متابعة السيمر / السبت 06 . 08 . 2016 — قدمت ريو دي جانيرو حفل افتتاح موسيقي “مضاد للاكتئاب” للألعاب الأولمبية الأولى في أمريكا الجنوبية التي تمتد حتى 21 أغسطس/آب الجاري، الجمعة على ملعبها الأسطوري ماراكانا.
وبرغم ميزانية الحفل المحدودة في بلاد تضربها أزمات متنوعة، بدت مظاهر الفرح على الجماهير والرياضيين في بلد يعيش اسوأ فترة اقتصادية في 80 عاما ويشهد ارتفاع في معدل الجريمة.
رقم قياسي من 11288 رياضيا (6182 لاعبا و5106 لاعبة) يمثلون 207 دولة وبعثة سيتنافسون لأكثر من أسبوعين على 306 ميداليات ذهبية في 28 رياضة أولمبية.
بدأ الحفل بمعزوفات موسيقية، أولها “أكويلي أبراسو” الشهيرة لجيلبرتو جيل أيقونة الموسيقى البرازيلية، يرافقها تقنيات إضاءة وليزر ورقص، على أرض ملعب مهيب شهدت أبوابه اجراءات أمنية مشددة تحت إشراف 10 آلاف شرطي.
https://www.youtube.com/watch?v=jjRgl3UTPnU
وأنشد المغني البرازيلي باولينيو دا فيولا النشيد الوطني البرازيلي من أرض الملعب وهو يعزف على الغيتار ترافقه فرقة موسيقية.
وعلى بعد 1,5 كيلومتر من الملعب طوقت الشرطة مظاهرة من 500 شخص نددت بـ”ألعاب الإقصاء” وبالرئيس الموقت ميشال تامر، وحلقت فوقها مروحية بحسب مراسل فرانس برس. كما احتشد نحو 3 آلاف شخص قرب فندق “بالاس أوتيل” المترف على شاطىء كوباكابانا الشهير حيث يقطن عدد من الرياضيين، ورفعوا لافتات كتب عليها “لا للأولمبياد” محتجين على الوضع المعيشي في ظل ارتفاع مستويات البطالة.
وحضر نحو 37 رئيس دولة، بينهم الفرنسي فرانسوا هولاند والأرجنتين ماوريسيو ماكري ووزير الخارجية الأمريكي دون كيري وأمين عام الأمم المتحدة بان كي مون، حفل الافتتاح مقابل 80 في ألعاب بكين 2008 و70 في لندن 2012.
“ليكن حفل الافتتاح بلسما لاكتئاب البرازيليين”، هذا هو هدف حفل الافتتاح بالنسبة إلى مخرجه البرازيلي فرناندو ميريليش.
أشرف على الحفل ميريليش مخرج أفلام “مدينة الله” و”ذا كونستانت غاردنر” و”بلاندنيس”، بمساعدة سنيمائية أخرى من مواطنيه أندروشا وأدينغتون ودانيالا توماس ودي روزا ماغاليايس، والأخيرتان اختصاصيتان في تنظيم الكرنفالات التي تم الاستلهام منها كثيرا في هذا الحفل.
ولم يحظ مخرجو حفل الافتتاح بالموازنتين الخياليتين لحفلي افتتاح أولمبيادي لندن 2012 (36 مليون يورو) وبكين 2008 (85 مليون يورو)، وقال ميريليش في هذا الصدد: “الزمن الحالي يتطلب خلاف ذلك، تكلفة حفل ريو ستكون أقل 12 مرة من موازنة لندن و20 مرة من موازنة بكين”.
وتحول ملعب ماراكانا الأسطوري، الذي غص بأكثر من 60 ألف متفرج (تمت تغطية المنعطف الشمالي منه لضرورات العرض)، حيث استعرض مئات الممثلين نحو 12 مدرسة لرقص السامبا، في ظل انشراح جماهير وتشجيع كثيف على أنغام الموسيقى المحلية، ومشاهد تضمن أحدها دخول عارضة الأزياء السابقة، الفاتنة جيزيل بوندشن قطعت خلالها الملعب بأكمله على أنغام أغنية “فتاة من ايبانيما” لتوم غوبيم.
وتميز الحفل بلوحات فنية رائعة، وبرحلة عبر أبرز المراحل المميزة في تاريخ البلاد: الاستعمار البرتغالي، والعبودية، وتحليق رائد الطيران ألبرتو سانتوس دومون على متن طائرته 14 مكرر في أوائل القرن العشرين.
وركز الحفل أيضا على مستقبل الكرة الأرضية، مع لوحة حول ظاهرة الاحتباس الحراري تؤكد على الدور الحاسم للبرازيل التي تضم الجزء الأكبر من غابة الأمازون.
وبعد انتهاء العرض الفني بدأ طابور الوفود الـ207 المشاركة بالدخول بدءا من الوفد اليوناني مضيف الألعاب الحديثة الأولى عام 1896.
