السيمر / فيينا / الثلاثاء 28 . 03 . 2023
موقف ليس بجديد على حكومة إقليم كردستان، التي ضربت أسوأ الأمثلة بطعن قرارات المحكمة الاتحادية لاسيما تلك التي تخص النفط والغاز، فالمساس بهما كالتجاوز على “الخطوط الحمراء”، والسبب لا يخفى على الجميع، فالمصالح فوق الجميع وثروة عائلة بارزاني لا يقف بطريق زيادتها أحد.
ضرب قرارات المحكمة الاتحادية أصبحت عادة اعتيادية والتهجم عليها صار واجباً لدى حكومة كردستان، الا أن هذه المرة، القضية ليست متعلقة بالصراعات داخل البلد على ثروات النفط فقط، بل ضرب قرار دولي أنصف العراق حكومة وشعباً “عرض الحائط”.
وكانت محكمة التحكيم الدولية، التابعة لغرفة التجارة الدولية، في باريس، قد قضت بعدم شرعية تصدير النفط الخام من إقليم كردستان عبر ميناء جيهان التركي.
و أعلنت وزارة النفط الاتحادية، يوم السبت، كسب دعوى التحكيم الدولية المرفوعة من قبل العراق ضد تركيا بشأن تصدير النفط الخام من إقليم كردستان عبر ميناء جيهان التركي.
قرار المحكمة التحكيم لم يقف عاقلاً أمام مواقف كردستان “الجريئة”، فبعد القرار بيومين، أبدت موقفاً جديداً وأكدت مضيها على تصدير النفط عبر ميناء جيهان الى تركيا.
وتوقعت رئاسة إقليم كردستان، اليوم الاثنين، استئناف تصدير نفط الإقليم مرة أخرى عبر الأنبوب الممتد إلى ميناء جيهان التركي وذلك تعقيبا على الحكم الدولي الذي كسبته الحكومة الاتحادية والذي تسبب بإيقاف التصدير من ذلك الأنبوب.
ويقول المتحدث باسم رئاسة الإقليم دلشاد شهاب في مؤتمر صحفي، تابعته / المعلومة/: “لغاية الان لا نعلم بصدور قرار رسمي بشأن إيقاف تصدير النفط إقليم كردستان”، مؤكدا ان “هناك اتفاقا بين دولة تركيا وحكومة إقليم كردستان بشأن تصدير النفط، مثلما هناك اتفاق بين العراق وتركيا”.
ويتابع شهاب بالقول: “إذا ما حصل توقف مؤقت لتصدير النفط، فنحن مطمئنون باستئناف واستمرار عملية تصدير نفط كوردستان”.
لجنة النفط والغاز والثروات الطبيعة النيابية، اليوم الاثنين، ردت على توقعات إقليم كردستان بشان إمكانية استئناف النفط مرة أخرى الى تركيا، فيما عدت قرار تحكيم المحكمة الدولية بانه كشف خروقات الإقليم “غير الدستورية”.
وتقول عضو اللجنة، زينب الموسوي، في حديث لـ/ المعلومة /، إن “إقليم كردستان لن يستطيع تصدير النفط الخام دون الرجوع الى بغداد؛ كون تركيا أبلغت الحكومة العراقية بالتزامها بقرار محكمة التحكيم الدولية في نادي باريس التي قضت لصالح العراق ضد تركيا بشأن النفط للكردي”.
وتضيف الموسوي، أن “كردستان ليس لديها طريق اخر للتصدير النفطي الا عن طريق الانابيب الواصلة لميناء جيهان التركي”، مبينة ان “تركيا اكدت التزامها بعدم استقبال نفط كردستان وتعهدت بالالتزام باتفاقية عام 1973 بينها وبين العراق بخصوص التصدير النفطي”.
وتوضح عضو لجنة النفط النيابية، ان “الوفد الكردي وصل، يوم أمس الاحد، ولغاية الان يجري مباحثات في بغداد”، لافتة الى “وجود تجاوب من الوفد الكردي؛ كون قرار محكمة التحكيم الدولي كشف الخروقات غير الدستورية للإقليم”.
بدوره، الخبير القانوني، جبار الشويلي، حسم الجدل حول أمكانية تصدير النفط من إقليم كردستان الى تركيا، وفيما عد قرار محكمة التحكيم الدولية “لا رجعة فيه”، بين ان تصدير النفط لابد أن يكون عبر المنافذ الدولية للبلد حصراً.
ويذكر الشويلي في حديث لـ / المعلومة /، أن “قرارات المحكمة التحكيم في فرنسا ملزمة بالتطبيق، باعتبارها محكمة دولية”، معتبراً “هذا القرار ملزماً لطرفي النزاع اللذين تقدما بشكاوى أمام هذه المحكمة”.
ويبين: “بغض النظر عن هذا القرار، بالنتيجة أن تصدير النفط لابد أن يكون عبر المنافذ الدولية للعراق وهو ما يعني مروره من خلال الحكومة الاتحادية باعتبار ان الدستور نص على أن النفط هو ثروة الشعب بكل طوائفه ومذاهبه”.
ويوضح الخبير القانوني، أن “الثروات وطنية ولا تخضع لجهة او فئة أو قومية معينة، وبالتالي ضرورة الاحتكام الى الدستور ويكون التصدير فقط عبر بوابة بغداد حصراً”.
ويلفت الشويلي الى ، ان “محكمة التحكيم الدولية نصت على أن العراق بلد ذو سيادة وعاصمته بغداد ويملك دستوراً، وبالتالي لابد ان تتحكم جميع الأطراف الى احكام الدستور الذي صوت عليه الشعب بما فيه شعب إقليم كردستان”.
ويتابع حديثه قائلاً: “قرار المحكمة التحكيم الدولية لا رجعة فيه ولا يمكن تجاوزه باي حال من الأحوال”.
استمرار تجاوز حكومة إقليم كردستان على القرارات القضائية سواء كانت محلية ام خارجية يتطلب سياسة جديدة تتخذ من الحكومة الاتحادية لاجبار أربيل على ضرورة الاحتكام للدستور لاسيما ان الأخيرة تضع مصالحها فوق كل اعتبار، بعكس بغداد التي تحاول بناء مرحلة جديدة من التفاهم، وارسال 400 مليار دينار قبل فترة وجيرة، أفضل دليل.