السيمر / الثلاثاء 11 . 04 . 2017 — لم يُفاجيء زعيم التيار الصدري السيد مقتدى الصدر، العراقيين كثيراً حين دعا الرئيس السوري بشار الأسد الى أخذ ” موقف بطولي تأريخي” بتقديم استقالته والتنحي لتجنيب سوريا “ويلات الحروب”، فالسيد مقتدى الصدر كان منذ بداية الأزمة السورية عام 2011، معارضاً لتدخل العراقيين في سوريا، رافضاً إرسال متطوعين للدفاع عن حرم السيدة زينب عليها السلام، او القتال في باقي الاراضي السورية، وهو الذي أرسل قواته المعروفة بـ “سرايا السلام” الى سامراء للدفاع عن ضريحي الإمامين العسكريين عليهما السلام، دون أن تشارك في معارك تحرير مدن العراق الأخرى من داعش.
رفع السيد الصدر في بداية الأزمة علم ــ الجيش الحر ــ المتهم بارتكاب جرائم حرب، وأعلن بذلك هوية خياره مبرراً ذلك بالقول ” إننا لسنا طائفيين ونريد السلام لسوريا و”لسنا أعداء الشعوب وإنما أعداء الفكر الارهابي، ولانريد التدخل الغربي في شؤون الجارة سوريا ولانريد أن نخلق عدواً للشعب العراقي” وهي مبررات نقضها بنفسه حين تدخل في شؤون سوريا وطالب الرئيس المنتخب من قبل شعبه، بالتنحي ليكون في خانة لا يتواجد فيها حزب الله اللبناني الذي طالما أعلن تأثره به وبزعيمه الأمين العام السيد حسن نصر الله، ولكنه بالتأكيد لم يقف على التل كما حاول أن يظهر في بيانه الذي أصدره بعد يوم على العدوان الأمريكي على سوريا، مطالباً واشنطن وموسكو بوقف التدخل في هذا البلد.
الطرح أعلاه هي خلاصة جدال وآخر مضاد وسجالات جاءت كردود افعال على تصريحات السيد مقتدى الصدر، عمت مواقع التواصل الاجتماعي خلال الساعات الماضية.
وقال الصدر في البيان وهو يساوي بين القاتل والضحية وبين المحارب للارهاب والارهاب نفسه، على حد ما قال ناشطون – سوريون بشكل خاص- ، “أدعو الجميع للانسحاب العسكري من سوريا ليأخذ الشعب زمام الامور فهو صاحب الحق الوحيد في تقرير مصيره والا ستكون سوريا عبارة عن ركام يكون المنتفع الوحيد هو الاحتلال والارهاب“.
واضاف “من هنا على أميركا كف أذاها كما أن ذلك مطلوب من روسيا والفصائل الاخرى بل ولعلي اجد من الانصاف ان يقدم الرئيس بشار الأسد استقالته وان يتنحى عن الحكم حباً بسوريا الحبيبة ليجنبها ويلات الحروب وسيطرة الارهابيين“.
مفارقات
ناشطون، ركزوا على مفارقات وقع فيها السيد مقتدى الصدر ـ حسب قناعتهم ـ حين أظهره البيان وكأنه انضم عشية ذكرى سقوط الطاغية صدام واستشهاد السيد محمد باقر الصدر وشقيقته بنت الهدى، الى جوقة كان يجب أن ينأى بنفسه عنها، تضم رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو والملك السعودي سلمان ووزير خارجيته عادل الجبير والرئيس التركي رجب طيب أردوغان وزعيم “جبهة النصرة” أبو محمدالجولاني وزعيم داعش أبو بكر البغدادي وقائد “جيش الاسلام” محمد علوش وباقي المطالبين في إسطوانة مشروخة برحيل الأسد..
هذه المفارقة جعلت صفحات التواصل الاجتماعي تضج بالتعليقات التي ينبغي على الصدر الاطلاع عليها خصوصاً وأنه يتابعها بالفعل، وأوعز كما يبدو الى بعض المقربين منه، بالرد عليها باحترام وبأدب وبعقلانية، لتفادي الآثار السلبية المدمرة التي يتركها تدخل عناصر تياره المعلقين على منشورات المعترضين أو الناصحين والمنتقدين للصدر، بكم هائل من”البذاءة” التي تنفر الكثير من النخب من التيار وتسبب القطيعة التامة بينهم.
مبررات
وبين منكر ورافض لأصل أن يوضع الصدر في خانة واحدة تضم تلك الجوقة و نتنياهو تحديداً، كتب أحد البارزين في التيار الصدري موضحاً على الفيسبوك دوافع الصدر أن ” طلب السيد مقتدى الصدر .. طلب بمنتهى الحكمة والدقة ، فقط إحسبوها جيداً ، وأقرأوا الخارطة السياسية (المجتمعية) في سوريا ، وستعروفون إلى مَ يرمي السيد مقتدى الصدر”. لكن سرعان ما ردّ عليه لبناني معترض من مدرسة حزب الله وبشدة قائلاً”الخارطة السياسية واضحة جدا .. جبهة التحالف الدولي الداعمة للارهابيين وجبهة المقاومة ولا يوجد بينهما حل ثالث…وأي تبسيط للامور هو جهل بالخارطة السياسية“..
