السيمر / السبت 19 . 08 . 2017
عمار جبار الكعبي
اولاً : ثقافة التسلط
دأبت المرجعية الدينية العليا على تناول العديد من القضايا ، التي ترتبط بصميم وجذور المشاكل المجتمعية ، وهو ما ذهبت اليه في خطبتها بتأريخ ٢٠١٧/٨/١٨ ، لان اغلب المشاكل التي نعاني منها كمجتمع ليست سياسية في ذاتها ، وانما هي عقد مجتمعية وصلت الى السلطة عن طريق ارتقاء البعض للأخيرة ، فان كان للفرد العادي عقده ومشاكله فأنها تكون غير مؤثرة لانه لا يملك سلطة الامر او النهي ، ولكنه حين يمتلك ما يؤهله لان يحكم او يؤثر في القرار فأن عقده النفسية تكون ذات تأثير عميق على واقع المجتمع ، لان المسؤول يريد ان تخضع الناس له لانه مسؤول ! ، وهذا ناتج عن ثقافة التسلط المزروعة داخل المجتمع ، والتي تظهر بين الحين والاخر كلما سنحت لها الظروف
ثقافة التسلط واقعة اجتماعية وليست ظاهرة ، لانها ترتبط بالثقافة المجتمعية التي تعمقت منذ ازمنة بعيدة في دول العالم الثالث ، ومن اهم اسبابها عسكرة المجتمع ، ومجتمعنا تم عسكرته منذ سنين ، وابرز صور العسكرة تجلت في سنين حكم حزب البعث ، لما لهذا الحزب من ثقافة تسلطية على رقاب المجتمع ، ليفرض آراءه وافكاره وطروحاته بالقوة ، حتى اصبح اذا قال صدام قال العراق ، واذا قال مسؤول الفرقة الحزبية في المنطقة قالت المنطقة بذلك أيضاً ، لتصبح ظاهرة السلطة مطلوبة لذاتها لما توفره لصاحبها من إمكانية التأثير والنفوذ داخل مجتمعه
وضع الشخص الغير مناسب في بعض المناصب المهمة ، لجعله يتسلط على رقاب الناس ، يعتبر من اهم اركان تعميق ثقافة التسلط ، ترافقها هتافات التمجيد لبعض المتسلطين من قبل الذين يجهلون خطورة هذه الثقافة ، وبعض المستفيدين من تسلط هذا وذاك لانهم من حزب المتسلط ، وسطوته ستمكنهم من فرض سطوتهم أيضاً ، لنكون امام مجتمع يفتقد الى أدنى وابسط صور احترام إرادة الفرد ، ليكون الاختلاف عن الرأي الغالب تهمة يحاكم عليها صاحبها من الجمهور قبل السلطة ، لتولد لنا من ثقافة التسلط تنميط لحياة المجتمع وفق رأي واحد وثقافة واحدة مقدسة ، تستند في ادلة قداستها الى السلطة بشقيها المادي والمعنوي ، لتؤدي الى قتل تقبل الاخر واحترام كينونته وآراءه ، لتمجد منطقة المتسلط او عشيرته او طائفته على حساب الوطن ! .