السيمر / الجمعة 10 . 06 . 2016
في العام 1513م هاجمت أساطيل الغزاة البرتغاليون عدن، وبعد معارك غير متكافئة تم احتلالها، هاجر الكثير من الأهالي؛ وبقي البعض يقاوم بشراسة أوجعت المحتل كثيرًا رغم أنها لم تكن منظمة.. ازدادت ضربات المقاومة فلجأ (البرتغاليون) لخطة مبتكرة لقتلها، حيث جاءوا بشخص مجهول اسمه (عبدالرؤوف أفندي)، وأطلقوا عليه اسمًا ثوريًّا رنانًا هو (ياسين).. لم يكن أحد في عدن كلها يعرف هذا الـ(ياسين)، لكن البرتغاليين دعموه سرًّا بالمال وبعض السلاح لكي يظهر أمام الشعب (الغلبان) بطلاً قوميًّا.. نادى (ياسين) بالجهاد لتحرير عدن فانقادت خلفه الحشود، وبعد عدة معارك -متفق عليها مع الغزاة- شاع ذكره، وأصبح الكل يلقبه بالزعيم! نادت (أوروبا) -كعادتها- بمؤتمر عالمي عاجل من أجل السلام، وطلبت من الزعيم المجاهد (ياسين) الحضور لـ(سلام الشجعان) فقبل! وفي تمثيلية مكشوفة تحدّى (ياسين) أن يحضر (البرتغاليون)! تمنّعت البرتغال في البداية تمنّع الراغب، ثم قبلت وتم كل شيء كما خُطِط َ له، أعلن (ياسين) حكومته المحلية، واعترف بحق البرتغال في عدن! فقسمت عدن إلى قسمين، قسم يحكمه العميل (ياسين)، ويتبعه اللاجئون والفقراء، وقسم آخر يحكمه المحتل البرتغالي، ويمتلك النصيب الأكبر من الأرض والثروة!
هذه القصة قد تكررت كثيرًا في تاريخ المنطقة!! يتغير الزمان والمكان وشخوص القصة، وتبقى الحبكة والحيلة ثابتة لا تتغير، فالفخ هو الفخ، والخيانة هي الخيانة، والنتيجة للأسف هي النتيجة! والمتأمل في وضع العالم العربي اليوم بدواعشه وجراحه الكثيرة يكتشف بكل سهولة وجود أكثر من (ياسين) في ليبيا، والعراق، وسوريا، واليمن… والحبل على الجرّار، تم إنتاجهم وتصنيعهم بنفس الطريقة الاستعمارية القديمة، قد يختلفون في الأسماء لكنهم يتفقون في الهدف، فالكل يعمل على تجزئة المجزّأ، وتقسيم المقسّم، وإسقاط مفهوم الدولة في المنطقة العربية، لصالح دويلات وأقاليم وكيانات هشة تقوم على فكرة التلاعب بحبال الانتماءات المذهبية والطائفية والقبلية، ما جعلنا نترحم على أيام سايكس بيكو.
مقال جميل : الذين لا يقرأون التاريخ محكوم عليهم أن يعيدوه أكثر من مرة.. وأن يلدغوا من ذات الجحر ألف مرة !
منقول..عن كتاب المغالطات ضمن موسوعة التاريخ الاسلامي التي اعدها الشيخ محمود شاكر