السيمر / الجمعة 05 . 05 . 2017 — يؤكد تصاعد الهجمات في غربي الانبار ان المعركة ضد داعش لن تنتهي بهزيمته واخراجه من المدن. اذ تبقى الطرق الخارجية الواصلة بين المحافظات ساحة يستخدمها التنظيم لزعزعة أمن المدن والمحافظات المحررة.
وبحسب التسريبات، فان حكومة العبادي تبدو متجهة للاستعانة بشركات أمنية اميركية، لتأمين الطريق الدولي، وربما اجزاء من الحدود مع الأردن.
وتعتبر الانبار اكثر المحافظات ترشحا لتطبيق هذه الفكرة، لا سيما وانها تضم أحد أهم المنافذ الحدودية.
أما نينوى، التي تمتلك شريطاً حدودياً طويلاً مع سوريا وتركيا، فتجد ان ذلك الخيار قد يصطدم برفض سياسي. إلا ان ذلك لم يمنع أطراف موصلية من الترحيب بأي حل يمنع عودة داعش الى المدن بعد تحريرها، حتى لو كان بالاستعانة بشركات أجنبية.
الصراع على الحدود
وكانت جهات في الموصل اعتبرت، في وقت سابق، ان قوات الحشد الشعبي أكثر الاطراف المؤهلة لمسك الحدود.
وتتواجد قوات الحشد، منذ نحو 6 اشهر في الجانب الغربي من نينوى، وتقترب من آخر المدن الحدودية مع سوريا، بعد تحرير قضاء الحضر الاسبوع الماضي.
لكن النائب عن نينوى أحمد الجبوري يقول ان الاطراف السياسية في المحافظة تعتقد ان تأمين الحدود والطرق الخارجية “يجب ان يكون بواسطة حرس الحدود والجيش العراقي”.
وأضاف الجبوري، في تصريح لـ(المدى) امس، ان “عملية التحرير يجب ان لاتتوقف عند المدن، اذ علينا تأمين الحدود والطرق الواصلة بين المحافظات”.
ودقّ استهداف داعش للقوات الأمنية في الطريق الدولي الرابط بين الرطبة والرمادي، ناقوس الخطر من عودته مجدداً الى المدن المحررة.
وأعلن رئيس الوزراء، يوم الثلاثاء، عن وجود خطط عسكرية جديدة لاستعادة ما تبقى من مدن محافظة نينوى وقراها، في شمال غربي البلاد. وأكد ان “الأولوية حالياً هي لتأمين الحدود العراقية ــ السورية”.
وأشار العبادي الى أن عمليات غربي الأنبار ستبدأ بعد وصول القوات إلى المنطقة الحدودية، وتحديداً عند خط التقاء محافظتي نينوى والأنبار.
كما ردد وزير الدفاع عرفان الحيالي، قبل يومين، الكلام ذاته، حين قال إن “انطلاق معارك تحرير المناطق الغربية من محافظة الأنبار متعلق بانتهاء معارك تحرير الموصل”. ويبدو ان صمت العبادي حول عملية تحرير قضاء الحضر، بيد الحشد الشعبي ومقاتلي عشائر سُنية، يعود الى رفضه تمدد الحشد الى مناطق اخرى بعيدة عن تلعفر. ويطوق الحشد مركز قضاء تلعفر، منذ عدة اشهر، قبل ان ينفذ عملية مفاجئة، الاسبوع الماضي، لتحرير الحضر في عملية لم تستغرق سوى 48 ساعة.
في غضون ذلك، يقول النائب فالح الخزعلي، القيادي في كتائب سيد الشهداء المنضوية ضمن فصائل الحشد، ان “الوجهة المقبلة للحشد مرهونة بتعليمات القائد العام”.
ويؤكد الخزعلي، في تحديث لـ(المدى) امس، ان “كل خيارات المعركة مفتوحة”، مشيرا بالقول “بعد تحرير كل الموصل لن يتبقى امامنا سوى البعاج، والقيروان، وتلعفر”.
وكان جواد الطليباوي، القيادي في الحشد، اعتبر ان قضاء البعاج وناحية القيروان وتأمين الحدود العراقية السورية “ستكون الوجهة المقبلة للحشد بعد تحرير الحضر”.
لكن النائب أحمد الجبوري يؤكد ان “تحرير البعاج أمر يختلف عن تأمين الحدود”.
