الرئيسية / مقالات / إيران وإرهصات الإنفجار العظيم.. ماذا أعد الإيرانيون ليوم لا ريب فيه؟

إيران وإرهصات الإنفجار العظيم.. ماذا أعد الإيرانيون ليوم لا ريب فيه؟

السيمر / الأحد 03 . 12 . 2017

طه لمخير / المغرب

مشهد لا أنساه وأنا أسير في طرقات مدريد في تلك الليلةالباردة من شهر مارس عام 2003، أمر على المقاهي وأرى الإسبان متحلقين حول التلفاز، على المصطبات أقداح البيرة والنبيذالسّرَقُسطي الأحمر، يتابعون بدهشة وخشوع الصور الحية التي تبثها قناة الجزيرة، كنت صبيا يافعا حينها، ولا زلت أذكر الليلة الباكية التي أضاءت فيها سماء بغداد واشتعلت بنيران القنابل والصواريخ كمدينة تحتفل بعيد استقلالها بالألعاب النارية على ضفاف دجلة.
شاهدت ليلتها الدفاعات العراقية تتداعى أمام القصف الأمريكي تداعي البنيان الهش والجدران المائلة أمام ضربات قبضة البلدوزر الحديدية، تدكها دكا، وسواء كنت ترى في صدام بطلا قوميا أو مستبدا دمويا، فإن شيئا منك كعربي لابد هو الآخر تداعى وسقط سقوطا مدويا بين عطفيك مع سقوط عاصمة السلام التي رأت أمجد عصور العرب وأفخر أيامهم في التاريخ…”بغداد والشعراء والصُّوَر” وعينا الجاحظ كلها سالت يومئذ.
اليوم بعد مضي أكثر من عقد على غزو أمريكا للعراق، نسمع نفس الطبول ونرى ذات الأحلاف تتحرك في دوائرها ونسمع نفس المبررات و ردود الأفعال، هي هي تلك القنوات والصحف الغربية والعربية التي شيطنت العراق وجعلته الشر المطلق الذي يداهم هذا العالمبأسلحة نووية، تعالج بنفس الروح العدوانية نظام آيات الله، مع اختلاف بسيط هو أن رهبان العرب أصبحوا أكثر سفورا وانحلالا و وضاعة إلى درجة تثير التقزز والاشمئزاز، لقد أسقطوا هذه المرة عمدا ومتبرعين ورقة التوت التي كانت تداري علاقتهم مع إسرائيل، وباتوا يتبجحون أمام دهشة العالم وصدمة شعوبهم وفِي حرم جامعتهم العربية أنهم سوف يتحالفون حتى مع أكلة الأفاعي وسفكة الدماء وشذاذ الآفاق و مع الشيطان نفسه لضرب إيران.
رخُصت على القوم أنفسُهم حتى باتوا يورون زند الحرب التي ستحلق ما تبقى لهم من شرف حَلْقَ الموسىَ للشوارب المُتهتّكة، يقودهم غلام إلى حيث يمرغ أنوفهم ويسفه أحلامهم، ويهوي بهم سبعين خريفا في أتون هيجاء نووية ساخنة اللظى لا تبقي ولا تذر، ويبدو أن الشعار الذي وضعه الصهيوني مائير كاهانا و كان رائجا في يوم من الأيام في إسرائيل :((إن العربي الجيد هو العربي الميت))، أصبح اليوم واقعا بين بعض الزعماء العرب الذين تعتبرهم إسرائيل “جيدين”.

