السيمر / السبت 19 . 08 . 2017 — قالت صحيفة «الإندبندنت» البريطانية إنها حصلت على معلومات حول ما يجري في بلدة العوامية، الواقعة شرقي المملكة، حيث تقاتل قوات الأمن السعودية بعض المسلحين.
وأكدت الصحيفة أنها أجرت مقابلات «نادرة مع نشطاء محليين، لتكشف الظروف المروعة التي يواجهها المدنيون في تلك المعركة السرية بين الرياض والمتظاهرين المسلحين».
وأوضحت الصحيفة البريطانية أن تلك «المعركة السرية» بدأت منذ وصول الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى السعودية في مايو/ أيار الماضي، وسط تغطية إعلامية قليلة جدا لتلك الأحداث سواء من داخل المملكة أو خارجها.
وكشف سكان محليون عن مقتل ما لا يقل عن 25 شخصا جراء قصف المدينة ونيران القناصة.
ونشر النشطاء صورا مزعومة للشوارع وهي تغطيها الأنقاض ومياه الصرف الصحي، التي تبدو وكأنها مشهد من المعارك الدائرة في سوريا لا مدينة لدولة خليجية غنية بالنفط.
وأشارت الصحيفة البريطانية إلى أنه من الصعب التحقق من المعلومات المتعلقة بالعوامية، لأنه غير مسموح لوسائل الإعلام الأجنبية الاقتراب من تلك المنطقة من دون مسؤولين حكوميين.
وتابعت قائلة «هذا يعني أن العالم يعتمد في تغطية أحداث العوامية على ما تنقله وسائل الإعلام الحكومية السعودية، خاصة وأن مواقع ووسائل التواصل الاجتماعي لا يمكن الاعتماد عليها كمصدر للمعلومات».
شهادات مفصلة
ونقلت «الإندبندنت» شهادات مفصلة عما يحدث داخل مدينة العوامية المحاصرة، من أحد المتظاهرين المسلحين داخل المدينة، واثنين من النشطاء «السلميين» الذين يعيشون خارج البلاد.
وقال ناشط مسلح مناهض للحكومة في مقابلة نادرة مع وسائل الإعلام الغربي، «كنت متظاهرا سلميا، ويعيش معظمنا في العوامية، حتى قررت الحكومة إدراجنا كإرهابيين مطلوب القبض عليهم، وكل ما طالبنا به هو الاستمرار في دعوات الإصلاح».
وتابع «سكان المدينة لا يخافون من النظام، فتم استهداف المدينة كلها».
وأوضح أن القوات الحكومية اقتحمت منزله في بداية الحصار، وضربت زوجته، وأشهرت الأسلحة في وجه ابنته ذات الخمس سنوات، وهددوا بإسقاط طفلته ذات الثمانية أشهر.
وأضاف «قالوا للطفلة الصغيرة سنقتل والدك، ثم ألقوها تحت ساقي».
وأردف «لم يكن لدينا خيار، إلا الدفاع عن حياتنا ونسائنا، وهو أمر واجب، لقد دمرت المنازل بالقنابل وإطلاق النيران المكثف وبقذائف آر بي جي، وكان الجميع هدفا لقذائفهم».
وقالت الصحيفة البريطانية إنه من غير المعروف من أين يحصل النشطاء المسلحون في تلك المدينة على الأسلحة وكم عددهم، مشيرة إلى أن الناشط المسلح الذي أجرت معه الحوار رفض الرد على ذلك السؤال على وجه التحديد.
ويصف النشطاء بأن الهدف للسلطات السعودية لم يكن هدم المدينة القديمة وإعادة تطويرها، ولكن الهدف هو القضاء على تلك المدينة المتمردة، بحسب قولهم.
التحول إلى مواجهات مسلحة
ونقلت الصحيفة عن «آدم كوغل»، الباحث في الشرق الأوسط بمنظمة «هيومن رايتس ووتش» قوله: «وثقت الصراع في السعودية من قبل، ولكن لم آر شيئا من هذا القبيل، لقد شاهدت احتجاجات، لكن لم أشهد على تحولها إلى مواجهات مسلحة بتلك الطريقة».
وأضاف «التفاصيل هنا واضحة على الأرض، فهناك اشتباكات عنيفة بين الدولة ومواطنيها، وهذا أمر غير مسبوق».
