السيمر / فيينا / الاحد 26 . 07 . 2020 — من آن لآخر، يتجدد الجدل في الشارع الكويتي والخليجي حول ملف خلافة أمير الكويت الشيخ “صباح الأحمد الجابر الصباح”.
ويعاني “صباح الأحمد” (91 عاما) من كبر السن، وأمراض عدة، ويعالج كثيرا في الخارج لفترات طويلة يغيب فيها عن البلاد؛ ما يفتح باب التكهنات حول هوية من سيخلفه.
ويتركز الحكم في نسل الشيخ “جابر بن مبارك الصباح”، الحاكم الثامن للكويت، مع تراجع نفوذ “السوالم”، وهم أبناء الشيخ “سالم بن مبارك الصباح” الحاكم التاسع للبلاد.
وفي 2006، تجاوزت الكويت العرف التقليدي حول تبادل السلطة بين جناحي “الجوابر” و”السوالم”؛ عندما تولى أمير البلاد الحالي الشيخ “صباح الأحمد الصباح” السلطة خلفا لشقيقه “جابر الأحمد الصباح”.
وتأمل عواصم غربية وخليجية في حدوث انتقال آمن للسلطة في البلد الغني بالنفط، الذي يحتضن مقر الجيش الأمريكي الثالث، ونحو 16 ألف جندي أمريكي.
تكرار أزمة 2006
تثار تكهنات واسعة حول إمكانية أن تتكرر تجربة العام 2006، عندما تمت الاستعانة بدستور البلاد لحسم هوية أمير الكويت بعد حدوث خلافات داخل الأسرة الحاكمة، حول شخصيتين كانتا الأقرب لتولي المنصب بعد وفاة أمير الكويت السابق، الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح.
وكان من المفترض يومها، أن يتولى الشيخ سعد العبدالله السالم الصباح، قيادة البلاد لكونه ولي العهد، لكنه واجه اعتراضات من داخل الأسرة بجانب اعتراضات من الحكومة ومجلس الأمة الذي يعد برلماناً للكويت وفق المفاهيم السياسية الغربية، وجميعها ترتبط بوضعه الصحي المتردي يومها.
وبعد نقاشات داخل العائلة الحاكمة، بدا أن الخلاف سيستمر مع تمسك الشيخ سعد العبدالله السالم الصباح برغبته في قيادة البلاد، وتطلب الأمر تدخل مجلس الأمة من خلال الاستعانة بدستور الكويت، الذي ينص في مواده الثالثة والرابعة والثامنة على آلية حسم خلاف كهذا فيما لو وقع.
الاحتكام للدستور
تمنح تلك المواد من الدستور الصادر عام 1964، مجلس الأمة صلاحية بأغلبية ثلثي الأعضاء الذين يتألف منهم، لحسم مصير هوية أمير البلاد أو ولي عهده، في حال تأكد له فقدانهما أو فقدان أحدهما لشروط شغل منصبيهما أو فقدان القدرة الصحية على ممارسة صلاحياتهما.
كما يمنح الدستور، مجلس الوزراء جميع اختصاصات رئيس الدولة إذا ما خلا منصب ”أمير البلاد“ ولم يكن هناك ولي للعهد بعد، وهو ما جرى في العام 2006، عندما تولى رئيس الحكومة الكويتية آنذاك، الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، صلاحيات أمير البلاد، قبل أن تتم مبايعته رسمياً الأمير الخامس عشر للكويت بعد تلك الأزمة الدستورية أو العائلية كما سماها بعض المراقبين.
وفي حين كان الخلاف في العام 2006، حول شخصيتين، هما الشيخ سعد العبدالله السالم الصباح، والشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، فإن الخلاف الذي يُعتقد أنه قد يثار عند وفاة أمير الكويت الحالي، سيكون حول عدد أكبر من المرشحين من أبناء الأسرة الحاكمة.
نرصد في هذا التقرير أبرز المرشحين للصعود إلى سدة الحكم في الكويت.
- نواف الأحمد
هو ولي عهد الكويت منذ فبراير/شباط 2006، وهو الابن السادس لأمير الكويت العاشر، الشيخ “أحمد الجابر الصباح”، ومن أبرز المرشحين لخلافة شقيقه “صباح الأحمد”.
وتولى “نواف” عدة مناصب وزارية خلال مسيرته السياسية قبل تقلده ولاية العهد، منها الداخلية والدفاع والشؤون الاجتماعية، ومنصب النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء.
وولي عهد الكويت من مواليد يونيو/حزيران 1937، ويبلغ من العمر 83 عاما، وخضع لعدة عمليات جراحية، ورحلات علاج داخل وخارج البلاد.
ويمكن أن تحول اعتبارات السن والمرض، بين “نواف الأحمد” وحكم البلاد؛ الأمر الذي سبق أن شهدته الكويت حينما تدخل مجلس الأمة (البرلمان) عام 2006، وقام بعزل الشيخ “سعد العبدالله السالم الصباح”، ولي العهد الذي تولى الإمارة لعدة أيام بعد وفاة الشيخ “جابر الأحمد الصباح”، لأسباب صحية، لتذهب السلطة إلى أمير البلاد الحالي.
- ناصر الأحمد
الابن الأكبر لأمير الكويت، وقد تصدر المشهد السياسي في البلاد، خلال الأعوام القليلة الماضية، بتسلمه وزارة الدفاع العام 2017، إلى جانب منصب نائب رئيس مجلس الوزراء.
