الرئيسية / تقارير صحفية وسياسية / الماسونية… الذئب اليهودي المقنّع

الماسونية… الذئب اليهودي المقنّع

الاثنين 23 . 11 . 2015

عصام الحسيني

«نحن اليهود، لسنا إلا سادة العالم ومفسديه، ومحركي الفتن فيه وجلاديه». د. أوسكار ليفي .
الماسونية، منظمة تتسم بالغموض والسرية، يتشارك أفرادها عقائد وأفكاراً واحدة خاصة، في ما يختص الأخلاق، الميتافيزيقيا، تفسير الكون والحياة، والإيمان بمبادئ خاصة.
ما هي أهدافها المعلنة؟ وما هي أهدافها الحقيقة؟ ما هي الجذور الفكرية المنشئة لها؟ من يقف وراءها؟ وما هي ارتباطاتها مع الثقافات الأخرى؟
للإجابة على هذه التساؤلات، لا بد من المرور بشرح تاريخي تحليلي، لظواهر متشعبة متعددة، مرتبطة بهذا الموضوع، ومتفرعة عنه، أو متفرع عنها، وخاصة أن الكثير من المفردات والطقوس الماسونية، ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالثقافة اليهودية.
في الثقافة الدينية، ارتبط اسم الله بمفهوم العدالة، كمصدر لمعظم الأحكام والمفاهيم الأخلاقية الحقوقية، وكقيمة معنوية في ميزان الحق والباطل، الخير والشر، الصح والخطأ.
وفي الثقافة المدنية، ارتبط مفهوم العدالة، بتقديس الحقوق الإنسانية الأصيلة وقوننتها، كمعيار إلى نجاح حكم المجتمعات، والى استمراريتها، مستندة إلى مفهوم الحقوق الطبيعية اللصيقة بالنفس البشرية، المولودة بالفطرة.
إذا إن مفهوم العدالة، في الثقافات الإنسانية المتنوعة، هو مفهوم أساسي، مصاحب لحركة الفكر في التاريخ، يمنطقه، ويجعله أكثر قدرة على العيش والبقاء، وصولاً إلى مجتمع أفضل وأرقى.
وحيث أن الله عادل، من وجهة نظر دينية، فإن كل أحكامه ستكون معبرة عن هذا المفهوم في العدالة، وخاصة رسالاته التي أنزلها على أنبيائه، وضمنها التعاليم الأخلاقية، والشرائع الحقوقية العملية.
لقد دعت جميع النصوص الدينية، إلى اتباع الخير في الأخلاق والسلوك، وفي إقامة مملكة السلام والعدالة بين البشر، وهذا هو جوهر الفلسفة الدينية.
لكن المجتمع البشري، لم يصل يوماً ما، إلى مرحلة تشبه السلام والعدالة، أكان هذا المجتمع ملتزماً بالنص الديني المُنزل، أو الديني الوضعي، أو النظام العلماني، بل كان دائماً مجتمعاً يخضع لصراعات ونزاعات، غير ملتزمة مع جوهر مملكة السلام والعدالة، الموعودة على الأرض.
والإشكالية، أن النصوص المطروحة، المُنزلة أو الوضعية، لا تتوافق مع الفكر والسلوك لمعتنقيها، بسبب الفهم أو التفسير الخاطئ لها، وليس بسبب الخلل في تركيبتها الفكرية، أو الإيديولوجية، أو الأخلاقية.
في الاعتقاد الديني، أن التوراة نزلت على النبي موسى من ربه، مكتوبة بالألواح، وهي رسالة عادلة، أخلاقية، لا تقبل أي انتقاد، لأنها نتاج الله مصدر العدالة، والرحمة، والحق المطلق.
غير أن الفهم الخاطئ في التفسير، أو الفهم الملتبس، أو المقصود في الالتباس، جعل لهذه التوراة، إيديولوجيا أخرى، لا تعبر عن فكرها الأصيل، والتي بدورها كانت مصدر لحركات فكرية مشبوهة عبر التاريخ، تخدم من صاغها ومن نظمها.
انطلاقاً من هذا التحليل، ندخل على إشكالية تفسير التوراة، وما نتج منه من ظواهر ثقافية مصاحبة لهذا التفسير، وما انعكس على الواقع السياسي والاجتماعي والاقتصادي، وما له علاقة بعالمنا المعاصر.
نستعرض في بداية بحثنا، لمفاهيم متعددة، من أجل خلاصة نتيجة علمية، تكون منسجمة مع الإفادة المرجوة، في الفهم والعبرة.

