الرئيسية / مقالات / الوصايا العشر للشهيد الحكيم

الوصايا العشر للشهيد الحكيم

السيمر / الاثنين 04 . 03 . 2019

عباس البخاتي

كثيرةٌ هي الصفات التي إمتازت بها شخصية السيد محمد باقر الحكيم، والتي يشترك بها مع غيره من رجال الدين، إلا أن سمة الحركية والتجديد تعتبر من السمات البارزة في ملامح هذه الشخصية . قد يحسب الحكيم على الخط التقليدي ضمن رجال الحوزة وهذا ما لا نقاش فيه، إلا أنه كان حركيا مجدداً بإمتياز، فالتجديد الذي إنتهجه مختلف عما هو مألوف ضمن الإطار العام للمؤسسة الدينية، ومن أهم ملامحه إنه عبر عن تجديده بسلوك عملي بعيداً عن الإدعاء أو صناعة الهالة. عادة ما يكون التعاطي مع من يوصف بالمجدد بناء على مقدار نسفه لأهم الموروثات العقدية، والتي تدخل في صلب المفهوم الفكري لاتباع اهل البيت عليهم السلام ، أو نقده لبعض المتبنيات التي كانت محل إجماع علماء الطائفة، بل تعدى الأمر مؤخراً ليصل حد الإساءة لمقاماتهم العالية. إن البعد الحركي التجديدي لدى شهيد المحراب نابع من إيمانه وفهمه العميق للبيئة التي نشأ فيها بإعتبارها ممثلة لتطلعات الأمة وملبية لحاجاتها، ليس على مستوى بيان الحكم الفقهي فحسب، بل كانت إجابات الإشكالية السياسية والثقافية حاضرة في مسيرة العمل جراء التماس المباشر مع الأحداث التي رافقت تأسيس الدولة العراقية الحديثة والإطلاع عن كثب على مختلف المواقف وخلفيات الاشخاص. كثير من الناس يدعي ما ليس له فيطرح احدهم نفسه كمجدد، وعند تتبع ملامح البعد التجديدي لا يقف المتابع سوى على خطوات مسمومة لقتل الشخصية الإعتبارية للمنهج التقليدي ورموزه، بينما الحركية لدى الحكيم تعتمد على جذورها التقليدية وتفخر بالإنتماء إليها حتى نجح في ترسيخ القناعة لدى الإوساط المؤمنة، إن الخط التقليدي هو الممثل لتطلعات الأمة والحامل لهمومها. يعتبر العمل على خلق قاعدة واعية ونخبوية قادرة على إبراز كوادر يعتمد عليها في سياق العمل التغييري.. من أهم ملامح الحركة التجديدية في فكر شهيد المحراب، حيث يرى إن الصفوة تمثل عنصراً مهماً في بناء الجماعة الصالحة، وضرورة العمل على تحقيق الارتباط بينها وبين القيادة المتمثلة بالمرجعية الدينية، وهي تتحمل مسؤولية التوعية الثقافية في أوساط الامة، وتلك المهمة تتطلب إيجاد مؤسسات تتكيف مع الظروف والأوضاع المدنية. رسم الشهيد الحكيم ملامح الشخصية الرسالية وحدد أبعادها في كثير من محاضراته ومؤلفاته، بغض النظر عن الذي ستمارسه تلك الشخصية، سواء كانت قيادية أو من أفراد الأمة أو حلقة الوصل بينهما، كما أوضح الدعامات الأساسية الواجب توفرها لدى المتصدي ومنها الإهتمام بالثقافة والمعرفة الإسلامية، وتحمل الآلام والتضحية في سبيل الهدف، والإهتمام بالمحافظة على الشخصية والهوية الإسلامية، والمواظبة على حضور الإجتماعات الدينية ومعرفة المقاصد الدينية ومقاومة الطغيان، والحرص على الذوبان في الهم الإسلامي العام من قبيل قضاء حوائج المؤمنين وإبداء المساعدة وإغاثة الملهوف، والدفاع عن الحق المتمثل بالإسلام المحمدي الأصيل والمؤسسات الإسلامية المعبرة عن منهج القرآن والعترة، والتحلي بالإيثار في المواقف التي تتطلبه، والاهتمام البالغ بإقامة الشعائر الدينية الواجبة والمستحبة، والاهم من ذلك كله طاعة الله ورسوله في الأحكام الشرعية، والإيمان بالله تعالى وقدرته على التغيير الذي يكون محط إبتلاء الجماعة الصالحة. هذه إشارات مقتبسة من كلام له حول السمات العامة للشخصية النوعية والتي وجد من الضروري إبداء بعض التوصيات لمن يتحلى ببعض منها حيث أكد على الإلتزام بكتمان السر وحفظ الامانة، خصوصاً فيما يجري في داخل الإجتماعات والنقاشات (فالمجالس أمانات) كما يؤكد على الرقابة والإشراف والمتابعة للعمل، والتشاور والإستماع إلى آراء الآخرين وتمحيصها بدقة، كما كان يرى في المتصدي أن يكون قدوة للآخرين في العمل والسلوك الأخلاقي لاسيما في الصبر على المكاره وتحمل الصعاب، والتعلم والمعرفة وكسب الخبرة بأساليب العمل عن طريق الإطلاع على تجارب الآخرين، والتعامل معهم بالمداراة واللين والرحمة والمودة مع الحزم في الموقف والعزم في الإرادة في إتخاذ القرار، والاخلاص لله تعالى في النية والعمل والتقوى في الأداء والإلتزام في التعليمات والضوابط والمقررات والتوكل على الله في اداء العمل وإستمراره. كما بين ضرورة أن يضع المتصدي برنامجا لإنجاز النشاط العملي ولقاء الإخوان وتأكيد المحبة لهم وإنجاز الأعمال اليومية وعدم تأخيرها، ولا بد أن يكون على درجة عالية من تحمل الأمزجة وتفهم السلوكيات المختلفة للأفراد، وتفهم المقترحات التي تنطلق من واقع الظروف والامكانيات البشرية والمادية الموجودة مع ملاحظة سلسلة العمل ونظامه. قيل قديما أنه يمكن أن يكون رجل في أمة، او يغير تاريخ أمة، او يصنع قدرها أو يشارك في صنعه..ومحمد باقر الحكيم، كان صانعا لتاريخ العراق قبل وبعد شهادته .

اترك تعليقاً