فيينا / السبت 23 . 11 . 2024
وكالة السيمر الاخبارية
د. فاضل حسن شريف
عن تفسير الجلالين لجلال الدين السيوطي: قوله تعالى “يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاءُ ” وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا ” وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ” (القرة 269) “يؤتي الحكمة” أي العلم النافع المؤدي إلى العمل “من يشاء ومن يُؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا” لمصيره إلى السعادة الأبدية، “وما يذَّكَّر” فيه إدغام التاء في الأصل في الذال يتعظ “إلا أولوا الألباب” أصحاب العقول.
وعن التفسير المبين للشيخ محمد جواد مغنية: قوله تعالى “يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاءُ ۚ وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا ۗ وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ” (القرة 269) تطلق الحكمة على معان: منها المصلحة، كقولك: الحكمة من هذا الشيء كذا. ومنها الموعظة، مثل الحكمة ضالة المؤمن، ومنها العلم والفهم، ومنه قوله تعالى: “ولَقَدْ آتَيْنا لُقْمانَ الْحِكْمَةَ”. ومنها النبوة، كقوله: وآتيناه الحكمة وفصل الخطاب. وتطلق الحكمة على الفلسفة. وقال قائل: الحكمة هي علم الفقه. وقال آخر: هي جميع العلوم الدينية. وقال ثالث: هي طاعة اللَّه فقط. ومهما قيل أو يقال فان الحكمة لا تخرج أبدا عن معنى السداد والصواب، ووضع الشيء في موضعه قولا وعملا، فالحكيم هو الذي يحكم الشيء، ويأتي به على مقتضى العقل والواقع، لا حسب الميول والرغبات، ولا يستعجله قبل أوانه، أو يمسك عنه في زمانه، أو ينحرف به عن حدوده وقيوده. وعلى هذا فالحكمة لا تختص بالأنبياء والأولياء، ولا بالفلاسفة والعلماء، فكل من اتقن عملا وأحكمه فهو حكيم فيه، سواء أكان فلاحا، أو صانعا، أو تاجرا، أو موظفا، أو واعظا، أو أديبا، أو خطيبا، أوحاكما، أو جنديا، أو غيره.. فالشرط الأول والأخير للحكمة والحكيم أن يحقق العمل الغرض المطلوب منه عقلا وشرعا، دنيا ودينا. وليس من شك ان من كانت الحكمة رائده ومرشده كان سعيدا في الدارين، قال الإمام جعفر الصادق عليه السلام: (ما أنعم اللَّه على عبد بنعمة أعظم وأرفع وأجزل وأبهى من الحكمة، قال تعالى “ومَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً وما يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُوا الأَلْبابِ”. أي لا يعلم أحد ما أودع اللَّه في الحكمة من الأسرار إلا من استخلصه لنفسه، فالحكمة هي النجاة، وصفة الثبات عند أوائل الأمور، والوقوف عند عواقبها). وتجمل الإشارة هنا إلى الفرق بين العلم والحكمة. فالعلم يقيس الكميات، ويتعرف على العلاقات التي تربط هذه الكميات بعضها ببعض، ويكتشف القوانين التي تجمعها في شمل واحد، والأثر الذي يترتب عليها من خير أوشر. أما الحكمة فإنها تأمر باتباع العقل السليم، والدين القويم، واستعمال الشيء فيما وضع له، وخلق من أجله – مثلا – العلم يفتت الذرة، ويوجد السفن الفضائية، ولكنه لا ينظر إلى الهدف الذي يرمي إليه العالم خيرا كان أوشرا، ولا ينهاه عن هذا، ويأمره بذاك، أما الحكمة فلا يعنيها من تفتيت الذرة، واختراع السفن كثير ولا قليل، وانما تنظر إلى ما تستعمل فيه الذرة وسفن الفضاء، وتوجه الإنسان إلى أن يبتغي بهما خير الإنسانية وهناءها، لا شرها وشقاءها.
