السيمر / الخميس 26 . 01 . 2017
مصطفى منيغ / المغرب*
حاضرٌ بلا ماضي سيكون مستقبلُها، بلا تاريخ ترويه عن نفسها ، ولا معروف امتلكته ينفعها ، فقط القسوة والعجرفة والتعالي كأنَّ الأقدار ما أوجدت في الدُّنا مثلها ، تَمْسِكُ بالشَّمَال كؤوسَ ترفيهٍ مملوءةٍ على الدوام بالعُشب المُحرَّم المُنْعِشِ ذِهنها، وبالجنوب تصريف صندوق الانتعاش للحصول على الاستقرار لازْدِراد سمك “الداخلة” واقتسام المَدخول مع محترفي الصنعة داخلها ، وبالشرق الحصار والدفع بالتهريب تهرباً من دفع الضرائب عملاً بتضخيم أملاكها ، وبالغرب إفساد الأجواء لتجميد التنافس على إصدار نِتاج الأرض لأسباب معروفة تتوسط عمقها ، سابحة في نهر العسل ومن حولها أَكَلَة البصل ، ومِن خلفها الحمير والبغال ، وأمامها جوقة العزف المنكر تتراقص على نغماته المجنونة نساء بعض قرى لا يُفَرِّقْنَ بين الكرامة والندامة مستعدات للقفز كقرود غابات “أزرو” إرضاءً لمتعتها . ما اختزنته ليوم الشِّدة سيغرق في السيل البشري المقتحم (آجِلاً أو عاجلاً) عالمها، حيثما هربت وثب من الصدور الغضب الشعبي يحاصرها ، لتتسمَّر في نفس المواقع التي ألفت منها نثر أوامرها ، الذاهبة لامتصاص الرحيق فلا يبقى من الغنائم العامة سوى ما يُتْرَكُ في خزانة خشبية تعرَّضت لأبشع حريق أذاب محتوياتها . عليها أن تحتاط فلا “قارون” تمتع بثروة ولا سيدة قبيحة زَيَّنَت طَلْعَتَها فَرْوَة سلخوها بالقوة عن جسد دُبٍّ خِيطَت على مقاسها ، مدفوع ثمنها بالريال من متاجر “مونتريال” رغم بِعادها . إنها “القلة” المتحكمة في المغرب لأبْعَدِ الحدود، من مداخل الموانئ إلى تصريف مياه السدود ، ومن ضبط رحلات الطيران إلى تقطير الأقحوان ، ومن امتداد السكك الحديدية إلى مراقبة ملاعب الكرة الحديدية ، ومن المتاجر الكبرى إلى إنتاج الخمور وتسويقها حتى في المدن الصغرى ، ومن تحديد الوظائف ، إلى خلق (بعدم المساواة) الطوائف ، ومن عجين الخبز التقليدي إلى كل الأصناف الغربية للقطائف ، أما عن الضيعات والأملاك والعقارات والأراضي الصالحة للزراعة وأكباش العيد ونوع من البقر فريد ، فحدث ولا حرج ، كل شيء لها ، إذن والحالة هذه المفروض أن يكون البرلمان تابعها ، والحكومة غير خارجة عن نفوذها ، بعض الأحزاب السياسية والتبرعات الخيرية والانتخابات وكل المظاهر الديمقراطية العديمة الشخصية مجرد إكسسوارات يستعان بها في تشخيص المسرحية المعروضة على الشعب منذ الاستقلال إلى الآن .
… ظن البعض أن تفويت سبب تعيين رئاسة البرلمان (على تلك الصورة الكاريكاتورية والسرعة المبالغ فيها) علينا، سيجرنا إلى تصديق محاولة بدء الرجوع لضبط الأمر السياسي الرسمي، فنتيه في أمواج تفرعات مواضيع أقل أهمية، أعجب ما فيها ، ترك ذات التيه ليشمل الرأي العام فتتجمد المعطيات السائدة وكلها لا تخدم المصالح العليا للشعب المغربي البطل الشجاع الآمن بصبره وعناية الرحمان ، ولنرى أن المصادقة على القانون التأسيسي للاتحاد الإفريقي الذي بادر البرلمان المغربي إليها انفرادياً لا تعدو أن تكون عنواناً لحملة تشهيرية قائمة على إشغال المغاربة بشيء فارغ من أي تأثير قانوني لذاك الاتحاد جملة وتفصيلا ، بحكم انعدام الرغبة المتبادلة بين الأخير والدولة المغربية قبل عملية التصديق على قانون اعتمد فعلاً تأسيس الاتحاد الافريقي بتاريخ 11يوليوز سنة 2000 بلومي”التوغو” وأيضا بروتوكولات التعديل يوم 3 فبراير سنة 2003 بأديس أبابا ” أثيوبيا” و كذا بمابوتو “الموزمبيق” بتاريخ 11 يوليوز 2003 . وليعلم الدافع وبإلحاح لذاك التصديق الذي ما كان ليكون إلا لتغطية رحلة افريقية الظاهر أنها لم تحقق ما يعود على موقف الشعب المغربي بالنسبة لقضيته المصيرية الأولى بأي نتيجة نافعة تُذكر، أن الجمهورية الصحراوية الوهمية استقبلت الخبر ببهجة وحبور جاعلة ما حدث انتصاراً سياسياً تاريخياً استثمرته في كل الأنشطة والتنقلات التي قام بها عناصرها وفي المقدمة رئيس هذا الكيان المصطنع “إبراهيم غالي” وهو يُستقبل من طرف الرئيس الزنبي “إدغار شاغو لنغو” استقبال رؤساء الدول المُرَحَّب بهم و بحفاوة .(يتبع)
* سفير السلام العالمي