المركز الخبري لجريدة السيمر الإخبارية — رصدت المعارضة السعودية ممثلةً بـ”الحركة الإسلامية للإصلاح” جذور أزمات الحج وأسبابها الهيكلية والبنيوية والفكرية والإدارية لدى السلطات السعودية، وقدمت برنامجًا بديلًا وشاملًا للعلاج الناجع والوقائي والدائم بحسب طرحها بشكل مقارن.
وفي تقرير لها، قارنت الحركة بين الصورة التي قُدمت عن الحج من قبل إعلام آل سعود، وبين حقيقة الوضع من وجهة نظرها لما يجري ترويجه، وقالت مستهزئة إن “الحكومة السعودية حققت بالفعل إنجاز بأفضل الصور وحاز على إعجاب الداخل والخارج، من كل النواحي: الإقامة، النقل، النظافة، الصحة، المياه، التموينات .. الخ، كما أن الحكومة رائدة في ميدان التحكم بالجموع البشرية، وأن الحوادث التي تحصل هي مجرد “قضاء وقدر” وسببها هو “تخلف الحجاج وقلة وعيهم””.
وأضافت الحركة ان “سياسة السلطات مع كوارث الحج تمثلت بعدم الاعتراف بها إلا بعد تسرب خبرها للصحافة، وعدم الاعتراف بحجمها والكذب في تقليل العدد، ولوم الحجاج وجهلهم ولوم القضاء والقدر، فضلا عن زعمها التحقيق بالحادث عبر لجنة خاصة، وعدم نشر نتائج التحقيق المزعوم في أي من الكوارث”.
ورأت الحركة ان “الصورة الحقيقية تظهر الإنجاز الكارثي في كل الخدمات والأهداف”، مضيفة ان “المنظمين لمراسم الحج يقدمون الخدمات لضيوف النظام وجهاته الإعلامية، ويهملون واجباتهم الاساسية في التخطيط لهذا الموسم كونه اجتماعا متعدد المهمات”، بحسب رؤيتها للتقييم والعلاج.
واستشهدت الحركة في تقريرها بـ”أن المدن الكبرى في العالم يدخل ويخرج منها أكثر من أربعة ملايين يوميًا مثلا في مباريات كرة القدم؛ كذلك في الهند حيث يجتمع ثلاثون مليون هندوسيا عند نهر الجانجي ويؤدون طقوسهم دون حصول مشاكل، إلا مرة واحدة فقط خلال عشرات السنين، وفي بنغلادش يجتمع الملايين من أعضاء جماعة “التبليغ” بكل يسر وبلا مشاكل وفي منطقة أصغر من منطقة “منى”، مع أن بنغلاديش تعد من أفقر دول العالم”.
وانتقدت حركة الإصلاح، أولويات الحكم السعودي في إدارة مراسم الحج، مشيرة إلى أنه “ينصَب على الاهتمام بضيوف الدولة الخاصين، وتأمين الأمن السياسي على حساب الأمن الجنائي، بالإضافة إلى التعامل مع الحجاج كحيوانات تورطت السلطات بهم”، مضيفة ان النظام السعودي امن “ضمان المدح والثناء في الإعلام المحلي والعالمي، وضمان التستر على سوء الخدمات والأوضاع، فضلا عن إقفال الباب أمام أي نشاط خارج عن الشعائر، وسرقة تكاليف المشاريع والخدمات”.
ووجهت الحركة انتقاداتها لمفهوم آل سعود لإدارة الحج، حيث قالت إن “الحج ملف أمني إعلامي وانعكس هذا على إدارته من خلال استلام وزير الداخلية محمد نايف له لسنوات طويلة، كذلك يتم اختيار المسؤولين عن الحج على أساس تحقيق الهدفين المذكورين وليس الأمانة والقدرة، أما الميزانية ترصد لتحقيق أهداف الدولة وتأمين السرقات وليس خدمة الحجاج، وإدارة الحج تحاسب على تحقيق أهداف الدولة وليس أهداف الحج المشروعة وخدمة الحجاج”.
واشارت إلى أن “قضية عدد الحجاج الضحايا تعد اختراعا استخباراتيا لحل المشكلة مع إيران بعد المواجهة الأولى في الثمانينات، أما الحقيقة فهي ان الطاقة الاستيعابية الحقيقية للحج تزيد عن خمسة ملايين”.
وكشفت حركة الإصلاح، عن “عدم وجود نظام يحمي حقوق الحجاج في الإقامة، وعدم وجود خرائط أو أدلة لمكة وجدة والمدينة، بالإضافة إلى عدم وجود نظام نقل بين المدن غير السيارات الخاصة، وعدم وجود نظام لمنع التسرب سوى التفتيش، وعدم وجود نظام يمنع الحجاج من الضياع”.