ما اليهودية؟
أولا: ما هي اليهودية؟
اليهودية هي ديانة العبرانيين المتحدرين من إبراهيم ع وإسرائيل، الذي أرسل الله إليهم النبي موسى ع ، مؤيداً بالتوراة، عام 1301- 1234 ق.م.
فرقهم الدينية: الفريسيون، الصدقيون، المتعصبون، الكتبة أو النساخ،
القراءون، السامريون، السبئية.

كتبهم:
1 العهد القديم: وهو مقدس لدى اليهود والمسيحية، فيه فلسفة وتشريع وغزل ورثاء، وينقسم إلى قسمين:

ا التوراة: وفيه خمسة أسفار، التكوين، الخروج، اللاوين، ويطلق عليه اسم أسفار موسى.

ب أسفار الأنبياء بنوعيها: أسفار الأنبياء المتقدمين، وأسفار الأنبياء المتأخرين.

2 الكتابات وهي:

أ الكتابات العظيمة: المزامير، الزبور، الأمثال، أمثال سليمان.

ب المجلات الخمس: نشيد الإنشاد، راعوت، المرائي، مرائي ارميا.

ت الكتب: دانيال، عزرا، نحميا، أخبار الأيام الأول، أخبار الأيام.

أعيادهم:

يوم الفصح، يوم التكفير، زيارة بيت المقدس، الهلال الجديد، يوم السبت.

أفكارهم ومعتقداتهم:

1 كتابيون موحدون.

2 الهيكل: هو البناء الذي أمر به داود، وأقامه سليمان، وهيأ بداخله مكانا، يوضع فيه تابوت عهد الرب.

3 الثواب والعقاب: إنما يتم في الدنيا، فالثواب هو النصر والتأييد، والعقاب هو الاستعباد.

4 التابوت: وهو صندوق كانوا يحفظون فيه أغلى ما يملكون من ثروات.

ثانيا: ما هو التلمود؟

التلمود هو اسم مشتق من كلمة «لامود» بالعبرية، ومعناها تعاليم، وهو الروايات الشفهية لمجموعة من القواعد والشرائع الدينية اليهودية، والتفاسير والتعاليم، والتي جمعها الحاخام «يوحناس» أو يهوذا عام 150 م. وقد ظل طي الكتمان حتى القرن السادس عشر.

بعرف الكاتب اليهودي «مردخاي رابينوفيز» التلمود بأنه التعبير عن النظرة اليهودية الشاملة إلى العالم .

أما الباحث عبد المنعم شميس فأوضح في كتابه «التلمود كتاب إسرائيل المقدس» بالقول:

«ليس هذا الكتاب وثيقة دينية كما يشاء دعاة الصهيونية أن يزعموا، وهو ليس من كتب الشرائع الدينية، كما أحب الصهاينة أن يقولوا، لكنه وثيقة سياسية خطيرة صنعها بعض الحاخامات، وهو كتاب السياسة الإرهابية الصهيونية».

يعتبر حاخامات اليهود، أن التلمود هو كتاب منزل مثل التوراة، وبأن الله أعطى موسى التوراة على طور سنين مدونة، ولكنه أرسل على يده التلمود شفاها، وهم يضعونه في منزلة، أسمى من التوراة.

ويضيفون: «إن من يقرأ التوراة بدون التلمود، فليس له إله».

قال الحاخام روسكي الشهير: «التفت يا بني إلى أقوال الحاخامات أكثر من التفاتك إلى شريعة موسى».

وجاء في التلمود: «إذا خالف أحد اليهود أقوال الحاخامات، يعاقب أشد العقاب، لأن الذي يخالف شريعة موسى خطيئة مغفورة، أما من يخالف التلمود فيعاقب بالقتل».

ومما ورد في التلمود:

«لا شغل لله في الليل، غير تعليمه التلمود مع الملائكة».

«اليهود بشر لهم إنسانيتهم، أما الشعوب الأخرى، فهم عبارة عن حيوانات».

«إن الله يستشير الحاخامات على الأرض، عندما تواجهه مسألة عويصة، ولا يمكن حلها في السماء».

