المركز الخبري لجريدة السيمر الاخبارية / مركز الإتصالات الإعلامية ( ماتع ) / الحزب الشيوعي العراقي — عقدت اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي اجتماعها الاعتيادي الدوري يوم الجمعة (9 تشرين الاول 2015) في بغداد وبدات اعمالها بالوقوف دقيقة صمت تكريما لشهداء شعبنا، من المكافحين ضد الارهاب وداعش، وللرفاق والاصدقاء الراحلين عنا.
وحيا الاجتماع في مناسبة العيد الثمانين للصحافة الشيوعية الرفاق والاصدقاء والعاملين جميعا في منابر الحزب الاعلامية وصحافته، ومجّد ذكرى شهدائها والراحلين من الذين عملوا فيها منذ صدور العدد الاول لصحيفة “كفاح الشعب” في 31 تموز 1935.
ودرس الاجتماع تقارير عن عمل الحزب وهيئاته القيادية ومختصاته المركزية ومنظماته، للفترة منذ الاجتماع السابق للجنة المركزية في 17 نيسان 2015، وثمن عاليا دور منظمات الحزب ورفاقه واصدقائه وجماهيره، ومساهمتهم الفاعلة في الحراك الجماهيري الجاري في بلادنا، وعلى صعيد العمل والنشاط الحزبي بجوانبه المتعددة.واتخذ جملة من القرارات لتحسين الاداء ورفع الهمم والاسهام المتزايد في تنشيط الحركة المطلبية والجماهيرية، وتطويرها بما يؤمن رفع وتيرة الضغط الشعبي لتلبية شعارات ومطالب الجماهير العادلة.
واشار الاجتماع الى قرب الموعد، بحسب النظام الداخلي للحزب، لانعقاد مؤتمره الوطني العاشر، ونوه بأهمية الاستعداد والتحضير الجيدين له.
وتوقف الاجتماع عند المستجدات والتطورات السياسية الجارية في بلادنا، وبشأنها توصل الى الاتي:
ان التطورات في الميدان الامني والصراع ضد داعش وقوى الارهاب الاخرى، والحراك الشعبي الذي عمّ معظم محافظات العراق قد رسما الملامح الاساسية للاوضاع السياسية في بلدنا خلال الفترة الماضية.
حيث تتصاعد منذ اواخر تموز الماضي أصوات مئات الالوف من المتظاهرين المحتشدين في ساحات التظاهر في بغداد والمحافظات الاخرى احتجاجا على تردي الخدمات وفشل اداء اجهزة ومؤسسات الدولة على المستويين الاتحادي والمحلي، مطالبين بمحاربة جادة للفساد المستشري في جميع مفاصل الدولة وتقديم كبار الفاسدين إلى القضاء، وبإجراء اصلاحات عميقة في النظام السياسي تشمل السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية.
الاوضاع الامنية وتطورات الحرب ضد داعش
ما زالت بلادنا تخوض غمار معركة وطنية كبرى ضد الارهاب ومنظماته وفي اولها داعش المجرم، واذ اعتبرت هزيمته مطلبا وطنيا ملحا له الاولوية، فان هذا يستوجب تهيئة مستلزمات الانتصار عليه ودحره، وفي مقدمة ذلك تأتي اهمية وضرورة التمعن الجيد في دروس التجربة في المرة السابقة وما افرزته من تداعيات تمثلت في احتلال الموصل ومحافظات ومدن اخرى. ودل ما حصل بعد 10 حزيران 2014 على الحاجة الماسة والضرورة القصوى لبناء مؤسسة عسكرية كفوءة ومهنية، بعيدا عن المحاصصة الطائفية والحزبية الضيقة والولاءات الشخصية، وتطهيرها من الفاسدين والمرتشين و”الفضائيين”، وان تقوم بواجبها الوطني على وفق ما مرسوم لها من مهام دستوريا، ومعركتنا المحتدمة ضد اعداء الحياة والانسانية، تستوجب، ايضا، وجود قيادة موحدة وفقا للدستور، تنسق كافة الجهود الوطنية المتعددة (الجيش، الشرطة، المتطوعون في الحشد الشعبي، البيشمركة، ابناء المناطق المبتلية بداعش) في سياق الخطة العامة للدولة، وكذلك المساعدات والدعم الدولي على وفق قرارات مجلس الامن، على نحو سليم وموفق لتحقيق افضل النتائج باقل الخسائر وبسقوف زمنية معقولة.
شهدت الفترة الاخيرة تطورات مهمة على صعيد الحرب ضد داعش حيث تم احراز نجاحات وانتصارات عديدة، وتتواصل الجهود من اجل استعادة مدينة الرمادي، وفي حينيحصل تقدم ملحوظ هناك، تتواصل الاستعدادات لتحرير المناطق المحتلة في محافظتي صلاح الدين ونينوى.
ان الانتصارات المتحققة خطوات على طريق التحرير الكامل لمدننا من دنس داعش وارهابه، وفك أسر ابناء هذه المناطق وتخليصهم من ممارسات التنظيم الارهابي وسوء معاملته واجرامه، وعودة الامن والاستقرار الى ربوع تلك المناطق المحررة، وتامين عودة النازحين والمهجرين اليها بسلاسة، والحفاظ على ارواحهم وممتلكاتهم، وتدشين عملية الإعمار فيها بجهود وطنية ودولية.
لقد كان تحرير تكريت ومدن محافظة صلاح الدين الاخرى من النجاحات المهمة التي تحمل دروساً يجدر التذكير بها. فقد اشترك في عمليات طرد داعش من تكريت الجيش وقوات الشرطة الاتحادية والحشد الشعبي والمتطوعون من أبناء المحافظة، كما رافق ذلك تنسيق مع عمليات التحالف الدولي والطرف الأمريكي. وقد شكّلت المشاركة الفاعلة لأبناء المنطقة والتنسيق الجيد بين جميع القوات المشاركة في القتال، والتخطيط الناجح للعمليات العوامل الأساسية لإحراز التقدم في هذه المعارك.
ومثّل السقوط السريع لمدينة الرمادي بيد داعش في شهر ايار المنصرم انتكاسة صادمة للقوات المسلحة العراقية ولعمليات قوات التحالف والامريكان وخططهم. وأثار انسحاب القوات المكلفة بالحماية والدفاع عن مدينة الرمادي بدون مقاومة تذكر تساؤلات بشأن الحالة المعنوية لهذه القوات ومدى استعدادها ووجود تواطؤات واختراقات. ومن المستغرب ان يأتي الانهيار في الرمادي بعد اسابيع قليلة من النجاحات في صلاح الدين وعدم استخلاص واعتماد دروس هذه التجربة الناجحة، ما ساعد على تقوية حواضن داعش في المدينة،
منذ اشهر يجري الحديث الرسمي عن التحضير لعمليات تحرير الرمادي والموصل، ويقوم زهاء خمسة آلاف مستشار عسكري من الامريكان وبلدان التحالف بتدريب وحدات مؤلفة من ابناء المناطق الواقعة تحت سيطرة داعش تمهيدا لأشراكهم في المعارك، إلاّ انه في الشهرين الأخيرين تركزت المعارك حول بيجي التي تحولت المعارك فيها الى كر وفر، فتتقدم القوات العراقية تارة وتسترجع بعض أجزاء من المصفى ومحيطها، ثم تعود فتفقدها أمام هجومات مضادة من داعش. ويبدو أن بيجي تكتسب اهمية ستراتيجية كبيرة من الناحية العسكرية لتحرير محافظة صلاح الدين بالكامل الانطلاق لاحقا نحو الموصل، كما أن لداعش حواضن قوية في المنطقة، وفي الصينية بشكل خاص، ويسيطر التنظيم الارهابي ايضا على معظم خطوط الامدادات.
فيما شهدت العمليات على محور الرمادي تباطؤاً ملحوظا في الفترات السابقة، عزاه القادة العسكريون الأمريكان إلى “حرارة الجو الاستثنائية” خلال الصيف واستكمال الاستعدادات، ولكن ما هو أكثر احتمالا ان السبب في تأخر التوجه نحو تحرير الأنبار يعود إلى الأنتظار لحين حسم الجدل بشأن من يشارك في تحريرها، ودور كل جهة فيه، اي التحالف الدولي (امريكا خصوصا) والجيش والشرطة، والحشد الشعبي، وأبناء المناطق المحتلة من داعش، وعلى نوعية القوى المساهمة في التحرير يتحدد الكثير من الامور.
ان عملية تحرير الموصل تبدو اكثر تعقيدا من الناحيتين العسكرية والسياسية، فعسكريا ينبغي ان يسبقها تحرير بيجي ومعالجة عقدة الحويجة، ومن الناحية السياسية وضعت شروط للتوجه نحو تحرير الموصل بأن يكون لأبناء المنطقة الدورالاساسي، ويجري إعداد لابناء المحافظة للمشاركة في المعركة ضد داعش، ولكن المسالة تبقى لها صلة بالدور السياسي، كما ان تحرير الموصل يقتضي تنظيم دخول ودور للبيشمركة، ومن غير المتوقع أن يتحقق ذلك بدون تخطيط وتهيئة تشارك فيه جميع الأطراف التي ستساهم في العمليات العسكرية، ولا شك في أن المشاكل في العلاقة بين الحكومة الاتحادية والاقليم الان لا تساعد على اقامة التنسيق المطلوب في المواقف والاستعدادات، وهو ما يتوجب التوجه الجدي لمعالجته طالما اعتبرت الاطراف كافة ان هزيمة الارهاب وداعش لها الاولوية.
