أخبار عاجلة
الرئيسية / مقالات / كلمة امة في القرآن الكريم (أمة وسطا) (ح 5)

كلمة امة في القرآن الكريم (أمة وسطا) (ح 5)

فيينا / الخميس 14 . 11 . 2024

وكالة السيمر الاخبارية

د. فاضل حسن شريف
عن تفسير الميسر: قوله عز من قائل “وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ” ﴿البقرة 143﴾ أمّة وسط: خيارا أو متوسّطين مُعتدلين، وكذلك جعلناكم أمة وَسَطًا لتكونوا شهداء على الناس: عدولاً تشهدون أن الرسل قد بَلَّغوا أقوامهم. وكما هديناكم أيها المسلمون إلى الطريق الصحيح في الدين، جعلناكم أمة خيارًا عدولا لتشهدوا على الأمم في الآخرة أن رسلهم بلَّغتهم رسالات ربهم، ويكون الرسول في الآخرة كذلك شهيدًا عليكم أنَّه بلَّغكم رسالة ربه. وما جعلنا أيها الرسول قبلة “بيت المقدس” التي كنت عليها، ثم صرفناك عنها إلى الكعبة بـ “مكة”، إلا ليظهر ما علمناه في الأزل، علما يتعلق به الثواب والعقاب لنميز مَن يتبعك ويطيعك ويستقبل معك حيث توجهت، ومَن هو ضعيف الإيمان فينقلب مرتدًا عن دينه لشكه ونفاقه. وإن هذه الحال التي هي تحول المسلم في صلاته من استقبال بيت المقدس إلى استقبال الكعبة لثقيلة شاقة إلا على الذين هداهم ومنّ عليهم بالإيمان والتقوى وما كان الله ليضيع إيمانكم به واتباعكم لرسوله، ويبطل صلاتكم إلى القبلة السابقة. إنه سبحانه وتعالى بالناس لرءوف رحيم. 
جاء في موقع رافد عن عصمة النبي صلى الله عليه وآله وسلم للدكتور صلاح الدين الحسيني: ويقول سبحانه وتعالى في سورة البقرة: “وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا” (البقرة 143). ويقول سبحانه وتعالى في سورة النساء: “فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أمَّة بِشَهِيد وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَـؤُلاء شَهِيدًا” (النساء 41). ويقول سبحانه وتعالى في سورة النحل: “وَيَوْمَ نَبْعَثُ مِن كُلِّ أُمَّة شَهِيدًا ثُمَّ لاَ يُؤْذَنُ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ وَلاَ هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ” (النحل 84). ويقول سبحانه وتعالى في سورة الزمر: “وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاء” (الزمر 69). والشهادة في هذه الآيات مطلقة غير مقيّدة، وظاهرها جميعها هو الشهادة على أعمال الأمم وعلى تبليغ الرسل كما تبيّن لك الآية التالية وهي قوله تعالى في سورة الأعراف: “فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ” (الاعراف 6)، وهذه الشهادة وإن كانت في الآخرة ويوم القيامة لكن يتحملها الشهود في الدنيا على ما يدل عليه قوله سبحانه: “وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَّا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنتَ أَنتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنتَ عَلَى كُلِّ شَيْ شَهِيدٌ” (المائدة 117)، ويقول سبحانه وتعالى: “وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا” (النساء 159).
وعن الحالة السياسيّة والاجتماعيّة في عهد بني أميّة يقول الشيخ الآصفي في كتابه: “وَ كَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ وَ يَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً” (البقرة 143). وبناء هذا الكيان هو كلّ عمل الأنبياء وجهدهم وجهادهم في التاريخ. وهذه الأمّة هي التي حملت كلمة التوحيد إلى أرجاء المعمورة، وحملت عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم تبليغ هذه الرسالة، وتحمّلت مسؤوليّة إزالة الاستكبار والشرك والكفر والفساد من وجه الأرض. تلك هي المواريث الكبيرة التي أورثها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم أجيال المسلمين من أمّته من بعده.
يقول الشيخ عبد السلام فرج الله عن قوله تعالى “وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا” (البقرة 143) وقد أوضح الله سبحانه صفة تلك الامة بقوله “وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ ۚ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ” (ال عمران 105) فالامة الوسط هي المفلحة أفضل الامم كما ورد في اللغة ان الوسط هو الأفضل “مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ” (المائدة 89). فالامة الوسط عندما يكون أغلب افرادها يعيشون الوسطية وليس القلة منهم. وورد عن الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم (الوسط العدل). قال الله عز وجل “قَالَ أَوْسَطُهُمْ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ لَوْلَا تُسَبِّحُونَ” (القلم 28) أوسطهم أي اعدلهم أو أفضلهم أو أخيرهم. الوسطية اي العدالة بين المؤمنين وغير المؤمنين “لَّا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ” (الممتحنة 