فيينا / السبت 17. 05 . 2025
وكالة السيمر الاخبارية
إنتصار الماهود
شهدت زيارة ترامب للخليج محطات مفصلية في العلاقات الأمريكية الخليجية، خاصة بالنسبة لقطر والإمارات عقب السعودية، والتي كانت ذات أبعاد إستراتيجية عميقة، سواء من ناحية سياسية أو إقتصادية وحتى أمنية، رغم ان ما حدث في الكواليس كان أعمق بكثير مما حدث في العالم أمامنا.لنفكك ونحلل زيارة ترامب وما تبعها ونقسمها لعدة محاور:
1. الخلفية السياسية للجولة والتي جاءت في إطار رؤية ترامب لفرض ما يسمى بصفقة القرن، وإعادة تشكيل التحالفات في المنطقة بما يخدم المصالح الأمريكية والصهيونية، ويحد من النفوذ الإيراني كما المتعاظم في المنطقة مثلما يدعون.
2. التنازلات الإماراتية وكلنا نعرف أن الإمارات كانت قد طبعت علنا مع اسرائيل، في عام 2020 ضمن إتفاقيات (ابراهام)، لكن جذوره بدأت في بدايات تولي ترامب لفترته الرئاسية الأولى، وهذا فتح الباب أمام استثمارات ضخمة في الإقتصاد الأمريكي، والتي قدمت وعوداً واستثمارات بقيمة ( 1.4) ترليون دولار، في قطاعات الطاقة والبنية التحتية الأمريكية، وكأنها تتسابق مع السعودية وقطر في من يقدم الطاعة والولاء والكرم لترامب أولا .
أما مواقفها الإقليمية أي الإمارات فهي متطابقة مع واشنطن، مثل رؤيتها للدور النشط في اليمن، والضغط على الأطراف الليبية المتحالفة مع تركيا، تلك (الحيزبون العجوز) التي لم تدخل أرضا الا وجعلتها خربة، وكذلك محاصرة قطر ومحاولتها لجرب البساط منها كما حدث في بداية الأزمة الخليجة عام 20173
3 – التنازلات القطرية
بعد ضغوط ترامب، وأخيرا خضعت قطر لكن بخضوعها قدمت تنازلات، ربما أقوى من سابقاتها حيث وقعت على صفقات بمليارات الدولارات لشراء أسلحة وطائرات أمريكية، (ولا أعلم ما الذي تفعله دول العربان بالأسلحة وهي آخر معركة خاضتها كانت في زمن الرسول صلى الله عليه وآله الاطهار وسلم، وكانوا مع كفار قريش وقد هزمهم المسلمون وبجدارة !!!!!!!!! ).
كما أعادت قطر تموضع علاقاتها وتقويتها مع المؤسسات الأمريكية بعد حصار عام 2017، خاصة توظيف جماعات ضغط، لتحسين صورتها في واشنطن كما دعمت قطر استثمارات إعلامية واقتصادية لترضي ترامب ورجال الأعمال المقربين منه.
4. التأثير على القضايا الإقليمية
بالنسبة للتقارب مع اسرائيل، فرغم موقف قطر الرسمي الداعم للقضية الفلسطينية، إلا أنها بدأت بالانفتاح الإعلامي والثقافي، وتغيير سياساتها الإعلامية تجاه الكيان تحت ذريعة( الحوار)، كما خففت مؤسساتها الإعلامية المعروفة مثل الجزيرة، نبرتها الحادة تجاه بعض الحلفاء الأمريكيين، مما يتوافق وخطة ترامب ورؤيته في الشرق الأوسط الجديد.
5. هدف ترامب النهائي هل سيصيب ام يخيب ؟؟؟
لقد سعى ترامب بتأمين دول الخليج لدعم مشاريعه الإقتصادية، وتصفية القضية الفلسطينية والاستمرار بخطة صفقة القرن، بما يضمن المصالح الصهيونية وكما نعرف خطة القرن فهي، ( تسمى أيضا صفقة ترامب للسلام وهو مقترح قدمه ترامب لحل النزاع الإسرائيلي الفلسطيني، وتشمل الخطة إنشاء صندوق إستثمار عالمي لدعم إقتصاديات فلسطين والدول العربية، المجاورة وكان من المتوقع أن يطرحها جاريد كوشنر صهر ترامب، خلال مؤتمر البحرين في عام 2019، وايضا نصت على نقل جزء كبير من سكان غزة بالذات، الى دول مجاورة مثل مصر والأردن و ودول أخرى، مقابل دعم الإقتصاديات العربية وقد أثارت هذه الصفقة غضب الفلسطينيين الكبير، ورفضهم القاطع لبنودها وقد إعتبروها اغتصاب جديد لحقهم في أرضهم.