«إن أملاك غير اليهود، تعتبر كالمال المتروك، الذي يحق لليهودي امتلاكه».

«إن يهوه، إله اليهود، قد منحهم السلطة، على مقتنيات الشعوب».

«إن اليهود أحب إلى يهوه من الملائكة، وهم من عنصر يهوه كالوالد من أبيه».

«لولا اليهود، لارتفعت البركة من الأرض، واحتجبت الشمس، وانقطع المطر».

«من صفع يهودياً، كمن صفع الإله، والموت هو جزاء الغوييم».

«إن لليهود إلههم الخاص بهم، والمسمى يهوه، وإن لبقية الأمم الهتهم الأخرى، وإن لهذا الإله مجلس إلهي، ويتزعم الآلهة الأخرى، فهو أقواهم وهو رب الجند، ورب النقمات، وإن له أبناء يجتمع بهم، وابنه البكر هو إسرائيل».

والتلمود مكون من مادتين رئيسيتين هما:

1 المشني: وهي التعاليم الشفهية، التي جمعت على يد بعض أحبار اليهود، وتعد بمثابة الشريعة اليهودية، والتي نقلت بشكل شفهي من عهد موسى، وحتى عهد التدوين، وهو الكتاب الأصغر.

2 الغمارا: وهي شروح الأحبار للتعاليم الشفهية، وهو الكتاب الأكبر.

وللتلمود مدرسة، تعرف بالعبرية بـ «يشيفاه» وجمعها «يشيفوت»، وهي معاهد للدراسات الحاخامية، أي لدراسة التراث الديني اليهودي.

وطالب «اليشيفاه» لا يشغل باله إلا بما هو يهودي، ولا يعرف إلا تاريخ اليهود واليهودية.

ويعد كيان العدو الصهيوني، من أهم مراكز المدارس التلمودية في العالم، من حيث عدد المدارس وعدد الطلاب، وهي أنواع عديدة منها:

1 يشيفوت تخنيون: أي مدرسة تلمودية فنية، تجمع بين الدراسة الدينية والفنية.

2 يشيفوت ناحال: أي مدرسة تلمودية عسكرية، تمزج بين الدراسات الدينية والعسكرية.

ومن الملاحظ، أن معظم المفكرين والزعماء الصهاينة، قد تلقوا كل أو بعض تعليمهم في مدارس دينية، تشبه اليشيفاه من بعض الوجوه.

ثالثا: ما هي بروتوكولات حكماء صهيون؟

هي وثيقة تتحدث عن خطة لغزو العالم، أنشأت من قبل اليهود، وهي تتضمن 24 بروتوكولاً، ذات صلة.

يقول حاخامات اليهود عنها، أنها وثيقة مزورة، ولا يعترفون بوجودها.

ويضيفون، أنه في العام 1901 كتبها الكاتب الروسي ماثيو جولوفينسكي، وهي مستوحاة من كتاب «حوار في الجحيم» بين ميكيا فللي ومونتسكيو، والذي نشر في بروكسيل عام 1864 .

وكثرت الأقاويل حول البروتوكولات ومصدرها، حيث اعتبرت جزءاً من نظرية المؤامرة ومعاداة السامية والصهيونية.

وهي ذات أفكار ليبرالية، تدعو إلى حرية الرأي والتعبير، وحرية الصحافة، بالإضافة إلى أفكار تشكك في الديانة المسيحية.

وبحسب البروتوكولات، فإن السيطرة على وسائل الإعلام والاقتصاد، سيؤدي على المدى الطويل إلى ازدياد هيمنة اليهود على العالم.

وتحاول البروتوكولات إبراز فكرة، أن التقاليد المحافظة للكنيسة المسيحية، هي ضد التطور والرأسمالية.

وتظهر البروتوكولات أيضاً، أن الماسونية بصورة غير مباشرة، هي جزء من خطة حكماء اليهود للهيمنة على العالم، وأنها سوف تستبدل في النهاية، بحكومة يكون فيها للديانة اليهودية اليد العليا.

وقد ورد في البرتوكولات:

العمل على إشاعة الفوضى والثورات والحروب، السيطرة على التعليم والصحافة والإعلام، السيطرة على المال والاقتصاد، تغيب وعي الجماهير، واللعب على ثقافة الشعوب، إغراق الدول في الديون، وامتلاك الذهب، تدمير الدين والأخلاق، ونشر الإلحاد والأدب المريض.

