فيينا / السبت 22 . 11 . 03 . 2025
وكالة السيمر الاخبارية
عبدالرحيم الجرودي / المغرب
تنتابني أحيانا لحظات يمارس فيها الذهول دور البطولة على مسرح المواقف تجاه معايير الناس، ليسحبني خارج نطاق الذات حتى أستوعب سلوكهم، فأجبر على الوقوف بعيدا أرقب ما يحدثونه من مهاترات وبطولات ومجازر تلقي ظلالها الحزينة على كياني المنهك من تعقب آثار الحياة!
لقد عبث الآخر في غياب ال(أنا) بقاماتنا الهزيلة وجعل منها ملامح ظل ممسوخ يلعب دور بطولة في حياة لاكتها كل مشاهد الدراما التي كونت في زعمهم الحياة.
هناك أقف … حيث يقف كل الذاهلين أمثالي، منا من تربع كرسي اليأس وقرأ السلام والفاتحة وأسلم روحه فلسفة الإنتظار، ومنا من لا يزال يرقب نور الأمل الممتد من نوافذ البشارات السماوية، ومنا أصحاب “أعراف” تتجاذبهم العبارات، تنديد هنا وشجب هناك وبينهما إطراء يهز مرقد الأموات.
وهناك … ال(أنا) المهملة، الكل يتعوذ منها ومن قولها، مزيدا في زعمهم في النقاء والبر، تقف معزولة جردت من كل الخصائص والصلاحيات، فالقوم أدمنوا الورع وكتموا أعمالهم مخافة الرياء.
استأذنتها بلطف أطلب القرب … وملامح الدهشة تقدم لحديث يحمل في ثناياه الكثير من العتاب وقليلا من التفهم، فأنا لم أعد أذكر منها غير فصل الغياب الذي أهلك أرضنا وأذبل ورودها وأحالنا طرائد أعراف لا نعرفها، تشكلنا كما تشاء … وتنتزعنا من أنفسنا عنوة دون استأذان، لتلقينا داخـل غـربة تنثـر العمر خارج مسار الإنتماء، وتلبسنا ثياب رق وألقاب عبيد، وتختم على صكوكنا بما لا يدع للنخاسين فرصة بيعنا … إلا بثمن بخس.
حسبك عزيزي، لا تدع أنـامـلـك تـقـتـحم خلوة الهجاء بلا اسـتـئـذان، تخاطبني ال(أنا) وتضيف: لا تحمل نظراتك مراسم العتاب حتى تسمع، فإنه كلما ارتفع صوت الهذيان، كلما تقلصت المقدرة على البيان … وخذ لنفسك نفسا عميقا … ورتب أوجاعك التي حملت معك … واشحذ بصرك لتجعل منه مكبرا لندوب امتدت على جبين واقعك البئيس، وتخطى به حدود الوهم ولا تقذف بِه مجهولا شرد على قارعة استباحة ال(أنا) ووأد الذات وسقوط الأحلام!
واعترف بضعفك وأنك تخشى مواجهة الطوفان … فَسواعدك مكبلة … وقلمك مرهون … وقلبك مكسور يعزف على وتر أخرس، ومن الإِجحاف أَن تطالبني بالوقوف بجبهة، كل الأشياء فيها تسقط حتى النوايا … لتستسلم.
الحقيقة الغائبة المغيبة يا أبا محمد يجب ألا تخبو وألا تتناساها، لأن أصحابها أينما كانوا، موصومون بعلامة الغياب، سيهانون عند كل نقاط التفتيش، ليكتشفوا أن السبب راجع إلى هوياتهم التي جردت من ال(أنا) ولا تدل على أي انتماء.
انظر من حولك … حالة الإستلاب المستشرية، والناعقون الكثر وكل يدندن على شاكلته، واستنهض ذاكرتك واستحضر خبر الأولين لتشعر بمقدار البعثرة التي أحدثها التهافت، وتدرك حجم الهوة الفاصلة بين أن تكون ضميرا مسستترا يقدره النحاة الجدد كيفما شاؤوا، وبين أن تكون حاضرا تعرفك ال(أنا) كما ترضى قولا وفعلا.
سيدي جواز السفر من فضلك.
“صوت مزعج من وراء نافذة مصلحة الجوازات في إحدى المطارات العربية”
تفضل سيدي.
أخذ ينظر إلي باستغراب … لكني تجاهلته ولم أخبره بما دار بيني والأنا حتي لا يطالبني بتأشيرة إضافية … ويجعل من دندنتي قضية أمنية.
وفق حرية الرأي والنشر يتم نشر هذه المادة والجريدة غير مسؤولة عما ينشر فيها من مواد واخبار ومقالات