الرئيسية / مقالات / هذا هو الجيـش “السُّنـي” الذي سـ”يُحـرّر” سوريــة..
هذا هو الجيش السني الذي سيحرر سوريا!!!

هذا هو الجيـش “السُّنـي” الذي سـ”يُحـرّر” سوريــة..

السيمر / الأحد 07 . 02 . 2016

أحمد الشرقاوي / مصر

يبدو أن “السعودية” قررت أخيرا أن تلعب الصولد في سورية، واضعة معادلة جديدة تقول: “السلم العالمي مقابل الأمن القومي السعودي”، لأن انتصار روسيا وإيران وسورية وحزب الله في بلاد الشام وفق القراءة “السعودية”، سيفتح جهنّم على ‘آل سعود’ والعثمانيين الجدد، ما دام النزاع خرج من الدائرة المحلية والإقليمية ليتخذ بعدا دوليا بسبب التدخل العسكري الروسي، الأمر الذي أصبح يهدد مصالح الولايات المتحدة في المنطقة ويهدد بكسر هيبتها وتقويض سمعتها..
“السعودية” توحي من خلال كتبتها في صحافة الزيت، أن الأمر يتعلق بمبادرة ذاتية على شاكلة المبادرة التي اتخذتها في اليمن تحت ُمسمى “عاصفة الحزم” لوقف التمدد الإيراني، ما اضطر الإدارة الأمريكية لمسايرتها ومساندتها، ولأن الوضع في سورية يُعتبر أخطر من الوضع في اليمن، فلا حل سياسي يبدو في الأفق المنظور في ظل تبدل موازين القوى على الأرض وإصرار روسيا وسورية على رفض وقف إطلاق النار حتى القضاء نهائيا على “المعارضة المسلحة”، ما يستوجب تدخلا عسكريا لـ”التحالف السني” الذي أقامته المهلكة لمواجهة الحالة الطائفية التي خلقتها طهران وفق إدعاء الرياض، وكأن الصراع ديني لا سياسي، وكأن روسيا شيعية لا مسيحية أرثوذكسية.
المعطيات المتوفرة حتى الآن تؤشر إلى أن التدخل العسكري البري سيكون في شهر مارس/آذار من الجاري، انطلاقا من منصة تركيا لاجتياح سورية من الشمال، وتحديدا من منطقة أعزاز – جرابلس، وسيكون الهدف “تحرير” حلب أولا قبل التوجه نحو مناطق أخرى وصولا إلى دمشق، بموازاة تزويد “الثوار” بصواريخ أرض – جو محمولة ومتطورة لوقف التغوُّل العسكري الروسي في الفضاء السوري.
هذا يعني أن هدف الحملة العسكرية الجديدة لا علاقة لها بمحاربة “داعش” كما أوضح البيت الأبيض في تعقيبه على تصريح بايدن المثير للجدل الذي أطلقه قبل أسابيع من تركيا، بل الهدف هو الجيش العربي السوري وحلفائه بما في ذلك روسيا.
وهو ما أكده قسطنطين كوساتشوف رئيس لجنة الشؤون الدولية في مجلس الاتحاد الروسي (المجلس الأعلى في البرلمان)، حيث قال، إن استخدام القوة العسكرية من قبل السعودية وتركيا في هذه الظروف سيهدف إلى تغيير السلطات (السورية) الشرعية في البلاد بالقوة العسكرية، وهو أمر غير مقبول على الإطلاق من الناحية القانونية، معربا عن مخاوفه من احتمال تعرض قوات المعارضة السورية والقوات الحكومية معا لضربات القوات البرية السعودية والتركية، مؤكدا أن مثل هذه العملية في حال تمت، “ستكون خطيرة من كل النواحي”.
ووفق ما تسرب من معلومات، فإن “السعودية” ستحضر اجتماع الحلف الأطلسي المجمع عقده الأسبوع المقبل في بروكسل لمناقشة التدخل العسكري البري في سورية، خصوصا بعد ترحيب وزير الحرب الأمريكي آشتون كارتر والبيت الأبيض أيضا بالإقتراح “السعودي”.
