فيينا / الأربعاء 21. 08 . 2024
وكالة السيمر الاخبارية
د. فاضل حسن شريف
أفضل البر زيارة أبي عبد الله الحسين عليه السلام والمسير اليه جماعة مع ملايين من محبيه جاءوا من أطار الدنيا للحصول على شفاعته وقت الورود. جاء في التفسير المبين للشيخ محمد جواد مغنية: قوله عز شأنه عن البر “لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَٰكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَىٰ حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا ۖ وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ ۗ أُولَٰئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا ۖ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ” ﴿البقرة 177﴾ وأشار تعالى إلى الركن العبادي للبر بقوله: “وأَقامَ الصَّلاةَ وآتَى الزَّكاةَ”. والصلاة تزكية للنفس، والصوم تزكية للبدن، والزكاة تزكية للمال. وأشار إلى الركن الأخلاقي بقوله سبحانه: “والْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذا عاهَدُوا”. والعهد الذي يجب الوفاء به على قسمين: الأول ما يكون بين العبد وربه، مثل اليمين والنذر والعهد بالشروط المذكورة في كتب الفقه، وفصلنا ذلك في الجزء الخامس من كتاب (فقه الإمام جعفر الصادق). النوع الثاني من العهد الذي يجب الوفاء به المعاملات التي تجري بين الناس، كالبيع والإجارة والدين، وما إلى ذلك. والمؤمن البار يفي بجميع التزاماته، حتى ولولم يكن عليه اثباتات وسندات ترغمه على الوفاء وأداء الحق.. أما الوعد فلا يجب الوفاء به شرعا، بل يستحب عند الفقهاء. ومن الأخلاق الحميدة التي هي من أركان البر الصبر في الشدائد المشار إليه بقوله تعالى: “والصَّابِرِينَ فِي الْبَأْساءِ والضَّرَّاءِ وحِينَ الْبَأْسِ”. والبأساء الفقر، والضراء المرض، وما إليه، وحين البأس شدة الحرب، وليس القصد من الصبر على الفقر والمرض الرضا بهما.. كلا، فان الإسلام قد أوجب السعي جهد المستطاع للتخلص من الفقر والمرض والجهل، ومن كل ما يعوق الحياة عن التقدم، وانما القصد ان لا ينهار الإنسان أمام الشدائد، وان يتماسك ويتمالك ويعمل بروية وثبات للتخلص مما ألمّ به من النوازل. وقال بعض المفسرين: انما خص اللَّه هذه الثلاث بالذكر، مع ان الصبر محمود في جميع الأحوال، لأن هذه الثلاث أشد البلاءات جميعا، فمن صبر فيها كان في غيرها أصبر. “أُولئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وأُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ”. أولئك إشارة إلى الذين استجمعوا كل هذه الخصال من أصول العقيدة، وبذل المال وتأدية العبادة للَّه، والأخلاق الحميدة، وانهم الصادقون في ايمانهم، المتقون بأفعالهم لغضب اللَّه وعذابه، أما الذين يقولون بأفواههم آمنّا، ولا ينفقون ما يحبون، ويفون بما يلتزمون، ويصبرون في الشدائد، أما هؤلاء فهم أبعد الناس عن البر وأهله. البارّ في مفهوم القرآن: تعرضت هذه الآية لخمسة أمور: أولها أصول العقيدة، وثانيها التكاليف المالية، وثالثها العبادة، ورابعها الوفاء بالعهد، وخامسها الصبر في الشدائد، والأخيران من شؤون الأخلاق. وبديهة ان العبادة كالصلاة والصوم أثر من آثار الايمان باللَّه، وعلامة من علاماته التي لا تنفك عنه، لأن من لا يعترف بوجود اللَّه لا يتعبد له. أما بذل المال والوفاء بالعهد والصبر في الشدائد فتكون من المؤمن والجاحد، فان أكثر المؤمنين باللَّه أو الكثير منهم يقولون ما لا يفعلون، ويبخلون بالقليل، حتى على أنفسهم، وينهارون جزعا أمام كل فاجعة ونازلة.. وقد يضحي الجاحد بالغالي والثمين في سبيل العدالة والانسانية، ويثبت في الشدائد، ويصدق في جميع أقواله وأفعاله.. إذن، لا تلازم بحسب الظاهر بين الايمان والخلق الحميد، ولا بين الكفر والخلق الذميم أما في الواقع فلا ايمان بلا تقوى. ولكن هذه الآية: “لَيْسَ الْبِرَّ” الخ. قد اعتبرت الإيمان والأخلاق الحميدة. كلا لا يتجزأ، ووحدة لا تنفصم بالنسبة إلى البر والخير، فلا الايمان باللَّه وحده يجعل الإنسان من الأبرار، ولا الأخلاق من غير ايمان تجعله كذلك، بل لا بد من الايمان والأخلاق والتعبد للَّه.. وعليه فالبارّ في مفهوم القرآن هو المؤمن المتعبد الوفي الكريم الصابر.
