أخبار عاجلة
الرئيسية / مقالات / المذكرة التي قصمت ظهر محور العدوان

المذكرة التي قصمت ظهر محور العدوان

السيمر / الجمعة 05 . 05 . 2017

طوني حداد / لبنان

آخر ماكان يرغب به “دونالد ترامب” ان ينطلق عهده بحرب “كونية” لطالما بنى حملته الانتخابية على رفضها وانتقادها .
لكن الحرب “جاءت الى حضنه” كما يُقال فبعد ان فتح قنوات اتصال مع دمشق – زيارة النائبة الأميركية “تولسي غابارد” الى سورية ولقائها الرئيس بشار الأسد – وبعد اعلان خارجيته على لسان وزيرها “تيلرسون” بأن الولايات المتحدة ليست معنية بتنحي الأسد أو عدمه واعتبرته شأناً سورياً , بعد كل هذا تحرك المتضررون من اي تسوية مع “نظام الأسد” كما يسمّونه و”استقتلوا” ودارت مطابخهم السوداء و”ماكينات”امبراطوريات إعلامهم التضليلي فجاءت فبركة تمثيلية “خان شيخون” لتفرض على الرئيس الأميركي تحركاً ما ولو كان استعراضياً وشكلياً من قبيل ذر الرماد في العيون فكان قصف مطار “الشعيرات” .
لكن كرة النار بدأت تكبر ورأى “ترامب” نفسه يُدفع – بمباركة اسرائيلية سعودية -الى ولوج “المستنقع السوري” بقدميه وتحت ذرائع مفبركة ومفضوحة تذكر بمقدمات غزو العراق بما يعني هذا الولوج من توريط مباشر للجيش الأميركي بشكل مباشر هذه المرة وليس بالواسطة , فجيشه صار موجودا فعليا على الأرض السورية “منطقة القامشلي” وعلى الحدود السورية الأردنية جنوباً وقرعت طبول الحرب وباتت المواجهة مع روسيا وايران والجيش السوري وحزب الله وحلفائهما – وبإسناد من الحشد الشعبي العراقي -على الأرض السورية قاب قوسين او أدنى وهذا يعني وقوع “مستر بريزيدنت” بالفخ الذي طالما تباهى بأنه لن يقع فيه .
بالنتيجة صعد “الكابوي” الأرعن الشجرة وبدأت تضيق فرص نزوله الآمن عنها .
تحرك “الدب الروسي” الضليع بمثل هكذا عمليات “انقاذ” -وكما فعل مع “اوباما” من قبل – ليبيع التاجرالأميركي الذي لم يكن “شاطراً هذه المرة حبل النجاة من كيسه .
اتصال “بوتين – ترامب -” قبل يومين كان لوضع اللمسات الأخيرة على عملية الانقاذ أو لنقل “الالتفاف” .
الرئيس “ترامب” يحتاج مايحفظ ماء الوجه للتراجع و”إغماد” السلاح وإغراء تحقيق فكرة “المناطق الآمنة” – ولو تحت أي مسمى آخر- أقصى مايطمح اليه ليبيع الرأي العام الأميركي انتصاراً فشل غيره في تحقيقه .
وسورية وحلفاؤها بحاجة لتنفيس عجلات المغامرين غير الآبهين بشلال الدم السوري سواء داخل الادارة الأميركية او أوروبا أو في “اسرائيل” ومعهم “البقرة الحلوب” السعودية القطرية و”عجولها” .
تلقّف محور المقاومة الفرصه لتفويت فرصة معركة يريدها “صبيان اميركا” ولايريدها “ترامب” فقدمت سورية ومن ورائها روسيا وإيران له هذا “الانتصار” باختراع فكرة “عبقرية” هي “مناطق خفض التوتر” التي لاتعني مناطق آمنة ولاتعني مناطق نزاع وهي فكرة “برّاقة” شكلاً لكنها بالمضمون لاتقول شيئاً ولاتعني شيئاً ولاتقدم أي نقاط ايجابية لقطعان المعارضة المسلحة ومشغليهم .
مذكرة كتبتها موسكو بالتنسيق مع طهران ودمشق أبرز بنودها الزام مايسمى بالمعارضة المسلحه التعاون مع الجيش السوري وحلفائه بالحرب ضد التنظيمات الارهابية , أي فرض حالة الاقتتال بين هذه الفصائل المسعورة لتصفية بعضها كما حدث ويحدث الآن في الغوطة الشرقية من ريف دمشق التي بنتيجتها بحسب اعتراف المتقاتلين انفسهم سقط حتى الآن ماينيف عن ألف وخمسمئة قتيل من الجهتين المتصارعتين وهذه الحروب ستستمر بموجب هذه المذكرة خصوصاً ضد “جبهة النصرة” الجهة الارهابية الأقوى على الأرض في المناطق التي حددتها مذكرة “مناطق خفض التوتر”.