ومما يفسر ايضا جانبا من التأخر لإطلاق العمليات في الانبار والموصل، الحاجة إلى التوصل إلى تنسيق دولي لكونها عمليات كبيرة وذات تكاليف مرتفعة ومن اجل تأمين قوة زخم المعركة ضد داعش، وقد كان هذا الموضوع على جدول اعمال الاجتماع الدولي ضد الارهاب الذي عقد على هامش اجتماعات دورة الامم المتحدة في نيوريوك الشهر الفائت.
وكما اكدنا سابقا فان الانتصار ضد داعش وتحرير المدن من دنسه يستلزمان توفير مستلزمات ذلك وردم الثغرات التي يستفيد منهاالعدو الشرس الذي لا يمكن الاستهانة بقدراته، والنظر الى المعركة ضد الارهاب على نحو متكامل وبخطة ذات ابعاد متعددة : سياسي، عسكري – امني، اقتصادي، اجتماعي واعلامي وثقافي.
تطورات امنية مقلقة
وفي المدة الأخيرة، شهدت الأوضاع الأمنية في بغداد وبعض المحافظات تدهوراً حيث ارتفعت أعداد عمليات الخطف والاغتيال من قبل جماعات مسلحة، بعضها يستخدم عجلات حكومية، وكذلك استهداف الاسواق والتجمعات البشرية بالمفخخات ومن قبل انتحاريين، وتتعدد الأهداف والجهات التي تقف وراء هذه الأعمال، فقسم منها يقوم به عصابات جريمة منظمة تعمل تحت لافتة ميليشيات مسلحة، وتجدر الاشارة الى ان عصابات الجريمة المنظمة لا يمكن فصلها عن الجماعات المليشياوية، وفي اجواء كهذه تجري عملية خلط اوراق واسعة.
والقسم الآخر يعكس استهدافات سياسية وطائفية، ومما يثير القلق ان تقوم جماعات مسلحة وبحرية بعمليات خطف كبيرة وتقف القوات والأجهزة الحكومية عاجزة عن اتخاذ اي اجراء إزاءها، كما في حادثة اختطاف العمال الأتراك وحوادث اختطاف وتجاوزات أخرى، فمثل هذا التمدد في دور ونفوذ الجماعات المسلحة غير القانونية والتي يصعب التمييز بينها وبين عصابات الجريمة المنظمة التي تخترقها او تدعي زورا بالانتماء اليها يثير القلق ويشيع مشاعر عدم الأمان والاطمئنان لدى المواطنين ويضعف الثقة بالقوى الأمنية وامكانياتها على مسك الملف الامني، وهذا يقود من جديد الى ضرورة فرض هيبة الدولة وتفعيل دور مؤسساتها الامنية وان يصار الى حصر السلاح بيد الدولة.
الحراك الشعبي
انطلقت شرارة التظاهرات في محافظة البصرة على شكل احتجاجات شعبية محدودة تقف وراءها بالاساس بعض الكتل والأحزاب السياسية المتنفذة، والتي قوبلت بالقمع الذي ادى الى استشهاد المتظاهر الشاب (منتظر الحلفي)، واتخذت التظاهرة في بغداد في 31 تموز2015، والتي تمت الدعوة اليها بالاساس من قبل مجموعة من الناشطين المدنيين تضامنا مع متظاهري البصرة، طابع هبّة جماهيرية واسعة، فاجأت بعض الأوساط السياسية والقوى المتنفذة عموماً.
العوامل المؤثرة في انطلاق الحراك الشعبي
إلا أن هذا التفاجؤ يعكس عدم الانتباه الى مجموعة عوامل التأزم في الأوضاع و تصاعد الاستياء والتململ لدى شرائح اجتماعية عديدة واتخاذه طابعا احتجاجيا، وقد شكل التأثير المتراكم لكل ذلك مقدمات مهدت لانطلاق الحراك الجماهيري الذي لا يزال متواصلاً.
فالبلاد تعيش على مدى السنوات الماضية ازمات نظام المحاصصة الطائفية والأثنية المتتالية والذي لا يعجز عن ايجاد حلول لها وحسب، بل ينتج المزيد منها لتصبح أزمة عامة تشمل مناحي الحياة كافة والتي تنعكس آثارها الوخيمة على حياة الناس واحوالهم.
وتقترن الأزمات باشتداد الصراع من أجل المصالح المتعلقة بالسلطة والثروة بين القوى المتنفذة المتحاصصة في جميع مفاصل الدولة، وهو صراع متجدد باستمرار من أجل اقتسام وإعادة اقتسام المغانم، بين الكتل المتنفذة وداخلها جميعا من دون استثناء.
وقد امتدت الصراعات إلى داخل الكتل الرئيسة جميعاً؛ التحالف الوطني، واتحاد القوى الوطنية، كما لم يكن التحالف الكردستاني بمأمن من الصراع بين اطرافه كما عكس ذلك مؤخرا ما يحصل حول رئاسة الأقليم، والتداعيات السلبية الاخيرة.
وشملت دائرة الصراع العلاقة مع الأقليم التي تأزمت مجددا بسبب عدم الالتزام بتطبيق الاتفاق النفطي المبرم بين الحكومة الاتحادية والأقليم، فيما تواصل النزاع بين الحكومة الاتحادية والمحافظات ارتباطاً بالتلكؤ في نقل الصلاحيات إلى المحافظات والتخفيض الحاد في الأموال المخصصة لها والتلكؤ في اطلاقها.
وحصل التلكؤ في تنفيذ الاتفاق السياسي بين الاطراف المشاركة في الحكم نتيجة لهذه الخلافات بين الكتل كما اصبح بدوره سببا في استمرارها وتعمقها، وترافق ذلك مع الفشل في تمرير عدد من التشريعات المهمة.
وكان لا بد لكل هذه الصراعات من أن تترك تداعياتها على أداء الدولة بمختلف مؤسساتها والتي تجلت في المزيد من الإهمال والفشل والتدهور في الخدمات، وفي العجز عن معالجة القضايا الملتهبة وذات المساس المباشر بحياة الناس ومعيشتهم، كتلك المتعلقة بالرواتب والخدمات الاساسية، ولا سيما الكهرباء، إلى جانب الأوضاع الأمنية.
ولعل من أهم العوامل التي أججت الاستياء الشعبي وتحوله إلى غضب واحتجاج هو تفشي الفساد واستشراؤه في جميع مفاصل الدولة ومؤسساتها، وتغوله ليصبح اخطبوطاً تمتد اذرعه الى حلقات اساسية في مراكز القرار تتيح له نهب المال العام واستنزاف موارد الدولة وتعطيل عملية البناء والاعمار، وفي ظل غياب المحاسبة والرقابة الجدية تنتشر الرشوة وابتزاز مراجعي معظم دوائر الدولة بحيث لم يعد ممكنا تمشية اية معاملة من دونها إلاّ ما ندر، وباتت تتضح اكثر شبكة المصالح التي تربط بين شريحة من كبار المتنفذين في السلطات الثلاث وبين مفسدين من أصحاب الثروة والنفوذ في قطاع المال والمقاولات والتجارة، داخل العراق وخارجه، الأمر الذي يفسر عدم فتح الكثير من ملفات الفساد وإحالتها الى النزاهة والقضاء على الرغم من الاقرار بوجودها من قبل من هم في قمة هرم السلطة.
ومن أهم العوامل الأخرى التي ساهمت بقوة في تأزيم الأوضاع وتشديد معاناة الناس، الحرب الضروس ضد داعش، والإختراقات التي حققتها داعش في حزيران 2014 نتيجة فشل وتصدع المؤسسة العسكرية والأمنية بسبب سوء الإدارة والفساد والخلل في بنائها، ومما يشيع عدم الثقة ويثير الاستياء البطء والتردد الذي رافق انجاز ونشر تقرير اللجنة البرلمانية المكلفة بالتحري عن أسباب سقوط مدينة الموصل وتحديد المسؤولين عنه، والملابسات التي رافقت وترافق احالته إلى القضاء، في حين لا تزال لجنة مجلس النواب التي تتولى التحقيق في مجزرة سبايكر لم تكشف عن النتائج التي توصلت إليها، وكذلك الأمر بالنسبة لقضايا أخرى مماثلة.
ان العديد من العوامل التي ذكرت كانت قائمة ومؤثرة منذ فترة طويلة نسبيا، إلاّ أن الوفرة المالية الناجمة عن ارتفاع اسعار النفط العالمية كانت تسمح بالتغطية على مواطن الخلل والعجز في الاداء الحكومي وفي السياسات المعتمدة، ولكن هذه الامكانية تبددت مع الانخفاض الحاد في ايرادات مبيعات النفط، ما ترتب علية ظهور مشاكل مالية ونقدية جسيمة نتيجة التقليص الكبير في تخصيصات الموازنة وخفض الانفاق العام الجاري والاستثماري وما نجم عنه من انحسار في الأعمال وفي النشاط الأقتصادي وعدم ثقة وركود الأسواق والأعمال، وأدى تدهور الأوضاع الأقتصادية إلى مفاقمة الأزمة السياسية وزيادة الصعوبات المعيشية وتلاشي آمال اوساط شعبية واسعة في تحسن احوالها، وخصوصا لدى الشباب.
وإذ تشتد الصعوبات الحياتية لمعظم شرائح المجتمع، فقد اصبحت التفاوتات الصارخة في مستويات الدخول والثروة وفي نمط العيش والتمتع بالخدمات اكثر استفزازا لمشاعر الغضب والرفض، وبشكل خاص منظومة الامتيازات الفائقة والرواتب والمخصصات العالية للرئاسات الثلاث والعاملين فيها ولأصحاب الدرجات الخاصة، كما ينبغي تأشير الارباح الطائلة التي يجنيها التجار الكبار، وتلك التي تواصل المصارف الاهلية تحقيقها والثروات الهائلة التي تواصل مراكمتها شريحة اجتماعية ضيقة ذات طبيعة طفيلية على حساب فقر الأكثرية.