ان الامام الحسين عليه السلام على حبه تعشق النفوس لزيارة مرقده الشريف ومسير المسافات شوقا للوصول الى كعبة الاحرار كربلاء المقدسة. جاء في تفسير الميسر: قوله تعلى عن حب وأحببت “فَقَالَ إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَن ذِكْرِ رَبِّي حَتَّىٰ تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ” ﴿ص 32﴾ أَحْبَبْتُ: أَحْبَبْ فعل، تُ ضمير، حب اسم، أْحَبْبُت ُحَّب الخَيرِك آثر حب الخيل واستعراضها للجهاد بأمر من الله. فقال: إنني آثرت حب المال عن ذكر ربي حتى غابت الشمس عن عينيه، رُدُّوا عليَّ الخيل التي عُرضت من قبل، فشرع يمسح سوقها وأعناقها. قوله سبحانه “زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ۗ ذَٰلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَاللَّهُ عِندَهُ حُسْنُ الْمَآبِ” ﴿آل عمران 14﴾ حب اسم، حب الشهوات: المشتهيات بالطبع. حُسِّن للناس حبُّ الشهوات من النساء والبنين، والأموال الكثيرة من الذهب والفضة، والخيل الحسان، والأنعام من الإبل والبقر والغنم، والأرض المتَّخَذة للغراس والزراعة. ذلك زهرة الحياة الدنيا وزينتها الفانية. والله عنده حسن المرجع والثواب، وهو الجنَّة. قوله عز وجل عن حبا “وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللَّهِ أَندَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ ۖ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِّلَّهِ ۗ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ ﴿البقرة 165﴾ كَحُبِّ: كَ حرف جر، حُبِّ اسم. ومع هذه البراهين القاطعة يتخذ فريق من الناس من دون الله أصنامًا وأوثانًا وأولياء يجعلونهم نظراء لله تعالى، ويعطونهم من المحبة والتعظيم والطاعة، ما لا يليق إلا بالله وحده. والمؤمنون أعظم حبا لله من حب هؤلاء الكفار لله ولآلهتهم؛ لأن المؤمنين أخلصوا المحبة كلها لله، وأولئك أشركوا في المحبة. ولو يعلم الذين ظلموا أنفسهم بالشرك في الحياة الدنيا، حين يشاهدون عذاب الآخرة، أن الله هو المتفرد بالقوة جميعًا، وأن الله شديد العذاب، لما اتخذوا من دون الله آلهة يعبدونهم من دونه، ويتقربون بهم إليه.