هناك من المحللين والخبراء العسكريين من يستبعد قبول الإدارة الأمريكية والحلف الأطلسي بتغطية التدخل العسكري للحلف “السني” الذي تقوده “السعودية بمعية تركيا مخافة أن يحدث احتكاك مع الجانب الروسي فتتطور الأمور إلى ما لا تحمد عقباه، لكن الرياض تعتزم طرح تفاصيل خطتها العسكرية التي أعدتها بالتنسيق مع أنقرة بناء على مبررات تعتقد أنها ستكون مقبولة من قبل واشنطن وحلف الناتو لأهميتها، ومن أبرزها:
* أن الأزمة السورية أصبحت أزمة إقليمية ودولية تهدد الأمن والسلم في العالم، بسبب تمدد الإرهاب وتدفق اللاجئين نحو أوروبا وغيرها.
* أن قرار روسيا وسورية حل الأزمة السورية بالخيار العسكري بدل الخيار السياسي، من شأنه قلب موازين القوى والمعادلات في منطقة الشرق الأوسط برمتها، بسبب التحالف الإستراتيجي الروسي – الإيراني ورغبة الحليفين في التمدد إلى العراق واليمن ولبنان بعد الحسم في سورية.
* أنه ليس من مصلحة الرئيس أوباما أن يدخل حزبه الإنتخابات الرئاسية والعالم يعيش أتون أزمة خطيرة في سورية تهدد الأمن والسلم في المنطقة والعالم، خصوصا وأن أولويات الناخب الأمريكي والأوروبي اليوم أصبحت تتعلق بالأمن والسياسة الخارجية، وهو ما انعكس واضحا في توجُّه الناخبين نحو اليمين المتطرف في أوروبا مؤخرا.
* أن انتصار محور المقاومة في سورية سيشكل تهديدا وجوديا ليس لـ”السعودية” فحسب، بل ولـ”إسرائيل” والمصالح الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط.
* أن أمريكا وحلفها الأطلسي ليسوا مطالبين بشن حرب على الجيش العربي السوري أو الإصطدام بروسيا، بل فقط حماية القوات “السنية” على الأرض من القصف الجوي الروسي والسوري.
أما القوات “السنية” التي حضّرتها الرياض لـ”تحرير” سورية من الإحتلال الروسي والإيراني فيقدر عديدها المبدئي بـ 150 ألف جندي، ولا يعرف عديد الجيش التركي الذي سينضم لها ساعة الصفر، ولا عديد القوات “التكفيرية” المقاتلة التي سترافقهما على الأرض.
ووفق شبكة “سي إن إن” الأمريكية، فإن الدول المشاركة في هذه القوة بالإضافة لـ”السعودية” وتركيا، هي مصر والسودان والأردن، وهي الدول التي سبق وأن أرسلت قواتها إلى المهلكة، هذا بالإضافة إلى تعهُّد كل من المغرب والكويت والبحرين والإمارات وقطر من الشرق الأوسط بإرسال قوات مقاتلة، ومن آسيا تعهدت بنفس الشيئ كل من ماليزيا وإندونيسيا وبروناي، و تم تأسيس قيادة مشتركة لهذه القوات برئاسة “السعودية” وتركيا.
لا نعلم حتى الآن ما هو الموقف الروسي الرسمي من هذا الإعلان الجديد، فالكرملين وإن كان في صورة الترك “السعودي” التركي في هذا الإتجاه، إلا أنه لا يملك معلومات تفصيلية عن مثل هذه الخطة وإن كان البيت الأبيض والحلف الأطلسي سيباركها أم لا، وبالتالي، علينا انتظار موقف موسكو الرسمي بعد إجتماع الناتو الأسبوع المقبل في بوكسيل.