8). والوسطي لا يبخس أي أحد “وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ” (هود 85). الوسطية أيضا في الانفاق “الَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَٰلِكَ قَوَامًا” (الفرقان 67)، و “وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَىٰ عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَّحْسُورًا” (الاسراء 29). وحتى الوسطية بين الجهر والاخفات في الصلاة “وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَٰلِكَ سَبِيلً” (الإسراء 110). قال الله جل جلاله “وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِن صَوْتِكَ ۚ إِنَّ أَنكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ” (لقمان 19). و الوسطية بين تحديق العين وغمضها أي الغض من البصر “قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ” (النور 30)، و “وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ” (النور 31).
عن المركز الاستراتيجي للدراسات الإسلامية التحديد المفاهيمي لمصطلحيّ الأمّة والمُواطَنة للسيد صادق عباس الموسوي: يُعتبَر تحديدُ المفهوم خطوة أولى في سبيل الوصول إلى نتيجة حميدة للبحث، حيث تخرُج مصطلحات البحث من دائرة الغموض والإبهام إلى وجهة الوضوح والبيان، تمهيداً لإيصال الفرضيّات إلى الدليل والبرهان. لذلك لا بُدَّ من إيراد تعريف للمفهومين وتحديدهما، وبيان حدودهما تمهيداً للولوج إلى حلٍّ للإشكاليّة المطروحة. القُسم الأوَّل: مفهوم الأُمَّـة: يتماهى مفهومُ الأُمَّـة في معاجم اللغة بالجماعة البشريَّة والأقوام والناس، ويتقاطع مع مفاهيم المِلَّة والقوم والشعب. ويُعرِّف إبنُ منظور مُفردة الأُمَّـة بأنها القرنُ من الناس، أما أُمَّة كلِّ نبّي فهم من أُرسِل إليهم من كافر ومؤمن، وأُمَّة مُحمَّد كل من أُرسِل إليه ممن آمن به أو كفر. ويعاضدُه في ذلك الراغب الأصفهاني، حيث صنَّفَ الأُمَّـة (بأنَّها كلُّ جماعةٍ يجمعُها أمرٌ ما، إنْ دينٍ واحد أو زمانٍ واحد أو مكانٍ واحد، سواءَ كانَ ذلك الأمرُ تسخيراََ أو إختياراََ، وجمعُها أُمَم). ولكنَّ القواميسَ تذكرُ معانٍ أُخرى لهذا المفهوم، حيثُ يذكرُ صاحبُ لسانِ العرب مرادفات له، كالرجل الذي لا نظيرَ له والحين والمُلك. ويذكر إبن الأنباري في كتابه الزاهر في معاني كلمات الناس أنّ الأُمَّـة في كلام العرب تنقسمُ إلى ثمانية أقسام، منها الجماعة والزمان والدين. والسبب الأساس في تنّوع معاني هذه المفردة إستعمُالها قرآنيَّاً في عدَّةِ موارد بمعانٍ مُختلفة، ممّا يَشُّقُ على اللغوي أن يجمعَها في معنى واحد ليعتبر الباقي مصداقاً لها، ما يُلزِمُهُ بأن يفترِضَ أنّ لها معانٍ كثيرة تختلف بحسب إستعمَالها في الخطاب والنّص، وبحسب مقصد المستعمِل لها. أمـَّا إصطلاحاً، فيتبادرُ من إطلاق كلمة الأُمَّـة الجماعة البشريّة المتجانِسة، حيث يكون التجانس إما زمانيّاً أو مكانيّاً أو فكريّاً ودينيّاً. وتُعرِّف موسوعةُ السياسة الأُمَّـة، بأنها مجموعةٌ بشريةٌ، تكَوَّنَ تآلفُها وتجانسُها القومِّي عبر مراحل تاريخيَّة تحقَّقت خلالها لغةٌ مشتركةٌ، ممّا يؤدِّي إلى إحساسٍ بشخصيّة قوميّة وتطّلعات ومصالح قوميّة موحّدة ومستقّلة. ولكن يبدو أنّ هذا التحديد موغِلٌ في التقييد، حيث يجمعُ عدداََ كبيراً من المحدِّدات ليُطلق على قومٍ بأنّهم أُمَّة، الأمر الذي يُخالف إرادة عدد كبير من المستعمِلين لهذا المفهوم. هذا الإشكالُ على التعريفِ المذكور تتجنّبهُ الموسوعةُ العربيّةُ العالميّةُ التي تُعرِّف الأُمَّـة بأنّها (مجموعة بشريّة كبيرة توحِّدُها عواملٌ مشتركةٌ مثلُ الدين واللغة والتاريخ والتراث والثقافة المشتركة، وكثيراً ما يشعرُ الناس بولاء كبير لأمّتهم ويعتّزون بمّميزاتها القوميّة). هذه التعريفات وغيرها، بقدر ما تعطي وضوحاً عن هذا المصطلح، بقدر ما تُولِّد إبهاماً وغموضاً، خاصّة فيما لو قارنّا بين نتاج هذه التعريفات وبين الصيرورة التاريخيّة لهذا المصطلح. فالدائرةُ الواسعةُ التي رسمتها هذه المعاجم لهذا المصطلح من حيث الشمول والانطباق، يعارضُها تضييقٌ وتحديدٌ يمكن أن ينّبه إليهما الباحث في الاجتماع السياسيّ الإسلاميّ والعربيّ بجلاء ووضوح. هذا ما سيتّضح فيما لو استطعنا أن نجعل البحثُ أكثرَ إيغالاً في فهم المصطلح المذكور، وكيف استَعمِلَته العرب بمعنىً محدَّد، وكيف تمَّ نقلُه نقلاً تعيُّنِّياً حيث تتَّسع دائرته ويصبح أكثر انطباقاً على مصاديق مختلفة.

*****

وفق حرية الرأي والنشر يتم نشر هذه المادة

الجريدة غير مسؤولة عما ينشر فيها من مواد واخبار ومقالات

أي اعتداء او تجاوز ، او محاولة حذف المادة باي حجة واهية سنلجأ للقضاء ومقاضاة من يفعل ذلك

فالجريدة تعتبر حذف اي مادة هو قمع واعتداء على حرية الرأي من الفيسبوك

اترك تعليقاً