الرئيسية / مقالات / العراق المأزوم وفوبيا الأختيار!!!

العراق المأزوم وفوبيا الأختيار!!!

السيمر / الثلاثاء 01 . 08 . 2017

*عبدالجبارنوري

المدخل/تعتبر السياسة الخارجية لأية دولة تعبيراً عن مصالحها حيث ليس هناك صداقة دائمة أو عداوة دائمة بلا مصالح دائمة فكلٌ من روسيا وأمريكا لديهما مصالح دائمة في منطقة الشرق الأوسط وبالذات في العراق وليبيا حيث مصادر الطاقة وتسعى إلى تحقيقها بأستخدام جميع الوسائل الدبلوماسية أو الأقتصادية أو العسكرية التي من خلالها تستطيع من الحصول على موطيء قدم أو أكثر ، وأن وضع العراق اليوم هو مأزوم ومعقد ولو أنه خرج منتصرا في حربه مع داعش في الموصل ولكنه اليوم هو على صفيحٍ ساخن لمواجهته ملفاتٍ مأزومة مثل الملف الكردستاني ، وملف الأقلمة ، وملف الحرب مع داعش ، وملف النازحين ، والملف الأمني وملف الفساد الأداري والمالي ، وأن أساس بناء السياسة الخارجية هي القابلية على توظيف المفردات الدقيقة لأحداث الأهداف المستقبلية ، فيقتضي قراءة الواقع الملموس على الأرض ومعطياته السياسية والدبلوماسية بدقة ومجردة من سايكولوجية ( الأنا ) عبر ترسيخ مفهوم ثقافة المواطنة .
والسياسات العدوانية الأسرائيلية دفعت المنطقة تحت طائلة سياسات ( المحاور ) فاليوم التأريخ يعيد نفسهُ أن قبلنا أم رضينا فعلى الخارطة محورين : الأول/ الولايات المتحدة الأمريكية وحليفاتها أسرائيل وتركيا ودول الخليج ( السعودية وقطر والأمارات )، والثاني/ روسيا وسوريا وأيران وجنوب لبنان ، فأصبح الأختياروالأنتماء إلى أحدى الكتلتين ملزماً كما يقول الشاعر نزار قباني : {أني خيرتك فأختاري ،لا توجد منطقة وسطى بين الجنة والنار } ، أما ما يخصُ وطننا العراق المسالم والذي أتخمتهُ الحروب العبثية وأكلت منهُ الأخضر فالأخضرفاليابس نرفض أن تكون أراضينا المقدسة ساحة أقتتال الجبهتين المتناحرتين وندفع حينها ثمناً باهضا أضافياً ، وحسب أعتقادي لتقتصر على المشورة الأمنية والأستخباراتية فقط مع الجانب الروسي دون جر الجيش العراقي للقتال خارج حدوده ، وكذلك تعزيز تعاون العراق في مجال مكافحة الأرهاب والعلاقات الثنائية ، ودعم وحدة العراق ، ورفض أي تعرض لهذه الوحدة للخطر ، وتشجيع التعاون الأقتصادي والعسكري والطاقة ، ومعالجة أشكالات ملف الأستفتاء ، وملف تأجيل الأنتخابات. وهذا التقارب في العلاقات الثنائية ونحن نقف بتأمل للدعم الروسي الغير محدو لسوريا ، وأرتياح في الصمود السوري لخمسة سنوات أمام أعتى هجمة عدائية على جغرافية وتأريخ هذا الوطن المسالم الذي يفترض أن يكون الشعب السوري هو المعني (بالتغيير)لا أن تكون ضحية لصوص وقطاع طرق من بهائم الأرهاب الدولي الداعشي والأخواني .
وكان للموقف الأيجابي الروسي مع سوريا أثراً بعيداً في بث روح الأمل والتفاؤل في الشعب والجيش السوري وذلك للمساعدات اللوجستية والعسكرية والقيام بمهمة التسليح والتدريب ، والدبلوماسية بأستعمال روسيا خمسة فيتوات في الأمم المتحدة منعت فيه سقوط النظام السوري وهو صامد أمام أشرس أعداء للأنسانية والمدفوعة الثمن من المال السعودي والقطري والأجندات الأجنبية الأمريكية والأسرائيلية والتركية ولمدة خمسة سنوات عجاف والجيش والشعب السوري يقاتل بضراوة وصمود وتحدي ل( 86 ) وحدة عسكرية و منظمة وفصيل وكتيبة ولواء من ثلاثة تكوينات أرهابية مدمنة على أبادة الجنس البشري ومحاربة السلام العالمي وهم المعارضة السورية: 42 فصيل ، قوات سوريا الديمقراطية 35 لواء وكتيبة ووحدة عسكرية ( مدعومة من واشنطن بالتدريب والسلاح ) وصحيح أنها تقاتل داعش ولكنها بالتالي هي وحدات مسلحة غير قانونية وخارجة على الحكومة السورية ، وتنظيم الدولة الأسلامية 9 منظمات أرهابية فيكون المجموع ( 86 ) وحدة عسكرية وكتيبة ولواء ومنظمة ، وطبعاً تغذى من منابع السيولة السعودية والقطرية بمليارات الدولارات وتدفق الأسلحة بأنواعها أضافة إلى الخبرات التدريبية .