وفي خضم هذا التراكم والتشابك في المشاكل والتعقيد في الأوضاع السياسية، تفاقمت المعاناة الانسانية لأكثر من ثلاثة ملايين ومائتي ألف نازح ومهجر، بسبب الشح في الموارد وتقلص مصادر تمويل أعمال الأغاثة من قبل الدولة والمنظمات العالمية، وضعف القدرات الادارية للدولة ومؤسساتها ووجود الفساد الذي يحول دون وصول نسبة غير قليلة من التخصيصات والمساعدات الى مستحقيها من المهجرين والنازحين.
الممهدات المباشرة للحراك الجماهيري
وقد افرزت هذه الأوضاع تململاً وتحركات احتجاجية مطلبية واسعة في كل انحاء العراق. كان أبرزها حراك العاملين في مؤسسات التمويل الذاتي في وزارة الصناعة، والذي امتد الى قطاعات أخرى.
وعلى خلفية عوامل التأزم المذكورة آنفاً، جاء الانخفاض في تجهيز الكهرباء الوطنية في الوقت الذي ارتفعت فيه درجات الحرارة الى مستويات استثنائية وتصريحات وزير الكهرباء التي تستهين بالمشكلة وبمعاناة الشعب، ليستثير ردود فعل جماهيرية غاضبة شكلت شرارة انطلاق موجة من الاحتجاجات والتظاهرات في بغداد امتدت إلى محافظات أخرى ممتزجة بمطالب خاصة بكل محافظة.
وإذا كانت مشكلة تجهيز الكهرباء وسوء الخدمات السبب المباشر الذي أشعل فتيل التظاهرات، فإنها ما كانت لتتفجر بهذه الصورة وتكتسب زخما جماهيريا غير مسبوق منذ التغيير، بل من عدة عقود سابقة له، لولا تضافر عوامل عديدة معنوية وسياسية واقتصادية عمقت التوتر الاجتماعي والاحتقان السياسي ومن خلالها تفجر الحراك الجماهيري.
ولعل من بين هذه العوامل البطء في تقدم العمليات العسكرية في الأنبار وافتضاح حالات فساد طالت المسؤولين الجدد وشغلتهم عن إدارة المعارك، واشتداد النشاطات التخريبية والتعطيلية على كل الصعد للقوى المتضررة من التغيير الذي حصل في رئاسة مجلس الوزراء واسنادها الى العبادي.
ولعب الموقف الايجابي من التظاهرات ومن الحركة الاحتجاجية للمرجعية العليا في النجف دوراً مؤثرا في تعزيز زخم الحراك وتوسيع قاعدته الأجتماعية، كما شكّل تفاعلها مع مطالبها المشروعة وإصدارها مواقف حازمة، وداعية رئيس الحكومة الى التحلي بالشجاعة والحزم والضرب بيد من حديد على الفاسدين، عنصر ضغط قويا على الحكومة للمضي في الاصلاحات ودعما لرئيس الوزراء في مواجهة المعارضين للاصلاح.
سمات التظاهرات الجماهيرية في بغداد والمحافظات
يمثل هذا الحراك الشعبي المتواصل منذ ما يزيد على الشهرين وبمشاركة واسعة، رغم الصعود والهبوط النسبي في أعداد المتظاهرين، يمثل اهم فعل جماهيري منذ سقوط الدكتاتورية، وهو حدث في حالة سيرورة لم تكتمل بعد للخروج باستنتاجات نهائية وقاطعة بشأن نتائجه وحصيلته السياسية وتاثيراته الاجتماعية والثقافية والفكرية، غير أن السمات التي طبعت الحراك والتظاهرات، تقدم مؤشرات قيمة وتحمل دلالات غنية على حالة الوعي السياسي في المجتمع، وفي وسط الشباب الذين يؤلفون النسبة الغالبة والأكثر فعالية في نشاطات الحراك، وعلى تنامي الاستعداد للمشاركة في النشاط الاحتجاجي الجماهيري، كما تعكس التركيبة السياسية والاجتماعية للجمهور الواسع المشارك في التظاهرات، والشعارات والمطالب التي رفعتها التظاهرات وجود مشتركات يمكن ان تلف حولها اطيافا اكثر تنوعا من السابق واوسع قاعدة من الناحيتين السياسية والاجتماعية.
والحراك هو محصلة تراكم بمآسٍ ومعاناة من ناحية، وفعل نضالي وتعبوي متنوع من ناحية أخرى، وحركة مطلبية ناشطة على مدى فترة طويلة، أبرزه الحراك العمالي.
تتميز التظاهرات بطابعها الشعبي، من حيث سعة المشاركة من المناطق والاحياء الشعبية إلى جانب جمهور متنوع وواسع ايضا من الشباب الناشطين المدنيين ومن المثقفين والناشطين النقابيين، الى جانب اعضاء واصدقاء حزبنا والتيار الديمقراطي والتحالف المدني، ومن انصار مرجعية السيد السيستاني، والتيار الصدري.
التزمت التظاهرات بعدم رفع اية راية او علم غير العلم العراقي، والتزمت بذلك الأحزاب والقوى التي شاركت في التظاهرات، ولم يكن هذا الالتزام شكليا بل عبّر حقا عن رغبة وارادة المتظاهرين في ان يجتمعوا تحت راية الهوية الوطنية العابرة للهويات المذهبية الفرعية، وقد انعكس ذلك ايضا في الشعارات والهتافات والسلوك العام، إلا في حالات قليلة نسبية.
كان الطابع العام للتظاهرات مدنيا، تجسد في سلميتها، وشعاراتها، وسلوك المتظاهرين الذي خلا من الاحتكاكات والتجاوزات الا في حالات قليلة ونادرة، وانعكس ايضا في العلاقة والتعامل الايجابي المتبادل مع القوات الأمنية.
معظم الشعارات والمطالبات كانت مشروعة وواقعية يمكن تصنيفها ضمن اربعة عناوين رئيسة: توفير الخدمات،تحقيق الاصلاح السياسي، مكافحة الفساد ومحاسبة الفاسدين والمفسدين والاقتصاص من كبارهم، اصلاح القضاء، ولكن رفعت ايضا شعارات ومطالب عدمية ومتطرفة في التظاهرات الاولى، وانحسرت لاحقا.
مواقف الحكومة والمرجعية الدينية من الحراك
من اهم ما يميز الحراك الشعبي والتظاهرات الحاشدة في العراق عن حركات الاحتجاج التي شهدتها بعض البلدان العربية أنها لم تقابل بالقمع او بمواقف حادة من الحكومة، إنما سارعت الأخيرة الى الاستجابة لمطالب المتظاهريين بالاصلاح بتقديم حزم اصلاح متعددة حظيت بدعم السلطة التشريعية، ولا شك في ان مساندة المرجعية الدينية العليا لمطالب المتظاهرين وتشجيعها على التظاهر قد منحاها قوة اضافية للضغط على الحكومة وسلطات الدولة المختلفة.
ونرى ان الاجماع الذي تحقق في مجلسي الوزراء والنواب لم يكن إلا انحناء أمام ضغط التظاهرات الحاشدة وتعضيد المرجعية لها، وأن معظم أعضاء الحكومة ومجلس النواب يعارضون الاصلاح الذي ينزع عنهم بعض الامتيازات التي يتمتعون بها.
اما الحكومة، فليست موحدة في تبني وتنفيذ الاصلاحات، فباستثناء رئيس الوزراء والطاقم الأداري والفني الذي يحيطه، يمكن القول بثقة عالية أن معظم أعضاء مجلس الوزراء، ولا سيما شاغلي الحقائب الوزارية السيادية، غير مقتنعين بالاصلاح ويعتبروه خطرا على امتيازاتهم ومواقعهم في السلطة.
وبعد أن تفاجأت القوى المناوئة للاصلاح في السلطات الثلاث بضغط الشارع وحزمة الاصلاحات التي قدمها رئيس الوزراء من دون تشاور مسبق واضطرارها الى الموافقة عليها والانحناء أمام قوة الحراك الشعبي، استفاقت من صدمتها، وشرعت في اتخاذ خطوات عملية لمقاومتها من خلال تقديم الطعن إلى المحكمة الأتحادية، والاتكاء على الآليات الدستورية والقانونية، واطلاق التصريحات المستهينة بها والمشككة في النوايا السياسية الكامنة وراءها، ومن المفارقات التي ينتجها التقاء المصالح أن ترتفع اصوات قادة سياسيين متنافرين ملوحة بامكانية تغيير رئيس الوزراء وان يقترن التناغم في التصريحات بتحركات للتنسيق في المواقف، وتمتلك هذه القوى، من مواقع النفوذ والتاثير والقوة في مؤسسات الدولة المدنية والعسكرية، ما يمكنها من اجهاض عملية الاصلاح ما لم يتشكل اصطفاف سياسي وشعبي واسع داعم للأصلاح وقادر على لجم مثل هذه المحاولات والمضي في الاصلاحات.
ولكن ينبغي التأشير ايضا، ان الكتل والائتلافات السياسية المتشاركة في الحكم ليست موحدة داخلها في المعارضة اوالقبول بالاصلاح، فثمة انقسامات واضحة ومعلنة ويظهر ذلك من خلال مواقف بعض النواب والشخصيات القيادية فيها وكذلك بين كتلها البرلمانية وجمهور غير قليل من قواعدها وانصارها ممن يشارك في التظاهرات او يعلن تعاطفه وتأييده لمطالبها وشعاراتها.
مواقف القوى الخارجية
قوبلت حزم الاصلاح الحكومية بالارتياح والتأييد من الامم المتحدة وممثلية سكرتيرها العام في العراق ومن الدول الأوروبية التي تجد في الفساد وسوء اداء الدولة معوقا رئيساً امام عمل شركاتها والاستفادة من الفرص الاستثمارية في السوق العراقية، واعلنت الولايات المتحدة تاييدها للاصلاح بعد فترة من التريث والتردد.