وتعليقاً على صحة وثائق البرتوكولات أو عدمه، فقد نشرت صحيفة «أرغيومنت» الأسبوعية الروسية، عام 2003 ولمناسبة مرور 100 عام على صدور البروتوكولات، مقالة ورد فيها:

«لا يهم إن كانت البروتوكولات حقيقة أم تزوير، ولكنها مطابقة لما يجري في أوروبا الآن».

وكذلك على المستوى العالمي، فهناك ملاحظة بوجود نوع من الهيمنة لشخصيات يهودية، على وسائل الإعلام والاقتصاد، وعما إذا كانت هذه الهيمنة قد تحققت بصورة عشوائية، أو عن طريق حملة تدريجية منظمة.

وعلى الصعيد السياسي، فهناك هيمنة للوبيات اليهودية بطريقة أو بأخرى، على عملية صنع القرار، في العديد من دول العالم.

وللدلالة، فقد جمع الرئيس الأميركي جورج بوش مبلغ 200 مليون دولار لحملته الانتخابية عام 2004، وأن معظم هذه الأموال قد أتت من اللوبي الصهيوني.

إن أفضل دليل على كون البروتوكولات حقيقة، هي التأمل في مجريات التاريخ خلال القرن الماضي، حيث تعتبر التغيرات السياسية، والجغرافية، والاقتصادية، والإعلامية، التي تحدث لليهود، مطابقة لما ورد فيها.

رابعاً: ما هي الصهيونية؟

هي عقيدة سياسية، قومية، استعمارية، تريد أن تجعل من الدين وسيلة سياسية، وتهدف إلى إنشاء دولة يهودية في فلسطين.

تقوم على رفض فكرة انتماء «يهود الشتات» إلى قوميات أخرى، بحجة الحفاظ على صفاء دم «شعب الله المختار»، وهي فكرة تلمودية الجذور.

وقد استُعمل المصطلح للمرة الأولى، من الصحافي ناتان بيرنبوم سنة 1890، واصفاً به النهضة الصهيونية، الهادفة إلى العودة إلى «أرض إسرائيل».

وتسعى الصهيونية، إلى صهينة كل يهود العالم بالطرق الممكنة، غير أن الكثير من اليهود، متمسكون بأوطانهم الأصلية، كما تسعى إلى خلق قومية بفعل الإمكان.

إن صهينة يهود العالم، وجعلهم قومية واحدة، لا يتطابق مع واقع اليهود المنشر في معظم المجتمعات، حيت أنهم لا يعيشون على أرض واحدة، ما أدى إلى تركيب يهودي قومي وثقافي غير متجانس.

فهم يعيشون في كنف مجتمعات مختلفة، وبوظائف مختلفة، وبمفاهيم مختلفة، ما يعني عدم وجود رابط قومي مزعوم، في وجدان كل يهودي، وأن اليهودية دين وليست قومية.

الدولة الصهيونية تسمية أدق

بقول المؤرخ اليهودي شلومو زانت في كتابه «كيف تم اختراع الشعب اليهودي»:

«إن كل ما قيل عن تهجير اليهود بالقوة من فلسطين بعد تدمير الهيكل، هو خرافة. وكل ما قيل عن نقاء العرق اليهودي في المنافي على مدى قرون، أو أن من عادوا إلى فلسطين هم من نسل من طردوا قبل الفي عام، ومن هاجروا من مصر إلى فلسطين وأقاموا مملكة داود وسليمان، كل هذا خرافة، وأساطير، وخيال، أرادوها حقائق على الأرض على حساب الآخرين».

إن إطلاق لقب «إسرائيل» على الدولة الصهيونية، له وظيفة الإيحاء، بأنها امتدادا للعهد «الإسرائيلي» الذي ظهر في فلسطين منذ ألفي عام، وليس لدولة جذورها التاريخية تمتد منذ عام 1897 من مؤتمر بال.

لذلك، فإن التسمية القانونية لدولة العدو، هو الدولة الصهيونية، وليس الدولة «الإسرائيلية»، والتي تسعى بسياستها إلى نزع الاعتراف العربي، بأنها دولة يهودية، وتاريخها ضارب الجذور، ولا يريدون أن يؤرخوا لها، بأنها وليدة «وعد بلفور»، ولا «سايكس بيكو» ولا حرب عام 1948.

