الرئيسية / الأخبار / كوكب العراق والإنسانية

كوكب العراق والإنسانية

السيمر / فيينا / الخميس 09 . 04 . 2020

محمد جواد الميالي

الإنسانية.. مصطلح لطالما تغنت به منصات التواصل الإجتماعي، والقنوات الفضائية.. ودائماً ما يربط بدول الغرب ويستبعد عن العرب، فأصبحت هذه الكلمة فكرة نمطية لدينا بإلتصاقها بأقوام الغرب، كأننا لا نستحق أن نكون منهم، رغم أن فينا بعث نبي الإنسانية؟!

التظليل لايمكن أن يدوم طويلاً، ولابد لظلامه أن ينكشف، فكان فايروس كورونا هو اللاعب المنتظر، الذي كشف زيف الإعلام، وفند الفكرة النمطية حول الإنسانية..

رغم أنه كائن بلا ملامح لا يرى بالعين المجردة، لكنه أزال العديد من الأقنعة للشعوب وحكوماتها، بالإضافة إلى أنه وضع حداً لإستخفاف بني البشر، بتطاولهم على الطبيعة، بعد أن أوكلت لهم مهمة إعمار الأرض، لكنهم فشلوا فيها وإنشغلوا بحروبهم الإقتصادية، التي راح ضحيتها العديد من الأبرياء، ليأتي كوفيد 19 ويوقف كل هذه الهمجية.. فكانت الأمور كالتالي:

أولاً كشف الإنسانية المزيفة، التي لطالما خدعونا بها، بأن العرب أقواماً همجية وتبين أن أغلبهم مثالٌ للنبل والأخلاق.. وما أن بدأ حظر التجوال لديهم، حتى أتضحت نواياهم على حقيقتها، وبدأوا يتقاتلون في مراكز التسوق من أجل علبة ورق التواليت!

صار غنيهم يحتكر رغيف الخبز، ومواطنيهم أتجهوا لشراء الأسلحة حتى نفذت الذخائر من مراكز البيع، أما أماكن الوجبات السريعة، فقد أغلقت كلها، لأن حالات القتل لموظفيها قد بلغت حدا غريبا، هذا فقط ما يحدث في أمريكا..

ما حدث في قارة السيدة العجوز، كان شيئا شبه العجب العجاب، حيث أن سكان هولندا فرحون بهذا الوباء الفتاك، لأنه لا يقتل سوى كبار السن!.. لذلك هم سعداء بأنهم سيتخلصون من آبائهم وأجدادهم..

ثانياً الحكومات وعلى رأسها حكومة العم سام، التي صرحت بأن الرعاية الطبية، لن تقدم لمصابي متلازمة داون والتوحد والشلل، وسيكون العلاج  للأسوياء فقط، أما حكومات أوربا، فقد أصبحوا اقرب لقطاع طرق.. أيطاليا تصادر الشحنات الطبية التي تعبر أراضيها، وإسبانيا تسرق السفن التي تمر ببحرها..

أما كوكب العراق.. نعم كوكب،  لأنه أنفرد بشعبه الإنساني عن باقي البشر، حيث ملأت تبرعات المواطنين الشوارع، ووصلت إلى دور الفقراء، وحملة تكافل التي أطلقها مراجع الشيعة في النجف، أنطلقت في ربوع بلدنا بأجمعه، وبدأ العراقيين يتقاسمون قوت يومهم فيما بينهم.. هذه هي الإنسانية الحقيقية، التي لطالما أوهمونا بأننا لا نمتلكها.

الشكر في ما يحدث ربما يجب أن ينسب إلى اللاعب الصغير الذي لا ملامح له، لأنه أنعش الطبيعة، وكشف الحقيقة، وأوقف الحروب على الأقوام الضعيفة.

اترك تعليقاً