ومن بين الوفود بعثة لفريق اللاجئين تضم سباحين سوريين وبعثة للكويت دخلت تحت العلم الأولمبي في ظل إيقافها دوليا تحت حجة تعارض قوانينها مع الميثاق الأولمبي.
وحيت الجماهير البرازيلية الوفود المشاركة خصوصا البرتغالية، فيما دخلت الأرجنتين والأوروغواي على وقع صافرات الاستهجان. ولاقت الوفود الأخرى اهتمامات متفاوتة، وبرز حامل علم تونغا الذي دخل عاريا في جسمه العلوي ومرتديا تنورة. كما دخلت بعثة روسيا التي تأكد الجمعة مشاركة 276 من رياضييها بعد مد وجزر إثر فضيحة تنشط منظم.
باخ يرحب وتامر يفتتح
وبعد كلمة لرئيس اللجنة المنظمة كارلوس نوزمان رحب بها بزائري المدينة، نالت صافرات الاستهجان لدى ذكر الحكومة، قال الألماني توماس باخ رئيس اللجنة الأولمبية الدولية: “هذه لحظة المدينة الرائعة.. لقد حققتم في 7 سنوات فقط ما كان تحلم به أجيال سابقة قبلكم. لقد حولتم ريو الجميلة إلى مدينة حديثة وأصبحت أجمل بفضلكم. إعجابنا أكبر لأنكم تمكنتم من ذلك في وقت صعب في تاريخ البرازيل. لقد آمنا بكم دوما.. شغفكم بالرياضة وحبكم للحياة مصدر إلهام لنا. فلنحتفل سويا بالألعاب الأولمبية في هذا البلد الكبير، البرازيل”.
ورحب باخ بفريق اللاجئين: “نعيش في عالم تسيطر عليه الأنانية، ويدعي البعض التفوق على الآخرين. هذه إجابتنا الأولمبية: في روح التضامن الأولمبي ومع فائق الاحترام، نرحب بفريق اللاجئين الأولمبي. أعزائي رياضيي فريق اللاجئين: أنتم تبعثون برسالة أمل لملايين اللاجئين حول العالم. اضطررتم للسفر من بلادكم بسبب العنف، الجوع، أو لأنكم فقط مختلفون. الآن ومع موهبتكم الرائعة وروحكم الإنسانية تساهمون بشكل كبير في المجتمع”.
وأعلن باخ عن جائزة لتكريم شخصيات بارزة تضع الرياضة في خدمة الإنسانية، منحها لرئيس اللجنة الأولمبية كيبتشوغ كينو “تكريما لإنجازاته البارزة في مجال التعليم، الثقافة، التنمية والسلام عبر الرياضة، من خلال الروح الأولمبية الحقيقية”.
وقال العداء السابق كينو (76 عاما)، حامل ذهبيتي 1500 م في ألعاب مكسيكو 1968 و3 آلاف م موانع في ميونيخ 1972، كلمة تأثر في نهايتها.
وفي ظل غياب ديلما روسيف التي أقصيت عن الرئاسة في البرازيل لاتهامها بالتلاعب بالمال العام، وسلفها إيناسيو لولا دا سيلفا مقاطعين الحفل، افتتح الدورة الـ31 من الألعاب الرئيس بالوكالة ميشال تامر والنائب السابق لروسيف التي تتهمه بالتخطيط لانقلاب برلماني، وسط صافرات استهجان الجماهير.
وكانت روسيف التي أقصيت عن السلطة موقتا في 12 مايو/أيار بقرار من مجلس الشيوخ بانتظار حكم نهائي بشأن إجراءات إقالتها بتهمة التلاعب بحسابات عامة في نهاية أغسطس/آب، صرحت في مقابلة إذاعية الاثنين أنها ترفض أن تكون “في الصف الثاني” في حفل افتتاح الأولمبياد.
كورديرو دا ليما يوقد الشعلة
وبعد قسم اللاعبين الذي تلاه البحار أوسكار شيدت ثم قسم الحكام لمارتينيو نوبري وقسم المدربين لأدريانا سانتوس، أوقد بعد فاصل غنائي حماسي العداء السابق فاندرلي كورديرو دا ليما شعلة الألعاب التي ستستمر مضاءة حتى 21 الجاري قبل تسليمها إلى طوكيو التي تستضيف نسخة 2020.
وسلم بطل كرة المضرب السابق غوستافو كويرتن عبر بطلة العالم السابقة في كرة المضرب أورتنسيا ماركاري الشعلة إلى فاندرلي كورديرو دا ليما حامل برونزية الماراثون في ألعاب أثينا 2004.
وكان متوقعا أن يوقد الشعلة أسطورة كرة القدم بيليه لكنه اعتذر بسبب حالته الصحية المتردية، وذلك على الرغم من الدعوة التي وجهت له في هذا الصدد.
وقال بيليه (75 عاما) في بيان نشرته وسائل الاعلام قبل ساعات قليلة من انطلاق الحفل: “في الوقت الحالي، لا أتمتع بالظروف الصحية للمشاركة في حفل افتتاح الأولمبياد”.
المصدر: أ ف ب