وعن موسوعة الوافر: ما الفرق بين الجناس والطباق والسجع؟ السجع هو توافق الحرف الأخير من الكلمتين في النثر في الحروف مثل اللهم أعط ممسكا تلفا وأعط منفقا خلفا. الجناس هو التشابه بين الكلمتين في اللفظ واختلافهما في المعنى مثل صليت المغرب في المغرب. يُطلق على الطباق كلمة التّضاد، وهو عكس معنى الترادف، لأنّه يُعنى بين الكلمة وعكسها في الجملة، ويُمكن لهذا الطباق أن يكون بين اسمين أو فعلين أو حرفين، كما ينقسم الطباق إلى طباق سلب وإيجاب، وفيما يلي أمثلة على الطباق وأقسامه: إذا نحن سرنا بين شرق ومغرب. هل الجناس من علم البديع؟ قسّم علم البديع إلى: الفصاحة اللفظية والفصاحة المعنوية، حيث ساق عشرين محسّناً لفظياً منها الجناس، والترصيع، والتوشيح، والإلغاز، والطباق مع أنه من المحسنات المعنوية لا اللفظية. أما في الفصاحة المعنوية فقد أورد خمسة وثلاثين محسناً معنوياً منها التشبيه، والسرقات الشعرية مستوحياً ما قاله فيها من كلام ابن الأثير. وجاء في جامع الكتب الإسلامية: هناك أنواع أخرى للجناس، منها ما أطلقوا عليه جناس التصحيف، وضابطه: أن يتماثل طرفاه خطًّا ويختلفَا نطقًا ونقطًا، ومثلوا له من القرآن بقول الله تعالى حكايةً عن إبراهيم عليه السلام: “وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ * وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ” (الشعراء 79-80) فالجناس بين “وَيَسْقِينِ” و “يَشْفِينِ” والطرفان فيه متماثلان في الخط، فلو أزلتَ النقط التي على حروفهما حدث بينهما تماثل تام، والاختلاف في النقط تابعاه اختلاف في النطق كما ترى. ومن ذلك: قوله صلى الله عليه وسلم لعلي بن أبي طالب: (قَصِّر ثوبك، فإنه أتقى وأنقَى وأبقى) ومنه دعاؤه صلى الله عليه وسلم: (اللهم إني أسألك الهدى والتقى، والعفاف والغنى). وكذا ما يسمى بالجناس اللفظي أو جناس الاشتقاق، فهذه الصورة وإن اشتبهت بالجناس لفظًا فقد فارقته معنًى، لعدم التفاوت في معانيها، مثال ذلك: قول الله تعالى: “فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ الْقَيِّمِ” (الروم 43) فأنت تلحظ اتفاقًا بين: “أَقِمْ” و “الْقَيِّمِ” وهذا الاتفاق جعل هذه السورةَ كأنها جناس، ولكن لما كان المعنى واحدًا للكلمتين زال معنى الجناس عنهما.
جاء في موقع أون لاين عن الجناس التام في القرآن الكريم للكاتب محمد أحمد الغمراوي: وحتى مع هذا الشرط فإن في القرآن الكريم من الجناس التام أمثلة فوق الذي ذكروا لا يدرى كيف خفي عليهم مكانها. وهم من هم في الدقة والتنقيب وتمام العناية بالقرآن. وهم يقسمون الجناس التام قسمين، فما كان بين لفظين من نوع واحد كأن يكونا اسمين أو فعلين سموه متماثلاً، وإلا فهو مستوفي. ولكل أمثلة في القرآن الكريم. فمن أظهر أمثلة المستوفي مثلان: الأول في قوله تعالى لأسرى بدر من سورة الأنفال: (إن يعلم الله في قلوبكم خيراً يؤتكم خيراً مما أخذ منكم) فإن خيراً الأولى اسم، وخيراً الثانية أفعل تفضيل. أما المثل الثاني ففي قوله تعالى من سورة المؤمنون بعد أن نفى أن يكون معه سبحانه إله غيره: (إذن لذهب كل إله بما خلق ولعلا بعضهم على بعض) فإن الجناس بين الفعل علا والحرف على تام ظاهر لا ينقص منه دخول لام التوكيد على الفعل قياساً على دخول فاء العطف وأداة التعريف على أحد ركني الجناسين دون الآخر في بعض الأمثلة المشهورة في علم البديع. أما المتماثل منه فأمثلته في القرآن الكريم متعددة، نذكر الآن