وفِي تويتر أيضا كان لافتاً أن جمهور المقاومة ويضم مناصرين لحزب الله لبنان والحشد الشعبي العراقي، قاد حملة قوية ضد بيان الصدر وقارن بينه وبين تصريحات لنتنياهو وباقي المتحالفين مع واشنطن الذين أيدوا الغارات الأمريكية بصواريخ توماهوك على مطار الشعيرات في سوريا، وذلك في مواجهة جيش تويتري يقولون إن أجهزة استخبارية اسرائيلية وسعودية وأخرى تحركه، وأخذ – الى جانب فضائيات عربية – يقدم الصدر على أنه “مرجع عربي” يتحرك خارج سقف “المرجعية الصفوية“.
وفي محاولة واضحة للتجهيل، لدق أسفين بين الصدر والجمهورية الاسلامية الايرانية ، وطبعاً الاستفادة من عدد كبير من عناصر التيار الصدري جاهزين لخوض أي نوع من المعارك السياسة والإعلامية معها، أخذ هذا الجيش التويتري – وتلك الفضائيات – يروجان الى أن مقتدى الصدر يغرد خارج السرب الإيراني عندما يدعو بشار الأسد للتنحي، مستندين الى أن الصدر كان أعلن في عدة مناسبات رفضه مشاركة مقاتلين عراقيين الى جانب “النظام”في الحرب الدائرة في سوريا.
إرتباك
وإذ اقترح الصدر على الرئيس الأسد أن “تعطي زمام الأمر الى جهات شعبية نافذة تستطيع الوقوف ضد الارهاب لانقاذ الأراضي السورية بأسرع وقت ليكون له موقف تأريخي بطولي قبل أن يفوت الاوان”، فإن كبار أنصاره في صفحات التواصل الاجتماعي وقعوا في تناقضات كثيرةـ وبدوا مرتبكين وهم يواجهون غضبة شعبية بدت هذه المرة “موجعة” بسبب هذا الاصطفاف إلى جانب المطالبين بتنحية الأسد.فقد كتب البعض نافياً بالجملة أن الصدر دعا الأسد الى التنحي والاستقالة وقال إن الاعلام هو الذي “ضخم” الأمر. وكتب الناشط الصدري راسم المرواني موضحاً وهو يغمز من قناة المتسائلين عن سر اصطفاف الصدر مع تلك الجوقة ” المفارقة أن تجد من يقرأ (ويل للمصلين) ويترك بقية الآية …. المفارقة أن تقتطع جزءاً من بيان السيد مقتدى الصدر ولا تشير إلى بقية البيان …. الصدر القائد لم يطالب الدكتور بشار الأسد بالاستقالة ويلقي حبلها على الغارب ، بل اشترط لها انسحاب (داعش) وكافة الفصائل (غير السورية) ، وانسحاب جيوش الدول من الأراضي السورية ، وترك تقرير المصير للسوريين فقط .. وهذا منتهى العقلانية والانصاف …. وبقراءة بسيطة للمجتمع السوري ، ستعرف بأن الدكتور بشار سينتصر إذا بقي تقرير المصير بيد الشعب السوري حصراً …. واضح ؟؟.”.
وأخيراً وليس آخراً
برزت تصريحات المتحدث الرسمي باسم زعيم “التيار الصدري”، جعفر الموسوي، لـجريدة “العربي الجديد” التي تمولها وتديرها جماعة الاخوان المسلمين، إن دعوة مقتدى الصدر لرئيس النظام السوري، بشار الأسد، بالتنحي “واضحة”، وتؤكد موقفه إزاء “حقوق الشعوب في تقرير مصيرها”، وذلك في أول تعليق رسمي على بيان الصدر.
وأوضح الموسوي أن “مواقف سماحة الزعيم العراقي، قديماً وحالياً، مع الشعوب، وحق الشعب في تقرير مصيره، والبيان تضمّن عدة جوانب: الأول إذا كان وجود الحاكم سبباً في سفك دماء الشعب؛ فعلى الحاكم، حتى وإن كان شرعيا ومنتخبا، أن يتنحى، وإن كان الحل في عدم سفك الدماء هو التنحي؛ فهذه نصيحة من سماحته بأنه على الحاكم التنحي“.
لكن هذه التبريرات لم تحل دون أن يوجه الناشط الحقوقي والنائب الكويتي السابق د عبد الحميد دشتي نداءً الى مقتدى الصدر وطالبه بالاعتذار وكتب مشيراً عليه أن يترك للشعب السوري وحده حق تقرير مصيره وهو حقه المشروع ، (فأعتذار سماحة السيد مقتدى عن هذه الزله ترفعه ولاتنقص قدره ! ونتمنى أن يعقبها اليوم قبل الغد بزيارة الى سورية يعبر فيها عن صادق مشاعر المحبة والدعم المطلق لسورية قيادة وحكومة وجيشاً وشعباً ! لان ذلك سيثلج صدورنا و شرفاء الامة المقاومة وأحرار العالم !فهل ستقر أعيننا بها ياسيدنا ؟ والله يرعاكم ؟!).
اعداد : نجاح محمد علي