والأديب محمد جواد جلال، والعلامة الشيخ علي الصغير، والدكتور محمد حسين الصغير، والسيد مسلم الجابري، والشيخ محمد الازيرجاوي، والشاعر كاظم مكي حسن، والصحفي جواد الشيخ حسين، والشاعر محمد مصطفى جمال الدين، والشاعر السيد عبد الأمير جمال الدين، والشيخ عبد الأمير الحسناوي. أنشطة المسجد: تقدّم أنّ صلاة الجُمُعة لم تنقطع في هذا المسجد و تقام فيه كذلك صلاة الجماعة يومياً لفريضتي المغرب والعشاء، وتقرأ ختمة قرآنية بشكل جماعي كل يوم جمعة قبل الصلاة وإحياء ليالي الجُمع بصلاة الجماعة وقراءة القرآن والأدعية والزيارات، وإقامة جميع مناسبات شهري محرم وصفر ووفيات الأئمة المعصومين وولاداتهم عليهم السلام وإنّ مراسيم إحياء عاشوراء الإمام الحسين عليه السلام في المسجد خلال شهر محرم تكون بواقع ثلاثة مجالس للتعزية صباحاً وعصراً وليلا ً، وبعد الظهر في يوم عاشوراء يستقبل سماحة السيد المعزين باستشهاد جده، ويبقى الأول في استقبالهم إلى وقت الغروب. ويشارك الجامع بموكب تعزية في أربعينية الإمام الحسين عليه السلام انطلاقاً من حسينية موكب ربيعة هناك إلى الحرم المقدّس، وكذلك موكب تعزية لأمير المؤمنين عليه السلام في وفاة الرسول صلى الله عليه وآله، واستشهاد أمير المؤمنين عليه السلام وذكرى شهادة الزهراء عليها السلام وانطلاقاً من حسينية موكب ربيعة في النجف الأشرف التي أُسست وأنشأت أخيراً إلى مرقد الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام. ومن فعاليات الجامع الراتبة في شهر رمضان إحياء لياليه بقراءة القرآن والأدعية والتعزية المستمرة طوال الشهر الكريم، ولاسيما إحياء أعمال ليالي القدر. وغيرها من الأنشطة التي تقوم بها اللجنة الثقافية في الجامع، وإقامة الدورات الدينية المتخصصة بتعليم القرآن وإحكام قراءته وللأعمار كافة، وإقامة مراسيم زيارات العتبات المقدسة في العراق وإيران وسوريا وزيارة بيت الله الحرام، لأداء العمرة وزيارة قبر رسولنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم.
جاء في تفسير الميزان للسيد الطباطبائي: قوله تعالى “وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن مَّنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَن يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَىٰ فِي خَرَابِهَا ۚ أُولَـٰئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَن يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَ ۚ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ” ﴿البقرة 114﴾ قوله تعالى: “ومن أظلم ممن منع”، ظاهر السياق أن هؤلاء كفار مكة قبل الهجرة فإن هذه الآيات نزلت في أوائل ورود رسول الله صلى الله عليه واله وسلم المدينة. قوله تعالى: “أولئك ما كان لهم أن يدخلوها إلا خائفين”، يدل على مضي الواقعة وانقضائها لمكان قوله كان، فينطبق على كفار قريش وفعالهم بمكة كما ورد به النقل أن المانعين كفار، مكة كانوا يمنعون المسلمين عن الصلاة في المسجد الحرام والمساجد التي اتخذوها بفناء الكعبة.
جاء في الموسوعة الحرة عن البصرة: دور العبادة: مسجد البصرة القديم: ويسمى بجامع خطوة الإمام علي أو مقام خطوة الإمام علي وهو أول وأهم مسجد في الإسلام خارج مكة والمدينة المنورة شيد في عهد الخليفة عمر بن الخطاب من قبل عتبة بن غزوان والي البصرة. جامع البصرة الكبير: وهو من مساجد العراق الحديثة، تأسس عام 1982م من قبل الدولة العراقية، ويعتبر أحد معالمها الكبيرة. جامع المقام: هو أحد مساجد العراق التاريخية، أسسه وبناه الحاج محمد الششتري، عام 1167 هـ (1754م)، منذ عهد الدولة العثمانية، ويقع في منطقة المقام على ضفة نهر العشار، وتحيط به الشوارع من جميع جهاته. جامع الموسوي الكبير: هو من أكبر مساجد البصرة، وهو من مساجد الشيعة من الطائفة الشيخية التي تتواجد في البصرة. جامع الكواز: هو من مساجد العراق الأثرية التاريخية، يقع في منطقة المشراق في مدينة البصرة، أسسه وبناه الشيخ ساري بن حسن عام 1514م. جامع الكرناوي: وهو أحد مساجد العراق الحديثة تأسس في عام 1964م من قبل عبد الرزاق الكرناوي، ويقع الجامع في منطقة جنينة في وسط مدينة البصرة. جامع الملاك: هو أحد مساجد العراق التاريخية ومن مساجد البصرة القديمة، شيد وتأسس في عام 1868م من قبل الحاج حمود باشا الملاك، ويقع في منطقة العشار. جامع كَردلان: من الجوامع المهمّة والتأريخية في البصرة أُسِّس عام 1906، على يد الشَّيخ حبيب القُرينيّ لكي يكون مركزا للعلوم الإسلامية. جامع الفقير: هو أحد المساجد التاريخيّة المهمة في محافظة البصرة، أسسه وبناه الحاج محمد علي الفقير سنة 1892م. جامع العرب: من مساجد البصرة التراثية القديمة، والتي بناها الأمير العربي مهنا بن رحمة، عام 920 هـ (1514م).
قال الله عز وجل “وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُولَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ” (البقرة 114) قال ابن عباس في رواية عطاء نزلت في مشركي اهل مكة ومنعهم المسلمين من ذكر الله تعالى في المسجد الحرام.
وفق حرية الرأي والنشر يتم نشر هذه المادة والجريدة غير مسؤولة عما ينشر فيها من مواد واخبار ومقالات