اما على الصعيد الأقليمي ودول الجوار، فثمة مواقف رسمية متوجسة من الاصلاح لأسباب ودوافع مختلفة، ويجد ذلك انعكاساته، بهذا الشكل او ذاك، على القوى والكتل السياسية العراقية التي تتاثر بتلك المواقف.
من جانب آخر، حظي الحراك الشعبي وتظاهرات الاحتجاج الحاشدة ومطالب الاصلاح التي رفعتها بدعم وتأييد واسعين من القوى والأحزاب الديمقراطية في العالم واوساط الراي العام فيها المحبة للسلام والحرية والمناصرة لبناء دولة المواطنة والعدالة الاجتماعية والنابذة لكل اشكال التمييز الديني والمذهبي والقومي، وكان لحركة الاحتجاج الشعبي في العراق تأثير ملهم ومحفز لدى شعوب المنطقة كما عكست ذلك مع انطلاق حركة احتجاج وتظاهر كبيرة في لبنان ضد الفساد وتردي الخدمات والطائفية السياسية ومن اجل اصلاحات تفضي الى اقامة “دولة مدنية وعدالة اجتماعية”.
دلالات الحراك وانجازاته وحدوده وآفاقه
يشكّل الحراك السياسي الشعبي المتواصل منذ ما يزيد على الشهرين حدثاً سياسيا واجتماعيا نوعياً ذا ابعاد سياسية واجتماعية وفكرية وثقافية، ولاتزال تهتز تحت تأثير موجاته الارتدادية مرتكزات اساسية للنظام السياسي القائم على المحاصصة بين المكونات الطائفية والأثنية.
لقد انخرط في الحراك الشعبي باشكاله الاحتجاجية المتنوعة، وفي مقدمتها التظاهر، مئات الآلاف من المواطنين والمواطنات، نسبة كبيرة منهم لاينتمون إلى اي تشكيل سياسي، وثمة أضعافهم من تابع الحراك وتعاطف معه، ومع مطالبه من دون المشاركة المباشرة في فعالياته، لذا فان الشعارات والمطالب التي كانت تحملها بالأساس النخب ذات الوعي السياسي والثقافي المتقدمين، اكتسبت بعداً جماهيريا.
تتميز جميع المطالب التي ينادي بها المتظاهرون، وخصوصاً في بغداد، وبصورة اقل وضوحا في المحافظات، تحت عناوين الخدمات ومكافحة الفساد والاصلاح السياسي واصلاح القضاء، تتميز بانها كانت تخلو، على العموم، من الابعاد والاشارات الخاصة بالهوية المذهبية والقومية، لذا يمكن اعتبار الحراك اقوى مظهر لعودة القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية العابرة للهويات الجزئية إلى المقدمة في الساحة السياسية وصراعاتها على حساب تراجع سياسة الهوية والمكون، ولكن يظل التساؤل قائما فيما اذا كان الأختراق في المنظومة الفكرية والسياسية السائدة منذ التغيير الذي تحقق من خلال الحراك الشعبي سيترسخ ويتوسع أم سيتراجع بانخفاض زخم الحراك وانتهائه؟. والجواب مفتوح تحدده مآلات الصراع.
لقد عكست شعارات التظاهر ذات الطابع الوطني المشاعر الحقة لجموع المتظاهرين والمشاركين بأن يكون الانتماءالى العراق والهوية الوطنية المظلة الوحيدة للحراك، وهو ما يؤشر ان هذه الهوية الجامعة، وإن تراجعت، راسخة في الوعي العام وقابلة للتفعيل.
وما يعزز الثقة بامكانية الشعب من صناعة مستقبل افضل، الدور النشيط المتميز للشباب في تنظيم التظاهرات والمشاركة الحيوية فيها. وقد خرج الشباب يحملون شعارات ويرددون اهازيج تندد بقوى ورموز ظواهر سلطوية وهم نشأوا وتشكل وعيهم في بيئة احاطت هذه الرموز بهالة من الرهبة المعنوية ترقى إلى التقديس جرى غرسها واشاعتها من خلال الخطاب السائد الذي ينطلق من منابر الدولة ووسائل اعلامها ومن فضائيات الأحزاب المتنفذة وغيرها.
مثلت مشاركة القوى المدنية، ومنها حزبنا الشيوعي العراقي والتيار الديمقراطي، القوى الأساسية الثابتة للتظاهرات، وشاركت بعض التيارات الاسلامية، وقسم من جماهيرها في هذا الحراك، وكانت التجربة ايجابية على العموم، وتشير هذه التجربة إلى وجود بعض القواسم والمطالب المشتركة التي ترسم مساحات لتجميع طيف واسع من القوى، وهذه الأسس تتمثل في مطالب تتعلق بالاوضاع الاقتصادية وتحسين ظروف الحياة المعيشية، كما لها ابعاد طبقية تتجسد بالمطالب المتعلقة بتحقيق عدالة اجتماعية وضد الامتيازات والفساد وتلبية المطالب المرتبطة بحاجات اساسية للفقراء والشرائح الاجتماعية الضعيفة والهشة.
لعبت وسائل التواصل الاجتماعي دورا اساسيا في الترويج للتظاهرات وفي تنظيمها والتعبئة لها ومناقشة اهدافها وشعاراتها، وقد انعكس ذلك ايجابا وسلبا عليها، وتتمثل الجوانب الايجابية في التعبئة والترويج وتوسيع دوائر المشاركة والسرعة في تناقل الأخبار والمعلومات والتبليغات وفضح الخروق والتداول في المستجدات، اما الجوانب السلبية فتتمثل في المساعدة على التشتت في الشعارات والمطالب، وتسهيل الترويج للمطالب والشعارات غير الناضجة المتطرفة والعدمية، وتشتيت مراكز التخطيط والتنظيم ما يعقد عملية التنسيق، والسعي للوصول الى اطار عام تنسيقي موحد ومرن لعموم المحافظات او حتى داخل المحافظة الواحدة. وقد ساهم كل ذلك في مضاعفة صعوبات تبلور قيادة واضحة المعالم للتظاهرات.
وارتباطا بالدور الكبير الذي لعبته مواقع التواصل الاجتماعي، لا بد من الانتباه إلى عدم المبالغة في دورها إلى الدرجة التي تقدم العالم الافتراضي على العالم الحقيقي والواقعي، فالتواصل عبر الفيسبوك ليس بديلا عن الاتصال المباشر بالجماهير والعمل المنظم في الأطر السياسية والحزبية والنقابية والمهنية، وعن الدور التعبوي لهذه الأطر.
بعد مرور أكثر من شهرين على الحراك الشعبي، وتلكؤ تنفيذ الاصلاحات التي طرحتها الحكومة ناهيك عن مواصلتها واستكمالها، اخذت مشاعر الاحباط تتسرب إلى بعض اوساط قوى الحراك التي بدأ قسم منها يشكك بجدوى الاستمرار في التظاهر وبانها لم تحقق شيئا فيما اتخذ الاحباط لدى قسم آخر منحى مختلفا بالدعوة إلى التصعيد في الشعارات والمطالبات (تعطيل الدستور وحل الحكومة والبرلمان وتشكيل حكومة انتقالية..) وباشكال الأحتجاج (الاعتصامات، اقتحام وزارات، والعبور إلى الخضراء..) وبشكل تغلب عليه العفوية، ومن غير المستبعد أن تقف اجندات سياسية لقوى سياسية، داخل وخارج العملية السياسية وخارجها، وراء بعض هذه الطروحات.
ان بعض مشاعر خيبة الأمل تأتي من وجود توقعات مبالغ فيها عن التغيير الذي يمكن أن يحدثه الحراك والتظاهرات، فالاصلاح السياسي المنشود في انهاء أسس البلاء المتمثل بالمحاصصة الطائفية والأثنية لا يتحقق إلا عبر صراع مع القوى ذات المصلحة في استمرار هذا النظام والتي تمتلك مواقع قوية في مؤسسات الدولة ولها امكانيات مادية واعلامية ضخمة وتشكيلات سياسية ومسلحة متعددة ويتمتع بعضها باسناد خارجي. ويتطلب ذلك نشوء موازين قوى جديدة لصالح قوى الاصلاح والتغيير، ومن أهم ما اشره الحراك الشعبي، انه استطاع في غضون فترة قصيرة ان يخلخل موازين القوى ويكشف عن مصادر القوة الكبيرة التي يختزنها الشعب والتي يمكن ان تتحول إلى قدرة فعلية هائلة لفرض الارادة الشعبية إذا ما توفرت عناصر تعبئتها وتجميعها وتوحيد مطالبها، فقد قدم الحراك مثالا ملموسا لتجسيد هذه الامكانية التي طالما اكّد حزبنا توفرها وضرورة العمل من أجل اطلاقها، فالحراك انعش أمل التغيير في نفوس أبناء شعبنا وشجعهم على المشاركة الفاعلة في الشأن السياسي وفي النشاط الاحتجاجي.
قلما تحقق الفعاليات الأحتجاجية والتظاهرات الشعبية كامل اهدافها ومطالبها السياسية دفعة واحدة، فالتغيير يأتي من خلال التأثير التراكمي لأشكال العمل الجماهيري الاحتجاجي المختلفة، والحراك الحالي، الذي لا يزال متواصلا ويمتلك احتياطيا جماهيريا يغذي زخمه، هو سيرورة مفتوحة الآفاق من المبكر الجزم بما ستكون محصلة انجازاته المباشرة وغير المباشرة، ومع ذلك يمكن تعداد المنجزات التي تحققت بفضله حتى الان:
– اشاعة مفهوم الدولة المدنية.
– كسر هالة القداسة لعدد من الرموز.
– اهتزاز اساس البناء السياسي الطائفي.