العرض/قراءة موجزة للمعطيات الأستراتيجية/ بعد أنهيار الأتحاد السوفييتي وأنتهاء الحرب الباردة وفي ظل أحدى معطيات السياسة الدولية في غياب الأتحاد السوفييتي وظهور محور ( أحادية القطب ) وبغية مسك ورقة الأرهاب بالمزاوجة الباطلة بين أمريكا والقاعدة منذ الحلف الغير مقدس معاً في أفغانستان واليوم مع النصرة الأرهابية المجرمة في سوريا ، ومع داعش في العراق للأتجاه لتغيير خارطة الشرق الأوسط لقلب الطاولة على معاهدة سايكس بيكو كل ذلك لتحقيق الربح المادي النفعي الذي كشفه ترامب في دعاياته الأنتخابية وفي أستلامه لكرسي الحكم كيفية حلب البقرة السعودية تحت شعار بيع حماية كرسي الحكم بثمن ترليون دولارنقداً وعداً .
وتبدو عندنا على الساحة الجيوسياسية في الشرق الأوسط أتجاهين : الأول/سياسة الولايات المتحدة الأمريكية بغياب أستراتيجية لدى أدارة أوباما وحتى في زمن تاجر العقارات ترامب في سوريا ، وفشل سياسته في الحرب ضد داعش ، وأرتباك تلك السياسة بعد التدخل الروسي في سوريا ، بعد تدخل أصحاب القرار الأمريكي إلى ضرورة أعادة النظر في الموقف التكتيكي الأستراتيجي من سياسة ( الحرب الباردة ) إلى سياسة أحادية القطب بعد أنهيار الأتحاد السوفييتي ، فأن أمريكا ليست الأمس بل هي اليوم تستحضر أعلامها الديماغوجي الكاذب وبميكافيلية بغيضة تجاه شعوب المنطقة والتي هي مناطق الطاقة في الشرق الأوسط وبذاكرة مثقوبة في تجاهل تطلعات شعوبها ومعطيات زمكنتها لذا أنها ليست هي تلك القوّة الرهيبة التي تخيف العالم لتدهو قدراتها الأقتصادية خصوصاً بعد الأزمة المالية في عام 2008 لم تعد تتسيّد تلك الأحادية على صعيد القدرات العسكرية في وضع مأزوم أقتصادياً ، وبالتالي لم تعد قادرة على تمويل حروب عديدة في مختلف أنحاء العالم كما كان وضعها السياسي في القرن التاسع عشر حيث كانت أذرعها الأخطبوطية تمتد إلى جنوب شرق آسيا وأفريقيا الوسطى ودول بحر الكاريبي ، فأتجهت أفكار صقورها إلى التخلي عن منطقة الشرق الأوسط وخاصة بتصاعد الخطر الأقتصاد الصيني وأغراقه أسواق المنطقة ، لذا أتجهت نحو ( دول الخليج ) العربي ومن ضمنه العراق لوجود مستدودعات الطاقة ، وفيها أنظمة رخوة ودكتاتورية تستجدي الصمود والحفاظ على كرسي الحكم ولو لأطول مدة ، الثاني/الموقف الروسي : من هذه الأستراتيجية الجديدة دخلت منطقة الشرق الأوسط في لعبة ( المساومة ) بأسم روسيا الأتحادية مع قوى دولية تتمثل بالولايات المتحدة الأمريكية ودول الغرب ، حيث أتجهت سياسة البنتاكون منذ 2012 في أطلاق يد روسيا في سوريا.
وروسيا الأتحادية ورئيسها بوتين ووزير خارجيتها لافروف ورئيسة المجلس الفيدرالي الروسي ( ماتفيينينكا ) ، كشفوا عن السياسة الخارجية لحكومتهم الروسية تجاه الشرق الأوسط منذ عام 2011 و2014 حيث بدأت روسيا تظهر من جديد على الساحة الدولية منذ وصول فلاديمير بوتين إلى السلطة في عام 2000 والذي لديه رؤية لأستعادة المكانة الروسية على الساحة الدولية ، وأثبات روسيا كقوة عظمى من جديد وتنمية علاقاتها الثنائية مع العراق على أساس المصالح المتبادلة ( لا ) المصالح النفعية الأبتزازية الطفيلية الذي هو النهج الأمريكي ، وأن الموقف الروسي صريحاً دائماً منذ الأحتلال الأمريكي للعراق 2003 في : 1-تأكيدها على وحدة العراق وأنها ضد أجندة التقسيم التي تقوده أمريكا وعرابها في التقسيم ( بايدن ) وهو في صالح العراق حتماً لآنهُ صادر من دولة عظمى كروسيا الأتحادية العضو الدائم في مجلس الأمن الدولي ، 2- الموقف الروسي رسالة تحذير لموضوع الأستفتاء الكردي وملف عدم تأجيل الأنتخابات ، 3- وهي ضد التوجهات الأمريكية والتركية والسعودية في أبقاء العراق على صفيح ساخن حيث الفلتان الأمني والتناحر الكتلوي والفئوي الطائفي وضد طروحات المشاريع التصفوية في فرية ( حكومة طواريء ) أو حكومة عسكرية المشابهة للأحكام العرفية السيئة الصيت ، وربما هناك ما يلوح في الأفق القريب أعادة الأحتلال الأمريكي للعراق وخاصة بعد أنتهاء سيطرة داعش على الموصل بتدفق جنود المارينز الذي وصل من 5 آلاف إلى 10 آلاف جندي أمريكي وخمسة قواعد عسكرية بحجة التدريب والتأهيل للمقاتلين العراقيين ، وهذا الهاجس قد يدفعنا إلى المساعدات الروسية في مجال التسليح وأحراج الولايات المتحدة الأمريكية.

*كاتب ومحلل سياسي عراقي مغترب

اترك تعليقاً