إيران حضارة وليست طائفة
فلتكن إيران من الشر ما تكون، ولنعادي حكومتها أشد ما يكون العداء، لكن أخوة التاريخ والحضارة المشتركة، ورابطة الأدب والعلم والهوية أكبر من أي مذهب أو طائفة، ففارس محفورة في أعماق تراثنا العريق، ونتقاسم معها الماضي والحاضر والمصير المشترك، وهي أمة رشقت بِنَا رشق السهم بالرميّة، وساهمت في بناء حضارتنا بنصيب وافر.
كان ابن المقفع إيرانيا وأهدى للعرب أروع كتب الأدب العربي المترجمة من الفارسية مثل كليلة ودمنة، وابن سينا فارسيا و ألف للعرب نفائس كتب الطب والفلسفة، وكتب الفيلسوف الفارسي الفارابي بالعربية آراء أهل المدينة الفاضلة فسماه العرب المعلم الثاني بعد أرسطو المعلم الأول، ووضع البرامكة أسس الإدارة والديوان والبروتوكول للدولة العباسية، وامتزجت أساطير العرب بأساطير الفرس في كتاب ألف ليلة وليلة وحكايات شهرزاد، وحفلت المكتبة التراثية بأسماء لامعة من خراسان ونيسابور وخوارزم ونهاوند ورامَهُرْمُز وتِرْمِذ…من شمال إيران وجنوبها، شرقها وغربها، وحفظنا رباعيات الخيام وتغنينا بها معرّبة على لسان الشاعر أحمد رامي و ألحان رياض السنباطي.
إيران ليست طائفة نتفق معها أو نختلف حولها، إيران هي أولا وأخيرا شعب ذو حضارة عريقة نشأت منذ 2500 عام عندما أسس سايروس الأعظم أول إمبراطورية فارسية، هم أول من روض الخيول وأول من جعلها تجر العربات وأول من ابتدع القوس والسهم في الحروب، بلغ سلطانهم من حدود الهند إلى إيطاليا، ومن الإسكندرية إلى سلطنة عمان.
ومهما كانت خلافات العرب مع إيران، فعليهم أن يتخذوا موقفا مسؤولا أمام التاريخ، وأن ينأوا بأنفسهم أن يذكرهمذلك التاريخ بأنهم كانوا يوما مطية لأمريكا لشن حرب نووية على بلد مسلم، وخراب ديار الأبرياء، فما ذنب الشعب الإيراني بأطفاله ونسائه وشيوخه أن تُسلِّط عليه آلة الحرب الأمريكية إشعاعات نووية تعادل في قوتها واتساع دائرتها هيروشيما وناكازاكي مجتمعتين، ما الذي جناه بؤساء إيران حتى تتشبع أجسام الأجنة في أرحام أمهاتها بالغازات الكيماوية السامة.
إن أي حرب شاملة ضد إيران اليوم سوف تكون كارثة عظمى بكل المقاييس، سوف تطال العالم بأسره، ومن المؤكد أن أي تدخل عسكري من أي نوع في إيران لن يكون مغامرة رومنطيقية أو تجربة من تجارب التدخلات الأمريكية السابقة في العراق وأفغانستان وليبيا والصومال…ستكون مكلفة ومؤلمة أيضا.
لا يرتاب أحد، حتى نكون واقعيين؛ أن التفوق العسكري الأمريكي سيمكن الأمريكيين من النصر في جميع مراحل الحرب، سواء بالقصف الجوي أو الغزو البري أو بهما معا، سوف تدمر إيران تدميرا و تتحول إلى كتل من الركام المتكدس في الطرقات والأشلاء المبعثرة، بينما يستفرد الجوع واليأس والشقاء بالناس، ولم يبالغ أحد الجنرالات في سلاح الجو الأمريكي عندما قال إن أي حرب ستشنها أمريكا ضد إيران ستعيدها إلى العصر الحجري.