في المقابل، قدمت حركة الإصلاح، برنامجا لإدارة شؤون الحج تقوم على مفاهيم بديلة في التعامل مع الحجيج أهمها “إدراك مفهوم الحج بمعناه الشامل والعميق”، وذلك عبر فهم ما جاء عنه في القرآن الكريم والسنة النبوية، ومن ثم “صياغة الأهداف الإدارية”، التي يجب أن تحققها أي خطة باستحضار هذه الأهداف الشرعية بعد تحويلها إلى أهداف قابلة للقياس، كما أكدت الحركة انه على فريضة الحج أن تتجاوز مفهوم أداء النسك إلى “مفهوم الاجتماع الإسلامي الكبير الذي ينتفع منه المسلمون”.
وطالبت الحركة باعتماد مفهوم التخطيط الشامل والاستراتيجي في كل جوانب التعامل مع الحج، بالنظر إلى كل النواحي الثقافية والتوعوية أو النقل أو الإقامة أو النظافة والمياه والاتصالات والخدمات الأخرى أو غيرها.
أما الإستراتيجية فتعني التخطيط بعيد المدى واستشراف ما يمكن أن يحصل للحج في عشرات السنين القادمة ومراعاة ذلك في الخطط التفصيلية، وضرورة احترام مفهوم التخصص المعني بمثل قضية الحج وهو تخصص “إدارة برامج التجمعات” والبحث عن عدد كاف من المؤهلين سواء كانوا من السعودية أو من المسلمين، والقبول بمبدأ أن التخطيط للحج وتنفيذه ينبغي أن يكون منطلقا من الخبرة البشرية الواسعة في هذا الميدان.
كما دعت إلى توزيع مسؤولية إدارة مراسم الحج لكل الفعاليات الاجتماعية والأهلية وعدم احتكار نظام آل سعود لتنفيذ المهمة، سواء بمقابل مادي مثل مساهمة الشركات والمختصين أو بدون مقابل مثل مساهمات المتطوعين أفرادا كانوا أو جماعات أو جمعيات.
ويتضمن برنامج الحركة حزمة من الخطوات العملية في إدارة الحج حسب ما تطرحه أهمها:
– تعيين مشرف عام على الحج (اي وزير الحج) على درجة كافية من المؤهلات، ليكون متفرغا لهذه المهمة طوال العام. وتكون مهمته تخطيط وتنفيذ ومتابعة كل ما له علاقة بالحج، فضلا عن توعية الحجاج في ديارهم وتنظيم طريقة إعطائهم التأشيرات وتفاصيل نقلهم للبلد ومن ثم طريقة استقبالهم وإقامتهم وحمايتهم وتسهيل أدائهم للنسك، وأخيرا ضمان مغادرتهم بدون مشاكل أمنية ولا فوضى بشرية.
-أن يتم اختيار مجموعة من المختصين كمساعدين لهذا المشرف وذلك للتخطيط والإشراف والمتابعة فقط وليس كإدارة تنفيذية، وتزوَّد هذه المجموعة بالكادر الفني والأجهزة المطلوبة وتعطى الصلاحيات الكافية للحصول على ما تريد من السفارات والأجهزة الحكومية الأخرى.
-أن تعطى الجهات المسؤولة عن الحج اليد العليا في الصلاحيات خلال الموسم مقابل البلديات وأجهزة الأمن والسلطة المحلية وأجهزة الخدمات في مناطق المشاعر كلها، ويحدد التاريخ الذي تنقل فيه هذه المسؤولية لوزارة الحج وتنظيم عملية النقل إداريا منعا للفوضى.
-أن تؤسس مجموعة أخرى مستقلة تماما بمسؤول ذات تأهيل بحثي وخبرة رقابية مدعوم بما يحتاجه من كادر بشري وفني لدراسة أوضاع الحج ورصد أحداثه وطريقة أداء الإدارة الجديدة، وتكون مهمة المجموعة تقديم تقرير كامل بعد نهاية الموسم مع توصيات تفصيلية للإدارة الجديدة للدولة بعد انطلاق الوضع الدائم.
-القبول بمبدأ الاستفادة من القدرات الإسلامية من خارج السعودية، من لديهم رغبة جامحة بخدمة الحج سواء كانوا أفرادا أو جماعات أو مؤسسات، وتسهيل الإجراءات التي تضمن مساهمتهم تخطيطا وتنفيذا في برنامج الحج.