مايخص بند الضربات الجوية السورية الروسيه على المناطق الأربعه المشمولة بالاتفاق فهو بند لاقيمة له لأن هذه الضربات كانت تشن أصلاً لاحباط محاولات الارهابيين المسلحين التقدم واحتلال مواقع خارج هذه المناطق التي هي بالأساس محتلة من قبل الفصائل المسلحة المدعومة من السعودية وتركيا وقطر وبنتيجة المذكرة الروسية فإن المسلحين سيلتزمون عدم شن أي هجوم خارج هذه المناطق أو استهداف مناطق أخرى “بقذائف الهاون وغيرها ” تحت طائلة معاودة الغارات الجوية السورية وهذا انجاز مهم بعد سلسلة الجرائم التي ارتكبتها هذه العصابات باستهداف المدنيين بالقذائف الصاروخية ووقوع عشرات الضحايا الأبرياء في دمشق وغيرها فضلاً عن الخسائر المادية بالممتلكات الخاصة والمرافق العامة والبنية الحيوية التحتية للدولة السوريه .
والأهم -وبحسب التوضيح الرسمي الروسي اليوم – فإن هذه المذكرة فرضت أيضاً حظراً جوياً على طيران التحالف الدولي الأميركي فوق المناطق الأربعة مما يفوت فرصة تقديم أي دعم وامداد للمسلحين من الجو .
المراقبون الدوليون فقرة اختيارية – بحسب حرفية المذكرة – لاتنفذ الا بموافقة الجكومة السورية على الفكرة بالاساس وعلى جنسية عناصرها .
وأي خلل بالتنفيذ يعني قيام الجيش السوري والمقاومة بممارسة حقّ الرد والردع بكل الوسائل دون العودة الى أي هيئة مشرفة على تنفيذ بنود المذكرة.
في كل ماتقدم نستطيع أن نخلص بان هذه المذكرة قد لايكون لها أي شأن يذكر فيما لم تنفذ لكنها قدمت ل”ترامب” فرصة التسويف والانسحاب من جهة ومن جهة أخرى قدمت لسورية وحلفائها الفرصة والوقت والراحة لاستمرار عملية ربط العراق بسورية باطار مكافحة الارهاب والذي صار قريب المنال باستمرار انتصارات الجيش والمقاومة والحشد الشعبي العراقي في الموصل وبالتالي ربط طهران ببيروت مروراُ بالعراق وسورية وهذا مايقض مضاجع الكيان الصهيوني الغاصب ومضاجع عصابة بني سعود ويصيبها بالذعر الذي كان أحد تجلياته التصريحات الأخيرة للغلام ابن ملك العصابة السعودية ضد ايران .
تركيا “اردوغان” تعجلت المذكرة كأهون الشرور مكرهاً أخاك لابطل وفرضت على صبيانها قبولها لأن أي غزو أميركي افتراضي للمنطقة تحت ذريعة محاربة الارهاب أو “اسقاط الأسد” سيكون “حصان طراوده” الحاسم فيه هم “الأكراد” وهذا يعني تهديد “السلطان العثماني” في عقر داره وإعادة طرح فكرة “الدولة الكردية” كثمن مشاركة الأكراد الضروري في الغزو الذي قبل مذكرة “استنة” أمس كانت طبوله تُقرع وعلى ايقاعها أخذ “البشمركة” الكرد يرقصون “الدبكة” حاملين العلم الأميركي .
هذه المذكرة التي هي ضربة معلم عبقرية قدّمت لأردوغان حبل الإنقاذ ومن “كيسه” أيضاً ولجمت طموحاته العدوانية والتوسعية .
المؤسف بأن البعض من جمهور المقاومة إما بسبب الانفعال الشعبوي أو ضيق الأفق الاستراتيجي وقصر النفس يقع فريسة الإحباط والذعر والتشكيك في الوقت الذي أهم ماهو مطلوب في هذه المعركة – كما قال سماحة السيد حسن نصرالله – هو” الصمود والصبر والثقة بالنصرالذي بدأ يؤتي ثماره والأهم الثقة بالحلفاء الذين يشكلون محور المقاومة”.
أخيراً ..صدق من قال :
“الدبلوماسية السورية تمشي على حافة الهاوية ولاتسقط وإذا ما سفطت فإنها تُسقط الجميع معها “

بانوراما الشرق الاوسط

اترك تعليقاً