أخبار عاجلة
الرئيسية / ثقافة وادب / الانهيـار

الانهيـار

السيمر / الجمعة 09 . 02 . 2018

عبد الستار نور علي

هواءٌ أسودُ قانٍ يهتزُّ بذراتِ ترابٍ متعفِّنْ
أغلقَ منخريهِ
تسلّل الغبارُ مندفعاً يتدفّقُ عبرَ الستارِ الهشّ
احتسى الرئتين
علّق العيونَ بأرجوانِ الألم
مرآةٌ تعكسُ ظلَّ رداءٍ أبيضَ ، لم تعكسْ يوماً ظلّ القار
مرآةٌ انفطرتْ
تدحرجَ رأسهُ مثقلاً فوق أرضِ الرماد
نامَ طويلاً … طويلاً …
على ضفافِ النخيلِ والتينِ والزيتونِ والأعناب
ساقيةً من رياض الفؤادْ
داومَ الحصادْ
رحيلٌ …. رحيلٌ ….فوق كفِّ المُشتهَى والمُنتهَى
ارتقاءٌ في السماءِ السابعة
سقوطٌ …. سقوطٌ….في الأخدودِ ذاتِ النارِ والوقود
ثمّةَ وجهٌ يُسدِلُ ضحكةً
سلاماً ، كلاماً ،قدحاً من خمور الشوارع المدلهمّةِ العاهرة
مرارةٌ وانسدادْ
ظلام ٌ، ظلام ٌ ، في المحاجر المُعلّقة في الحجرةِ الزانية
تحت ضوء المصابيح تُفتضُّ البراءةُ
شفرات الخناجر ، رماح العيون الذئبية ، كلام من نار الحريق
في القرية المقفلة على عروشها
اصفرار .. احمرار ..خفقان ..وجوم .. دهشة مستحيلة !
هو يومٌ لا مردّ فيه ولا ارتدادْ
سُدّ وجهُ البلادْ
وانتحى العبادُ جانباً رحلةً عابرة
تناهى الصدى من بعيدٍ … بعيد …
أيتها القمةُ الهاويةُ ، ثقبٌ في جدار السور ،
انشطارٌ في المدى ، موجةٌ سافرة
تنحسرُ الشفةُ الفاغرةُ عن قناعِ الحريرِ
ستارِ الطيبةِ الماكرة
يمارسونها عبرَ قضبانِ الحديد
ينامون تحتَ قضبانِ المساجينِ في الزوايا المظلمةِ الخاوية
سيرجي باريسوف
رقصاتٌ في باريسَ ، حفلاتُ نهايةِ الأسبوع ، سفراتٌ مدفوعةُ الأجر
غوانٍ عارياتٌ يرتدينَ أزياءَ حراسِ بواباتِ المدنِ والمحلاتِ الرأسماليةِ العاهرة
تنتعلُ البراءةَ خلف ورقةِ التوت
في العوراتِ ، في جيوبِ الباراتِ ، في الحشيشِ ، في الرقيقِ الأبيض
إذا رأيتَ عيونَ الذئبةِ الجائعةِ وأنيابَها:
افتراسٌ … افتراس …
يصرخُ الوردُ في سلالِ المقابر:
احترسوا البسمةَ العابرة!
عراةٌ … عراةٌ …في زمن التوابيتِ والنوابيت
قطعةً … قطعةً… نزعَ ملابسَه الخارجية والداخلية،
نعليه ، رقاعَه ، عمامتَه الصاخبة،
لم يستوِ فوق عرش الجنائز قمةً ثاقبة
تاهتْ قدماه في مستنقع اللحظة
ألبسوه جلدَ امرأةٍ حاسرة
عراةٌ ….توابيتُ ….جثةٌ تهبطُ من علياءِ تابوتها
جثةٌ لم تعاشرْ كفناً ، لم تصاحبِ الفئةَ الباغية
تُدفَن اليوم تحت بلاط الأمم المشرئبةِ الراقية
ثمّةَ وجهٌ طفلٌ ، رقصةٌ ، غانية ،
أدارَ وجهَهُ بين المسرحِ الهازلِ والمسرحيةِ الدامية
ترتفعُ الستارةُ:
صعقة !
نقطةٌ بين الجبين وبينَ العين هشّةٌ في المدن البائدة
ثمّةَ وجهٌ طفلٌ يسوقُ العرايا صوبَ النوافذ
يميطُ اللثامَ عن الزجاج
ويغزو الحقولَ رياحاً ، هزيماً ، تجفُّ ثمارُ الجنةِ المقبلة
سكوت …سكوت !
تعرّوا قطعةً … قطعةً …وناموا على قفاكم
نرى الذي تحت سُرّة القافلة
نزوحٌ من الشاطئ الغريق إلى الغابةِ المقفلة
تُفَـكُّ رموزُ الأساطير في الأمم التي أنجبَتْ براقشَ
اُلقتْها في غيايةِ الجُبِّ
لم تحتضنْ صدرَها ، وفكّتْ رباطَ العصافيرِ في الأعاصيرِ
في فصول الكتبِ المانعة
هي افعىً تتلوى بثيابِ الناسك
تزحفُ من زمن الماموتِ الى زمن الموت
تنثر المواعظَ في رهانِ لعبةِ الصلاةِ قصةً ، رؤيةً حالمة
فحيح … فحيح … في ثيابِ المصلين
يحرقُ زفراتٍ ، همساتٍ ، صلواتٍ على الأرصفة
مَنْ ذا يعيدُ اللونَ الأبيضَ الى الثياب؟
مَنْ يعيدُ القصةَ الآفلة؟
يقول المغني:
ايا ليتني أغني، فتشدو العناقيدُ في السدرةِ الغافية
وترفلُ تحت ظلّها العصافيرُ، ترقصُ سبعين عاماً
تشقّ العبابَ ، تنوشُ أعشاشُها الربيعَ والنجمةَ الثاقبة
انصهار … صرخةٌ في هديل البلابل
استروا عريَكم في عصورِ الرمال المتحركةِ والهجرة الزاحفة!
أغلقوا الحدقاتِ في البراري !
في المدنِ الآيلة يزحفُ النملُ حثيثاً … أراها
استروا عُريَ نسائكم ، انتخوا!
سقوط … سقوط … سقوط …
ثمة وجهٌ طفلٌ ، لغةٌ نائيةٌ تلمُّ الشظايا
تشدُّ الرحالَ ثانيةً …..

7/6/2000

اترك تعليقاً