منها عدداً ليرى القارئ البصير فيها رأيه. وما نظنه يخالفنا فيها كلها إن خالفنا في بعضها. فمن ذلك قوله تعالى في سورة الأنفال (وما رميت إذ رميت إنما الله رمى) فإن رميت الأولى المنفية لا يمكن أن تكون بمعنى رميت الثانية المثبتة، وإلا كان ذلك من التناقض المستحيل على القرآن. فلابد أن تكون الأولى بمعنى أصبت وتكون الثانية على ظاهرها بمعنى رميت، إشارة إلى قذف النبي صلى الله عليه وآله وسلم الحصى أو التراب في وجوه المشركين في غزوة بدر وما كان من انهزامهم عقب ذلك.فالرمي بمعنى القذف هو من النبي، والرمي بمعنى إصابة أعين المشركين حتى انهزموا هو من الله سبحانه. فاللفظ واحد والمعنى جد مختلف. وفي الحق أن هذا المثال يفتح باباً واسعاً للجناس التام في القرآن هو باب الآيات التي ينسب فيها نفس الفعل أو الشيء إلى الخالق سبحانه وإلى المخلوق في وقت واحد، إذ من الواضح أن المعنى لا يمكن أن يكون واحداً في الحالين وإن اتحد اللفظ؛ كما في قوله تعالى حكاية لقول سيدنا عيسى يوم القيامة تبرؤا من أن يكون دعا الناس إلى عبادة نفسه وعبادة أمه من سورة المائدة (إن كنت قلته فقد علمته، تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك) فإن (نفس) هنا في تكرارها ذات معنى يختلف في الموضعين اختلافاً كلياً حسب نسبتها إلى عيسى أو نسبتها إلى الله سبحانه. وإن جاز أن يكون اختلاف الضمير المتصل مخرجاً لهذا المثل عن تمام الجناس في منطق اللفظين. وإذا عدنا إلى الأمثلة المألوفة وجدنا مثالا آخر في أول سورة الرحمن في قوله تعالى: (والسماء رفعها ووضع الميزان، ألا تطغوا في الميزان، وأقيموا الوزن بالقسط ولا تخسروا الميزان) وعجيب أن يكون مثل الزمخشري وقد فهم لفظ الميزان بمعنى واحد في المواطن الثلاثة وإن توسع فيه فجعله يشمل كل معيار في الكيل والوزن وغيرهما. ولكن القاموس يذكر من معاني الميزان العدل. وغلى هذا ذهب عدد من المفسرين في الموطن الأول ففسروا (ووضع الميزان) بمعنى (وشرع العدل) كما في روح المعاني للألوسي والتفسير المحيط لأبي حيان. وهذا يجعل الآيات الكريمة من الأمثلة الفريدة لتمام الجناس حتى لو اتخذ معنى الميزان في الموطنين الآخرين: لكن الأقرب الأصوب أن يختلف معناه في الآيات الثلاث، فيكون في الآية الأولى بمعنى الشرع الذي توزن به الأعمال والأحكام في الجماعات، ويشهد لهذا آية سورة الحديد: (لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط) إذ من الواضح أن الميزان هنا لا يمكن أن يكون الآلة المعروفة بدليل (أنزلنا)، ودليل العطف على الكتاب، ودليل الإطلاق في قيام الناس بالقسط. هذا في الآية الأولى. أما في آية الرحمن الثانية فيكون الميزان على هذا مصدراً ميمياً بمعنى الوزن أي التقدير والحكم. وفي القاموس من بين معاني الميزان أنه المقدار، ومن بين معاني المقدار أنه القدر بمعنى القضاء والحكم. ويكون بمعنى الآية الكريمة على هذا (ألا تطغوا في القضاء والحكم) أما الميزان في الآية الثالثة فبالمعنى المعروف. والنهي عن إخسار الميزان نهي عن الطغيان فيه؛ لأن التعامل بالميزان عملية ذات طرفين إذا جونب القسط فيها كان ذلك طغيانا أو إخساراً حسب الطرف المنظور إليه. هذا هو الوجه في فهم تلك الآيات الكريمة وتفسيرها تفسيراً يتفق مع الإحكام الذي وصف الله به آيات كتابه العزيز في أول سورة هود.
وفق حرية الرأي والنشر يتم نشر هذه المادة والجريدة غير مسؤولة عما ينشر فيها من مواد واخبار ومقالات