واليهود ليسوا قومية بعينها، بل هم ينتمون إلى قوميات مختلفة، وأعراق مختلفة، وثقافات مختلفة. فغالبيتهم من يهود « الخزر» الذين يعودون في أصولهم إلى التركية التاترية القديمة.

والصهيونية بالنسبة للغرب معناها «الأمل»، بمعنى التخلص من العبء اليهودي في المجتمعات الغربية الأوروبية، وحل ما يسمى بالمشكلة اليهودية، ما يريح الغرب واليهود أنفسهم.

إن المشروع الصهيوني هو مشروع صهيوني غربي، قبل أن يكون مشروعاً صهيونياً يهودياً، لأن مصلحة الغرب في الشرق الأوسط، هي مصلحة استراتيجية، تتعلق في العمق، بالسياسة والاقتصاد، ليس على مستوى الدولة القومية فقط، إنما على مستوى العالم بأسره.

أشهر مفكري الصهاينة:

يهودا القلعي، هيرش كاليشر، ليون بنسكر، تيودور هيرتزل، حاييم وايزمن، زئيف جابوتنسكي، ديفيد بن غوريون.

خامساً: الماسونية:

على ضوء ما تقدم، ندخل إشكالية المنظمة الماسونية.

في اللغة الإنكليزية تفسر «البناؤون الأحرار»، وهي في الاصطلاح منظمة من أصول «يهودية».

هي غامضة، محكمة التنظيم، سرية، من شعاراتها المعلنة «حرية مساواة إخاء إنسانية».

من رموزها: «المثلث، الزاوية القائمة، الفرجار، المسطرة، المقص، الرافعة، النجمة الخماسية».

رمزها الأساسي، عبارة عن مربع، ناتج من التقاء الزاوية القائمة بالفرجار، وفي وسطه حرف «جي» باللغة اللاتينية.

جلّ أعضائها من الشخصيات المرموقة في العالم، من يوثقهم عهداً بحفظ الأسرار، ويقيمون ما يسمى بالمحافل الماسونية، للتجمع وللتخطيط، والتكلف بالمهمات، تمهيداً لقيام «جمهورية ديمقراطية عالمية».

المرحلة الأولى:

أسسها الملك الروماني هيرودس أكربيا عام 44 ميلادي، بمساعدة مستشاريه اليهوديين: حيران أيبود نائب الرئيس، وموآب لامي كاتم سر الأول، وذلك بهدف محاربة الدين المسيحي.

منذ أيامها الأولى، قامت على العمل السري، وسميت «القوة الخفية» للتمويه، وسموا محفلهم «هيكل أورشليم»، للإيهام بأنه هيكل النبي سليمان، ذات البعد الديني اليهودي، وهدفهم التنكيل بالمسيحية، واغتيالهم، وتشريدهم، ومنع دينهم من الانتشار.

قال الحاخام لاكويز: «الماسونية يهودية في تاريخها، ودرجاتها، وتعاليمها، وكلمات السر فيها، وفي إيضاحاتها. يهودية من البداية إلى النهاية».

المرحلة الثانية:

واستمرت «القوة الخفية» تعمل في السر، حتى عام 1717، وذلك لدى ظهور ثلاثة من أقطاب اليهود وهم:

جوزف لافي، وابنه إبراهيم لافي، وإبراهيم أبيود.

وكانوا يحتفظون بنسخة من مبادئ «القوة الخفية»، وقرارتها، وطقوسها، وكانوا يجوبون الأقطار للاتصال بأتباع المنظمة، وكانوا يهدفون إلى:

1 استعادة مجد «إسرائيل».

2 استرداد هيكل سليمان في بيت المقدس.

وفي العام نفسه، عقدوا أول اجتماع لهم في العاصمة البريطانية لندن، وقرروا تجديد «القوة الخفية» عبر الآتي:

1 وضع بعض المبادئ البراقة للتمويه مثل «الحرية، المساواة، الإخاء، التعاون».

2 قرروا تبديل اسم من « الهيكل» إلى «المحفل».

3 قرروا تبديل اسم «القوة الخفية» باسم «الماسونية».

