السيمر / الأربعاء 21 . 06 . 2017 — أصدر رئيس المحكمة الدستورية العليا في مصر يوم الأربعاء أمرا مؤقتا بوقف تنفيذ أحكام قضائية تتعلق باتفاقية تعيين الحدود البحرية، التي تتضمن نقل تبعية جزيرتي تيران وصنافير بالبحر الأحمر إلى السعودية، لحين الفصل في دعوى تطالب بتحديد الجهة ذات الولاية.
وذكرت المحكمة في بيان أن رئيس المحكمة المستشار عبد الوهاب عبد الرازق اتخذ قراره بوقف بناء على ما ورد في تقرير من هيئة مفوضي المحكمة.
وأثارت الاتفاقية المثيرة للجدل، التي وقعت بين مصر والسعودية في أبريل نيسان العام الماضي، اعتراضات واحتجاجات في مصر.
وأصدرت محكمة القضاء الإداري العام الماضي حكما ببطلان توقيع ممثل الحكومة على الاتفاقية. وأيدت المحكمة الإدارية العليا الحكم في يناير كانون الثاني ليصبح حكما نهائيا. ورفضت المحكمة الدفع بعدم اختصاصها.
وصدرت أحكام أخرى من محكمة القاهرة للأمور المستعجلة تؤيد صحة الاتفاقية وبعدم اختصاص القضاء الإداري في نظر الاتفاقية نظرا لكونها من أعمال السيادة.
واتخذت الاتفاقية منحى آخر الأسبوع الماضي عندما أقرها البرلمان، لكن يتعين أن يصدق عليها الرئيس عبد الفتاح السيسي لتصبح سارية.
ويقول محامو الحكومة ونواب إن البرلمان هو الجهة الوحيدة المنوط بها مناقشة الاتفاقيات والمعاهدات السيادية وليس القضاء.
* دعوى تناقض أحكام
وقال المستشار رجب سليم المتحدث باسم المحكمة الستورية العليا لرويترز “ما صدر ليس حكما ولكنه قرار وقتي.. قرار علاجي. ما صدر (قد) صدر من رئيس المحكمة وليس من المحكمة. سنده في هذا الكلام المادة 32 من قانون المحكمة وهي المادة المتعلقة بالأحكام القضائية الصادرة من جهات قضائية متعددة ومتناقضة في نفس الوقت”.
وأضاف “المادة قالت: ولرئيس المحكمة بناء على طلب ذوي الشأن أن يأمر بوقف تنفيذ أحد الحكمين المتناقضين أو كليهما. فهذه سلطة استئثارية انفرادية لرئيس المحكمة يمارسها بعيدا عن المحكمة ودون العرض على المحكمة. وهذا ما تم في هذا الأمر”.
وتابع قائلا إن قرار إيقاف التنفيذ سيستمر لحين صدور حكم من المحكمة الدستورية العليا في دعوى تناقض الأحكام التي تنظرها.
وأضاف “المحكمة الدستورية العليا في دعاوى تناقض الأحكام تنظر الجهة ذات الولاية. من هي الجهة ذات الولاية؟ قد ترى أن إحدى الجهتين ذات ولاية وقد ترى أن كلا الجهتين غير ذات ولاية. ممكن يكون من اختصاص جهة أخرى” وذلك في إشارة إلى أن المحكمة قد تحكم بأن البرلمان هو صاحب الولاية في هذه الاتفاقية وليس القضاء.
وكانت أحدث حلقة من حلقات النزاع بين المحكمتين يوم الثلاثاء، عندما أصدرت محكمة القضاء الإداري حكما ينص على عدم الاعتداد بكل أحكام الأمور المستعجلة بشأن قضية جزيرتي تيران وصنافير واعتبارها كأن لم تكن.
ولم يتسن لرويترز الحصول على تقرير هيئة مفوضي المحكمة الدستورية العليا.
لكن التلفزيون المصري أوضح أن التقرير قال إن أحكام القضاء الإداري والمستعجل خالفت قواعد الاختصاص الولائي.
وقد يعد ذلك مؤشرا إلى أن المحكمة قد تصدر حكما بعدم اختصاص القضاء في نظر الاتفاقية، وهو ما سيصب في صالح الإجراء الذي اتخذه البرلمان بإقرار الاتفاقية.
وتقارير هيئة المفوضين استشارية وغير ملزمة للمحكمة.
وأضاف التلفزيون أن تقرير الهيئة نص أيضا على أن نظر القضاء الإداري صحة توقيع الاتفاقية ممنوع باعتبار ذلك من أعمال السيادة. كما جاء في التقرير أن حكم القضاء المستعجل بعدم الاعتداد بحكم القضاء الإداري محظور دستوريا.
* طريق آخر
وردا على سؤال عما إذا كانت المحكمة ستنظر مضمون الاتفاقية ومدى دستوريته، قال سليم: “القضية المرفوعة أمامنا دعوى تناقض أحكام. كنا سننظر موضوع الاتفاقية لو كانت دعوى دستورية”.
وأضاف “هناك فرق بين اختصاصات المحكمة. دعوى دستورية: أن تبسط رقابتك على المحتوى الموضوعي للقانون المعروض عليك. تناقض أحكام: أنت ترى من المختص بغض النظر عن الموضوع. من المختص ولائيا بهذا الموضوع؟ ونرى ماذا قال الدستور”.
وأوضح المتحدث أنه يتعين على رافضي الاتفاقية أو المشككين في موافقتها للدستور اتخاذ إجراءات قضائية أخرى وإقامة دعاوى تطالب بنظر مدى دستورية الاتفاقية.
وقال “لهم أن يسلكوا طريقا آخر، وليس هذا هو الطريق” مشيرا إلى الدعوى القائمة حاليا.
واعترض عدد من نواب البرلمان على الاتفاقية خلال مناقشتها وهتفوا “مصرية.. مصرية” في إشارة إلى جزيرتي تيران وصنافير، وهما جزيرتان إستراتيجيتان تقعان عند خليج العقبة.
وأشعلت الاتفاقية احتجاجات نادرة في الشوارع العام الماضي. كما أثارت اتهامات من جماعات معارضة للحكومة بالتنازل عن الجزيرتين مقابل استمرار تدفق المساعدات السعودية وهو ما تنفيه الحكومة. والسعودية هي أكبر داعم لمصر منذ انتفاضة 2011.
وتقول الحكومتان السعودية والمصرية إن تيران وصنافير كانتا تخضعان فقط للحماية المصرية منذ عام 1950 بناء على طلب من الملك عبد العزيز آل سعود مؤسس المملكة.
لكن محامين معارضين للاتفاقية يقولون إن سيادة مصر على الجزيرتين تعود إلى اتفاقية موقعة عام 1906 أي قبل تأسيس المملكة.
ويوم الثلاثاء، رفض السيسي التشكيك في الاتفاقية، وقال، حسبما ذكر بيان رئاسي، “إن الدول تدار بالدستور والقوانين والحقوق المشروعة وليس بالأهواء أو الانفعالات”.
وأضاف أن “الأوطان لا تباع ولا تشترى بأي ثمن مهما كان مرتفعا”، مشددا على ضرورة إعادة الحقوق لأصحابها.
وكان مجلس الشورى السعودي أقر الاتفاقية بالإجماع يوم 25 أبريل نيسان العام الماضي .
رويترز