لكن ماذا بعد الغزو؟
إن الإدارة الأمريكية في عهد بوش الابن، كانت تعتقد أن الضربات الجوية إن لم تكن مصحوبة بالبِيادات على الأرض boots on the ground سوف تكون نتائجها عكسية وغير منتجة، فإذا لم يتمكن الأمريكيون من شل قدرات الحكومة الإيرانية تماما وتحطيم قدرة النظام على الحكم وممارسة السلطة فإنها (أي إيران) سوف تبحث عن الوسائل التي تجعلها تدافع عن أرضها ومواطنيها، ولا شك أن سعيها للحصول على أسلحة الدمار الشامل سيكون أمرا حيويا وحتميا ومشروعا، إذ لم يعد لها حينها ما تخسره، فماذا أعدت إيران ليوم لا ريب فيه؟.
الطبيعي في هذه الأحوال، أن الإيرانيين سيعملون على طرد المحتل الأمريكي بكل الوسائل المتاحة، وإذا كان الحرس الثوري قد أذاق القوات الأمريكية في العراق الأمرّين، وتسبب في خُمُس خسائر الجيش الأمريكي في الفترة التي تلت سقوط نظام صدام حسين، فإنهم في إيران وفي معاقلهم الوطنية قد تدربوا جيدا على تكتيكات حرب العصابات guerilla tacticsوطوروا تجربة لا يستهان بها في الحروب غير النظامية، كما أن الطبيعة الجبلية الوعرة التي تميز مناطق شاسعة في إيران ستكون مخادع مثالية لجيوب المقاومة.
ويقدر بعض الخبراء مثل وليام بولك في كتابه understanding Iran أن خسائر الجيش الأمريكي قد تصل إلى عشرات الآلاف في الأرواح، وتريليونات الدولارات في التكلفة المالية، صحيح أن جانبا كبيرا منها ستموله الإمارات و السعودية من خزينتهما ومن خلال الأموال التي صودرت من الأمراء ورجال الأعمال المعتقلين في فندق ريتز كارلتون(تقدر بمائة مليار)، لكن ذلك لا ينفي أن الولايات المتحدة سوف تتكبد خسائر غير محدودة في هذه الحرب المتوقعة التي ستشهد تناميا غير مسبوق للعداء ومشاعر البغضاء تجاه الولايات المتحدة وحلفائها؛ بسبب آثار البؤس والإهانة التي يخلفها عادة الغزو على أهل البلاد المغلوبة.
فإن إيران بعد ضربها سوف تفتح الحرب على جبهات خارج حدودها، والحرس الثوري الإيراني له امتدادات خارج الإقليم يمكن أن يوجه ضربات موجعة إلى مصالح الولايات المتحدة وحلفائها في الخليج وأوروبا والولايات المتحدة، إنزالات لفرق كوماندوز تابع للحرس الثوري في السعودية والإمارات الأقرب جغرافيا من خلال غواصات غدير الإيرانية السريعة؛ قادرة على القيام بعمليات تخريبية بالغة الضرر في أعماق الجزيرة العربية، وزرع ألغام تحت-مائية تستهدف البحرية السعودية.
الزوارق الحربية الإيرانية هي الأخرى ستكبد الغزاة أضرارا جسيمة على مضيق هرمز، كما أن الترسانة الصاروخية الإيرانية التي يصل مدى بعض صواريخها إلى 2000 كيلومتر بمقدورها أن تسوي برج خليفة وبرج المملكة بالأرض، وتحيل دبي من ناطحات السحاب إلى كومات التراب، رجال الأعمال والطلاب والسياح الأمريكيون أيضا سيجدون أن السفر أصبح من الخطورة بمكان، وبمجرد إغلاق مضيق هرمز سيرتفع سعر البرميل الواحد من النفط إلى 500 دولار.
أما إسرائيل فستجد نفسها تحت رحمة ترسانة حزب الله الصاروخية التي ستتساقط على مدنها كالمطر الأسود زخات زخات، لذلك فمن المرجح أن الحرب ضد إيران ستسبقها حرب مصغرة أو “بروتوتايب” ضد حزب الله من الحلف العربي الأمريكي الإسرائيلي، وذلك لتأمين الخطوط الخلفية للقوات الأمريكية، وهذا بدوره سيجر إلى حرب ضد الحشد الشعبي في العراق، والدفع بالعرب السنة إلى حرب طائفية جديدة مع الشيعة، وتشديد الخناق على الحوثيين في اليمن لتصفية جبهات إيران المتقدمة خارج حدودها وحصر المواجهة في داخل إيران، قد ينجو النظام السوري من هذه المحرقة بأعجوبة إذا بقيت روسيا على الحياد.
طبعا، ليس التدخل العسكري هو الذي سيخلق نظاما جديدا في إيران على أنقاض النظام القديم، كما أن تبلور سلطة محلية جديدة سوف يأخذ وقتا طويلا، في الواقع وعلى ضوء ما شاهدناه في سوريا وليبيا والعراق، سوف يتداعى النظام المدني برمته لتحتل مكانه مجموعات وقوات يقودها جنرلات محترفون سيتولونمهمة إنشاء جهاز للمقاومة يتشكل من أفراد القوات المسلحة،قد تعمد القوات الأمريكية إلى تسليح الأهوازيين العرب لتأجيج الاحتراب الطاائفي والعرقي، وهذا بدوره سيفضي إلى هجرات جماعية متتابعة للاجئين الذين يبحثون عن ملاذ آمن يمكن العيش فيه.

