السيمر / الجمعة 03 . 03 . 2017 — مُنتقداً احتكار شخصيَّاتٍ لا كفاية للمناصب
الشيخ علي قاسم يناشد المرجعيَّات لوضع برنامجٍ توعويٍّ مدروسٍ للوقوف بوجه “مؤامرات الاستكبار وأذرعه في المنطقة”
أكَّد مُمثِّلُ المرجع الدينيِّ السيِّد كمال الحيدريِّ اليوم الجمعة الموافق 3/3/2017 أنْ ” لا رمزيَّة للشخصيَّات التي تدير السلطات العليا في البلد ما دامت لا تنهض بالمهمَّات والمسؤوليَّات التي من أجلها انتخبهم الشعب”، مُنتقداً احتكار المناصب من قبل شخصيَّاتٍ لا كفاية ولا خبرة لها، داعياً إلى إيكال المناصب المُهمَّة في مُؤسَّسات الدولة إلى شخصيَّاتٍ تتسم بالمهنيَّة والنزاهة.
الشيخ علي قاسم طالب، خلال خطبة صلاة الجمعة التي أُقِيمَت في مسجد الشيخ الوائليِّ بشارع فلسطين في العاصمة بغداد، بتلبية مطالب الجماهير بتقديم الخدمات والقضاء على البطالة وعزل الفاسدين وعدم تولية مزدوجي الجنسيَّة، مُعرباً عن أسفه من دعوة البعض لعدم انتقاد رؤساء السلطات الثلاث، مُنبِّهاً إلى أنَّ المُوظَّفين الصغار يقتدون في فسادهم بأولئك الذين يتسنَّمون هرم السلطة.
وبارك قاسم انتصارات القوات المُسلَّحة والتشكيلات المساندة لها على تنظيم داعش الإرهابيِّ، عادّاً ما يقومون به دفاعاً ليس عن العراق والإسلام، بل عن الإنسانيَّة جمعاء؛ بسبب ما يُشكِّله هذا التنظيم الإجراميُّ من مصدر قلقٍ على السلم العالميِّ.
مُمثِّـلُ الحيدريِّ حثَّ المواطنين على ضرورة الالتفات إلى مخاطر بعض وسائل الاتِّصال الحديثة ووسائل التواصل الاجتماعيِّ، وعدم الوقوع في شرك ما أسماها بمؤامراتٍ كبيرةٍ يقودُها الاستكبار العالميُّ وأذرعه في المنطقة لإسقاط الإسلام وتمييعه، لافتاً إلى المشاكل الاجتماعيَّة الكبيرة التي غزت المجتمع بسبب تلك الوسائل، مُحذِّراً العوائل من انجرار أولادهم وبناتهم لألاعيب المُغرضين والمفسدين الذين يحاولون جهدهم لحرفهم عن هويَّتهم وقيمهم التي هي أغلى ما يمتلك الإنسان، كما بيَّن بطلان ما يروِّج له بعض المُنحرفين الساعين إلى جرف الفتيات من ادِّعاءات أنَّ المرأة تكون بمثابة المُطلَّقة طلاقاً بائناً إذا غاب عنها زوجها أربعة أشهر وبإمكانها الزواج أو المعاشرة الجنسيَّة مع غيره، مُؤكِّداً أنَّ هذا ليس من الأحكام الإسلاميَّة ولا يمت إليها بصلةٍ وأنَّه عمليةٌ غيرُ شرعيَّةٍ، بل هي الزنا بعينه.
وناشد الشيخ علي قاسم المرجعيَّات الدينيَّة مواكبة ما يجري على الساحة المجتمعيَّة ومن مؤامراتٍ مدروسةٍ بدقةٍ، مُعرباً عن أسفه لعدم وجود برنامجٍ علميٍّ مدروسٍ لديها لمواجهة تلك التحدِّيات، مُقترحاً عليها تمويل وسائل الإعلام والمشاريع التوعويَّة والمراكز البحثيَّة التي تسهم في تشخيص العلل والمشاكل المجتمعيَّة ووضع الحلول الناجعة لها؛ من أجل الإسهام في إيجاد مجتمعٍ سليمٍ متطوُّرٍ مُزدهرٍ.
وسلَّط قاسم الضوءَ على بعض مراحل حياة السيِّدة فاطمة الزهراء (ع) بدءاً بمرافقة والدها وهو يُبلِّغ الدعوة وتعرُّضه للإيذاء من قبل قريش في مهمَّةٍ رساليَّةٍ مُبكرةٍ عاشت تجربتها (ع)، مُعرِّجاً على ما تعرَّضت له بعد وفاة أبيها من الإيذاء وغصب حقِّها فضلاً عمَّا قامت به من فعلٍ ثوريٍّ ضدَّ السلطة الحاكمة آنذاك ومطالبتها بإرجاع الحقِّ إلى أهله في تسنُّم قيادة أمور الأمَّة، على الرغم من علمها بما سيُلاقيه أبناؤها وشيعتها من مطاردةٍ وإيذاءٍ واضطهادٍ.
وأكمل الشيخُ علي قاسم بحوثه عن الإيمان والتقوى ومراتبها، لافتاً إلى أنَّ المُتَّـقي هو من ينتفع بالموعظة ويُؤثِّـر فيه الذكر ويتفكَّر بآيات الله، مُوضحاً أنَّ التقوى هي عبارةٌ عن حصنٍ ووقايةٍ للفرد تمنعُهُ من الوقوع في المعاصي وليس قيداً تحدُّ من حركته في المجتمع، مُنتقداً بعض الصوفيَّة وأصحاب الاتِّجاه العرفانيِّ وأهل العلم الذين يعتزلون المجتمع بحجة أنَّ معتركه منزلقٌ يُودي بالإنسان ويُبعدُهُ عن الله وطاعته، مُؤكِّداً أنَّ الدين الإسلاميَّ لا يوافق أصحاب هذا الاتجاه؛ لأنَّه دينُ حياةٍ وحركةٍ وانفتاحٍ يقي صاحبه من الوقوع في المهالك من خلال ملكة التقوى.
وعرَّج على مراتب التقوى ومنازلها من خلال إلقاء الضوء على بعض الآيات القرآنيَّة من قبيل قوله تعالى : ” وتزوَّدوا فإنَّ خير الزاد التقوى واتقونِ يا أولي الألباب” وقوله : ” إنَّ أكرمكم عند الله أتقاكم” فضلاً عن قوله : ” وأُزْلِفَت الجنَّة للمُتقين”، مُبيِّناً أنَّ التقوى هي أحد شروط استجابة الدعاء وقبول الأعمال وهو ما جاء في قصَّة ابني آدم بقوله تعالى : “وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِن أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ ” شارحاً بعض الأحاديث المرويَّة عن النبيِّ وعترته في التقوى، فضلاً عن خطبة أمير المؤمنين عليٍّ (ع) الشهيرة عن المُتَّقين.