ويتصدر “ناصر” (72 عاما) المرشحين لخلافة والده، وهو يقود مشروع “رؤية الكويت 2035″، الذي يستهدف بناء اقتصاد كويتي متعدد الموارد ينهض بالبلاد خلال مرحلة ما بعد النفط.
ويعد الأمير المرتقب (مواليد 1948)، ورجل الأعمال السابق، بقيادة البلاد نحو وقف الاعتماد على النفط كمصدر دخل رئيس للبلاد وبناء مدينة اقتصادية شمالي الكويت، تعرف باسم مدينة الحرير، إضافة إلى مشروع تطوير 5 جزر كويتية وجعلها وجهة سياحية.
وزادت أسهم الأمير “ناصر” في الشارع الكويتي بعد تفجيره قضية فساد كبيرة بشأن الاستيلاء على نحو 800 مليون دولار من صندوق لمساعدة العسكريين، قبل توليه منصب وزير الدفاع؛ وهو ما عجل باستقالة حكومة البلاد، نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.
لكن قيام الأمير بإقالة نجله من منصبه أثار الشكوك حول مستقبله السياسي، وبات لا يشغل حاليا سوى منصب نائب رئيس المجلس الأعلى للتخطيط، وسط ترجيحات بأن كلمة القضاء في قضية “صندوق الجيش” ستعزز صورته كمسؤول مناهض للفساد، وقد تدفع به مستقبلا لولاية العهد، ومنها إلى سدة الحكم.
- محمد صباح السالم
يعد الشيخ “محمد صباح السالم الصباح” مرشح عائلة “السوالم” الأول لولاية العهد، وهو نائب رئيس مجلس الوزراء سابقا، وتولى عدة مناصب وزارية في السابق، أبرزها الخارجية والنفط والمالية والتخطيط.
ويحظى مرشح “السوالم” (64 عاما) بالقبول، بعد أن استقال من الحكومة أواخر 2011؛ احتجاجا على فشل الحكومة في مواجهة الفساد.
لكن في ضوء تراجع نفوذ “السوالم”، مقابل تمدد جناح “الجابر” في أروقة السلطة، والغياب اللافت لـ”محمد صباح السالم” عن المشهد السياسي، فإن فرصه تتضاءل في الوصول إلى سدة الحكم.
- جابر مبارك الحمد
يبرز كذلك ضمن قائمة المرشحين لخلافة أمير الكويت، الشيخ “جابر مبارك الحمد الصباح” (77 عاما)، وهو رئيس الوزراء المستقيل في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.
واستقال “جابر” من منصبه الذي تولاه لأكثر من 7 سنوات، بعد خلافات مع وزير الدفاع ونجل أمير البلاد، الشيخ “ناصر بن صباح الأحمد الصباح”؛ بسبب باتهامات فساد.
ورفض “جابر”، صاحب الخبرة السياسية الكبيرة، تكليفا جديدا من أمير الكويت بتشكيل الحكومة، معربا عن أسفه مما طاله من “افتراءات وادعاءات” تمس ذمته، ومشددا على أن واجبه أولا أن يثبت براءته.
- أحمد الفهد
وتتضمن قائمة المرشحين كذلك، الشيخ “أحمد الفهد الأحمد الصباح”، الذي لا يخفي تطلعه للحكم باعتباره وريثا لوالده “فهد الأحمد الجابر الصباح” التي قتل أثناء الغزو العراقي للكويت عام 1990.
و”الفهد” (56 عاما)، يتمتع بنفوذ واسع في عالم الرياضة على المستويين الدولي والقاري، وهو رئيس المجلس الأوليمبي الآسيوي ورئيس الاتحاد الآسيوي لكرة اليد.
وقبل سنوات، واجه “الفهد” هو الآخر اتهامات فساد من قبل الادعاء السويسري، وكذلك اتهامات فساد من قبل البرلمان الكويتي.
وتولى”الفهد” في السابق وزارات النفط والطاقة والإعلام والصحة، وكان رئيسا لجهاز الأمن الوطني، ونائبا لرئيس الوزراء، وأمينا عاما لمنظمة “أوبك”.
ويقول مراقبون إن صراعاته الشخصية التي خاضها داخل وخارج البلاد، والجدل الذي يثيره دوما بأحقيته في الحكم، هي أمور تجعل فرصه محدودة لتولي السلطة.
وهناك أسماء أخرى مثل الشيخ” ناصر المحمد الأحمد الصباح” (79عاما)، رئيس مجلس الوزراء الكويتي الأسبق، والابن الثاني للشيخ “محمد الأحمد الجابر الصباح”، وهناك رئيس الوزراء الحالي الشيخ “صباح خالد الحمد الصباح”، نجل الشيخ “خالد حمد المبارك الصباح”، لكن الأخيرين لا يتمتعان بثقل كبير.
وينص الدستور الكويتي، في المادة (1) من قانون توارث الإمارة الصادر عام 1964، على أن “الكويت إمارة وراثية في ذرية المغفور له مبارك الصباح” الذي حكم الكويت من 1896 إلى 1915، لكن طريقة انتقال الحكم لم تحدد بشكل واضح؛ ما يجعل ترتيب بيت الحكم أحد التحديات الكبرى التي تواجه الأسرة الحاكمة في الكويت.
المصدر / الخليج الجديد