فيينا / الأثنين 26. 05 . 2025
وكالة السيمر الاخبارية
في عمق الصحراء الغربية، حيث تتداخل الروابط العشائرية مع التوازنات السياسية، تقف محافظة الأنبار على أعتاب مرحلة مشحونة بالتوتر والاحتقان، مع اقتراب الانتخابات المحلية الجديدة. المدينة التي أنهكتها الحروب والتجاذبات، تعود اليوم لتتصدر واجهة الأحداث، ليس بسبب معركة مع الإرهاب، بل لصراع داخلي تتشابك فيه خيوط المال والنفوذ مع الولاءات القبلية.
حالة من الغليان السياسي والاجتماعي تشهدها المحافظة، وسط اتهامات متبادلة بين القوى الفاعلة، وقلق متصاعد بين السكان من انزلاق الأوضاع نحو الفوضى. تقارير من قلب الرمادي والفلوجة تشير إلى محاولات حثيثة من بعض الأحزاب السياسية لتكريس هيمنتها على الساحة الانتخابية من خلال ممارسات لا تخلو من الترهيب والتهميش، فيما تسجل أصوات عشائرية بارزة اعتراضها على ما تسميه “تفردًا بالقرار واحتكارًا للسلطة”.
* أساليب الإغواء والترهيب
وفي هذا الصدد، أكد محمد الفهداوي، القيادي في تحالف “الأنبار المتحد” في تصريح لـ/المعلومة/ ، أن “حزب التقدم، بزعامة محمد الحلبوسي، بدأ مبكرًا باستخدام أساليب الترغيب والترهيب في محافظة الأنبار ضمن حملته الانتخابية المقبلة”، مشيرًا إلى أن هذه الأساليب تكررت خلال انتخابات مجالس المحافظات السابقة.
وأوضح الفهداوي أن “حزب التقدم اعتمد سابقًا على توزيع الأموال والسيارات الفارهة لجذب الناخبين، بالإضافة إلى استخدام أساليب التشهير السياسي، وتجريد المعارضين من مناصبهم في مديريات المحافظة، ونقلهم إلى مناطق نائية، مستغلًا نفوذه الإداري والأمني”.
وأضاف أن “آخر الخطوات التي اتخذها الحزب كانت نقل موظفي عشيرة الطرموزي ، الذين رفضوا الانضمام إلى حزب التقدم، إلى مناطق حدودية داخل المحافظة، ردًا على رفضهم البيعة”.
أشار الفهداوي إلى أن “المنافسة الانتخابية في الأنبار ستكون حامية بين حزب التقدم وحزب عزم بزعامة مثنى السامرائي”، متوقعًا تصاعد هذه المنافسة في الأشهر المقبلة.
في غضون ذلك، حذّر محمد أحمد عدنان الدليمي، وهو شيخ ووجهاء من محافظة الأنبار، في تصريح لوكالة المعلومة للأنباء من “تداعيات تصاعد النزاعات العشائرية في المحافظة”، متهمًا “حزب رئيس مجلس النواب السابق محمد الحلبوسي بإشعال الأزمة، وسط مخاوف من انهيار أمني محتمل”.
وأكد الدليمي أن “جهود وجهاء وشيوخ الأنبار لتقريب وجهات نظر تحالف التقدم بزعامة الحلبوسي وعشيرة البو مرعي باءت بالفشل، بعد تصاعد التوترات إثر منع زعيم الحزب ورئيس لجنة النفط والغاز النيابية، هيبة الحلبوسي، عقد مؤتمر انتخابي في منطقة البو مرعي بالرمادي”.
وأضاف أن “الخلافات اشتدت أيضًا نتيجة انتقادات القبيلة لسياسات حزب الحلبوسي في إدارة المحافظة، والتي وُصفت بأنها اعتمدت على التهميش والقمع والإقصاء، بالإضافة إلى ممارسات مهينة بحق شخصيات رفضت الانضمام إلى الحزب، بما في ذلك اعتقالات غير قانونية لمنتقدين كشفوا ملفات الفساد من نصيب الحزب”.
وأوضح الدليمي أن “التصعيد بلغ ذروته بعد خطاب شديد اللهجة لشيخ عشيرة البو مرعي، هدد فيه بمقاضاة الحلبوسي قضائيًا وعشائريًا” محذّرا من أن استمرار “استبداد” الحزب قد يؤدي إلى انفجار الوضع الأمني في المحافظة”.
وتُعد محافظة الأنبار واحدة من أكبر المحافظات العراقية مساحةً، وأكثرها تعقيدًا من الناحية الاجتماعية والسياسية، حيث تتداخل الولاءات العشائرية مع المشاريع الحزبية، وتؤثر النزاعات المحلية على المشهد الوطني. ومع اقتراب الانتخابات، تبدو المحافظة أمام اختبار حاسم، إما بترسيخ مشروع ديمقراطي قائم على التعدد والتنافس الشريف، أو الانزلاق نحو مزيد من التأزيم، الذي قد لا تقتصر تداعياته على الأنبار وحدها، بل تمتد إلى عموم المشهد العراقي المتوتر.
وفق حرية الرأي والنشر يتم نشر هذه المادة والجريدة غير مسؤولة عما ينشر فيها من مواد واخبار ومقالات