وعلى الرغم من ان البعاج مدينة حدودية، إلا ان الجبوري يقول “ليس هناك مانع ان يحررها الحشد بالتنسيق مع القيادة العسكرية”. وكرر النائب عن نينوى الحديث عن ضرورة ان تكون مهمة مسك الحدود بيد الحكومة المركزية.
لكن الجبوري بالمقابل “لايمانع ان تعطى مسؤولية حماية الحدود الى شركة اجنبية كما يتم الحديث عنه في الانبار”، على الرغم من انه يعتقد ان الأمر سيكون مختلفاً بعض الشيء في نينوى. ويوضح الجبوري بالقول ان “نينوى فيها جهات سياسية واجتماعية مختلفة، على خلاف الانبار”، معتبرا ان “هذا التنوع قد يكون معرقلا لقبول فكرة الاستعانة بشركة أمنية”.
داعش ينتحر
ويأتي حديث تأمين الحدود في وقت تتعثر عملية استعادة ما تبقى من الساحل الأيمن من الموصل، والتي لاتزيد عن 25% من مساحة المدينة.
ومنذ اسبوع تباطأت العمليات العسكرية الى حد توقفت المعارك في بعض الاحياء، كما حدث في الزنجيلي.
ويقول عبد الرحمن الوكاع، عضو مجلس محافظة نينوى، في تصريح لـ(المدى) امس، ان “داعش يحاول ان يوقف العمليات العسكرية في غربي الموصل بأي طريقة، حتى لو كان ليوم واحد فقط”.
ويرى الوكاع ان “التنظيم يريد كسب بعض الوقت، لإلتقاط انفاسه او تحريك خلايا نائمة في مناطق اخرى لفك الحصار عنه”.
ويضيف المسؤول المحلي بالقول ان “داعش يحاول ان يصوّر للرأي العام، بان القوات العراقية تقتل المدنيين ليكسب تعاطفهم، للضغط على الحكومة بايقاف العمليات”.
ويكشف الوكاع عن مقترح لاعضاء مجلس المحافظة بايقاف العمليات على خلفية القصف الخطأ، الذي اصاب منازل في وسط الموصل بـ17 آذار الماضي.
ويقول عضو مجلس المحافظة ان “القصف قتل 350 مدنيا، وهذا رقم الكبير، الأمر الذي دعا البعض الى التفكير بطلب ايقاف العمليات”.
لكن الوكاع يؤكد انه قدم للمجلس دراسة طويلة عن مضار ايقاف العمليات، لافتا الى انه نجح ، في نهاية المطاف، اقناع زملائهم بخطأ مقترحهم.
ومايزال عدد المدنيين، الذيي يسقطون في معارك الجانب الأيمن، يثير قلق المسؤولين المحليين. اذ يقول الوكاع “هناك ارقام تخمينية عن استشهاد 1000 مدني حتى الآن في الساحل الأيمن”.
ويعترف المسؤولون بان أكثر القتلى يسقطون جراء عمليات قنص يقوم بها عناصر داعش للمدنيين الذين يحاولون الفرار من مسرح العمليات. كما تعتبر السيارات المفخخة المصدر الثاني لاستهداف المدنيين.
ودفعت تلك الأحداث، مؤخرا، الى ابطاء ايقاع المعارك في الموصل لحماية أرواح السكان، فيما بدأ داعش بعمليات تمويه للايقاع باكبر عدد من الضحايا بين صفوف المدنيين.
ويقول الوكاع ان التنظيم بات ينقل العوائل من منزل الى آخر عبر فتح جدران المنازل، مما يعقد مهمة القوات باكتشاف اين يتم احتجاز السكان.
وينتشر مسلحو التنظيم فوق أسطح المنازل كما يضعون السيارات الملغمة على مقربة من البيوت.
ويعتقد المسؤول المحلي ان داعش صار اكثر شراسة حين صارت القوات العراقية قريبة من الاحياء، التي تعتبر معقله الرئيس.
ويتحدث الوكاع عن احياء 17 تموز والرفاعي، شمال غربي الموصل، مشيرا الى ان “السكان هناك كانوا رهائن لدى داعش حتى قبل سقوط الموصل في حزيران 2014”. ولفت الى ان التنظيم زادت مقاومته، لانه “بات محاصراً في مناطق ضيقة وليس أمامه سوى الانتحار”.
ودافع عضو مجلس نينوى عن فكرة فتح منافذ خارج الموصل وسحب التنظيم الى مناطق مفتوحة. وقال “لو استدرجنا داعش الى البعاج او تلعفر لانتهت أزمة الموصل”.
صوت الجالية العراقية