– احدثت تصدعا في جدار المحاصصة.
– وضعت الاصلاح والتغيير على جدول عمل الحياة السياسية وبات من الصعوبة التراجع عنه.
– حفزت المرجعية العليا في النجف على اتخاذ مواقف أكثر وضوحا وحزما في مطالبتها الحكومة بالاستجابة للمطالب المشروعة للمتظاهرين وضرب رؤوس الفساد وتعيين الشخص المناسب في المكان المناسب، وكذلك لاتخاذ موقف ايجابي من شعار الدولة المدنية.
– تمرير قانوني الأحزاب السياسية والعمل في مجلس النواب.
– بدد مراهنة القوى المتنفذة على سكوت الشارع، وخطّأ الاعتقاد بأن قوى معينة وحدها قادرة على تحريك الشارع.
– تفعيل الدور الرقابي لمجلس النواب الذي استأنف عملية استجواب الوزراء بعد توقفها لفترة غير قليلة، حيث قام باستجواب عدة وزراء خلال الأسابيع الأخيرة.
– نجح الضغط الشعبي في فرض استقالة وازاحة مسؤولين كبار وتغيير اخرين في العديد من المحافظات وكذلك رؤساء ادارات محلية، وبتأثير من التظاهرات تم الاسراع في اصدار اعفاء 123 شخصا من كبار موظفي الدولة، شمل وكلاء ومستشارين ومدراء عامين، تحوم حول عدد منهم شبهات فساد كما يعلن.
– الترشيق الوزاري.
– الاعلان عن تخفيض رواتب ومخصصات اصحاب الدرجات الخاصة.
– رفع مستوى وعي مئات الآلاف من المواطنين والشباب بشكل خاص ممن شاركوا وتابعوا التظاهرات وشكلت تجربة سياسية ميدانية لهم.
– جعلت من الاحتجاح والتظاهر ممارسة اعتيادية وكسرت الخوف والتردد إزاءها لدى المواطن الأعتيادي، وانعشت المزاج الجماهيري.
– لحظة وعي وتأسيس لوعي جديد مدني ديمقراطي.
– انتشار فكرة العدالة الاجتماعية التي اخذت مداها وتبنيها على نطاق واسع.
– تصاعد وتيرة حملات التضامن مع الشعب العراقي من اجل نجاح مسيرة التغيير عبر الاصلاح.
فالحراك يمتلك آفاقا مفتوحة ومن المرجح ان يستمر طالما لم تتحقق اهدافه ومطالبه الرئيسة ولم يحدث تغيير ملموس في الواقع المعيشي للمواطنين ولا في بناء الدولة ومحاسبة كبار الفاسدين. ومن جانبنا كحزب نعمل من اجل استمراره وتطويره لقناعتنا الراسخة باستحالة التغييردون الضغط الشعبي، وفي الوقت نفسه لا نستبعد ان يتخذ الحراك اشكالا متنوعة، كالتظاهرات في اماكن متعددة، والوقفات والندوات والمؤتمرات الشعبية والحملات وغيرها من الأشكال التي ستحدثها الحركة الجماهيرية.
ولا شك في ان النقد الذي يوجه إلى التظاهرات والحراك الشعبي بشأن افتقاده إلى القيادة الواضحة ينطوي على قدر غير قليل من الصحة، فحظوظ نجاح الحراك محدودة ما لم تحسن ادارته ويتم التوصل إلى فرز قيادة جماعية واعية صاحبة إرادة قوية وفاعلة وديناميكية قادرة على تنسيق فعاليات الحراك مكانيا وزمنيا على صعيد كل محافظة وعلى المستوى الوطني، كما عليها توحيد المطالب على وفق اولويات واقعية وسليمة وبرنامج واضح.
ويعي حزبنا هذه الحاجة جيدا ويعمل بدأب ومثابرة لتطوير الجانب التنظيمي للتظاهرات من خلال الدور الذي يلعبه رفاقنا في التنسيقيات من أجل توحيد الشعارات وانضاجها والارتقاء بالتنسيق ما بين الجهات المشاركة في الحراك، كما يسعى الى ذلك من خلال اتصالاته وعلاقاته الثنائية مع القوى والشخصيات المشاركة في الحراك والداعمة له، وقد جرى قطع شوط غير قليل في هذا الاتجاه، ويحث الحزب جميع منظماته ورفيقاته ورفاقه المشاركين في الحراك على أن يبادروا الى تشكيل التنسيقيات المختلفة في المناطق والقطاعات الاجتماعية غير الموجودة فيها، وان يطوروا صلاتهم وعلاقاتهم مع القوى والمجموعات المشاركة في الحراك على الصعيد المحلي.
قضايا فكرية – سياسية مرتبطة بالحراك
طرحت في ساحات التظاهر ومواقع التواصل الأجتماعي وفي بعض الكتابات التي تداولتها وسائل اعلامية شعارات ومطالب متطرفة وعدمية ضارة ينبغي التنبيه إلى خطئها وضررها، كما ترددت شعارات ومطالب أخرى مدنية ليست واضحة المعاني بالنسبة لأقسام واسعة من مردديها والمؤيدين لها، وبرزت الحاجة إلى توضيح مفهوم الدولة المدنية الذي صدحت به الحناجر في ساحات التظاهر في بغداد والمحافظات.
فالدولة المدنية التي ندعو اليها في ظروف العراق، هي دولة ديمقراطية تعتمد مبدأ المواطنة في بنائها، ومن خصائصها أنها تتأسس على ثقافة مدنية ونظام مدني للعلاقات يقوم على قيم السلام والتسامح والقبول بالآخر ومساواة جميع المواطنين في الحقوق والواجبات أمام القانون، وهي دولة يضبط عملها دستور وقوانين يشرعها مجلس منتخب على وفق قوانين وآليات انتخابية عادلة، وتفصل بين المؤسسات الدينية والعشائرية وبين بنية الدولة وعملها وتحصر السلاح بيدها وتخضع فيها المؤسسة العسكرية الى الادارة المدنية الديمقراطية المنتخبة.
طرحت عدة افكار وتصورات من قوى سياسية مختلفة بشأن طريقة التخلص من المحاصصة الطائفية والأثنية، فأوساط التحالف الوطني تطرح حكومة الأغلبية كمخرج من حالة التحاصص والتوافق. ولكن هذا الحل في ظروف البنية السياسية الحالية للعراق يعني عمليا حكم طيف واحد واستبعاد الآخرين من المشاركة في الحكومة وفي المواقع القيادية العليا في الدولة الذين عليهم الانتقال إلى المعارضة، إن الغاء المشاركة وتمثيل الاطراف الممثلة للأطياف الأخرى في الحكومة يخلق تعقيدات وتوترات سياسية قد تنتقل إلى الشارع، فالتمثيل المناسب مطلوب في هذه المرحلة الانتقالية.
والمقترح الأخر الذي تتبناه بعض القوى المدنية، تشكيل حكومة تكنوقراط بعيدة عن المحاصصة وعن الاحزاب والكتل، ونرى ان هذا الحل غير واقعي وغير عملي، اذ ان السؤال الذي يطرح نفسه: من اين تأتي قوة الوزير التكنوقراطي اذا لم تسانده قوة سياسية مؤثرة؟ وإذا لم يمتلك هذا الاسناد، كيف سيمررسياسته داخل وزارته اذا ما دخل في تعارض مع الكتل السياسية فوزاراتنا ودوائرنا لم تصبح بعد مؤسسات تعتمد المهنية والكفاءة وتستطيع الحفاظ على استقلاليتها بقوة القانون.
ان التخلي عن المحاصصة كما هي مطبقة الآن يمكن ان يتحقق بصيغة متدرجة، وفي المقدمة ياتي اعتماد المواطنة والمؤسسات وليس “التوازن”، وان يتم تشكيل الحكومات على اساس المواقع السياسية، وان يتم وضع مواصفات مهنية للوزير إلى جانب اعتبارات الانتماء الكتلي، ويمكن ان يشمل التخلي عن المحاصصة الهيئات المستقلة، والتأكيد على تشكيل مجلس الخدمة وممارسته لدوره في اختيار شاغلي الوظيفة العامة على وفق معايير النزاهة والتحصيل العلمي والخبرة والكفاءة وكذلك ابعاد الجيش والمؤسسات الامنية عن المحاصصة، وان يراعى في جميع السياسات ه?ف شمولية التمثيل وتكافؤ الفرص والمساواة والمشاركة.
وثمة انتقادات تصدر من بعض القوى المعارضة والمتوجسة من الحراك الجماهيري تضع الحراك والتظاهر في تعارض مع المعركة ضد الارهاب، وتعتبره مضرا لأنه يصرف الاهتمام عن الحشد الشعبي وعن متطلبات تعبئة القدرات البشرية والموارد المادية للمعركة ضد داعش، في رأينا أن هذه الانتقادات غير مبررة لأن الارهاب والفساد وجهان لعملة واحدة، حيث نخر الفساد المؤسسة العسكرية وتسبب في سقوط الموصل ومن ثم مدينة الرمادي، والمكافحة الحازمة للفساد ومحاسبة الفاسدين من شأنها حماية ظهر القوات المسلحة والحشد الشعبي وكل المقاتلين ضد داعش، ما يعزز قدراتهم القتالية، ولا يمكن للحراك الشعبي الا ان يكون عونا وسندا للمعركة ضد الارهاب.
