السيمر / الأربعاء 14 . 06 . 2017 — التراشق بين السعودية وقطر لم يتوقف. كل يوم فصل جديد يتخذ إعلامياً منحى تصاعدياً ليطال مشكلات البلدين الداخلية، لكن هذه المرة تلك المرتبطة بتاريخهما السياسي وباقتصاديهما. وبينما شنّت صحيفة “الوطن” القطرية هجوماً واسعاً على وزير الخارجية السعودي عادل الجبير، وعلى السفير الإماراتي في واشنطن، ردت صحف سعودية على القطريين متناولةً تاريخ الحكم في بلادهم.
لم يتوقف التراشق بين السعودية وقطر. فصول الأزمة الخليجية باتت تتخذ إعلامياً منحى تصاعدياً يطال مشكلات البلدين الداخلية المرتبطة بتاريخهما السياسي وباقتصاديهما.
يمكن الوقوع على أكثر من مادة في صحف قطرية وسعودية، تفصح صراحة عن تضخّم المشكلة بين البلدين. من صحيفتي “الوطن” والشرق” القطريتين، إلى “عكاظ” و”الرياض” السعوديتين، حرب إعلامية حارقة ولو حاول أهلها أن يتحايلوا على تبعاتها الاجتماعية بعبارات تطرية مثل “الأشقاء” و”الشعب الشقيق”.
هكذا شنّت صحيفة “الوطن” هجوماً واسعاً على وزير الخارجية السعودي عادل الجبير. واصفة إياه بــ “الهيّاط” أيّ الذي يقول الشيء ويتراجع عنه في الوقت عينه.
ففي مقالة مطوّلة لرئيس التحرير محمد المري اعتبر فيها أن الجبير “يتوّعد ويستعرض دون أن يتحقق شيء على الأرض”. لكن المقالة لم تقف عند الهجوم على وزير الخارجية السعودي، بل امتدّ إلى السياسة الاقتصادية للمملكة ومشكلات شعبها، والتي لم يتم التطرق، والتي لم يتم التطرق إليها سابقاً على ما يبدو، بعدما شاعت صورة نمطية عن الرخاء الاقتصادي الذي تنعم شعوب الخليج.
المري وفي مقالة تحت عنوان “بتشوف يا الجبير”، ردّ على وزير الخارجية السعودي الذي قال إن “مركز الملك سلمان للإغاثة مستعد لإرسال الأغذية والأدوية للشعب القطري”، ردّ بعبارة “عزيزي الجبير.. قطر ليست مثل «مجموعة الجزر» التي عملت «ريتويت» لقراراتكم وبياناتكم، ولا هي مثل «القرى والهجر» التي تكتظ بها محافظاتكم، وتفتقر للخدمات والإمكانات، حتى تهتز بسهولة وتحتاج شفقة منك أو من غيرك! وإذا كان لديكم فائض من الإغاثة والإعانة فنتمنى أن تصبوها في الداخل حتى يختفي الفقر والبطالة والأسر المحتاجة”.
أما أحمد علي فقد شنّ هجوماً آخر في الصحيفة نفسها على سفير الإمارات في واشنطن يوسف العتيبة. الهجوم مرّ عبر قناة والد السفير نفسه الذي درس في قطر وكتب فيها شعراً عندما ” كانت الدوحة تشكل بالنسبة للدارسين في مدارسها فجراً ينبلج من بين قطرات الندى، لينشر الضياء، وينثر الأضواء، في الوقت الذي كانت بلادهم تعيش في غياهب الظلم، وتغرق في حلكة الظلام!”.
هذا في صحيفة “الوطن”، أما صحيفة “الشرق” فقد أعلنت على لسان رئيس تحريرها صادق العماري أن “قطر صاحبة النفس الطويل”، وأن “السعودية وتوابعها يصرون على مطالب ضبابية واهية واتهامات لا وجود لها”، في حين أن ما أسماه إعلام التزييف “بدأ التخبط وانتقل إلى مرحلة الدفاع”، وأن “مصير الحصار أن يتفتت كحصار الكفار للمسلمين في شعب أبي طالب”.
على المقلب الآخر لم يكن السعوديون أقل عنفاً في هجومهم، رغم سعيهم إلى استثناء الشعب القطري، وإلقاء تبعات الخطوات “التأديبية” على حكومته. النفس الذي يتكلم به السعوديون بهذا الشأن لا يخفى على أحد اتخاذه صفة كلام “الأخ الاكبر”، الذي يعرف مصلحة الدولة الصغيرة وأن عقابها واجب لتعود إلى جادة الصواب.