مهما فعلت إيران..لا يكفي
ومع ذلك، فإن المتشددين والمولوعين بتعجيل المواجهة من الطرفين سواء من صقور المحافظين في أمريكا، أو من الجناح المتشدد في إيران، يدفعون في سبيل هذا المشهد المأساوي الموصوف، لقد وضع بوش هدف تغيير الأنظمة كأساس لسياسته الخارجية، في عهد أوباما وروحاني، تمكن أنصار التفاوض والديبلوماسية من كبح جماح المتشددين وتأخير المواجهة، بلغت تلك السياسة ذروتها عام 2015 في اتفاق لوزان بين جون كيري ووزير خارجية إيران حاليا محمد جواد ظريف، لكن الأمور أخذت منحنا دراماتيكيا مع تولي دونالد ترامب و رفضه الاتفاق النووي، وكما قال ظريف مخاطبا الأمريكيين: كما أن لكم مهووسين وعشاقا للحروب، فنحن كذلك نتوفر على هذه النوعية.
طبعا لا يمكن مقارنة رغبة الأمريكيين وشهوتهم الجامحة في تكرار تجربة غزو العراق برغبة الإيرانيين في مواجهة مع قوة عظمى، كما أن آية الله الخامنئي وقبله روح الله الخميني كانوا بالفعل قد أوقفوا البرنامج النووي الإيراني الذي وضع لبناته محمد رضا شاه الذي كان يطمح في أن تصبح إيران قوة نووية، وتلقى بالفعل دعما من الولايات المتحدة في عام 1959 عندما أنشأ الشاه أول مفاعل بحثي صغير، وقام الشاه بتثقيف نفسه وتوسيع مداركه حول الشؤون النووية من خلال برنامج مكثف، وفِي السبعينات رصد ميزانية مهمة من موارد الدولة لتطوير برنامج نوويفاق الإنفاق عليه مليار دولار و 1500 من اليد العاملة المؤهلة، حتى أن الولايات المتحدة التي دعمته أول الأمر دعته إلى الحد من جموحه النووي، ولو قدر للثورة الإيرانية أن تتأخر عاما أو عامين لكانت قد ورثت عضوية في النادي النووي.
لكن كما أشرنا، كان للخميني رأي فقهي وأخلاقي في مسألة أسلحة الدمار الشامل، فألغى البرنامج النووي والأنشطة المرتبطة به التي ورثتها الثورة عن نظام الشاه، وسار على نفس النهج خلفه الخامنئي الذي حصر البرنامج في إنتاج الطاقة والأبحاث.
ورغم أن إيران لم يثبت عليها أي نشاط يدل على أنها حاولت تطوير أسلحة نووية، ولا تملك على أرضها أي منشآت من تلك المنشآت الضرورية لإجراء اختبارات أولية على القنبلة، وهي خطوة ضرورية قامت بها كل الدول التي تنتج أسلحة نووية- فإنها في اتفاق لوزان2015 المعروف بمجموعة 5+1)(عادت لتثبت للمجتمع الدولي حسن نيتها، فوافقت على الامتناع الكلي لمدة 15 عاما عن إنتاج معدل اليورانيوم الكافي لصنع سلاح نووي، بل إنها تجاوبت مع التحديدات المدققة التي تسمح لإيران بتخصيب اليورانيوم في منشأة واحدة لا غير وبمقدار من النقاوة لا يتجاوز 3,75 بالمائة، وهذا يعني أن هذا اليورانيوم لا يصلح لاستعماله في إنتاج السلاح، لأن ذلك يحتاج إلى درجة نقاوة تبلغ 90 بالمائة.
إضافة إلى تخلصها الفعلي من معظم مخزونها من أجهزة الطرد المركزي، المسؤولة عن عملية التخصيب، إلى جانب ذلك امتنعت إيران أيضا عن إنتاج مادة البلوتونيوم وهي المادة المفضلة لإنتاج الأسلحة النووية، ناهيك عن الرقابة والمتابعة ولجان التفتيش التي ستمتد إلى أزيد من عشرين سنة.