إضافة لسعي ترامب الحثيث بخلق تحالف خليجي_إسرائيلي ضد إيران، والسيطرة على تعاظم نفوذها النووي (برنامج إيران النووي مقابل مسابقة ملكة جمال البعران في السعودية) توازن مرعب بحق !!!
هل تعتبر هذه الإنبطاحات والتنازلات ذات خطر على العراق؟ وكيف ستكون التوازنات الخليجية الداخلية؟ هل سيكون دور الإمارات الخفي أقوى أم السياسة القطرية الناعمة ستسحب البساط من تحت السعودية؟؟؟
أولا ما هو الانعكاس لهذه اللقاءات على العراق؟؟
بالنسبة لهذه اللقاءات ستؤثر بالطريقة السلبية على العراق، وربما سيتحول العراق ساحة صراع بالوكالة خاصة، بعد زيارة ترامب للخليج وضمانه لصفقات تطبيعية وتنازلات جمة، فقد أصبح الآن في يد الخليج ورقة ضغط على القوى الشيعية الموالية في العراق.
كما أن ان هذا دفع بالإمارات لتفعيل علاقات استخباراتية وأمنية مع شخصيات عراقية سنية وكردية، بينما عملت قطر على كسب ولاءات شخصيات إعلامية ودينية.
ثانيا::
تمويل صراعات خفية، فهنالك تقارير تتحدث عن تمويل خفي إماراتي لبعض الشخصيات والجهات في غرب العراق، ليس لمواجهة إيران كما تدعي فحسب، بل لمواجهة الدور التركي القطري المتعاظم في شمال العراق، ونقل المواجهة الباردة بينها وبين قطر الى أرض العراق.
ثالثا::
المساهمة في تغيير المزاج الشعبي العراقي، حيث استخدمت قطر إعلامها كمساحة قناة الجزيرة، لدعم الحراك المدني العراقي وتوجيهه أحيانا، بطريقة تستهدف القوة الشيعية، لكن بأسلوب التاثير الناعم دون المواجهة الصادمة.**أما بالنسبة للتوازنات الخليجية الداخلية فيمكن أن نوجزها ب:
أولا::
الدور الإماراتي الخفي ( زعامة عبر الظل)
حيث إستطاعت الإمارات التنسيق الكامل مع إسرائيل، والعمل بهدوء عبر بناء شبكة مصالح أمنية وتكنولوجية، معها مما أعطاها تفوقاً استخباراتياً في المنطقة.
وكذلك اتبعت إستراتيجية جديدة مع السعودية، بضربها من الخلف رغم التحالف الظاهري، معها لكن الإمارات لعبت دوراً مزدوجاً في اليمن، الذي أضعف نفوذ السعودية هناك وخلق واقعا ميدانياً جديداً لمصلحة أبو ظبي.
أيضا دعم تحالفات إقليمية بديلة، حيث دعمت الإمارات شخصيات عربية تنافس الخطاب الديني السعودي، وساهمت في تقويض الهيبة الدينية للمملكة فوق ما فعله الداشر إبن سلمان.
ثانياً::
دور قطر
أما بالنسبة لقطر فإتبعت سياسة سحب البساط من تحت السعودية، بشكل ناعم
فقد استثمرت قطر في القوة الناعمة، مثل التعليم والإعلام والرياضة لتصبح الوجه المقبول عالميا من الخليج، واستضافتها لكأس العالم مثل واضح على التوظيف الذكي .
كذلك استولت على شبكة النفوذ الاخونجي والديني، فقطر حافظت على علاقات قوية مع رموز إسلامية مؤثرة، خاصة من التيار الاخونجي مما يمنحها عمقا شعبيا لم تمتلكه السعودية.
اما ديبلوماسيا فإن قطر برعت بإدارة ديبلوماسية الأزمات، مثل الحصار الخليجي لتحسين صورتها الدولية، بينما بدت السعودية والإمارات وكأنهما بلطجيان في المنطقة.
في الختام :
ان زيارة ترامب لم تكن مجرد بروتوكول، بل كانت لحظات مفصلية، أجبرت كل من الإمارات وقطر على تقديم تنازلات متفاوتة لكنها فتحت شهية كل دولة لمحاولة تزعم الخليج بطريقتها الخاصة.
فالإمارات تتحرك في الظل وتحالفت مع إسرائيل وأصبح لها نفوذ أمني.
و قطر فقد قادت حربا ناعمة وصورة حضارية ونفوذ إعلامي وديني فرضتها على الجميع.
أما السعودية وهي الخاصرة الأضعف فقد خرجت مثقلة بالوعود والتكاليف دون أن تحقق زعامة مستمرة.
(بالنسبة لترامب فقد إتبع مع الجميع سياسة شيم العربي وأخذ عباته وبعيره ومرته وخيمته وهو يصفك لك بوية)
وفق حرية الرأي والنشر يتم نشر هذه المادة والجريدة غير مسؤولة عما ينشر فيها من مواد واخبار ومقالات