4 استبدال الرموز القديمة، باصطلاحات جديدة.

ولأول مرة في التاريخ، ظهر لعالم الوجود ما يسمونه بالماسونية، وانتشرت الجمعيات التي تحمل هذا الاسم، في معظم أوروبا وأميركا.

وكان شعارهم المعلن، نشر المبادئ الإصلاحية الاجتماعية، وبناء مجتمع إنساني عالمي جديد.

أطلقوا على اسم محفل لندن الماسوني المركزي اسم «محفل إنكلترا الأعظم».

دستورها:

في عام 1723 كتب جيمس اندرسن دستور الماسونية، ثم قام بنجامين فراكلين

عام 1734 بإعادة طبعه، بعد أن انتخب زعيماً للمنظمة الماسونية في فرع بنسلفانيا.

والنسخة الأصلية للدستور الماسوني، كانت عبارة عن أربعين صفحة من تاريخ الماسونية، من عهد «آدم، نوح، إبراهيم، موسى سليمان، نبوخ نصر، يوليوس قيصر، إلى الملك جيمس الأول ملك إنكلترا».

وكان في الدستور وصف تفصيلي للتالي:

1 عجائب الدنيا السبع، ويعتبرها إنجازات علمية في الهندسة.

2 تعاليم وأمور تنظيمية.

3 يحتوي على خمس أغاني، يجب أن يغنيها الأعضاء عند عقد الاجتماعات.

والدستور الماسوني يشير، إلى أن الماسونية بشكلها الغربي المعاصر، هو امتداد للعهد القديم من الكتاب المقدس، وأن اليهود الذين غادروا مصر مع موسى، شيدوا أول مملكة للماسونيين، وأن موسى كان الخبير الماسوني الأعظم.

الماسونية والدين:

تقول الماسونية، إنها ليست ديانة، أو معتقداً دينياً، أو بديلاً من الدين، ودستورها يقول «لا يمكن للماسوني أبداً أن يكون ملحداً أحمق إذا توصل لفهم الصنعة»، علماً أنه يتم قبول الأعضاء من الديانات الوضعية، مثل البوذية، والهندوسية، وغيرها.

العضوية والمراتب:

بعد أن يخضع الفرد لشروط الانتساب إلى الماسونية، وبعد أن يتم قبول طلبه، تقام طقوس العضوية في جو غريب ومرعب، حيث يقاد إلى الرئيس معصوب العينين، ويؤدي يمين حفظ السر.

وتشترط الماسونية على من يلتحق بها، الولاء المطلق.

وحقائق الماسونية لا تكشف لاتباعها إلا بالتدرج، وعدد مراتبها ثلاث:

1 مرتبة المبتدئ:

ويجب أن يجد المبتدئ طريقه إلى أبواب الماسونية بنفسه. وبداية هذا الطريق هو بداية إدراكه لماهية الحياة.

ويفسر الماسونيون وضع العصبة على عيون المبتدئ أثناء أدائه القسم، كونه رمزاً إلى الجهل والظلام، الذي كان فيه الشخص قبل اكتشافه لحقيقة نفسه، عن طريق الماسونية.

وإن هذه العصبة ستزال عندما يصبح المبتدئ الذي يؤدي القسم، مستعداً لاستقبال الضياء.

وتنتهي الطقوس للمبتدئ، بالسجود للهيكل، الذي يعتبرونه رمزاً لنقطة التقاء الشخص مع الخالق.

2 مرتبة أهل الصنعة:

وهي مرحلة البلوغ والمسؤولية في حياة الإنسان على الأرض.

يبني العضو «صفاته الحسنة»، ويساهم في تحسين ظروف المجتمع الذي يعيش فيه.

وفي الطقوس، يصعد العضو سلماً ينتهي إلى وسط الهيكل كرمز «الصعود والتطور في فهم الماسونية».

وفي هذه المرحلة، يتعرف على التفاصيل الدقيقة، لمعاني ورموز الطقوس المتبعة في الماسونية.

كما يتعرف إلى عمودين، عند مدخل قبر رمزي لمعبد سليمان، الذين يمثلان السحاب النار، والذي استعملهما الخالق الأعظم، لإرشاد بني «إسرائيل» إلى الطريق المؤدي إلى الأرض الموعودة.

