السيمر / فيينا / الاثنين 30 . 12 . 2019
منيب السائح
الجريمة النكراء التي ارتكبتها امريكا في مدينة القائم غرب العراق والتي اسفرت عن استشهاد 25 مجاهدا بطلا من خيرة ابناء العراق واصابة اكثر من 50 آخرين، من الذين استجابوا لفتوى المرجعية ووضعوا ارواحهم على راحاتهم، وتوجهوا الى حرب عصابة “داعش” الوهابية، صونا لحرائر ومقدسات العراق، بعد ان اطلقتها امريكا لتعيث في ارض العراق فسادا، هي جريمة ضد العراق وسيادته وجميع العراقيين ومقدساتهم، وجاءت انتصارا لـ”داعش” ودعما للعصابات الامريكية الوهابية من بعثيين وتكفيريين ومرتزقة المندسين بين المتظاهرين منذ اكثر من شهرين.
ما كان للوقاحة الامريكية ان تصل الى هذا الحد، حيث تتبنى امريكا جهارا نهارا جريمة القتل الجماعي لابناء العراق الشرفاء من الذين افشلوا مخططاتها لتقسيم العراق وشرذمة العراقيين، لولا الظرف الذي وضعت فيه امريكا العراق، بعد ان ركبت عصاباتها موجة التظاهرات، وزرعت الفوضى والفتن والاضطرابات، فاستغل المحتل الامريكي الفراغ السياسي المتمثل بشغور منصب رئيس الحكومة وتقديم رئيس الجمهورية استقالته والارباك الذي يعصف بالبرلمان.
كانت امريكا تعتقد حتى عام 2014 ان العراق اصبح لقمة سائغة، وانها استطاعت ترويض العراقيين، من خلال اختلاق نظام المحاصصة الطائفية، وهو نظام يقضي على كل أمل في توحيد صف العراقيين، بل هو كالسم الزعاف ينهش بالجسد العراقي ويجعله طوع بنان الامريكيين، الا ان احلام امريكا ارتطمت بظهور حقيقة كبرى قبرت كل تلك الاحلام، وهذه الحقيقة ليس سوى “الحشد الشعبي”، الذي خرج من رحم فتوى الجهاد الكفائي التي اطلقها المرجع الديني الاعلى سماحة آية الله السيد علي السيستاني.
عندما نقول ان كيد امريكا كيد ساحر، لا ننطلق من هذه المقولة من الخيال بل من طبيعة الشعب العراقي والحقائق الموجودة على ارض العراق، فامريكا التي عبدت الطريق لعصابات “داعش” الوهابية لغزو العراق انطلاقا من سوريا كانت تعتقد جازمة ان العراق الواحد قد انتهى وان عراق “الامارات المتقاتلة” قد بدأ، ولكن وفي ظل تلك الظروف الصعبة والدواعش على ابواب بغداد والامريكيون يتفرجون، فاذا بالحشد الشعبي يخرج كالمارد من بين نيران “داعش” ويقلب الطاولة على الامريكيين ومخططاتها الكارثية ضد العراق والعراقيين.
الحشد الشعبي لم يقبر مؤامرات امريكا والصهيونية العالمية في العراق فحسب، بل مسك الحدود مع سوريا وبنى جسورا مع الجانب السوري للعبور عليها لمطاردة “داعش” وعدم السماح للامريكيين بصناعة “داعش” جديدة، وهو ما يفسر الضربات المتكررة التي تعرض لها الحشد الشعبي من قبل ثنائي الاجرام، امريكا والكيان الاسرائيلي خلال الفترة الماضية، والتي لم تجرأ لا امريكا ولا الكيان الاسرائيلي على تبنيها، فامريكا كانت تعلن ان القصف وقع خطأ، اما الكيان الاسرائيلي فكان يلوذ الى الصمت.
ان سيطرة الحشد الشعبي على المنطقة الاستراتيجية المتمثلة بالحدود بين العراق وسوريا والاردن، قلص قدرة امريكا والكيان الاسرائيلي على العمل لبناء واقع جديد في غرب العراق يتمثل بتأسيس “الاقليم السني” وتوطين الفلسطينيين فيه وفقا لما يسمى “صفقة القرن”، وزاد في المقابل تلاحم دول محور المقاومة الرافضة للمخططات الامريكية وفي مقدمتها “صفقة القرن” وتقسيم العراق وسوريا.
صحيح ان عصابات “الجوكر” الامريكي والعصابات البعثية ومرتزقة الدولار النفطي الخليجي القذر، وجدت لها مكانا بين المتظاهرين، وصحيح ان امريكا دخلت بكل ثقلها لاستهداف عناصر القوة في العراق، بعد ان فشلت اذيالها، عندما تجنب الحشد الشعبي الوقوع في فخ هذه العصابات رغم جرائم القتل التي استهدفت ابطاله من قبل من يلبسون لبوس المتظاهرين، وصحيح ان العراق يمر بظروف صعبة، الا ان ظروف العراق اليوم ليست اصعب من الظروف التي احاطت بالعراق بان الغزو “الداعشي” بتواطؤ امريكي فاضح، كما ان عراق اليوم يحتضن اقوى قوة شعبية في المنطقة، متمثلة بالحشد الشعبي، مدعومة من المرجعية الدينية العليا وجميع الشرفاء في العراق، كما ان هذه القوة هي جزء من محور مقاومة كان عنوان الانتصار خلال العقود الثلاثة الماضية رغم تكالب التحالف الامريكي الاسرائيلي العربي الرجعي.
ان العراقيين اليوم امام اختبار الوطنية الذي وضعهم فيه العدوان الامريكي الوقح، والعراقيون اهل الاختبار، فالذي سقطوا ظلما على يد مجرمي امريكا سقطوا لانهم وقفوا سدا منيعا امام المخططات الامريكية الرامية لمحاصرة العراق وتقسيمه وشرذمة اهله، فلايحتاج العراقي ان يكون خبيرا استراتيجيا ليعرف الاصرار الامريكي على التواجد في قاعدة عن الاسد في الانبار وقاعدة التنف في الجانب الاخر من الحدود في سوريا، ومحاولاتها المستميتة لمنع انتشار الحشد الشعبي على الحدود العراقية مع سوريا، وكذلك منع الجيش السوري من الانتشار على حدوده مع العراق، فكل هذه المحاولات من اجل تنفيذ اجندات امريكية تصب من الفها الى يائها في صالح الكيان الاسرائيلي الغاصب، لذلك على الحكومة العراقية ان تتخذ موقفا حازما من العدوان الامريكي وعلى البرلمان ان يمهد الارضية لطرد قتلة ابناء العراق الشرفاء من ارض العراق، وعلى المتظاهرين ان يطالبوا باخراج الامريكيين من ارضهم، فالجميع اليوم امام اختبار الوطنية، وهو اختبار من المؤكد سيخرج منه العراقيون مرفوعي الرأس، فالامريكيون وضعوا العراقيين بين السلة والذلة وهيهات منهم الذلة.
المصدر / العالم