الاصلاح المنشود
إن عوامل الأزمة والتأزم المجتمعة التي اشرنا اليها، وحصاد الاخفاقات المتتالية في مجالات عمل الدولة المتعددة، تؤكد الإستنتاج من أن النظام السياسي الحالي القائم على المحاصصة الطائفية والأثنية، عاجز عن تقديم اية انجازات جدية مقنعة، وغير قادر على إحداث نقلة ملموسة في الوضع المأساوي الذي تعيشه الجماهير، وعلى معالجة المشاكل الأساسية التي يواجهها الشعب والوطن وتحقيق انتصارات واضحة على جبهة التحديات العسكرية والأمنية التي تواجه البلد، ومع تفاقم الصعوبات في ظل الأزمة المالية والاقتصادية التي تمر بها البلاد والتي لم تعد تسمح باستمرار حالة العجز هذه لانها تزيد احتمالات تفكك الدولة وتقسيمها واهتراء نسيجها المجتمعي نتيجة التدهور في الاوضاع المعيشية والأمنية وتداعياتها، لذا اصبح الاصلاح والتغيير ضرورة لا تقبل التأجيل وليس رأيا أوخيارا سياسياً وحسب.
وجاء انطلاق الحراك الجماهيري رداً على هذا الفشل في الأداء والفساد الذي امتص موارد البلد وثرواته وحولها إلى جيوب اصحاب السلطة والنفوذ وعطـّل عملية البناء والتنمية الاقتصادية والاجتماعية.
وقد استجاب رئيس الوزراء للاحتجاجات الشعبية بإصدار عدة حزم اصلاحية صوّت على الحزمة الأولى مجلس النواب بالاجماع والتي نالت تأييد المتظاهرين ودعم المرجعية العليا في النجف.
ورحب حزبنا بالاصلاحات التي طرحها، واعتبرها خطوة بالاتجاه الصحيح ولكنها غير كافية وبحاجة إلى استكمالها باصلاحات أخرى تعمل على تجذير هذه الاصلاحات وبلورة آليات فاعلة لتطبيقها، مؤكدا ان العبرة تكمن لا في اعلان النوايا واصدار المراسيم والقرارت الفوقية وإنما في تنفيذها وتحويلها إلى واقع.
بعد مضي أكثر من شهرين، فان ما تحقق من الاصلاحات لا يزال ضئيلا ولا يلامس الحاجات الرئيسة لغالبية الشعب، وبات واضحا أن مسيرة الاصلاح لم ترتق الى ما يريده المتظاهرون، وإن على رئيس الوزراء مغادرة التردد واتخاذ اجراءات وخطوات جريئة استثنائية، وعلى مدى عشرة اسابيع متتالية رددت ساحات التظاهر مطالباتها رئيس الحكومة بالايفاء بوعود الاصلاح والمضي قدما في تنفيذها بحزم مستنداً إلى الإرادة الشعبية التي عبرت عنها مئات الألوف من المتظاهرين في عموم العراق، وإلى مواقف مرجعية السيد السيستاني الداعمة للاصلاح والمطالبة بعدم التردد في تنفيذها والضرب بيد من حديد على الفاسدين واسترجاع الأموال المنهوبة.
وعلى الرغم من محدودية حزم الاصلاحات التي طرحتها الحكومة، فانها احتوت على مداخل للاصلاح، وتضمنت خطوات اصلاحية وإجراءات، من شأنها في حال تطبيقها، زعزعة اسس نظام المحاصصة، ونبذ نهج ومبدأ تقاسم مواقع السلطة وامتيازاتها.
تدخل الاصلاحات المعلنة في تعارض مع مصالح قوى وجماعات وشخصيات نافذة غير مستعدة للتنازل عن مواقع نفوذها وامتيازاتها، وكما هو متوقع، ستواجه اجراءات تطبيقها بمقاومة قوية وعنيدة، وهو ما اصبح يشكو منه رئيس الوزراء في خطاباته الأخيرة.
ومما يشكل صعوبة وتعقيدا اضافيين أمام تطبيق الاصلاحات، أن بعض الاجراءات تبدو غير مدروسة بعناية، ولم تتخذ بصورة متدرجة وعلى وفق تسلسل يركز على الأولويات التي تحظى بأكبر قدر من التأييد وأقل ما يمكن من المعارضة والمقاومة كما تفترضه اي إدارة سليمة لعملية الاصلاح، ولا تتوفر عناصر نجاح الأصلاح ما لم يستند إلى رؤية واضحة للقوى السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي ستتضرر منه ولتلك المستفيدة منه والتي لها مصلحة في انجازه، الأمر الذي يتطلب ادارة سليمة للأصلاح من قبل الحكومة وفريق يتمتع بالقناعة الراسخة بضرورته وبالخبرة والدراية والحصافة التي يتمكن بفضلها من تجميع وتوظيف عناصر قوة الاصلاح ووضعها في اطار برنامج واضح يستطيع الذهاب بالاصلاح حتى نهايته، وهي عناصر غير متوفرة بصورة متكاملة حاليا، ما يستدعي العمل الجاد من أجل توفيرها.
هناك طيف واسع من القوى المتنفذة، في مقدمتها منظومات الفساد في الدولة وخارجها، يقف بوجه عملية الاصلاح ما يجعل منها معركة سياسية بالدرجة الأولى ولا بد من أن تترافق بجهد سياسي مواز من أجل ايجاد ميزان قوى مناسب لعملية الاصلاح يسمح بتنفيذها. أما التعامل مع الاصلاح كعملية إدارية – فنية وتكنوقراطية وحسب، فيعكس نظرة قاصرة تقلل من فرص نجاحه.
فالأصلاح الجذري المطلوب الذي يخرج البلاد من أزماتها ويضعها على السكة السليمة للتطور والنماء، لا بد من ان يفضي في نهاية المطاف إلى انهاء نظام المحاصصة الطائفية والأثنية وتحقيق مصالحة وطنية حقيقية ويرسي قواعد بناء دولة المواطنة الديمقراطية ويطلق عملية تنمية اقتصادية واجتماعية لاعادة هيكلة الاقتصاد العراقي وتحويله من اقتصاد ريعي استهلاكي إلى اقتصاد يقوم على قاعدة انتاجية متنوعة.
ان هذه القوى المتنفذة تمتلك مواقع نفوذ قوية في السلطة وفي القوات المسلحة والجماعات المسلحة ولها فضائيات وقدرات ومصالح مالية ضخمة، وتضم الجبهة المناهضة للاصلاح او المعرقلة له قوى من منحدرات وتكتلات وتجمعات مختلفة، وبينهم المتشبثون بالمحاصصة ممن يوافقون على الأصلاح لسانا ويعارضونه فعلا، وعناصر الجهاز البيرقراطي غير الكفوءة وغيرالمؤهلة التي تخشى الاصلاح والتغيير والتحديث والمتورطة في الفساد، وقوى تسعى الى اعادة تقسيم الحصص بما يؤمن لها من مواقع وامتيازات افضل.
كما تتعارض مصالحها وتوجهاتها مع الاصلاح قوى من خارج العملية السياسية المتمثلة بداعش، والبعث الصدامي، وغيرهما ممن يعملون على وفق منطلقات طائفية.
وفي الخارج، هناك عدد من الدول لا تنظر بارتياح الى الاصلاح لأنها لا ترغب في عراق مستقر معافى يمتلك زمام اموره ويستعيد قوته، وكذلك دعاة الفوضى الخلاقة في امريكا الذين يريدونه دولة ضعيفة تقوم على اساس المحاصصة وتتقاذفها الصراعات الداخلية.
وفي المقابل فان معركة الاصلاح والتغيير السياسية تتطلب حشد كل القوى التي تدعم الأصلاح ولها مصلحة فيه، وهي كثيرة وقادرة على كسب المعركة فيما لو أُحسن ادارة الاصلاح وتشكيل جبهة متماسكة لجميع مؤيديه.
وتمثل القوى والجماعات والشخصيات والمواطنون المشاركون في الحراك الشعبي، وفي مركزها القوى المدنية الديمقراطية، ومنها حزبنا، دعامة رئيسة للاصلاح، والدعامة القوية الأخرى تتمثل بالمرجعية العليا في النجف، اضافة إلى اطراف وشخصيات من الكتل السياسية المختلفة.
واسهاما منه في دعم وتعزيز عملية الاصلاح وعرض رؤيته لها وملاحظاته على مجرياتها، ايجابا وسلبا، وتقديم مقترحاته بشأن الأولويات والآليات المطلوبة لتنفيذ الاصلاحات وتوفير مقومات نجاحها، ضمّن الحزب كل ذلك في مذكرة وجهها إلى الرئاسات الثلاث والكتل والاحزاب السياسية. وشملت المذكرة الخطوات والاجراءات المطلوبة في مجال الاصلاح السياسي والاداري ومكافحة الفساد وتأمين الخدمات واصلاح القضاء والاقتصاد.
ويؤكد حزبنا ضرورة أن يشمل الاصلاح عملية المصالحة الوطنية التي لا تزال يشوبها التشتت والتعتيم وعدم الوضوح، اذ يبدو ان الملف يسير على وفق مسارات متعددة تقودها الرئاسات الثلاث وليس معلوما مدى التنسيق بينها.
وارتباطا بهذا الملف، ينبغي ان تولي الاصلاحات الاهتمام بانجاز التشريعات ذات الصلة، كتشريعات العفو العام، ومراجعة قانوني مكافحة الارهاب وهيئة المساءلة والعدالة، والتوصل إلى صيغة مناسبة بشأن الحرس الوطني.
ومن اللافت للنظر ان ملف العلاقة مع الأقليم لم يذكر ضمن موضوعات الأصلاح رغم أن عدداُ من المشاكل بين الحكومة الاتحادية والأقليم لا تزال عالقة.
