السيمر / الأربعاء 08 . 06 . 2016
عبد الجبار نوري
مجلة دار شبيغل الألمانية ” كريستوف رويتر ” – السلطة السوداء – تنظيم الدولة الأسلامية وأستراتيجيو الأرهاب ، الصادر عن دار النشر – فرلاغ أنشتالت DVA ميونيخ 2015 في 352 صفحة .
أن الكتاب لم يأتي بشيءٍ جديد لكون الشمس لا تحجب بغربال ، وأن نظرية المؤامرة بدت واضحة للنيل من التجربة الديمقراطية الجديدة في وطني الحبيب ، وأفتضحت أنانية السياسي العراقي المأزوم لأختياره الشخصي وبمحض أرادته أرتداء جلباب ” التجسس ” على أبناء وطنه ، وبيع جغرافيته وتأريخه المشرف بمزاد العهر السياسي الرخيص وبذلة وخنوع ، وأحسن هتلر منظر وعراب النازية والشوفينية حينما سألوه { من أحقر الناس في حياتك ؟ قال : الذين ساعدوني على أحتلال أوطانهم } وعندا تصفحت أوراق الكتاب وجدت المبدأ الشرير واللاأنسانية( الميكافيلية )العدوانية : الغاية تبرر الوسيلة واضحة وبشكلٍ جلي في جسور المقاربة بين التنظيم الأرهابي ( داعش ) وحليفه حزب البعث والمتجحفلين معهُ حسب ما يوضّحهُ الكتاب المذكور أعلاه .
وهذه بعض الفقرات المقتبسة (بتصرف ) مع المداخلة الشخصية لكانب المقالة :
جُلَ الفصل الأول من الكتاب يتحدث عن تشكيل الحلف المشبوه والغير مقدس بين القاعدة الأرهابية وبين جنرالات وضباط أستخبارات علمانيين ونخب من فدائي صدام ورموز رفيعة من ضباط جيش القدس الصدامي ، وتأسيس هذه النخب العسكرية البعثية لكتائب البعث ، وبمساعدة غيرمباشرة من قبل الجيش الأمريكي الذي مهد الطريق لطرح مشروع تنظيم الدولة الأسلامية ، وهنا تبلورت هذه الحقيقة بأنّ : { تاسيس الدولة الأسلامية لا يعود ألى علماء وفقهاء مسلمين بل يعود ألى تشكيل هذا الجدار الجبهوي والتعبوي التكتيكي والأستراتيجي الذي تمّ بين القاعدة والبعث العراقي في بدايات السقوط 2003 } ، وبات المجتمع الدولي يعتبر هذا التنظيم أخطر ميليشيات العالم أرهاباً ، فضلاً عن سيطرتهِ على منطقة تمتد من شمال شرق سوريا حتى غرب العراق وتضم معظم حقول النفط والغاز السورية ، لقد أدرك مؤسسو تنظيم الدولة الأسلامية أن دعوتهم ألى الأستعانة بحزب البعث لم يكن لها أي تأثير في جذب الجماهير ما لم تقر وبخنوع وأذلال ويقولوا : { نحن سوف نعيد الأسلام ونجاهد وننشيء دولة أسلامية } وتقبلها البعث ، وخالفوا شعارهم الكاذب. ( أمة عربية واحدة) وكان فوزاً أولاً للقاعدة في كسبها العامل القومي ، وهنا يدخل الكاتب تأثير العامل الثاني ( المذهبي الطائفي) الأسلاموي ، الذي لا يقل نخراً وسلبيةً في المجتمع من التيار القومي .
ظهور تنظيم الدولة الأسلامية وأسترتيجيّو الأرهاب
يخصص الكاتب ” كريستوف رويتر”مساحات واسعة لهذا العنوان ، ويطرح هذا السؤال : كيف تمكن هذا التنظيم من تأسيس دولته الخلافوية التي مضت عليها أكثر من 1400 سنة وبهذه السرعة الغير متوقعة ؟وهو يجيب على هذا التساؤل بأجابات موثقة تأريخيا مدعومة بأجاباته الشخصية السوداوية أحياناً وسوف أضيف عليها ما يدور في ساحتنا العراقية والأقليمية والدولية طبقا للمثل { أهل مكة أدرى بشعابها } .
-الوضع الفوضوي السائد في سوريا ، أضافة إلى الخطأ الفادح الأستراتيجي الذي وقع في فخه نظام الأسد أبتدءاً من أواخر 2003 ، في أختياره القاتل لتنظيم القاعدة لسحق المتمردين ، وفتح الحدود السورية على مصاريعها ودفع موجات الأرهابيين من القاعدة إلى العراق بحجة مقاومة الأمريكان ، بيد أنه أنقلب السحر على الساحر بأتفاق القاعدة مع جبهة النصرة والمعارضة السورية في 2012 وأحتلال الرقة وأجزاء من حلب ودير الزور ، وفي العراق كان الوضع أسوء من أخيه ابتداءاً من 2006 حيث المحاصصة الكتلوية والفئوية والسياسي المأزوم والمزدوج الهوية وحرائق الشحن الطائفي والأثني وغياب ثقافة المواطنة وتحريض الأجنبي على أحتلال الوطن مما أوصل العراق العزيزألى شفا حفرة الأقتتال الطائفي- الأثني .