كل الطرق تؤدي إلى فارس
ورغم كل ذلك، فإن المؤشرات تدل على أن الملف الإيراني بدأ يدخل في دوامة شبيهة بالدوامة التي دخلها النظام العراقي قبيل الغزو الأمريكي، تبدأ الدول الغربية بتجريد الخصم من من المعدات والوسائل وتدفعه لتدمير مفاعلاته بنفسه، تحد من حماسه لامتلاك سلاح نووي يجعله قادرًا على ردع أي هجوم، ثم تبدأ رويدا رويدا تتملص من مواثيقها، تشوه سمعته أمام العالم، ترسم له وسائل إعلامها صورة قاتمة كنظام يهدد السلم الدولي، تبحث عن أعذار ملفقة لإدانته، مثل ما يروجه ترامب هذه الأيام ومن ورائه ماكرون من مخاطر الترسانة الصاروخية الإيرانية، رغم أن لإيران الحق المطلق في إنتاج ما تراه ضروريا من الصواريخ للدفاع عن نفسها وليس لأي دولة الحق في تحديد نوعية الانتاج الحربي لأي دولة ما دامت تلك الأسلحة مسموح بها دوليا.
لكنها محض البلطجة ومنطق القوة الصرف والهيمنة المتعجرفة، ولنكن صرحاء، فالولايات المتحدة تريد الحرب بأي ثمن، وتعمل لأجلها، وسوف تشن هذه الحرب مهما كلفت من أرواح وخلفت من دمار، سواء رضخت طهران لشروط المجتمع الدولي أم لم ترضخ، وكل ما يدار اليوم من صراعات فرعية في الشرق الأوسط إنما هي ترتيبات محسوبة على طريق الحرب الشاملة.
الشرق الأوسط اليوم يَحُمّويَتضرّم، ككرة من اللهب ما برحت تتضخم وتفور فورانا، جنون لا مِساك له من الموت والقتل والدمار في كل شبر، لوعة وأنين في كل قلب، بلغ ذروة المواجهات والصراعات والفوضى، تشابكت المصالح وتضاربت حد الانصهار، انفجرت فيه كل الظواهر الشاذة وخرجت من أعماقها المتناقضات.
رأينا الخلافة تُبعثُ من أعماق التاريخ، شهدنا الصراعات الطائفية وفيّة لعصورها الأولى، مشاهد الرؤوس المقطوعة والسفاحين الذين يأكلون أكباد البشر، واكبنا سقوط أنظمة وثورات عارمة لم يشهدها الشرق من عقود، سمعنا عن صفقة القرن، أخوة وأواصر تعقد بين إسرائيل وآل سعود بوتيرة محمومة، سقوط عرش الوهابية، ظهور الأمير محمد بن سلمان وتغير وجه السعودية،حصار قطر، صواريخ الحوثي، وصعود الأكراد، وانقسام سوريا ونفوذ الروس.
كل عناصر التضاد الحاد حشرت في كبسولة الشرق الأوسط، القوى الكبرى، جنود حروب الوكالة، الإسلاميون والحكم، الديموقراطية وأنصارها، التطرّف والهرطقة، الطائفية والقوميات العرقية، التطبيع والمقاومة، كل هذا الهرج والصراخ والألم الذي ينبعث من ليل الشرق الأوسط ليملأ العالم؛ سوف تخمده حرب نووية لتخلف بعدها صمتا مطبقا شبيها بمشاهد الأبوكاليبس ونهاية العالم…كل الطرق تؤدي إلى انفجار عظيم.
قالها جون ماكين يوما في مشهد ميلودرامي أحمر أثار جدلا إبان حملته الانتخابية عام 2007، عندما سأله صحفي، متى سوف نبعث إلى طهران برسالة جوية، أجاب السيناتور بأغنيةBombIran”“الشهيرة لفرقة “The Beach Boys”،التي صدرت عام 1980 على خلفية احتجاز الرهائن الأمريكيين في طهران، ومطلعها: “bomb bomb bomb, bomb bombiran”

رأي اليوم

اترك تعليقاً