السيمر / الاثنين 07 . 08 . 2017 — هناك انطباع مستمر في واشنطن بأن كردستان العراق هي ما كانت عليه قبل خمس سنوات من ظهور تنظيم داعش، ديمقراطية ومزدهرة وناشئة وموالية للغرب مما يسّهل لها على نحو متزايد تلبية طموحاتها بالانفصال عن المركز
للأسف، لقد تغّير الكثير منذ ذلك الحين، وبفضل الحرب، ترجعت الولايات المتحدة عن مواقفها بشأن كردستان، في ظل انهيار تنظيم داعش ببطء في الموصل، وكردستان باتت معطّلة سياسياً واقتصادياً بعد اندحار التنظيم الارهابي.
مسعود بارزاني الذي لايزال بمنصبه بعد اربع سنوات من انتهاء ولايته، لم يجتمع برلمانه إلا من يومين ماضيين، فضلاً عن معاناة الحكومة من ديون كبيرة ولاتستطيع دفع سوى ثلاثة أرباع الاجور لقواها العاملة من موظفي الخدمة المدنية. فيما ينقسم الجيش والأجهزة الأمنية الى فصائل متنافسة يعود ولائهما الى الحزبين الرئيسيين المتنافسين في الأقليم.
رد فعل بارزاني صاحب الولاية المنتهية، هو تحديد موعد لاجراء استفتاء كردستان في 25 أيلول، ولقد رفضت هذه المبادرة حكومة المركز لكن جيران كردستان الأقوياء، ايران وتركيا يرفضان هذا الانفصال ايضاً الى جانب الولايات المتحدة.
الأهم من ذلك، يُنظر الى استقلال كردستان من قبل المؤيدين السياسيين الأكراد بأنه وصل الى طريق مسدود وخطير.
شاسوار عبد الواحد قادر، صاحب شبكة تلفزيون “NRT” المستقلة في كردستان يقول “الاستفتاء ذريعة من قبل القادة الأكراد للبقاء في السلطة”. وأضاف “جيل الشباب لا يعرفون شيئاً عن كفاح آباءهم في الجبال ضد صدام حسين، لذا هم بحاجة الى قادة قدامى”.
وتعكس هذه الكلمات المريرة، وجهة نظر معارضي سياسة بارزاني تمثل جيل صاعد للسياسة في الأقليم الذين يكافحون لانشاء مؤسسات سياسية مستقرة واقتصاد عمل وسط فوضى سياسية وصراعات طائفية وحركات متطرفة ومؤسسات فاسدة متناثرة. فتحديهم امام كل هذه الإشكالات هم “بناء أمة” وهم بحاجة الى المساعدة الأمريكية.
شبكة التلفزيون المستقلة هذه، على الأقل، هي الاولى من نوعها في الأقليم وهي تنافس وسائل الاعلام الحكومية والحزبية، فقادر هو واحد من رجال كردستان ولد في السليمانية وبدأ ببيع الألعاب الالكترونية وهو في سن المراهقة وأصبح واحداً من أكبر المطورين العقاريين في كردستان قبل تأسيس “NRT” في عام 2011 وهو في سن 32 عاماً.
أطلقت الشبكة الإعلامية شعاراً “الشجاعة والتوازن والحقيقة”، وشهدت الشبكة اول هجوم على مكتبها وحرقه بعد اسبوع من افتتاحه، أتهم قادر متشددي الاتحاد الوطني الكردستاني، احدى القوى السياسية التاريخية في كردستان.
بعد عامين نجا من محاولة اغتيال، وأغلقت السلطات الكردية مكاتبه الى جانب إلقاء القبض على صحفيين عاملين في الشبكة من قبل وكالة الاستخبارات في مناسبات عديدة، ومع ذلك استمرت وازدهرت فلديها الآن قناتان واحدة كردية وأخرى ناطقة باللغة العربية وتغطي جميع الأحداث في العراق، فضلاً عن موقعها الالكتروني في اللغة الانكليزية.
يرى عبد القادر ان يكون تركيز كردستان على حل التخاصم بين الفصائل المتصارعة، وبناء قاعدة قابلة للاقتصاد المتين والنظام الديمقراطي، بدلاً من الايماءات الكبرى مثل استقلال كردستان.
قادر وفي زيارته الى واشنطن الأسبوع الماضي قال “ليس لدينا اقتصاد في كردستان، ولدينا خط انبوب نفطي واحد، وليس لدينا نظام قضائي، وليس لدينا جيشاً موحداً، وليس لدينا برلمان ايضاً”.
يُذّكر قادر انه في حال اجراء الاستفتاء، سيدفع هذا الحال تركيا الى إغلاق خط انابيبها الذي تصدّر منه كردستان نفطها الخام وهو ما يُعدّ ثروة وحيدة لكردستان.
وفي حال تحقيق الانفصال، يعتقد قادر ان ايران وتركيا قد يدعمان الفصائل المعارضة للجيش المنقسم بين الاتحاد الوطني الكردستاني، حزب الديمقراطي الكردستاني، الذان كانا في حرب أهلية في تسعينات القرن الماضي.
ويتساءل شاسوار قائلاً “اي نوع من كردستان سيكون لدينا؟، هل سنكون مثل كوريا الجنوبية؟، او جنوب السودان؟”. المسار الصحيح ليس استفتاء، ولكن انتخابات حرة نزيهة وبرلمان مستقل، بحسب قادر.
ويعترف قادر انه في حال اجراء انتخابات في كردستان سيدخلها في قائمة انتخابية خاصة به، وتقديم نفسه كمرشحٍ لرئاسة الوزراء.
يهدف قادر حسبما يزعم، تحشد جيل كردستاني جديد في مرحلة ما بعد صدام حسين التي لا يتذكر منها شيئاً الآن، فهو يعتقد ان في كردستان دكتاتوراً آخراً شبيها لصدام، فيما لاتزال الحكومة الكردستانية عاجزة عن تقديم الكهرباء لأهلها.
هدف قادر زيارة قادر لواشنطن، هو إحياء مصلحة الولايات المتحدة في تعزيز الديمقراطية الكردية التي تبخرت في عهد الرئيس الامريكي السابق باراك اوباما، فهو يتهم الولايات المتحدة في عدم تركيزها على القضايا التي تم شرحها وانها قوّضت كل ما انجزته القوى الكردية المعتدلة منذ عام 2003.
المصدر: واشنطن بوست
ترجمة: وان نيوز
مقال رأي للكاتب الامريكي جاكسون ديل