– ويتابع الكاتب: ومن خلال هذا الجو المكهرب والمشحون أسسوا خلايا من الواعظين ، ومكاتب ، ومدارس لكسب المراهقين الشباب المسلم العربي وغسل أدمغتهم بشعارهم { نحن مختارون من الله ، يجب علينا أن نقاتل في كل مكان ، في الوقت نفسهُ يجب علينا تنفيذ هجمات في الخارج } وبتجنيدهم كجواسيس يدربونهم للأطلاع على كل شيء ومعرفته ، أي جمع العلومات حول العائلات القوية ، في المنطقة ، والتنظيمات الأجرامية ، والعصابات المنظمة ، وبيوتات الدعارة واللواطة حتى يمكن أبتزازهم ومساومتهم .
– توزيع المصاحف المجانية ، وكراسات الفتاوى الوهابية المطبوعة في الرياض ، وأقامة موائد الرحمن في شهر رمضان ، والأغراء بالمال والمناصب ، أضافة إلى الأختطاف والأغتيال .
– تعيين الأجانب كقادة وآمرين محليين ، لكونهم مدربين وجاهزين للقتال والقيادة فور وصوله وخاصة الجهاديين القادمين من تونس ومصر وتركيا والشيشان ، وكذلك أوربا ، وبدؤوا يتوافدون منذ منتصف 2012 .
– ويتابع الكاتب ” كريستوف رويتر ” أستغلال الخلاف التأريخي على الخليفة الحقيقي منذ (سقيفة بني ساعده ) قبل 1400 سنة .وجعلها مثابتة قميص عثمان الذي يضرب به المثل في أفحام الآخرين با لحجة والمعرضة لجدل كبير .
– وكانت المناورة الناجحة والذكية – ( كما يقول كريستوف في كتابه )- كان زحف التنظيم وحليفه حزب البعث ألى سوريا في 2012 ، وتبنيهم مظاهرات الربيع العربي في المنطقة ، وأرتداء جلباب المعارضة السورية ، وهذا الحراك التكتيكي يخفي وراءهُ { أحياء المخطط القديم المعدل قليلاً والهادف ألى الأخضاع والأستيلاء على السلطة .
– وبعد أستيلائهم على مدينة الموصل العراقية المليونية وسيطرته على مستودعات السلاح الثقيل والمتوسط والخفيف وبكميات كبير جدا ، لا يحلم بها من مئات دبابات ومدافع وهاونات معسكر الغزلاني ، وغنائم هروب قادة الجيش العراقي وأستيلائه على البنك المركزي في الموصل ، وآبار النفط والغاز لذا شعر تنظيم الدولة الأسلامية بأنهُ أصبح قوياً جداً فهو اليوم يقاتل في أكثر من محور ضد الجيش السوري وأندفاعهُ في قضم الأرض في الأنبار وصلاح الدين وأجزاء من كركوك وديالى حتى جبال مكحول في الأسابيع الأخيرة من2014 .
الخلاصة- أن طروحات مؤلف كتاب ” السلطة السوداء ” صحيحة ودقيقة وموثّقة ، ويظهر أنهُ مراسل مهني قال الحقيقة في الفضاءات السردية لنمو وتطور هذا التنظيم المجرم ، ولو أحياناُ يذكرها بشكلٍ خجول ، وبنظرة سوداوية مليئة بالأحباط – الغير مقصود – بأن تنظيم الدولة الأسلامية عصيّة لا يمكن القضاء عليه ألا في حالة واحدة { أن يتخلى أبناء المنطقة الغربية الذين أستولى الأرهاب على أراضيهم من التنظيم الأرهابي } ، وحسب أعتقادي أنه عامل ثانوي ، وأن التنظيم قد وُلِد ميتاً وذلك لآنهُ جعل من تكفيره أمميا لكل العالم أن يكون العداء له أممياً كذلك من كل العالم ، وفكرة الخلافة العتيقة التي مضى عليها أكثر من ألف ونيّف من السنين لم ترضي ثلث الجزيرة العربية ، ومهما يكون أنه في نظر الشعوب ( محتل ) يجب أخراجه ، لذا نجد شعبنا في العراق هبّ لكنس هذه الشرذمة الأرهابية العابرة للحدود وأنتصاراته المتلاحقة يوما بعد يوم والعدو الداعشي يتراجع وينهزم مخذولا يلاحقه لعنة التأريخ والأجيال .
الف تحية أجلال لجميع المقاتلين في سبيل رفع راية العراق العظيم
والمجد لشهداء القيم في هذه ا لحرب المقدسة