السيمر / الخميس 27 . 12 . 2018 — مواقف غاضبة ومتشّنجة أثارتها زيارة الرئيس الأمريكي ترمب المفاجئة إلى العراق ولقائه الجنود الأمريكان عشية أعياد الميلاد في قاعدة عين الأسد , حيث أصدرت أطرافا سياسية محسوبة على المعسكر المعادي للمشروع الأمريكي في المنطقة بيانات استنكار لهذه الزيارة , حيث اعتبرت هذه الأطراف الزيارة انتهاكا للسيادة الوطنية وانتقاصا من الحكومة العراقية , بالرغم من أنّ الرؤوساء السابقون بوش وأوباما قد زاروا العراق والتقوا قواتهم بهذه المناسبة وبنفس الطريقة التي زار بها ترمب جنوده في قاعدة عين الأسد , ولم تثار حينها ضجة كالضجة التي أثيرت الآن على هذه الزيارة , والحقيقة أنّ الحكومة الأمريكية قد أبلغت الجانب العراقي بالزيارة قبل وقت قصير من وصول الرئيس ترمب إلى قاعدة عين الأسد , وقد وجّه الرئيس ترمب دعوة للقاء رئيس الوزراء السيد عادل عبد المهدي في القاعدة , إلا أنّ السيد رئيس الوزراء قد رفض هذه الدعوة .
وبعيدا عن الضوضاء وبيانات الاستنكار الانفعالية , فأنّ زيارة الرئيس الأمريكي قد تمّت لقاعدة أمريكية موجودة في العراق باتفاق مع الحكومة العراقية السابقة , وبالتالي فأنّ زيارة أي مسؤول أمريكي لهذه القاعدة هو زيارة لأرض أمريكية , وليس فيها أي انتهاك للسيادة , سواء علمت الحكومة العراقية بموعد الزيارة مسبقا أو لم تعلم , وإذا كان هنالك ثمة انتهاك وانتقاص للسيادة , فهو وجود هذه القاعدة الذي تمّ الاتفاق عليها زمن الحكومة السابقة من دون علم وموافقة مجلس النوّاب العراقي , فالذي انتهك سيادة البلد وانتقص منها هو رئيس الحكومة السابق حيدر العبادي الذي أرجع هذه القوات إلى العراق بعد أن أخرجها نوري المالكي نهاية عام 2011 , والذي يطالب بالسيادة الوطنية والكرامة عليه أن يذهب إلى مجلس النوّاب العراقي ويستصدر قرار بسحب كافة القوّات الأمريكية من العراق لعدم الحاجة إليها بعيدا عن الضوضاء وبيانات الاستنكار .
ومن جانب آخر هنالك موقف لرئيس الوزراء السيد عادل عبد المهدي يستّحق الوقوف عنده والإشادة به , فالسيد عادل عبد المهدي رفض بكبرياء دعوة الرئيس ترمب للقاءه في القاعدة , وهذا موقف مشرّف لدولة رئيس الوزراء الذي رفض هذا اللقاء المذّل , وكان الأولى بكافة القوى السياسية الإشادة بهذا الموقف والإشارة إليه في بيانات الاستنكار التي صدرت , فتحية مني لدولة رئيس الوزراء على هذا الموقف المشرّف وأتمنى منه أن يطلب من الحكومة الأمريكية سحب كافة قوّاتها من العراق لانتفاء الحاجة لها أصلا , فقواتنا المسلحة الباسلة وحشدنا الشعبي هما صمام الأمان لحماية بلدنا من شرور الأشرار والحفاظ على وحدته ونظامه السياسي القائم , فأمريكا التي جاءت بداعش إلى العراق , أخرجتها تضحيات العراقيين ودمائهم شهدائهم , وستبقى سيادة العراق منقوصة مع وجود القوّات الأمريكية في العراق .