السيمر / فيينا / الاثنين 30 . 12 . 2019
حسين الموسوي
منذ اشهر تتعرض مقرات فصائل الحشد الشعبي في العراق لهجمات لاسيما بالطائرات المسيرة. وان كان مصدر هذه الهجمات معروف الا ان التطور المتمثل باعتراف الولايات المتحدة بتنفيذ الاعتداء الاخير على اللواء 45 في القائم يفتح باب التساؤل والتحليل واسعا.
بداية وللعودة قليلا للوراء حين كانت جماعة داعش الارهابية ما زالت تسيطر على مناطق واسعة في الموصل وغيرها من المناطق العراقية. حينها نشرت صحف اميركية تقريرا نقلت فيه عن طيارين في سلاح الجو الاميركي قولهم ان الاوامر العليا التي كانت تاتيهم من قياداتهم منعتهم من استهداف مواقع الارهابيين رغم انها كانت في مرمى نيرانهم.
هذه الوقائع تكشف ان المقاربة الاميركية للارهاب في العراق والمنطقة ليست كما تعلن واشنطن. وهو ما يتكشف مع تركيز الادارة الاميركية على وصف قوات الحشد الشعبي او بعض فصائله بالجماعات الارهابية رغم علم الجميع ان الحشد وفصائله حجر الاساس في عملية القضاء على داعش.
واذا كان التفريق بين الجهات المتهمة باستهداف الحشد في الاشهر الاخيرة غير ممكن (كون الكيان الاسرائيلي لا يختلف عن الادارة الاميركية)، الا ان دخول واشنطن على خط الاستهداف مباشرة واعترافها بضرب مقر الحشد يوجد ابعادا جديدة للقضية.
اولا
منذ بداية الاحتجاجات في العراق والمطالب المحقة للشعب العراقي، كانت مساعي اظهارها على انها مصوبة ضد الحشد وفصائله ومن خلفهم ايران. حتى ان بعض الاصوات المعروفة الانتماء والولاء اتهمت الحشد بانه جماعة ارهابية متناسية التضحيات التي قدمها في مواجه داعش التي كانت تهدد العراق بمختلف اطيافه. والضربة التي استهدفت الحشد تاتي بعد فشل واشنطن في تمرير المشروع المشبوه والمعروف من خلال الاحتجاجات رغم التمويل والرعاية والدعم الكبير للمجموعات التي روجت ضد الحشد وايران (ومنها حرق القنصلية الايرانية اكثر من مرة).
ثانيا
ما خلف التبرير الاميركي بان الاعتداء كان ردا على استهداف قواعد اميركية في العراق (اتهمت واشنطن كتائب حزب الله به)، هناك خلفيات ابعد من ذلك تشمل المواجهة مع ايران. حيث ان اي استهداف لاي فصيل في الحشد الشعبي تعتبره واشنطن استهدافا لايران. وهذه معادلة صحيحة على اعتبار ان ايران كانت حاضرة من خلال الدعم المقدم للحشد في مواجهة داعش. دعم لعب دورا اساسيا في افشال المشروع الاميركي الاسرائيلي العربي الذي كانت الجماعات الارهابية موكلة بتنفيذه على امتداد المنطقة.
كما ان المنطقة التي وقع فيها الاعتداء والقريبة من الحدود السورية تكشف عن نوايا الادارة الاميركية من ورائه، لاسيما حرصها على منع اكتمال الخط المناهض لها والمحبط لمشاريعها والممتد من العراق الى سوريا وصولا الى لبنان ومنه جنوبا الى فلسطين. وحجم الاعتداء والاعتراف الاميركي المباشر به يدلان على ان الادارة الاميركية تعرف ان اكتمال هذا الخط وحجم القوة التي سيوجدها يعني فشل مشروعها.
ثالثا
تسعى الادارة الاميركية من خلال استهداف الحشد الى ادخاله في البازار السياسي العراقي. واظهاره بانه عقبة امام اي مستقبل افضل للعراقيين. وهي استراتيجية تعتمدها واشنطن في مواجهة حركات المقاومة في لبنان وفلسطين. لكن ما يغيب عن بال الاميركيين رغم تحقيقهم بعض المكاسب في هذا المجال هو ان قوة الحشد (كما باقي حركات المقاومة في المنطقة) تنبع من الاحتضان الشعبي العراقي له والايمان لدى كل عراقي بان الحشد اساس في هزيمة الارهاب. وبالتالي فان استهدافه يعتبر استهدافا للسواد الاعظم من العراقيين.
اذا اللعب بات على المكشوف كما يقال من قبل الولايات المتحدة. واعتراف واشنطن اعقب اعترافا اسرائيليا على لسان قائد جيش الاحتلال افيف كوخافي الذي قال ان جيش الاحتلال تحرك وتصرف في المناسبات التي وجد ان خطرا يتهدده من العراق بحسب تعبيره. وهو اعتراف اسرائيلي للمرة الاولى بتنفيذ ضربا داخل العراق.
ومع الاعتراف الاميركي والاسرائيلي في التورط باستهداف الحشد، تدخل القضية مرحلة جديدة مع الاعتقاد الراسخ بان الحشد سيرد وان الضربات ستتوالى لكن من الجانبين هذه المرة وليس فقط من قبل واشنطن او كيان الاحتلال الاسرائيلي. والغلبة بطبيعة الحال ستكون لصاحب الحق هنا، وهو معروف للقاصي والداني.