3 مرتبة الخبير:

وهي أعلى المراتب في الماسونية، حيث يصل العضو إلى حالة توازن بين:

«العوامل الداخلية التي تحرك الإنسان، وبين الجانب الروحي الذي يربطه بالخالق العظيم».

ومن رموز مراسيم هذه المرحلة شعار «الأسد الملكي»، الذي يرمز إلى قبائل بني «إسرائيل» القديمة.

الهيكل التنظيمي للماسونية:

هناك العديد من المقرات والهيئات الإدارية والتنظيمية للماسونية، في بلدان عديدة من العالم، وإن معظم الفروع هي تحت إشراف ما يسمى «المقر الأعظم»، الذي تم تأسيسه في بريطانيا علم 1717، ويطلق على رئيس هذا المقر «الخبير الأعظم»، وهو شبيه إلى درجة كبيرة بحكومة مدنية.

تشكل المحافل والفروع، اتحادات تدين بالولاء والطاعة لأحد المحافل الكبرى.

من خلال هذا الشرح، نستطيع أن نصل إلى النتائج التالية، حول الماسونية:

أولاً:

أن الماسونية هي يهودية الأصل والجذور، من خلال ما ورد من مفاهيم وشعارات وطقوس، وبخاصة ما يذكر عن هيكل سليمان، وعن قصص بني «إسرائيل»، وعن مواضع عديدة في الدستور الماسوني، والتي تأتي على ذكر العهد القديم.

لكن عن أي يهودية تتحدث الماسونية؟ عن يهودية التوراة، أم يهودية التلمود؟

لقد عرفنا في الثقافة الدينية، أن التوراة هو كتاب الله إلى نبيه موسى، وهو كتاب يحمل في باطنه وظاهره الرحمة والعدالة، لأن الله عادل، وهو الحق، وبالتالي لن يكون كتابه إلا نسخة رحمة وعدالة إلى العالمين.

وفي علم المنطق، لا يمكن للخير، إلا أن ينتج الخير.

وأن كل الظواهر الفكرية والسلوكية المنحرفة، المصاحبة للحركة التلمودية، لن تكون من نتاج رب عادل، بل هي نتاج فكر بشري، يسعى إلى تحقيق أهدافه الخاصة باسم الرب والدين.

إن الفكر المؤسس للماسونية، والهادف إلى السيطرة والتحكم بمفاصل الاقتصاد والسياسة والأعلام والدعاية، هو نفسه الفكر الذي ورد في بروتوكولات حكماء صهيون، والذي تحدث عن سعي اليهود التلموديين إلى حكم العالم.

الحقيقة الأولى عن الماسونية: أن الماسونية، ذات جذور يهودية تلمودية، وليس يهودية توراتية.

ازدواج الجوهر والمظهر

ثانياً:

تدعي الماسونية، أنها تحترم كل الأديان، وهي ليست ديناً، وليست بديلاً منه، وأنها تؤمن بوجود خالق أعظم للكون.

لكن طقوس وفكر الماسونية، تخبر بعكس ذلك، من خلال طقوس مرتبة المبتدئ، حيث أن العصبة السوداء على عينيه، تمثل الجهل والظلام، قبل اكتشافه لحقيقة نفسه عن طريق الماسونية.

وهذا يعني، أن ثقافته السابقة كانت وهما وأضاليل، أكانت هذه الثقافة دينية، أم علمانية، أم وثنية، وأنه لا يوجد حقيقة خارج إطار الماسونية.

وبالتالي، تسقط كل الأديان وثقافاتها، مع نزول العصبة عن عيون المبتدئ، حيث يكون مستعداً لاستقبال الضياء الماسوني البديل.

وهي بذلك تكون دينه الجديد، دين الحقيقة المطلقة الوحيدة، الدين الوضعي المشتق من تفسير التوراة بتصرف، دين التلمود الماسوني.

وتأتي كلمات القسم للمبتدئ، بالإطاعة العمياء، وهي تكرس العبودية للأشخاص، كعبودية بني «إسرائيل» للحاخامات، بحسب ما أمرهم التلمود.

وينتهي الطقس بالسجود لمجسم هيكل سليمان، حيث تصبح العبودية مطلقة، لأن الهيكل يمثل الكون بنظرهم، ومهندس هذا الكون هو «حيرام» أو «المهندس الأعظم للكون»، والذي يقول الماسونيون بأنهم يؤمنون بخالق أعظم للكون.