الأزمة الأقتصادية والمالية ومشروع موازنة 2016
يمر العراق باوضاع اقتصادية بالغة التعقيد ارتباطا باستمرار المستوى المنخفض لعائدات المبيعات النفطية وارتفاع نفقات الدولة والعمليات الحربية ضد الارهاب وداعش، وقد انعكس ذلك في شح ايرادات الدولة وتطبيق اجراءات تقشفية تمثلت في ايقاف الصرف على بعض بنود الموازنة وتأجيل تسديد رواتب واجور بعض شرائح العاملين في الدولة والقوات المسلحة والحشد الشعبي، وايقاف المشاريع الجديدة والتلكؤ في اطلاق التخصيصات لمشاريع الموازنة الاستثمارية، ونظرا لكون الانفاق الحكومي، بشقيه الجاري والأستثماري، يمثل المصدر الرئيس لتعاقدات شركات القطاع الخاص ومحددا رئيسا للطلب على السلع والخدمات والمحرك الأقوى لنشاطات القطاع التجاري وقطاع المقاولات، ترك هذا الانحسار والتقلص في إنفاق الدولة اثره على عموم النشاط الاقتصادي ما تسبب في حدوث حالة ركود فيه.
وتفيد بعض التقديرات بأن الناتج المحلي الاجمالي قد انخفض قرابة 25 بالمائة خلال الأثني عشر شهرا الأخيرة ومعدلات البطالة ارتفعت إلى أكثر من 30 بالمائة بحسب تصريح وزير العمل والشؤون الاجتماعية الذي عزا ذلك “إلى الأحداث الأمنية والأوضاع الاقتصادية وتزايد موجات الهجرة غير الشرعية” فيما ارتفعت مستويات الفقر إلى 31 بالمائة اوائل العام الحالي.
وجاء مشروع الموازنة الذي اقره مجلس الوزراء منسجما مع الأوضاع الراهنة ومساراتها المتوقعة خلال العام القادم، في العراق وعلى الصعيد الدولي. فقد جرى اعتماد سعر برميل النفط التخميني ب 45 دولاراً، وبمعدل تصدير مقداره 3,6 مليار برميل، فيما بلغ اجمالي النفقات التخمينية 113,5 ترليون دينار، خصص منها 30,5 ترليون للاستثمار و 83 ترليون للنفقات الجارية، اما إجمالي الايرادات فيبلغ 84,1 ترليون دينار، شكلت منها الايرادات النفطية قرابة 83 بالمائة، والعجز فيها يقدر ب29,4 ترليون دينار.
والموازنة المقترحة تقشفية حيث تم ضغط النفقات ب 6 ترليون دينار مقارنة بموازنة 2015 التي خصص فيها 2,5 ترليون دينار فقط للبطاقة التموينية ولم يرد في الموازنة بند مخصص لدعم النازحين.
فيما يتعلق بالعلاقة مع الأقليم، نص المشروع على تخصيص 17 بالمائة من مجموع الإنفاق الفعلي للموازنة العامة بعد استبعاد النفقات السيادية، وتخصيص نسبة من تخصيصات القوات البرية الاتحادية للجيش العراقي لقوات البيشمركة بحسب النسب السكانية، وأنه في حالة عدم التزام اي طرف (الحكومة الاتحادية، وحكومة اقليم كردستان) بالتزاماته النفطية أو المالية المتفق عليها، يكون الطرف الأخر غير ملزم بالإيفاء ايضاً بالتزاماته، نفطية كانت أو مالية.
وابرز الملاحظات التي تسجل على الموازنة إنها اعتمدت سعرا تخمينيا مرتفعا 45 دولارا للبرميل اذ من المتوقع ان ينخفض السعر إلى اقل من 40 دولارا، وكان معدل سعر البيع الفعلي خلال الشهرين الأخيرين يتراوح بين 40 و 41 دولاراً.
كما تطرح شكوك جدية حول امكانية تغطية العجز المتوقع، فبحسب وجهة نظر البنك المركزي، ان ما يزيد على 18 ترليون دينار لا يمكن تمويلها على وفق الادوات والطرق المقترحة في الموازنة، كما ان الاقتراض الخارجي يبدو صعبا وشديد التكلفة وهو ما ينبغي تجنبه، اذ بلغ سعر الفائدة على السندات التي اصدرتها الحكومة العراقية بقيمة 5 مليارات دولار 10,3 بالمائة ولم تحظ بالاقبال في الأسواق العالمية.
ونص مشروع الموازنة على التوسع في فتح باب الاستثمار الخاص والمشاركة مع القطاع الخاص، كما اعلن عن نية تصفية عدد كبير من الشركات المملوكة للدولة، ولنا موقف واضح بشأنه يؤكد على الدراسة الجدية لها والسعي الى تأهيلها وحماية المنتج الوطني والمساعدة على تسويقه، وقبل كل شيء مراعاة مصالح العاملين فيها ومستقبلهم مع عوائلهم.
ليس متوقعا ان تلعب الموازنة دورا مؤثرا على الصعيد التنموي، كما ان عبء التقشف ستتحمله بدرجة أكبر الفئات الأقل دخلا او العديمة الدخل، وذلك نتيجة زيادة الأعباء الضريبية غير العادلة، كضريبة المبيعات والرسوم المختلفة، وتقليص تخصيصات البطاقة التموينية والغاء التخصيصات للنازحين وغلق باب التعيينات وارتفاع معدلات البطالة بسبب تقليص الانفاق الحكومي وتراجع النشاط الخاص.
ولأجل تجنب الاقتراض الخارجي والداخلي، على الدولة التركيز على تقليص مزيد من النفقات غير الضرورية والمرتبطة بالامتيازات والرواتب العالية والبذخ. فرغم صعوبة الأوضاع، نجد على سبيل المثال بعض الوزراء ينفقون من موازنات وتخصيصات وزاراتهم مئات الملايين من الدنانير من اجل تأثيث بيوتهم او شراء سيارات جديدة لا حاجة اليها!
الاوضاع في الاقليم والعلاقة مع الحكومة الاتحادية
يعاني الاقليم اوضاعاً صعبة وتعقيدات سياسية واقتصادية، والوضع المتشكل فيه هو حصيلة مجموعة من العوامل والاسباب ومن ذلك الحرب ضد الارهاب وداعش ومساهمة الأقليم والبيشمركة فيها وتقديم التضحيات والشهداء لابعاد مخاطر هذا التنظيم الاجرامي، وكذلك المناكفات والتوترات بين الاحزاب السياسية، لاسيما بين الخمسة التي افرزت نفسها لكونها احزاباً حاكمة وهو ما تجلى في اشكال عدة لعل ابرزها الصراع الدائر بشأن رئاسة الاقليم، وايضا نوعية الدستور المطلوب وصلاحيات مختلف السلطات المراد تاشيرها فيه، وقد اثر كل ذلك، اضافة الى العلاقة المتوترة مع الحكومة الاتحادية، في التاثير على الحركة الاقتصادية والمعيشية وسبب حالة من الركود في الاقليم.
وفي اجواء كهذه وتواصل الصراعات الحزبية الضيقة، انطلق العديد من التظاهرات في مدن كردستانية عدة، وبغض النظر عن ما صاحبها من اعمال غير مقبولة واستخدام للعنف غير مبرر ومحاولات استغلالها من بعض الجهات السياسية ، فان المحتجين رفعوا مطالب عادلة من اجل مواجهة الفساد وتامين الرواتب ومعالجة ازمة النظام السياسي في الاقليم والانتهاء من اقرار دستور الاقليم وحسم مسالة الرئاسة فيه، والتوجه الى اعتماد الاصلاح خياراً يلبي مصالح الشعب.
وتكتسب العلاقة بين الاقليم والحكومة الاتحادية اهميتها حيث هناك العديد من المشاكل العالقة التي يجري ترحيلها من سنة إلى أخرى ومن دورة تشريعية إلى أخرى، ومن أهم القضايا العالقة الحاحاً، ملفات النفط والموازنة إذ لا يزال الطرفان غير ملتزمين بالاتفاق النفطي الموقع بينهما بعد تشكيل الحكومة، فيما لم تتواصل المساعي المكثفة من أجل التوصل إلى توافق بشأن قانون النفط والغاز وتمويل وتسليح البيشمركة، فضلا عن “المناطق المتنازع عليها”، ولأستمرار هذه العقد آثار سلبية على إعداد وتمويل الموازنة الاتحادية وعلى الجهد المشتري في الحرب ضد داعش وعلى اوضاع المناطق المتنازع عليها بعد تحريرها من سيطرة داعش، كما ان لها تداعيات على الأوضاع السياسية العامة في البلد، وتوالي الأزمات وضعف إداء الدولة عموما
فالسعي الجاد من اجل تحريك هذه الملفات واستئناف المفاوضات بروحية ايجابية واستعداد متبادل لتقديم التنازلات ينبغي ان يكون أحد محاور الاصلاح المنشود في العراق ككل، وفي الاقليم.وان ذلك يصب في مصلحة الجميع.
ان الاوضاع التي يمر بها الاقليم تتطلب من كافة احزابه ومنظماته الانتباه الى المخاطر المحيطة، والابتعاد عن لغة فرض الخيارات على الاخرين، وتفعيل لغة الحوار وتلبية مصالح الناس والاستماع الى مطالبهم، والوصول الى التوافق الشامل المطلوب، وتشكيل حكومة موسعة من كل الاطراف التي يهمها مصلحة الاقليم وشعبه،، ومن اجل تقدمه وازدهاره وتوفير الرخاء للمواطنين، وابعاد شبح الحرب عنه.
الهجرة
ظهرت خلال الأسابيع الأخيرة حركة هجرة غير اعتيادية من حيث السعة والعدد والشباب كانوا الفئة الأكبر فيها، ومن مختلف الشرائح الاجتماعية، ولكن النسبة الأكبر كانت من الفئات الوسطى من جميع الانتماءات الدينية والمذهبية والقومية، ومن الاسباب المباشرة لهذه الهجرة الواسعة قيام تركيا بتيسير العبور من خلال حدودها إلى اوروبا وهي ارادت من وراء ذلك الضغط على دولها ونكاية بها لمواقفها منها، وعدم موافقتهم على اقامة منطقة عازلة في سوريا، وايضا لابد من الاشارة الى موقف المانيا الداعي الى حسن استقبال المهاجرين.