ففي إفتتاحية جريدة “الرياض” تأنيب شديد اللهجة لقطر على تمويلها “الارهاب” ودعم لإجراءات الخليجية وما تحظى به وفق الصحيفة من دعم دولي، والتي “تم اتخاذها لمصلحة قطر في المقام الأول كدولة خليجية عربية مسلمة نريد لها الخير ولا تريده لنفسها”.
ووفق الصحيفة فإن قطر لن يكون أمامها الكثير “لتعاند وتستكبر، فلن تجد غير طريق العودة إلى حاضنتها الطبيعية في محيطها الجغرافي الذي لا تستطيع إلا أن تكون فيه”، مهما حاولت أن تجد لها تحالفات تعزز من موقفها فلن تنفعها”، ولذلك فإنه “من الأفضل لها أن تتراجع عوضاً من الاستمرار فيها، وتحمل عواقب ليس لها طاقة بها وتكون وبالاً عليها وعلى شعبها في نهاية الأمر”.
لم يتوقف الرد السعودي عند هذا الحد، بل طاول التاريخ السياسي للبلد الصغير، وكان هذا التاريخ مادة دسمة لسلطان بن بندر، الذي رأى في مقابلة بعنوان “”المعدة القطرية” ملوثة بالمؤامرات”، أن أمير قطر تميم بن حمد “لا يمكن التنبؤ” بمستقبله، ذلك أن “الحربائيات والتلون والجوع لاعتلاء العرش الامارة في قطر ديدن الحكام”، مذكراً بتاريخ من الانقلابات في قطر. وكان للسعوديين باب آخر أيضاً للرد على القطريين باستضافة “عكاظ” المعارِضة القطرية منى السليطي، التي قالت إن بلادها تتمسك بحركة الاخوان المسلمين للتدخل بشؤون الدول الأخرى، وأن هناك أيادٍ في قطر لا تريد الخير للسعودية، مفصحة عن وجود طبقات في قطر رغم “الشائع عن الرفاهية”.
الصراع الخليجي الذي كان له إفرازاته عربياً، طال إعلامياً سياسيين عراقيين من بينهم، طارق الهاشمي. حيث اتّهمت صحيفة “الشرق الأوسط” السعودية، في عددها الصادر الأربعاء، 07 حزيران، 2017، الهاشمي بأنه يجسد “أنانية واضحة”، باحثاً عن “مصالحه الخاصة العليا” بوقوفه إلى جانب قطر.
وقال الكاتب السعودي مشاري الذايدي في مقاله ان “طارق الهاشمي، هو من أبرز السياسيين العراقيين من التيار الإخواني”، في إشارة إلى أنه يعد “إرهابياً” طالما أنه ينتمي إلى جماعة الاخوان المسلمين التي تعتبرها السعودية وحلفائها، “جماعة إرهابية”.
وجهة نظر الذايدي، تحمل تناقضاً واضحاً لأنها تعجز عن تفسير احتضان السعودية للهاشمي في السنوات السابقة واستقباله من قبل ملك السعودية الراحل، عبدالله بن عبد العزيز، باعتراف السياسي العراقي حسن العلوي الذي سافر مع الهاشمي إلى الرياض في العام 2012، كاشفاً حقيقة ارتباط الهاشمي بالسعودية، قائلاً إنّ “أحد الأسباب التي دفعته الى الانسحاب من القائمة العراقية هو ما جرى من كلام تفوّه به الملك السعودي عبد الله بن عبد العزيز خلال لقائه طارق الهاشمي”.
وأوضح العلوي في تصريحات تابعتها “المسلة”، أنه “بعد دعوة الهاشمي للسعودية، ذهبت معه برفقة أعضاء آخرين في القائمة العراقية، وعند استقبالنا تقدم الملك السعودي نحو الهاشمي مباشرة فسلّم عليه وهو يقول له.. مليارين ونص اعطيتك ولا زال الشيعة في الحكم.. ثم اعاد الملك هذه العبارة مرة أخرى”.
ويردف العلوي: “ابتسم الهاشمي حينها وقال للملك السعودي إن من الأخوة في الوفد مَنْ هم من الشيعة، فلا ندعهم (يزعلون)، في اشارة منه لي”.
هذه الواقعة تشير الى الدعم السعودي الكبير للهاشمي، المطلوب للعدالة في العراق، بدعمه الإرهاب، ليُحتضن من السعودية، لفترة طويلة من الزمن، ثم يصبح من الغضوب عليهم في الوقت الحاضر بسبب انتمائه للإخوان التي تعتبرها الرياض جماعة إرهابية.
الميادين نت