الحقيقة الثانية عن الماسونية: إن الماسونية لا تؤمن بحقيقة الأديان، ولا تحترمها، وهي بمثابة دين وضعي بديل، يستقي جذوره من التلمودية، ومن بروتوكولات حكماء صهيون.

ثالثا: تدعي الماسونية، أنها تعمل على إقامة ديمقراطية عالمية، وأنها تتبنى شعارات إنسانية ذات قيمة مثل «الإخاء المساواة الحرية التعاون»، وهي الأهداف المعلنة للماسونية.

فإذا كانت هذه الأهداف المعلنة الإنسانية النبيلة، هي الأهداف الحقيقة للماسونية، فلما تلجئ بمعظم تاريخها وأعمالها إلى التحرك السري، الذي يوحي بأن الحقيقة لا يمكن إظهارها ولا البوح بها.

وما هي الأسباب التي تدفع الفرد أو الجماعة، إلى العمل السري؟ ومن يمارس هذا الدور؟

قد يكون الخوف.

في السياسة: الخوف الناتج من عمل عنفي عسكري أمني أو سياسي، قد ينتج منه مفاعيل عكسية مضادة قاسية، لا يمكن تحملها، فيتم الهرب نحو السرية، وتقوم به أفراد التحرر الوطني، أو أفراد المقاومة.

وفي الجريمة: قد تقوم به عصابات منظمة متخصصة في الجريمة، والجريمة هنا غير محددة المواصفات، لكنها جريمة تحتمل كل التصورات الخارجة على القانون.

وفي الاجتماع: الخوف الناتج من خطأ في السلوك أو الأخلاق، والذي يوجب عقاباً اجتماعياً، ويترك بصماته المعيبة، على الفرد والجماعة، وبخاصة في المجتمعات الضيقة، المنغلقة على ثقافة واحدة.

إذاً للعمل السري مبررات متعددة، وظروف مختلفة، وعناوين متشابكة، لكنها كلها تشترك بعامل أساسي، وهو عامل الخوف.

فمما تخاف الماسونية، عندما تلجئ إلى العمل السري لقرون طويلة، أليست أهدافها المعلنة نبيلة؟

ولماذا تقوم بالدخول إلى بعض البلدان أو المجتمعات بأسماء وهمية مستعارة؟

هنالك العديد من المسميات لجمعيات أو نوادي، تشكل نموذجاً مصغراً عن الماسونية، في التنظيم والإدارة، وترفع شعارات إنسانية مشابهة للماسونية، وتخضع لمعظم الألية التنظيمية الماسونية، لكنها تحمل اسماً آخر غير الماسونية، كنادي الليونز، أو نادي الروتاري، والتي تنفي بالمطلق أي علاقة لها بالماسونية.

نحن نقارب الحقيقة من خلال تراكم المعرفة، وإن كانت إدراك الحقائق الكاملة صعبة، وليست دائمة التحقق.

الحقيقة الثالثة عن الماسونية: أن شعارات الماسونية البراقة، ليست إلا خدعة، لتغطيت أهدافها الحقيقة غير المعلنة، والتي تشكل خوفاً وإحراجاً لها، على مستوى الأخلاق الإنسانية، لتلتقي مع بروتوكولات حكماء صهيون، وهذا ثابت في التاريخ.

والثابت أيضاً، أن المنظمة الماسونية، التي تستقي جذورها الفكرية من التلمود، وتلتقي مع بروتوكولات حكماء صهيون، وتنسق مع الصهيونية، هي منظمة غير إنسانية، تعمل لأهداف سياسية، وتدعم الكيان الغاصب.

أن فهم أهداف الماسونية الحقيقة وفضحها، هو بمثابة دفاع شرعي عن حق الشعوب، عبر إيقاظ عامل الوعي، والسهر على تطبيق العدالة والحق، الذي قال به موسى، يوم نزلت عليه الألواح.

وغنت حواري اليهود:

إن ضوء الشمس، يغمرنا بنوره ودفئه، يغمر القلوب التي لا تعيش الظلمة، أما القلوب الظلامية، فتعيش خارج إطار الضوء، ولا ترى إلا عتمة القبور، ليعش قلبي مع الشمس بسلام.

  البناء