حصار دائم
ونقلت الصحيفة عن نشطاء قولهم إن المدينة تعاني من «حصار دائم»، وسط مخاوف عميقة من استمرار استهدافهم سواء بالقصف أو عن طريق القناصة، والكثيرون يخشون مغادرة منازلهم.
كما أشارت إلى أنه تم قطع كافة خطوط المياه والكهرباء عن مناطق عديدة بالعوامية، وترك آخرون من دون مياه عذبة أو تكييفات هواء رغم حرارة الصيف في تلك المنطقة.
وقال ناشط من المدينة يعيش في الولايات المتحدة: «الناس يخشون من أن هناك العديد من الجثث تركت في الشوارع لعدة أيام».
وأشارت «الإندبندنت» إلى أن تقارير عديدة زعمت أن سيارات الإسعاف والصرف الصحي تواجه صعوبة في الوصول للمدينة.
ونقلت أيضا عن «علي أدوباسي»، مدير مجموعة الناشطين الأوروبيين السعوديين لحقوق الإنسان، الذي هرب من المملكة عام 2013، إن المواجهة الحالية في العوامية لا يمكن أن يتم اختزالها في أنها مجرد قضية طائفية.
وتابع «أعتقد أنهم سيدمرون بنفس الطريق أي منطقة معارضة، فهم يريدون تفريغ البلد من الناس وإنهاء الاحتجاجات».
إخلاء السكان
وأصدرت السلطات السعودية، يوم الجمعة الماضي، إخطارا جديدا بضرورة إخلاء سكان العوامية للمدينة، ومغادرتها من طريقين تم اختيارهما من قبل السلطات الأمنية.
ونفت الرياض كافة التقارير التي تتهم السلطات باستهداف المدينة وإطلاقها النار عشوائيا على المدنيين ومنازلهم وسياراتهم.
واستمرت الصحيفة البريطانية في نقل تصريحات الناشط الذي يعيش في الولايات المتحدة، وقال: «هناك مئات الأشخاص هربوا من المدينة، 90% منهم من السكان المحليين، ولا يزال عالقا ما يقرب من 3 آلاف أو 5 آلاف شخص».
وأدانت الأمم المتحدة، في مايو/ أيار الماضي، خطط إعادة تطوير العوامية، واتهمت السلطات بأنها تحاول إزالة السكان قسرا من دون تقديم خيارات كافية لإعادة توطينهم، كما أن تلك العملية تهدد «التراث التاريخي والثقافي للمدينة، بضرر لا يمكن إصلاحه»، على حد قولها.
وأوضحت الصحيفة البريطانية أنها حاولت الاتصال بالسفارات السعودية في بيروت ولندن للتعليق على تلك الادعاءات، ولكن لم يتوفر أي رد على تلك المزاعم حتى الآن، بحسب قولها.
العوامية
تعد العوامية إحدى أقدم المدن في السعودية، حيث يبلغ عمرها نحو 400 عام، وتوجد في المنطقة الشرقية، وتحديدا في محافظة القطيف.
يقطن المدينة نحو 30 ألف شخص، كما أنه ينحدر من المدينة الإمام الشيعي الشهير، نمر النمر، الذي أعدمته السلطات السعودية قبل أعوام، بسبب اتهامه بتأجيج الاضطرابات في السعودية في أعقاب ثورات الربيع العربي عام 2011.
وقررت السلطات السعودية إجلاء عدد واسع من سكانها، وهدم المدينة القديمة وإعادة تطويرها، في 10 مايو/ أيار الماضي.
والثلاثاء الماضي، ترك المئات من السعوديين بلدة العوامية.
واشتد القتال في الأيام الأخيرة في العوامية بمحافظة القطيف، حيث تحاول السلطات منذ مايو/أيار الماضي، هدم الحي القديم لمنع مسلحين من استخدام أزقته للإفلات من قبضة الأمن.
ونقلت وكالة «رويترز» عن ناشطين محليين أن القوات السعودية سهلت خروج الهاربين من الاشتباكات التي أسفرت عن مقتل 7 على الأقل بينهم شرطيان، وحصلت عشرات الأسر على أماكن إقامة مؤقتة في بلدة قريبة من العوامية.
وظهرت دعوات على مواقع التواصل الاجتماعي لتوفير مأوى للأسر النازحة، ورد عدد من الأشخاص بفتح بيوتهم، بينما عرض آخرون دفع مقابل توفير أماكن إقامة مؤقتة خارج العوامية.
وكالة المنار برس