ولكن الأسباب الاساسية والأكثر اهمية تكمن في الأوضاع الداخلية المتردية المتمثلة بالأوضاع الأمنية المتدهورة وغياب فرص العمل والضغوط الاجتماعية وانحسار الأمل في مستقبل افضل لدى الشباب نتيجة الفشل في مجالات عمل الدولة المختلفة وانتشار الفساد والمحسوبية وتفاقم الأزمة الاقتصادية والمالية.
ان قضية الهجرة لها عواملها الموضوعية العميقة، وعلاجها يحتاج الى اصلاح حقيقي في اوضاع البلاد، وما يحصل من نزوح الى الخارج حجمه كبير فمنذ بداية السنة الى الان تفيد المعلومات بهجرة 380 الف عراقي. وهي الان تاخذ طابعا منظما ولها دعاتها، هذه الهجرة لن تمر بدون تاثيرات سلبية على الوضع الاجتماعي والنفسي.
وبالرغم من ان الهجرة رد سلبي على الاوضاع الراهنة في بلدنا، فان الحزب يتعاطف مع الضحايا من المهاجرين ويدعو الى تقديم الدعم والاسناد الانسانيين لهم، والى ان تتحمل الحكومة مسؤوليتها الكاملة وتعمل على توفير الظروف التي تحد من هذا النزف واحتضان الشباب ورعايتهم وتوفير المستلزمات المطلوبة لكي يقدموا طاقاتهم ويضعوها في خدمة وطنهم.
ان ما يحصل يلح على المضي قدما في عملية الاصلاح والحؤول دون تراجعها وصولا الى انقاذ البلد من العوامل السلبية التي تحولت الى اسباب طاردة لمواطنيه.
مستجدات اقليمية ودولية
لقد حدثت في المدة الأخيرة تطورات مهمة على الساحة الدولية سيكون لها انعكاسات مؤثرة على الوضع السياسي والامني في العراق، واهمها توصل الأطراف الدولية إلى قناعة بأن داعش تمثل خطرا فعليا كبيرا لا على العراق فقط، وإنما على العالم اجمع، وأن سياسات مكافحة الارهاب والاكتفاء باحتواء داعش ومحاولة جعلها اداة وتوظيفها لاسقاط النظام في سوريا ولممارسة الضغط على الوضع في العراق لصالح تمرير سياسات وخدمة مصالح معينة قد باءت بالفشل، فداعش لا تزال متمكنة وتشكل تهديدا عدوانيا جديا في العراق وسوريا وفي بلدان أخرى في المنطقة وخارجها، وتسببت في خراب ودمار أعاد هذه البلدان عشرات السنين إلى الوراء.
ونتيجة لهذه القناعة وللدروس المستخلصة من التجربة الماضية وربما ايضا لما يمكن ان يفتحه عودة الأمن والاستقرار في المنطقة من آفاق وفرص للشركات العالمية لحاجات اعادة الإعمار الضخمة للمدن المدمرة، تحركت مواقف القوى الدولية، وبشكل خاص الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي إزاء سوريا باتجاه الاقرار بان لا حل عسكريا ممكنا فيها، ومن ثم التخلي عن الاشتراطات السابقة بازاحة الأسد من الحكم في المرحلة الانتقالية، وتم الاتفاق على أن تصبح الأولوية لضرب داعش والقبول وفتح الباب لمساهمة روسية أكبر في الحرب ضد الارهاب، وقد اشرت تلك تصريحات لوزراء خارجية وقادة اوروبيين.
ولم يأت هذا التغيير في المواقف الدولية بمعزل عن شعور العالم بالجزع من ما يجري في المنطقة، وعن عملية الهجرة وضغطها الكبير، ومن المحتمل ان تمتد الصفقة الدولية لتشمل الشرق الاوسط بأكمله، واليمن وليبيا. وشجع على هذا والمضي فيه ما تحقق من انفراج عكسه توقيع الاتفاق النووي بين الدول الكبرى وايران، وما فرضه كخيار للحوار على الحرب والعنف.
وفي هذا السياق من التطور في المواقف الدولية اعلنت روسيا تكثيف مساعداتها العسكرية إلى سوريا وارسال اسراب من الطائرات والاسلحة المتقدمة وبمشاركة مباشرة لطيارين وضباط وخبراء عسكريين روس، وشرعوا فعلا بشن غارات مكثفة على أهداف لمراكز قيادية للمنظمات الارهابية في عدة مواقع، ويبدو أنها كانت مؤثرة بحيث ارغمت هذه المنظمات على سحب قواتها نحو الحدود التركية.
وفي الوقت نفسه تقريبا، تم الاعلان عن تشكيل مكتب للتنسيق الاستخباري الرباعي بين العراق وايران وسوريا وروسيا يكون مقره بغداد.
وقوبل الاعلان عن هذا التنسيق مع روسيا بترحيب بعض الأحزاب والكتل السياسية، فيما سارعت قوى أخرى إلى ابداء المعارضة واعتباره مساساً بالسيادة الوطنية وتوريطا للعراق في صراعات جديدة وتجاوزا لمجلس النواب، وله تأثير سلبي على العلاقة مع التحالف الدولي.
نحن لا نجد ما يدعو للاستغراب والمعارضة في تشكيل هذا المكتب، وهو مكرس للتنسيق الاستخباراتي ولا يرقى إلى صيغة تحالف، لروسيا مصلحة مباشرة في القضاء على داعش بسبب التهديد الذي يمثله لها داخليا ودخولها يمثل عنصر قوة اضافية في الحرب ضد الارهاب و داعش.
من ناحية اخرى ليس للحكومة العراقية موقف سلبي من روسيا، وقامت الأخيرة بتجهيز العراق بالسلاح، والعراق ينسق مع التحالف الدولي بقيادة امريكا، والضرورة تقتضي التنسيق مع روسيا وغيرها من الدول التي هي خارج التحالف، ومثلما هو موقفنا في حالة التحالف الدولي فان اي عمل مشترك مشابه مع الدول الاخرى، لابد من ان يكون قائما على اساس القانون الدولي وميثاق الامم المتحدة، وان يحفظ للعراق سيادته واستقلاله وعدم التدخل في شؤونه الداخلية وبما يمكنه من مواجهة الارهاب وداعش بفاعلية وكفاءة للقضاء عليه والخلاص من شروره، وجرى التاكيد على ضرورة تنسيق المساعدات والجهود الدولية لضمان فاعليتها وانسيابيتها.
ان التطورات في المواقف ومساعي تحريك الامور باتجاه وضع حد للأحوال المأساوية التي يعيشها الشعب السوري باعتماد الحلول السياسية بدلا من العسكرية شيء ايجابي لابد من الترحيب به، اما شكل الحكم اللاحق فان الشعب السوري هو من له الحق في تحديده بما ينسجم مع مصالحه وتطلعاته الى حياة آمنة، وتمتعه بحقوقه وبالحريات الديمقراطية.
مهمات في المرحلة القادمة
ان التطورات الجارية في بلادنا، وعلى صعيد المنطقة والعالم، تدعونا الى:
1- العمل على ادامة زخم الحراك المدني، الشعبي، وتوسيع صفوف المشاركين فيه والانفتاح على مختلف القوى والاحزاب، والتجمعات والتنسيقيات، والسعي الى ايجاد المشتركات بينها وبلورة الشعارات والمطالب وترتيب الاولويات، والعمل الحثيث على تطوير الحراك وتنوع أشكاله بما يضمن ديمومته، حتى تحقيق الاهداف المنشودة في اصلاح النظام السياسي، ومكافحة الفساد والمفسدين، وتوفير الخدمات والحياة الكريمة اللائقة، واصلاح القضاء.
2- توسيع الانشطة والفعاليات الجماهيرية، وتنويعها وتبني مطالب الناس والدفاع عنها، والمساعدة في قيام منظمات المجتمع المدني، والاتحادات والمنظمات المهنية والنقابية بدورها في الدفاع عن حقوق منتسبيها.
3- تقديم مختلف اشكال الدعم والاسناد والاسهام المباشر في معركة شعبنا الوطنية ضد الارهاب وداعش ودحره وتحرير اراضينا ومدننا من شروره ودنسه.
4- تعزيز امكانيات الحزب وقدراته والاهتمام بمنظماته وترقية دورها في مختلف الصعد الفكرية والسياسية والتنظيمية والاعلامية والجماهيرية، وتحسين الاداء، وتوسيع صفوف الحزب وتعزيزها، واقامة شبكة واسعة من العلاقات مع جماهير شعبنا، على اختلاف منحدراتهم الاجتماعية والقومية والدينية، وتعزيز الصلة بالتحشدات الجماهيرية، في المدينة والريف، وفي مواقع العمل والسكن والدراسة.
5- ايلاء العناية الفائقة بالشباب والنساء والمثقفين اهتماماً، لما لهم من دور اظهرته مساهمتهم الفاعلة والنشطة في الحراك الجاري الان في بلادنا.
6- المساهمة الفاعلة في رص صفوف القوى المدنية والديمقراطية والارتقاء بعطاء التيار الديمقراطي والتحالف المدني الديمقراطي.
7- المساهمة في رعاية النازحين والمهجرين، وحث الحكومة ومختلف المنظمات ذات العلاقة على تقديم الرعاية وتوفير العيش اللائق بهم حتى عودتهم الى مدنهم.
8- توسيع دائرة التضامن مع شعبنا والقوى والاحزاب المدنية والديمقراطية في نضالهم المتواصل على طريق دحر الارهاب والفساد وبناء الدولة المدنية الديمقراطية، دولة المواطنة والمؤسسات والقانون والعدالة الاجتماعية.