أما سورية، فقد أوضح السيد وليد المعلم في مؤتمره الصحفي السبت، أن بلاده ستعيد المعتدين “السعوديين” والأتراك إلى بلادهم بالتوابيت الخشبية، وأن أولوية سورية اليوم هي ضبط الحدود التركية والأردنية من حيث لا يزال يتسر السلاح والإرهابيين قبل الحديث عن وقف إطلاق النار.
أما إيران، فقد صدرت تصريحات عن الحرس الثوري، منها من شكك في إمكانية إقدام “السعودية” وتركيا على مغامرة من هذا النوع والحجم، ومنها من توعد القوات الغازية بأنها ستدخل جهنم وستواجه قوات المقاومة المدربة بخلاف القوات النظامية الغازية التي لا تتقن فنون الحروب الحديثة، وأن سورية ستكون مقبرة لها، وأن قرار “السعودية” هذا في حال نُفّذ، سيكون بمثابة رصاصة الرحمة الأخيرة التي ستطلق على نظام آل سعود، وهذا أمر ليس سيئا، وفق ما أعلن قائد الحرس الثوري الإيراني السبت.
من جهتنا، نعتقد أنه من السابق لأوانه ترجيح كفة التدخل العسكري في سوري، لأن الحرب ليست نزهة، وتجربة أمريكا في العراق وأفغانستان لم تكن مشجعة، كما أن أوباما لا يمكن أن ينكث وعده ويتدخل بشكل مباشر في سورية إلا إذا كان الحلف الأطلسي هو من ستولى المهمة لتجنب الصدام المباشر مع روسيـا.
ومهما يكن من أمر، فإن حلف الناتو نفسه يخطط للتدخل في ليبيا ضد “داعش” حيث لا وجود لقوى دولية مناوئة، ومعلوم أن أمريكا وحلفها الأطلسي لا يمكن أن يقدموا على مغامرة عسكرية إلا إذا كانت مدروسة بشكل جيد ومأمونة العواقب ومضمونة النتائج، لكن حيث أن الأمر في سورية يختلف بسبب التواجد الروسي والإيراني وحزب الله، وخوفا من أن تقرر المقاومة الشريفة الوضوء بالدم الأمريكي في العراق، فإننا نرجح أن تميل واشنطن لاستمرار خيار الحرب غير المباشرة في سورية لتتفرغ للهيمنة الكاملة على العراق بالخديعة، وها هي تطلب اليوم من رئيس الحكومة السيد العبادي بحل مليشيات الحشد الشعبي واعتقال قادته المتهمين بالإرتكابات الطائفية المزعومة، والحقيقة أن أمريكا تعلم علم اليقين أن الوضع لن يستقر لها في العراق بوجود الحشد الشعبي.
أما إذا كانت ترغب في القضاء على نظام “آل سعود” اليهود وتستنزف ما تبقى من مذخراتهم ومذخرات مشيخات الخليج في الصناديق السيادية، وتتخلص في نفس الوقت من نظام أردوغان الجاهل الفاسد المستبد كما تصفه الصحف الأمريكية بعد أن أصبح يمثل تهديدا خطيرا لأوروبا بسبب دعمه المباشر للإرهاب وتنظيمه لحملات اللاجئين الممنهجة إلى الغرب، فستورطهما معا في سورية..
هذا احتمال وارد، لأن إشعال حرب دينية سنية شيعية سيجبر روسيا على التراجع خوفا من انعكاس الصدام الديني على الوضع الداخلي في جمهوريات الإتحاد الروسي، كما وأن إيران، وفق ما يفهم من تصريحات المسؤولين في طهران، لن تغامر بالتدخل المباشر في سورية، وقول الحرس الثوري أن المقاومة هي من ستواجه جيش الغزاة معناه، أن طهران ستعتمد خطة الإستنزاف لانهاك “السعودية” وتركيا معا، والمقاتلين المدربين الذين يمكن تجنيدهم في صفوف المقاومة لهذه الغاية، يتواجدون بالملايين في إيران والعراق ودول آسيا في انتظار أن يرفع شعار “لبيــك يــا حسيــن”..

بانوراما الشرق الاوسط

اترك تعليقاً