عن الموسوعة الحرة الأربعين: الأربعين أو الأربعينية أو أربعينية الحسين هو اليوم العشرون من شهر صفر والذي يوافق مرور 40 يومًا على مقتل الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب في معركة كربلاء على يد جيش عبيد الله بن زياد. يُحزن به في العالم في كل عام عند الشيعة لإحياء ذكرى الحسين وأهل بيته وأصحابه. وبحسب بعض الروايات فقد قامت زينب بنت علي وعلي بن الحسين السجاد وبرفقة الأيتام وأطفال الحسين بالسفر إلى أرض كربلاء لزيارة قبر الحسين في 20 صفر 61 هـ ويعتبر من أهم المناسبات عند الشيعة حيث تخرج مواكب العزاء في مثل هذا اليوم ويتوافد مئات الآلاف من الشيعة من كافة أنحاء العالم إلى أرض كربلاء لزيارة قبر الحسين. ويقوم الملايين من الزوار بالحضور إلى كربلاء مشياً على الأقدام بأطفالهم وشيوخهم من مدن العراق البعيدة حاملين الرايات تعبيراً عن النُصرة انظر الصور إذ يقطع بعضهم ما يزيد على 500 كيلومتر مشياً ويقوم أهالي المدن والقرى المحاذية لطريق الزائرين بنصب سرادقات (خيام كبيرة) أو يفتحون بيوتهم لاستراحة الزوّار وإطعامهم معتبرين ذلك تقرباً إلى الله وتبركاً وقد ورد عن بعض أئمة الشيعة قوله أن علامات المؤمن خمسة: التختم باليمين، وتعفير الجبين، وصلوات إحدى وخمسين، وزيارة الأربعين، والجهر ببسم الله الرحمن الرحيم وتقول الروايات أن أول من زار الحسين في يوم الأربعين كان الصحابي جابر بن عبد الله الأنصاري إذ صادف وصوله من المدينة المنورة إلى كربلاء في ذلك اليوم وهو يوم وصول ركب حرم الحسين (نسائه وأيتامه) برفقة الإمام علي بن الحسين زين العابدين (السجاد) وعمته زينب، فالتقوا هناك ونصبوا مناحة عظيمة أصبحت إحياء ذكراها من السنن المستحبة المؤكدة عند أتباع أهل البيت، وتسمى هذه الذكرى محلياً في العراق بزيارة مردّ الرؤوس (أي رجوع أو عودة الرؤوس) لأن رؤوس الحسين وبعض من قُتل معه من اصحابه وأهل بيته أُعيدت لدفنها مع الأجساد بعد أن أخذها جيش بني أمية إلى يزيد وطافوا بها تباهياً بالنصر.
عن موقع بي بي نيوز عربي ماهي زيارة الأربعين التي يشارك فيها الملايين كل عام؟ للكاتب إبراهيم شمص بتأريخ 5 سبتمبر/ أيلول 2023: طرق متعدّدة ومسافات طويلة: يسير الزوار لمسافات طويلة، عبر مسارات متعدّدة، وصولاً إلى مرقدي الحسين بن علي وأخيه العباس في مدينة كربلاء يوم الأربعين. وإضافة إلى الحسين والعباس، هناك خمسة أضرحة لأئمة أهل البيت في العراق موزعة في النجف وسامراء والكاظمية. ومن أبرز الطرق التي يسلكها الزوار، طريق النجف – كربلاء، وتبلغ مسافته ثمانين كيلومتراً. ولمساعدة الزوار في تحديد المسافة، نصب على طول الطريق 1452 عموداً، يفصل بين كل واحد منها، 50 متراً. يحتاج عبور هذه الطريق إلى ثلاثة أيام تقريباً من المشي المتواصل. ويستطيع من يصعب عليه إكمال الطريق سيراً على الأقدام الاستعانة بوسائل النقل. وهناك مجموعات تبدأ السير قبل أسابيع من حلول الذكرى، من منطقة رأس البيشة في شبه جزيرة الفاو في محافظة البصرة جنوب العراق، إلى كربلاء وسط البلاد، وهي طريق تبلغ مسافتها أكثر من ستمائة كيلومتر. كما يسير زائرون من العاصمة بغداد ومدينتي الحلة والكوفة، بينما يعبر آخرون من جنسيات مختلفة الحدود البرية الإيرانية – العراقية ويتوجهون إلى كربلاء. “شيء غريب”: تشارك فاطمة سماحة للمرة الثالثة في زيارة الأربعين، وتحدثت لبي بي سي نيوز عربي عن سبب عودتها المتكررة لأداء تلك الشعائر. “الناس هنا سواسية”، من مختلف الجنسيات والأعراق والطبقات الاجتماعية، كما تقول. على طول طريق المشي بين مدينتي النجف وكربلاء، تنتشر المضائف، وهي منشآت بناها أصحابها من أجل استقبال الزوار، فيقدّمون لهم الطعام والمنامة مجاناً. يفتح العراقيون بيوتهم لزوار الأربعين. وعلى طول الطريق، يقف أهل المنطقة من مختلف الأعمار، وهو يحملون في أيديهم أطعمة ومشروبات يقدّمونها للزوار. ومن أبرز هذه الأطعمة طبق “القيمة”، وهو عبارة عن خليط من اللحم والحمص والبصل ومعجون الطماطم، إضافة إلى البهارات. كذلك يقدّم بعض أهالي المنطقة خدمات بسيطة كغسل رؤوس الزوار للتخفيف من درجة حرارة الشمس التي تتجاوز الأربعين درجة مئوية أحياناً.