السيمر / الأربعاء 16 . 03 . 2016
معمر حبار / الجزائر
عبد الرحمن البدوي
لأول مرة ألتقي بالأستاذ اليمني عبد الرحمن محمد علي المولّد، وأنا أزور المغرب للمرة الثانية، عبر بيت الزميلة الإعلامية بشرى شاكر، والملتقى الدولي حول وسائل الإعلام والعنف، بمنطقة ابن جرير.
أبدي له إعجابي بأهل اليمن جميعا دون استثناء، وبأنهم أصل العرب، وبأن فصاحتهم وبلاغتهم بادية على ألسنتهم وكتاباتهم.
يعجب بما أقول، ويضيف.. من عادة اليمن حين يلمس أن ضيفه لم يحسن إليه، يرسل له رسالة يشرح فيها أسباب تذمره من مايراه سوء ضيافة، فيضطر صاحب البيت إلى أن يعيد الضيافة خاصا به. لكن الضيف لايمكنه أبدا أن يعلن غضبه واعتراضه على الضيافة، مهما أساء صاحب الدار.
الأستاذ عبد الرحمن، رجل هادىء، قليل الكلام، يتحدث عن الشعر والأدب، ويكره الحديث عن السياسة، يعشق الموسيقى العربية الأصيلىة ويطلب من الجميع الإصغاء إليها، بل يرفض الحديث في أمر آخر غيرها، ويفرح كثيرا حين يلمس في محدثه الجزائري نفس الرغبة والإصغاء لكل ماهو عربي أصيل.
يقول لي اليمني.. لو كنت أعرفك من قبل لما غادرت الجزائر، باعتباره زار الجزائر من قبل. ويبدو أنه من سوء حظه، أنه نزل بالجزائر أيام الجلدة المنفوخة، ورأى بأم العين بعض التصرفات الغريبة عن المجتمع الجزائري، واعتبرها من أخطاء المجتمع الجزائري وطبيعته، بينما هي في الحقيقة كانت تعبيرا عن ردة فعل لما تعرض له الجزائري من شتائم وسباب مسّت شهداءه وتاريخه ورموزه ووطنه.
يقول لي.. الصحف عندكم في الجزائر، تسعى لأن يكتب لها الكاتب بالمجان وهذا من غير المعقول، لأن الكاتب يتعب ويرهق نفسه أثناء إعداد المقال، ومن غير المعقول أن يضيّع جهده سدى دون مقابل.
يحدثني عن الجفاء الذي تعرض له وهو يزور العاصمة الجزائرية. أجبته بصدق بأن الجزائر العاصمة تعبّر عن منطقة ضيقة كغيرها من المناطق. والعاصمة تمتاز ..
بالبخل ، وعدم الضيافة، والتباهي المبالغ فيه، وارتفاع السعار، وسوء الخدمات، والتظاهر في غير محله، واحتقار الآخر.
وأنصحه أن يزور المناطق الداخلية والصحراوية، حيث الكرم الحاتمي، والضيافة العربية، والتواضع، والخلق النبيل، والفطرة السليمة، والتلقائية في الاستقبال والضيافة.
أقول له دوما.. سيّدتنا بلقيس عليها وحّدت وبنت، فلماذا أصابكم داء الفرقة وهدم الدار بأيديكم.
أخبره أني كتبت عدة مقالات عن اليمن، لعلّ أشهرها سلسلة “الحرب على اليمن” ، و سلسلة “اليمن البعيد.. متى يكون سعيدا”، تحدثت عبرها عن اليمن الموحد، دون أن أميل لطرف دون الآخر.
حين يكون زميلنا عبد الرحمن اليمني مع زميلنا سامي حسين السعودي، يتحدث الجميع عن الوحدة السعودية اليمنية في أبهى صورها وأنصع أثوابها، فالحلم أحيانا ينسي بعض الجراح.