السيمر / الجمعة 05 . 08 . 2016
نـــــــــزار حيدر
١/ لقد دلَّ المشهد الأَخير الذي تابعهُ العراقيّون قبل يومَين في مجلسِ النّوّاب على انّ (زُعماء) البلد و (ممثّلي الشّعب) يجهلون الشّيء الكثير من مهامّهِم وواجباتهِم الدّستوريّة والقانونيّة، كما أَنّهم يفتقِرون الى الرُّشد والحِكمة في التّعامل مع المشاكل والحلول في آنٍ واحدٍ!.
٢/ هي ليست المرّة الاولى التي تشتعل فيها مُختلف وسائل التّواصل الاجتماعي، الى جانب الاعلام، لتُظهر وتعكس لنا مدى سخط واستياءِ العراقيّين من الفساد، الا أنّني أَجزم بأّنّ نتيجة هذا الاشتعال ستكونُ مشابهةً للمرّات السّابقة، حذوَ النّعلِ بالنّعلِ! اذ ستهدأ سَورة الغضب وتنطفئ النار ويعودُ كلُّ شَيْءٍ على ما كان عليهِ سابقاً، فلقد عوّدنا العراقيّون على انّ نارَ غضبهِم من شَيْءٍ تشبه النّار التي تشتعل في [العاقول البرّي] سريعة الاشتعال شديدة الوهج سريعة الانخِماد! واذا تقرّر اجراءِ انتخاباتٍ مبكّرة اليوم تحديداً فسيكّرر النّاخب ذات الخَيارات السّابقة فيستنسخ نفس الوجوهِ الفاسدة والفاشلة، فلقد تعلّمنا من التّجارِب السّابقة انّ وسائل التّواصل الاجتماعي باتت بالنّسبة للعراقيّين المكان المناسب لقيادة الثّورات والانتفاضات، وهي في نفس الوقت بمثابةِ الماء الذي يُطفئ هذه الثّورات!.
انّها بالنّسبةِ لهم السّاحة المفضّلة لتصفيةِ الحسابات!.
٣/ وبعد ان تبيّن لنا ضحالة مُستوى مجلس النوّاب الذي يُبنى عليه كلّ النّظام السّياسي في الدّولة ومؤسّساتها، على اعتبارِ انّهُ نظامٌ برلمانيٌّ (نيابيٌّ) أكونُ شخصيّاً قد يئِستُ من إمكانيّة التغيير الجذري ما لم يتمّ العمل بجدٍ ومُثابرةٍ من هذه اللّحظة على تغيير البرلمان في الدّورة الانتخابيّة القادمة، الامر الذي لم ولن يتحقّق الا بتغيير؛
الف؛ قانون الانتخابات لضمانِ تحقيقِ مبدأ [صوتٌ واحِدٌ لمواطنٍ واحدٍ] من خلال تقسيم العراق الى عددٍ من الدّوائر الانتخابيّة يساوي عدد مقاعد البرلمان، كما نصَّ على ذلك الدّستور [مقعدٌ برلمانيٌّ واحِدٌ لكلِّ ١٠٠ الف مُواطن].
باء؛ تغيير قانون الاحزاب لضمان معرفةِ مصادر تمويل الاحزاب والكُتل السّياسية من جانبٍ، ولضمان التأَكُّد من انَّ [المواطنة] فقط لا غَيْرَ هي المعيار الوحيد للانتماء للأحزاب والحركات السّياسيّة.
جيم؛ تشريع قانون الإحصاء العام لضمان توزيع مقاعد البرلمان بصورةٍ أَكثرَ عدالةٍ.
دال؛ إصلاح قانون المفوضيّة المستقلّة العليا للانتخابات وإعادة تشكيلها وهيكلتها لضمانِ استقلاليّتها بالمُطلق.
٤/ الفاسدون من جانبهِم يُحاولون تضييع أَنفسهِم في دهاليز (النّزاهة) و (القضاء) و (وسائل التّواصل الاجتماعي) وغير ذلك، فكلُّهم لجأوا الى القضاءِ! وكلُّهم لجأوا الى النّزاهةِ! وكلُّهم لجأوا الى الاعلامِ! يفضح بعضهُم البعض الآخر، وهكذا، على قاعدة [خلط الماء لتضييع السّمكَة المقصودة!] وفي جوّ هذه الفوضى ستظهر براءَة ونزاهة الجميع كما في كلِّ مرّة، امّا اللصّ الحقيقي والفاسد والفاشل الحقيقي فهي كائنات غريبة كانت قد هبطت علينا من السّماء سرقت كلّ شَيْءٍ وعادت {وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ}.
٥/ صحيح ان سيناريو البرلمان هذه المرّة يختلف بعض الشّيء عن سابقاتهِ، فالسيّد وزير الدّفاع لم يكتف بالتّهديد بالملفّات التي بحوزتهِ، بغضّ النّظر عن صحَّتها من سقمِها فتلك مهمّة الجهات المختصّة التي نأمل ان تكشف لنا عن الْحَقيقَةِ! كما كان يفعل السيّد رئيس الحكومة السّابق الذي ظلّ يُهدّد بالملفّات التي بحوزتهِ مدّة (٨) سنوات من دونِ أَن يفصح حتّى عن واحدٍ منها! صحيحٌ ذلك، الا انّ الممثّلين والكومبارس والمشاهدين هُم أَنفُسَهُم لم يتغيّر من المشهدِ شيءٌ، كما انّ الفحوى والمُحتوى هو الآخر واحِدٌ لم يتغيَّر مِنْهُ شيءٌ!.
٦/ وبعد كلّ هذا! لازالَ الرّأي العام العراقي ينتظر أَن يفصح القضاء عن الحقيقة! وهو يعرِف جيداً وبالقطعِ واليَقين بأَنّهُ قضاءٌ فاسدٌ ومسيَّسٌ ومُنحازٌ ومُتستّرٌ، أَمْ نسِيَ العراقيّون المشهد عندما أَخذَ العام الماضي مُرشد الجمهوريّة الاسلاميّة في إِيران، مُتعمّداً وقاصداً، رئيس مجلس القضاء الاعلى بالاحضان في ذروةِ المطالبات الشعبيّة الدّاعية الى إِقالةِ المحمود وتطهير القضاء من الفسادِ المالي والاداري [وكذلك فعلَ الشّيء نَفْسَهُ عدد من المراجع الحزبيّين في مدينة قُم المقدّسة في سابقةٍ غَيْرَ مسبوقةٍ بالمرّة] في رسالةٍ وجّهتها الجارة الشرقيّة الى الشّارع العراقي مفادُها انّ (إِصْلاحَ القضاءِ خطٌّ أَحمر)!.
أَيُّها العراقيّون أَفيقوا! والا فسيتكرّر السيناريو معكُم كلَّ يومٍ بلا نتيجةٍ!.
…ولا زال السياسيّون يحدّثونَنا عن السّيادة والهَيبة! و…الحَصانة!.